مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

صحيفة سويسرية: “هل هذه نهاية نظام بشّار الأسد؟”

مقاتلون من الفصائل السورية المسلحة يقفون على مركبة عسكرية مدرعة تم الاستيلاء عليها بالقرب من أطراف حماة، سوريا، الثلاثاء 3 ديسمبر 2024.
مقاتلون من الفصائل السورية يقفون على مركبة عسكرية مدرعة تم الاستيلاء عليها بالقرب من أطراف حماة، سوريا، الثلاثاء 3 ديسمبر 2024. Keystone-SDA

تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع مستجدّات التصعيد في الحرب السورية، مع التركيز على سيناريوهات المستقبل المحتملة لنظام بشّار الأسد في ظلّ تقدّم الفصائل الإسلامية المسلحة في الشمال، وتأثير التطورات الميدانية على السكان الأكراد.

“مُنهار عسكريّا واقتصاديّا”

استعرض الصحفي دانيال بوم، الوضع الراهن لنظام بشار الأسد الذي يواجه تحديات جديدة مع تقدّم المسلحين الإسلاميين في شمال سوريا، في تهديد بفصل دمشق عن الساحل السوري.

وأوضح مراسل صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ في الشرق الأوسط أن النظام السوري يواجه خطرا وجودياً، مع سيطرة المجموعات الإسلامية المسلحة على حلب وتقدمها نحو حماة، وفي ظل ضعف الجيش السوري، “الذي أنهكته سنوات الفساد والحرب، ويبدو عاجزًا عن تقديم مقاومة تُذكر. ولم تظهر بوادر رد فعل إلا بالقرب من مدينة حماة”.

 وعلى الصعيد الدولي، كتب بوم: “يبدو أن الحلفاء التقليديين للنظام، مثل إيران وروسيا، غير قادرين على تقديم الدعم اللازم. أما حزب الله اللبناني، الذي كان عنصرًا أساسيًا في دعم الأسد خلال السنوات الأولى من الحرب، فهو الآن مشغول بصراعاته الخاصة بعد هزيمته الأخيرة أمام إسرائيل”.
 
وتوقّف المراسل عند الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها سوريا بسبب الحرب، والفساد، والعقوبات، والتي ظهرت جليّة في غياب الدعم للسكان المتضرريين.ات من الزلزال  المدمر عام 2023. وأوضح فشل محاولات ما أسماه بالنظام الهش الذي يعتمد على شبكة غامضة من رجال الأعمال والمليشيات، في الحصول على دعم مالي من دول الخليج.

وختم بوم بالقول إن مصير الأسد مرتبط بمعركة حماة، فإذا تمكن الجيش من إقامة خط دفاع قوي فيها، فقد ينجح في وقف تقدم المعارضة المسلحة. ولكن إذا سقطت حماة، فإن ذلك قد يكون بداية لانهيار النظام بأكمله. مذكّرًا في هذا السياق، بأنه رغم التوقّعات العديدة بسقوط الرئيس السوري منذ اندلاع الحرب في 2011، لكن الأسد تمكّن حتى الآن من البقاء، وإن كان ذلك على حساب تدمير بلاده.

(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 1 ديسمبر 2024، بالألمانية)

من هم المتمرّدون على نظام الأسد؟

في ذات السياق، شرح مقال تفسيري لصحيفة تاغيس أنتسايغير التطورات الأخيرة في الحرب الأهلية السورية، حيث حقّقت الفصائل المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، تقدمًا مفاجئًا في حلب، مما أجبر نظام بشار الأسد على الإعلان عن هجوم مضاد بمساعدة حلفائه الإيرانيين والروس.

وتناول الصحفي يوناس روت هوية المتمردين، موضحاً أنه منذ اندلاع الحرب عام 2011، ظهرت مئات الجماعات المسلحة التي قاتلت ضدّ نظام الأسد. وفي البداية، كانت هذه الجماعات تتألف من شبان وجنود منشقّين، والّذين شكّلوا ما يُعرف بالجيش السوري الحرّ، بهدف “الإطاحة بالديكتاتور الأسد والعيش بحرية”. غير أنّه في وقت لاحق، “سادت الجماعات الإسلامية المتمرّدة، التي تمكّنت من التسلّح بشكل أفضل، عبر الأموال القطرية على سبيل المثال، بينما ترك الغرب القوى المعتدلة وحدها”.

وبيّن روت أن هيئة تحرير الشام تُعدّ الآن القوة الأبرز، حيث تسيطر على محافظة إدلب شمال غرب البلاد، وتعتبر إدارة فعّالة بفضل دعم تركيا. لكن في الوقت ذاته، لا يعني ذلك أن سيطرة التنظيم ستؤدي إلى الديمقراطية، حسب الصحفي الذي كتب: “هذا لا يعني أن الديمقراطية تنبثق الآن في حلب بعد انسحاب الأسد؛ فبالنسبة للكثيرين هناك [سوريا] وفي المنطقة، فإن قوات هيئة تحرير الشام والثوار الآخرين هم في الواقع أشبه بالمحرّرين. لقد طرد [هؤلاء] النظام الذي أرهب حلب لسنوات بالبراميل المتفجرة، فقط ليقيموا بعد ذلك نظامًا استبداديّا تؤدّي فيه أي معارضة مباشرةً إلى زنزانة تعذيب.”

وفي خصوص الدور التركي أيضا، ذهب الصحفي إلى أنه ” من المرجّح، أن يكون الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد وافق على تقدم المتمردين بقيادة هيئة تحرير الشام. حيث ترى تركيا نفسها حامية لمحافظة إدلب، كما أنها نشرت قواتها هناك.”

وخلص صحفي تاغيس أنتسايغر إلى توجّه الصراع في شمال سوريا نحو إعادة رسم خريطة السيطرة في المنطقة وتشكيل موازين القوى، مشيراً إلى تدهور الوضع الإنساني وسط توقعات بتنامي النزوح الداخلي في سوريا بسبب القتال.
 (المصدر: تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 2 ديسمبر 2024، بالألمانية)

“لا نعلم ما الذي سيحدث لنا”

فرّ آلاف الأكراد والكرديات من تل رفعت، شمال حلب، يوم الثلاثاء بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على المدينة، الثلاثاء 3 ديسمبر 2024.
فرّ آلاف الأكراد والكرديات من تل رفعت، شمال حلب، يوم الثلاثاء بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على المدينة، الثلاثاء 3 ديسمبر 2024. The Associated Press. All Rights Reserved

في مقال بعنوان “لا نعلم ما الذي سيحدث لنا: مخاوف السكّان الأكراد في حلب”، وصفت إديث بوفيي، صحفية لوتون، الوضعَ في حلب السورية بالمعقد والمتوتّر، وذلك بعد استعادة الفصائل المسلحة السيطرة على ثاني أكبر المدن السورية، والتي كانت تحت سيطرة النظام منذ عام 2016. ” لكنّ السكان الأكراد يخشون هذا التغيير في السلطة”، حسب المقال.

وضمن الشهادات التي أوردتها بوفيي، قصّةَ محمد، طبيب كردي يستعد للفرار من المنطقة مع أسرته خوفا على سلامة أطفاله، وفي ظلّ عدم يقينه بشأن نهج السلطة الجديدة وهوية السكان الجدد. في المقابل، يورد المقال قصّةَ أمين، صاحب مرآب في المدينة، والذي يرفض مغادرة منزله رغم الصعوبات التي يتوقّع مواجهتها، على غرار اللجوء للعيش في مخيم، وترك منزله.

وتطرّقت صاحبة المقال إلى الظروف المعيشية في حلب بعد سيطرة الثوار عليها، حيث كتبت” منذ بدء العملية العسكرية للمتمردين في حلب وخطوط الإمداد مقطوعة: لم تدخل أي منتجات طازجة إلى المنطقة، فيما انقطعت إمدادات المياه.” وعلى الرغم من ذلك، يظهر عدد من السكان الأكراد الآخرين تفاؤلاً، على غرار زوجة أمين، التي قالت في حديثها مع الصحفية عبر الهاتف: ”في الوقت الحالي، يتصرّف المتمرّدون معنا بشكل جيد. إنهم محترمون. لم تتم مهاجمة منازلنا. حتى إنهم وعدونا بالحصول على الخبز والدواء مرة أخرى“.

أمّا الصورة في منطقة عفرين مثلا، الأقرب إلى الشمال، فتُظهر بدء عملية نزوح كبيرة للسكان بالفعل. فـ”يوم الأحد [الماضي]، أعلن مظلوم عبدي، القائد العسكري لقوات سوريا الديمقراطية (التحالف العربي الكردي الذي يسيطر بالفعل على الجزء الشرقي من سوريا) عن إنشاء ‘ممر إنساني’ لتمكين الناس من الإجلاء بأمان من منطقة عفرين إلى الشمال الشرقي.”

وفي شهادة أخيرة، نقلت الصحفية عن زانا، المعلّم التركي، استعداده للمغادرة بدوره، وإصابته بالرعب في ظل الوضع القائم. حيث ” تُظهر العديد من مقاطع الفيديو التي نشرها ناشطون قيام عناصر من الجيش الوطني السوري، الخاضع للنفوذ التركي، بنهب المحلات التجارية ومهاجمة المقاتلين الأكراد. وردًا على ذلك، قامت الجماعة التي تقود تحالف المعارضة، وهي هيئة تحرير الشام، باعتقال العديد من قادة ومقاتلي الجيش الوطني السوري. كما نشرت وسائل الإعلام المقربة من هيئة تحرير الشام عدة بيانات تؤكد على ‘الحق المطلق للأكراد السوريين في العيش بكرامة وحرية’ وترفض ‘الممارسات الهمجية التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية ضد الأكراد، بما في ذلك السبي، وأي عمل آخر يسيء إلى إسلامنا وعاداتنا وتقاليدنا’ “. وختمت الصحفية تقريرها بأنّ ” هذه التصريحات فشلت في طمأنة زانا.”

 (المصدر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 3 ديسمبر 2024، بالفرنسية)

فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:

+ سويسرا تخفض المساعدات الدولية… ما مصير الفئات الأكثر حرمانا؟ 

+ كيف تمكّن أفقر بلد في أوروبا من دمج 120 ألف أوكرانيّ وأوكرانيّة؟ 

+ كيف يمكن لسويسرا أن تستعدّ لرئاسة ترامب الثانية؟

+ سويسرا تعزّز التعاون التجاري مع الصين في ظلّ توتّرات بين بكين والغرب

+ حقوق النساء في أفغانستان: محمية بقرار دولي أم مسألة قابلة للتفاوض؟

+ عملة الـخمسة سنتات في سويسرا… طفرة عفا عليها الزمن

+ لماذا فشل توسيع قاعدة الدول المانحة في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين؟ لاتيتيا بيتينوتي

للمشاركة في النقاش الأسبوعي

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: زينو زوكّاتيلّي

هل سمعت يومًا شيئًا غريبًا عن سويسرا أثار اهتمامك؟

هل هناك حكاية عن سويسرا أثارت اهتمامك؟ شاركنا وشاركينا بها، فقد نقوم بتسليط الضوء عليها في مقال قادم!

8 إعجاب
15 تعليق
عرض المناقشة

يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.

*ختامًا، نعتذر لكم.ن متابعينا ومتابعاتنا عن غياب نشرتنا الإخبارية الأسبوع الماضي، ونأمل أن يلقى عدد اليوم إعجابكم.نّ. في الأثناء، يتجدّد موعدنا معكم.ن يوم الجمعة 13 ديسمبر الجاري.

 تحرير: أمل المكّي

للاشتراك في النشرة الإخبارية:

المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

المزيد

نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

اشترك.ي في النشرة الإخبارية لدينا، واحصل.ي على بريد إلكتروني كل يوم جمعة يحتوي على أخبار من الدول الناطقة بالعربية تم جمعها بواسطة وسائل الإعلام السويسرية. معلومات من منظور سويسري خصّيصًا من أجلك.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية