ودائما … مشكلة للأجانب
لا يمر موسم برلماني في سويسرا إلا وملف طالبي اللجوء مطروح للنقاش، تارة لتحديد نسبتهم وتارة أخرى لوضع آليات جديدة للتعامل مع ملفاتهم، ومؤخرا لمعالجة ما يصفه البعض بـ"استغلال قوانين اللجوء".
تقدم حزب الشعب اليميني مؤخرا بمشروع قانون يهدف إلى الحد من استغلال قوانين اللجوء في سويسرا، ومن بين فقراته منع تقديم طلبات اللجوء السياسي إلى الكونفدرالية في حال إمكانية تقديم الطلب في بلد آخر، وإذا أصر طالب اللجوء على البقاء في سويسرا فعليه أن يقبل بالحد الادنى من الدعم والرعاية، وإذا قررت السلطات رفض منح صاحب الطلب الحصول على حق اللجوء فيمنع هذا الاخير من العمل، والجديد في الاقتراح هو تغريم شركة الطيران التي لم تتأكد جيدا من صحة أوراق الراكب قبل السماح له بالصعود إلى طائرتها المتجهة إلى سويسرا.
ستة وثلاثون عضوا في مجلس الشيوخ رفضوا هذا المقترح يوم الخميس ولم يجد تأييدا سوى من ستة أعضاء فقط، ورأى المعارضون أن هذا القانون لا يعالج مثلا مشكلة تدفق اللاجئين على سويسرا بالطرق غير المشروعة مثل التسلل عبر الحدود أو داخل شاحنات، كما أنه يتطلب تعديلات في بعض القوانين.
ومعارضة الحكومة أيضا
إضافة إلى ذلك ترى وزيرة العدل والشرطة روت متسلر، التي انتقدت مشروع القانون، أن حل مشكلة تدفق طالبي اللجوء لابد وأن يكون جماعيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي كما نوهت، أثناء طرح المشروع أمام مجلس الشيوخ، إلى أن الفقرة التي تنص على إعادة طالب اللجوء إلى المنطقة التي أتي منها تتطلب أيضا قبول سويسرا بطالبي اللجوء في ألمانيا والنمسا والذي سافروا إليها من الكونفدرالية، إذ أن الاتحاد الاوربي لن يقبل إعادة اللاجئين الذين دخلوا سويسرا من أراضيه دون أن تقبل سويسرا بالمعاملة بالمثل.
ومن الملاحظ أن الأحزاب السياسية في سويسرا على اختلاف أطيافها تستعمل ملفات الأجانب دائما كوسيلة للتأثير على الناخبين، كل حسب طريقته، فإلى جانب ملف طالبي اللجوء الشائك ظهر هذا العام ملف “البدون” أي المقيمين بشكل غير مشروع في سويسرا وهو لا يقل حساسية عن الملف الأول، وإلى جانب هاذين الملفين يوجد ملف النساء الأجانب واستغلالهن إما في أعمال غير مشروعة أو تعرضهن لمعاملة سيئة من أزواجهن السويسريين، وهو محور جدل واسع بين اتباع التيارات النسائية اللاتي يرغبن في التعامل مع هؤلاء النسوة من منظور واحد فقط وهو أنهن ضحايا بينما ترغب بقية الأطراف الأخرى في عدم التعميم والفصل بين الضحية الحقيقية ومن تساهم في المشكلة كطرف أساسي.
أساليب مختلفة والهدف واحد
فالأحزاب اليمينية تسعى إلى إثبات أنها تحافظ على الكيان السويسري وتطالب مثلا بعدم تقديم حلول شاملة لمشكلة “البدون” بل ترحيلهم فورا على اعتبار أنهم مخالفون للقانون وأنه لا يجب أن يكافئوا على ذلك بمنحهم إقامات شرعية، وتحاول اقتراح قوانين، يصفها البعض بالمعقدة، تحد من دخول طالبي اللجوء إلى سويسرا، حرصا على عدم ارتفاع نسبة الأجانب.
الأحزاب الليبرالية من نحيتها تحاول أن تظهر للناخبين بأنها متسامحة بقدر يعطي لمسة إنسانية على برامجها ومقترحاتها لحل المشاكل المتعلقة بالأجانب سواء من المقيمين أو من طالبي اللجوء، دون أن يؤثر ذلك على المصلحة العليا للكونفدرالية.
أما أحزاب الوسط أو ذات الاتجاهات المعتدلة فتحاول التوصل إلى صيغة تجمع بين التيارين – المحافظ على الهوية السويسرية والمنفتح المدرك لما يحدث في أوروبا والعالم وكيفية تعامل سويسرا مع مشاكل الاجانب المختلفة.
وهدف هذه الاحزاب جميعها هو كسب أكبر قدر ممكن من الاصوات، بعضها اعتمادا على لغة خطاب عقلاني والبعض الآخر يستعمل سلاح الخوف للتأثير على الناخبين، كما أن هناك من “يترك الحبل على الغارب” في كل شيء إمعانا في تأكيد تشبثه بالحرية.
أما المؤكد فهو أن ملف الأجانب هو الأكثر حساسية في علاقة الأحزاب السياسية بالناخبين ويمكن لمن يتمكن من استخدامه بمهارة أن يكسب عددا لا يستهان به من أصوات الناخبين.
تامر أبو العينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.