“واشنطن تنتهك بنود معاهدة منع التعذيب”
طالب خبراء لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب واشنطن بالإفصاح عن مراكز الاعتقال السرية وإغلاقها بعد الافراج عن المعتقلين فيها أو تقديمهم للمحاكمة.
ورغم شروح وتدخلات وفد أمريكي مكون من أكثر من 30 خبيرا، رأت لجنة مناهضة التعذيب أن ممارسات الولايات المتحدة تعد “انتهاكا لبنود معاهدة منع التعذيب”.
رغم إرسال واشنطن لوفد مكون من أكثر من 30 خبيرا من مختلف الوزارات للدفاع عن التقرير الأمريكي الخاص بمدى تطبيق الولايات المتحدة لبنود معاهدة منع التعذيب، كان الخبراء في توصياتهم النهائية أكثر تشددا في إدانة ممارسات الولايات المتحدة في مجال الاعتقال داخل أراضيها او في المناطق التي تقع بشكل أو بآخر تحت نفوذها.
فقد عبر خبراء لجنة مناهضة التعذيب في ختام دورتهم صباح الجمعة 19 مايو في جنيف عن انتهاك الولايات المتحدة الأمريكية لبنود معاهدة منع التعذيب وهذا رغم كل التأكيدات التي عبر عنها أعضاء الوفد خلال استعراض التقرير قبل أكثر من أسبوع.
مطالبة بإغلاق معتقل غوانتانامو
بخصوص وضعية معتقلي معسكر غوانتانامو الذي حاول الوفد الأمريكي في البداية توضيح بأنه يقع خارج نطاق تطبيق معاهدة منع التعذيب ، والتعليل بأنه من صلاحيات معاهدة إدارة الحروب او ما يعرف بمعاهدات جنيف، طالب خبراء مناهضة التعذيب واشنطن إما بالإفراج عن معتقليه او تقديمهم للمحاكمة وإغلاق المعسكر.
ورأي الخبراء أن مجرد اعتقال أسرى لفترة مطولة بدون محاكمة يعتبر انتهاكا لمعاهدة منع التعذيب التي وقعت عليها الإدارة الأمريكية.
كما أشار الخبراء للانتهاكات المرتكبة بسبب ظروف الاعتقال سواء في غوانتانامو او في أفغانستان والعراق، إذ عبروا عن “الانزعاج لتلقي معلومات لها مصداقية حول ممارسة موظفي الولايات المتحدة الأمريكية العسكريين منهم والمدنيين لأعمال تعذيب في أفغانستان والعراق”.
ومن هذه الأعمال التي وصفت بمثابة تعذيب “الاهانة الجنسية، وما يعرف “بالغواصة” أي إغراق رأس السجين تحت الماء لفترة مطولة، واستعمال الكلاب لتخويف الأسرى”.
انتقاد وسائل الاستنطاق
رغم محاولات الوفد الأمريكي تبرير ما تم في حق معتقلي قاعدة غوانتانامو أو في أفغانستان بأنه ضد “إرهابيين يطلق عليهم مفهوم “العدو المقاتل”، رأت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بأنه “على الولايات المتحدة ان تتخلى عن كل وسائل الاستنطاق الشبيهة بطرق التعذيب”.
ولم تقتصر لجنة مناهضة التعذيب على انتقاد طرق معاملة الأسرى في غوانتانامو او في خارج الولايات المتحدة الأمريكية، بل انتقدت وضع السجون المدنية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، إذ عبرت اللجنة في توصياتها عن ضرورة “مراجعة الولايات المتحدة الأمريكية لطريقة إعدام المحكوم عليهم بالإعدام”. علما ان الولايات المتحدة الأمريكية تلجأ الى تطبيق حكم الإعدام إما بالحقن او بالكرسي الكهربائي.
كما انتقدت اللجنة الظروف القاسية التي يوجد فيها سجناء الحبس الانفرادي. وكان بعض الخبراء قد أشاروا خلال مناقشة التقرير الأمريكي الى وجود تقارير عن حالات ضباط سجون مورطين في عمليات اغتصاب وتعذيب في حق المعتقلين في السجون المدنية.
قلق بخصوص السجون السرية
وعبر خبراء لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة عن الأسف لكون الولايات المتحدة الأمريكية لم ترغب في تقديم معلومات عن السجون السرية التي تلجأ لها الولايات المتحدة الأمريكية لإيواء معتقلين تتهمهم بالانتماء الى شبكات إرهابية سواء من أفغانستان او العراق.
كما عبروا عن الأسف لكون هذه السجون السرية لم يسمح حتى للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتها والوقوف على ظروف معتقليها. وهو ما ادانه رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيللنبيرغر أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن.
ونذكر بأن هذه السجون السرية هي أيضا محط تحقيق من قبل البرلمان الأوروبي الذي كلف القانوني السويسري ديك مارتي بإعداد تقرير حول استخدام الولايات المتحدة لتراب بلدان أوربية ومجالاتها الجوية لأسر او نقل معتقلين متهمين بالتورط في الإرهاب الدولي.
كما طالبت لجنة مناهضة التعذيب السلطات الأمريكية بتقديم المسؤولين عن ممارسة التعذيب والانتهاكات في العراق وأفغانستان للمحاكمة. وفي ذلك إشارة الى عدم الاقتناع بما قدمه الوفد الأمريكي من شروح مفادها أن “الولايات المتحدة قامت بأكثر من 800 تحقيق في الادعاءات بممارسة التعذيب، وأنها أصدرت أحكاما في 270 حالة من بينها 250 خاصة بعسكريين أمريكيين”.
وكان الوفد الأمريكي قد أشار الى تقديم 103 عسكري أمريكي أمام محاكم عسكرية، ومعاقبة 89 منهم بعقوبات سجن، 19 منها لمدد تفوق السنة. وقد تم فصل 28 عسكريا من الخدمة.
وإذا كانت لجنة مناهضة التعذيب لا تتمتع بصلاحيات لإرغام واشنطن على الامتثال لبنود المعاهدة، فإن توصياتها تعد من وسائل الضغط المعنوية التي على الولايات المتحدة الأمريكية اخذها بعين الاعتبار، خصوصا وأن على واشنطن تقديم تقرير جديد في غضون عام.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.