صحيفة سويسرية: هل تنجح “خطة الجنرالات” الإسرائيلية في تحقيق أهدافها في غزّة؟
اخترنا لكم.نّ هذا الأسبوع: تحليل أهداف “خطة الجنرالات” في شمال غزّة، ودور أيديولوجيا الشهادة في تعزيز دعم أنصار حزب اللّه، واستنكار الجالية اللبنانية في سويسرا موقف الحكومة الفدرالية تجاه الحرب فيها.
- نويه تسورخير تسايتونغ: لا مدنيين ولا طعام ولا رحمة: هل تنفذ إسرائيل ”خطة الجنرالات“ في أقصى شمال قطاع غزة؟
- لوتون: أيديولوجيا الاستشهاد التي يروّج لها أنصار حزب الله
- آر تي أس: تنديد من اللبنانيين واللبنانيات في سويسرا بالموقف السلبي للحكومة الفدرالية
في غزّة: السكّان تحت رحمة “الجنرالات”
تناولت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ تنفيذ الجيش الإسرائيلي خطة هجومية في شمال قطاع غزة، اقترحها مجموعة من كبار الضباط السابقين، بقيادة الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، غيورا آيلاند، بغرض هزيمة حماس بشكل جذري.
وأفاد مراسل الصحيفة في تل أبيب، ريفيرت هوفر، أن الخطة المعروفة بـ”خطة الجنرالات”، تهدف إلى إخلاء كامل لحوالي 300 ألف مدني.ة من شمال غزة ، مع وقف تام للمساعدات الإنسانية، ثم محاصرة المقاتلين المتبقين من فصائل حماس والجهاد الإسلامي. ووفقًا للخطة، سيواجه 5 آلاف من المقاتلين خيار الاستسلام أو الموت على أيدي الجيش الإسرائيلي، في محاولة للضغط على حماس للإفراج عن الرهائن، وفق الصحيفة.
وأضاف هوفر أن العمليات الهجومية بدأت بإصدار أوامر إخلاء واسعة النطاق، وتوسيع الهجمات في مناطق مثل جباليا. فيما أفادت التقارير بمقتل عشرات المقاتلين من حماس والجهاد الإسلامي، وتدمير العديد من مواقعهم، تزامنًا مع تدهور الظروف الإنسانية بشكل كارثي، بسبب نقص المساعدات وتزايد الهجمات.
ونوّه الصحفي إلى أن الأوضاع الإنسانية كارثية في المنطقة، مشيراً إلى تأكيدات منظمة الإغاثة أطباء بلا حدود، بانقطاع وصول أي مساعدات إلى شمال قطاع غزة منذ غرّة أكتوبر الجاري. ونقل هوفر عن مسؤول أمني فلسطيني يعمل لدى المنظمة، في رسالة صوتية بتاريخ 7 أكتوبر قوله، إن أوامر الإخلاء في الشمال صدرت خلال مهلة قصيرة للغاية. حيث “لم نتمكّن من أخذ أمتعتنا معنا، لا ملابس ولا بطانيات ولا مراتب”.
وخلص المراسل إلى تباين الآراء حول فعالية هذه الاستراتيجية، فبينما ترى بعض التحليلات أن الضغط الشديد على حماس قد يجبرها على تقديم تنازلات، تذهب أخرى إلى أن الخطة قد لا تحقق أهدافها، وأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض المناطق في غزة لم ولن يغير من مواقف حماس بشكل ملحوظ.
ونقل الصحفي عن الخبير الأمني الإسرائيلي، مايكل ميلشتاين، قوله إن إسرائيل لديها خياران: إمّا “أن تحتل قطاع غزة بأكمله بشكل دائم وتقتل يحيى السنوار”، وفي تلك الحالة ” لن نرى الرهائن مرة أخرى”، وإمّا “[إجراء] اتفاق مع حماس سيكون له ثمن باهظ، لكنه سينقذ الرهائن.”
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 13 أكتوبر 2024، بالألمانية)
في جنوب لبنان: الشهادة عقيدة
حظيت تطوّرات التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان وتداعياته الإنسانية بتغطية هامّة في الصحف السويسرية. ففي تقرير ميداني من الوردانية بقضاء شوف، سلّطت مراسلة لوتون، صوفي ويلدغون، الضوء على انعكاسات الهجوم الإسرائيلي على المدنيين والمدنيات، والأوضاع الإنسانية في الجنوب لبنان.
وتصف ويلدغون كيف تحوّلت قرية وردانية، الواقعة في منطقة الشوف الجبلية في لبنان، من مكان هادئ إلى ملاذ لآلاف النازحين والنازحات بسبب الحرب. ونقلت عن رئيس البلدية، علي يوسف بايرام، قوله إنّ حزب الله كان الجهة الوحيدة التي قدّمت الدعم الغذائي والمالي للنازحين والنازحات، في ظل غياب الدولة ومنظمات الإغاثة.
وتوقّفت المراسلة عند تأثير الأيديولوجيا المرتبطة بالشهادة في صفوف أنصار حزب الله، والتي تتجلّى في قصص من أطراف مدنية ومقاتلة تبرّر دعمها للمقاومة على أسس دينية وأخلاقية، وتعتبر التضحية ضرورية للدفاع عن المظلومين والمظلومات.
وشرحت صوفي ويلدغون مفهوم التضحية من أجل الأجيال المقبلة، المستمدّ، في هذه الحالة، من التراث الديني الشيعي، خاصة من قصة الإمام الحسين ومعركة كربلاء، حيث يمثل الإمام الحسين نموذجًا للشهيد الذي فضّل الموت على الاستسلام للظلم.
وينقل التقرير شهادات أشخاص فقدوا وفقدن أحبّتهم.ن في القصف الإسرائيلي، ولا يزال لديهم.نّ مع ذلك استعداد للتضحية بالنفس والحياة دعمًا للقضية الفلسطينية. وذلك على غرار، مريم التي فقدت اثنين من أطفالها الثلاثة خلال التفجير الذي أدى إلى مقتل القائد العسكري في حزب الله، فؤاد شكر، يوم 29 يوليو في بيروت. فقد “أصاب الصاروخ الأول الطابق الثالث. فهرع حسن، 10 سنوات، إلى أخته، 6 سنوات، ليرى ما إذا كانت بخير. ثم سقط الصاروخ الثاني في الطابق الخامس ووجدتهما فرق الإغاثة ميتين متشابكين في أحضان بعضهما البعض.”
وتؤكد مريم أنها لم تكن تعلم بوجود عضو رفيع من حزب الله في المبنى، شارحةً: “نحن لسنا أعضاء في حزب الله. أنا معلّمة لغة إنجليزية، وزوجي مهندس إلكترونيات”.
ورغم حجم الفقدان، ما تزال مريم تعبّر عن دعمها للمقاومة، لسببين: الأوّل ارتباطها بالأرض، باعتبارها وعائلتها من جنوب لبنان، و” لن نتخلّى عنها [الأرض] أبدًا”، والثاني لإيمانها بأن عدم مساعدة من يستغيث يعدّ تقصيرًا يعاقب عليه الله، وفق ما نقلته الصحيفة.
وأضافت المراسلة أنه رغم هذه الأيديولوجيا الداعمة للتضحية من أجل قضية عادلة، يحضر ألم الفقد والنزوح القسري بقوّة. فعندما يشاهد رجل الأعمال النازح، محمد قميحة، أطفالاً يلعبون في الوردانية، تنهر دموعه. ويقول: “كلّ حياتي انتهت، كلّ ما بنيته دُمّر […] لكن ماذا عن هؤلاء الأطفال؟ هل عليهم أن يعانوا مثلنا؟ ولماذا؟”
(المصدر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 12 أكتوبر 2024، بالفرنسية)
من لبنان إلى سويسرا: اِفعلي أكثر!
على صعيد متصل، تناول الصحفي في الإذاعة والتلفزة السويسرية الناطقة بالفرنسية (آر تي أس)، ماتيو هاندرسون، ردودَ فعل الجالية اللبنانية في سويسرا، والتي انتقدت موقف الحكومة الفدرالية، معتبرةً إياه غير كافٍ.
فقد طالبت رسالة موجّهة إلى برن، شملت توقيع أكثر من 400 لبناني ولبنانية مقيم.ة في سويسرا، سويسرا باتّخاذ موقف أكثر وضوحًا وانخراطا في حلّ الأزمة، خاصةً في مجال تطبيق القانون الإنساني. وتقول نوولي أودي-دور، صاحبة المبادرة بإعداد الرسالة، إن لهذه الأخيرة ثلاثة مطالب رئيسية: زيادة الجهود السويسرية للتفاوض مع أطراف النزاع بهدف احترام القانون الإنساني، والإدانة الواضحة للهجمات التي تؤثر على المدنيين والمدنيات في لبنان، وتخصيص المزيد من المساعدات المالية للبنان، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة.
وتضيف نوولي أودي-دور للموقع أن “نحن بحاجة لأن نعرف، بشكل أكثر دقة، من الذي تدينه الحكومة الفدرالية عندما تصدر هذه التصريحات [ تقصد دعوة سويسرا في وقت سابق “جميع الأطراف في الشرق الأوسط إلى وقف الأعمال العدائية”]”، مضيفة أنّ “سويسرا تترأّس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الوقت الراهن، ولديّ انطباع بأنها تتمتع بقدرة فريدة إلى حد ما على تنظيم محادثات ثنائية، والتحدث مع القوى الكبرى أيضًا”.
من جهتها، أكّدت وزارة الخارجية السويسرية تلقّيها الرسالة، واعدةً بالردّ عليها قريبًا، وفق الموقع.
(المصدر: الإذاعة والتلفزة السويسرية الناطقة بالفرنسيةرابط خارجي (آر تي أس)، نُشر المقال بتاريخ 11 أكتوبر، وتم تحديثه يوم 15 أكتوبر 2024)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
+ ميثاق الأمم المتّحدة من أجل المستقبل: من التفاوض إلى اتّخاذ الإجراءات؟
+ التدفئة في سويسرا … الديزل في الصّدارة رغم تزايد الإقبال على المضخّات الحرارية
+ في قلب جبال الألب: حاسوب سويسري خارق يتحدّى عمالقة التكنولوجيا
+ إلغاء عقوبة الإعدام في العالم… أولوية على أجندة السياسة الخارجية السويسرية
+ تكنولوجيا سويسرية: كرسي متحرّك ذكي لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصّة
+ ”الغاوتشو السويسري” الذي ساعد على ازدهار صناعة الساعات الفاخرة في أمريكا الجنوبية
+ عندما يتحوّل التصميم الفني إلى مبعث أمل لعالم أفضل في المستقبل
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 25 أكتوبر مع عرض صحفي جديد.
تحرير: أمل المكّي
للاشتراك في النشرة الإخبارية:
المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.