وصفة علاج جذرية للزراعة السويسرية
طالبت "مستقبل سويسرا"، وهي مجموعة تفكير تابعة للقطاع الاقتصادي، في دراسة نشرتها يوم 23 نوفمبر، بإحداث تغيير في وجهة الزراعة السويسرية وبانسحاب الدولة من هذا المجال.
تزامنا مع ذلك، أصدر المكتب الفدرالي للزراعة تقريره السنوي، الذي سجل تراجعا في مداخيل المزارعين العام الماضي.
حرِصت مجموعة التفكير على تقديم رؤيتها للفلاحة السويسرية، التي ضمنتها في دراسة تحمل عنوان “المزارع المحرر”، على اعتبار أنها جديدة. وفي الواقع، تدعو المجموعة، التي تمثل “مختبر الأفكار” للاقتصاد السويسري، إلى إحداث تغيير جذري في هذا القطاع.
عمليا، تريد المجموعة إلغاء جميع أنواع الحماية الجمركية وأشكال الدعم المقدّمة في ظرف لا يتجاوز 15 عاما، كما يعتقد خبراء “مستقبل سويسرا” أنه يجب تغيير الدفوعات المباشرة المقدّمة للمزارعين وإلغاء القانون العقاري الريفي، المعمول به حاليا.
أخيرا، تقترح مجموعة التفكير أن يشرف المقاولون الزراعيون على إدارة عملية التغيير هذه، على أن تتكفّـل الدولة بتحديد الشروط الإطارية للعملية فحسب.
تخفيض في أسعار الأغذية
الإيجابية الكبرى، التي يُـبرّر بها معدّو الدراسة مقاربتهم، تتمثل في إحداث تخفيض واضح في أسعار المواد الغذائية في سويسرا، وهو من شأنه أن يؤدي إلى توجيه الموارد، التي تخصّـصها الكنفدرالية حاليا لفائدة الزراعة إلى خدمات محدّدة، مثل التهيئة الترابية.
واستباقا للانتقادات المتوقّـعة، نفت مجموعة التفكير “مستقبل سويسرا”، أنها تسعى إلى التأثير على السياسة الفلاحية 2011 (وهي السياسة التي تعدّها الكنفدرالية حاليا للتعاطي مستقبلا مع هذا القطاع)، وأكّـدت أن هدفها يتمثل في التسريع بإجراء نقاش معمّـق حول مستقبل الفلاحة السويسرية لما بعد عام 2010.
فلاحة ذات قٌـدرة تنافسية أكبر
تأتي هذه الحزمة من المقترحات، في الوقت الذي يُـعرض فيه مشروع الكنفدرالية حول السياسة الزراعية 2011، على أنظار البرلمان الفدرالي.
فمن خلال هذا المشروع، الذي يواجَـه بانتقادات شديدة من طرف المزارعين، ترغب الحكومة بدورها في إضفاء المزيد من القُـدرة التنافسية على القطاع الزراعي، أما الوسائل التي تقترحها لتحقيق هذا الهدف، فتتمثل في تخفيض إجراءات دعم السوق إلى النصف وتفكيك آلية الدعم الموجّـه للتصدير وزيادة الدفوعات المباشرة للمزارعين.
“قوالب ليبرالية”
ردود الفعل الأولية على مقترحات “مستقبل سويسرا”، جاءت سلبية في الأغلب، حيث اعتبر الاتحاد السويسري للمزارعين أن مجموعة التفكير اقتصرت “في جانب كبير على تحليل للتحدّيات، تخللته بعض الأخطاء”، وأكّـدت المنظمة الرئيسية للمزارعين في البلاد أن “الكتاب لا يتضمن، إلا القليل من الأفكار الجديدة ولا يمثل حلولا ممكنة ولا آفاق اقتصادية للفلاحة، ولكن على قوالب ليبرالية”.
في نفس اليوم، قدّم المكتب الفدرالي للفلاحة تقريره السنوي حول القطاع لعام 2005، الذي وُصِـف بـ “العام المتوسط”. فقد تراجعت النفقات الفدرالية لفائدة الزراعة والتغذية بـ 131 مليون فرنك ما بين عامي 2004 و2005، حيث لم تعد تمثل سوى 7،3% من نفقات الكنفدرالية، مثلما ورد في التقرير.
أما معدل الدخل الزراعي لكل قطعة فلاحية مستغلّـة، فقد بلغ 54 ألف فرنك، وهو ما يمثل تراجعا بـ 6000 فرنك عن عام 2004، التي اعتُـبرت سنة جيدة جدا، ورقما موازيا لما سُـجِّـل في الفترة الممتدة من 2001 إلى 2003. بالأرقام الصافية، بلغت مداخيل القطاع الزراعي 2،7 مليار فرنك، وتشير التوقعات الأولية إلى أنه قد يسجِّـل تراجعا طفيفا في عام 2006.
ارتفاع كبير في الصادرات
تقرير المكتب الفدرالي للفلاحة ذكّـر بأن نسبة الاكتفاء الذاتي لسويسرا فيما يتعلق بالمواد الغذائية، ظلت مستقرة (في حدود 60%)، لكنه أشار في المقابل، إلى أن المبادلات الزراعية مع الخارج قد سجّـلت ارتفاعا كبيرا ما بين عامي 2000 و2005.
فقد ارتفعت الصادرات بشكل خاص بنسبة 25% لتصل قيمتها إلى 4،4 مليار فرنك، وهو نموٌّ يجسِّـد تحسّـن القدرة التنافسية للزراعة السويسرية.
في نفس الفترة، سُـجِّـل تحسُّـن في مجال حماية البيئة، حيث تراجع استعمال الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية، كما عُـوملت الحيوانات بشكل أفضل.
أخيرا، كشف التقرير أنه يتم استغلال حوالي 11% من المساحات الزراعية في سويسرا، طِـبقا لمقاييس الزراعة البيولوجية.
سويس انفو مع الوكالات
أطلقت سويسرا إصلاحا زراعيا ابتداءً من عام 1993. قبل ذلك التاريخ، كانت الدولة تضمن للمزارعين تسويق جميع منتجاتهم عن طريق اقتناء كل ما لم يتمكّـنوا من بيعه، لذلك، يعتبر القطاع الزراعي السويسري أحد أكثر القطاعات المحمية عالميا على غِـرار نظيره الياباني.
طِـبقا للإصلاح الزراعي، تم تعويض أشكال الدعم بدفوعات مباشرة، تقوم الدولة من خلالها بمكافأة المزارعين على الخدمات التي يقومون بإسدائها إلى المجموعة الوطنية، وخاصة ما يتعلق برعاية المناظر الطبيعية.
من جهة أخرى، تم إقرار دفوعات مباشرة “بيئية” لفائدة المزارعين الذين يعملون وِفقا لمبادئ الإنتاج البيولوجي.
بغض النظر عن البُـعد البيئي، تهدف الكنفدرالية بالخصوص، إلى تحسين القدرة التنافسية للفلاحة السويسرية من خلال تقليص الدعم المقدّم إلى السوق، حيث يتعلّـق الأمر مثلا بإلغاء الدعم المقدَّم للصادرات الزراعية.
في عام 2005، كان القطاع الزراعي يشغِّـل 188 ألف شخص، مقابل 254 ألف شخص في عام 1990.
في عام 1990، بلغت نفقات الكنفدرالية لفائدة القطاع الزراعي والغذائي 2،6 مليار فرنك، أما في عام 2005، فقد وصل هذا الرقم إلى 3،7 مليار فرنك أو 7،3% من ميزانية الكنفدرالية.
ما بين عامي 2000 و2005، ارتفعت الواردات الزراعية بنسبة 10% لتصل قيمتها إلى 9،4 مليار فرنك، أما الصادرات، فقد ارتفعت في نفس الفترة بـ 25%، حيث ناهزت قيمتها 4،4 مليار فرنك.
في عام 2005، بلغت نسبة مساهمة الفلاحة في الناتج الداخلي الخام 1%.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.