صحيفة سويسرية: تقارير حول اختراق دبلوماسي محتمل قد يقود إلى هدنة في غزة
تناولت الصحف السويسرية الناطقة بالألمانية هذا الأسبوع التطورات الأخيرة في المفاوضات بين إسرائيل وحماس، والتصعيد المتواصل في جنوب لبنان، بينما انتقدت صحيفة لوتون الناطقة بالفرنسية الموقف الرسمي السويسري تجاه الحرب الدائرة هناك و”انعدام حرية التعبير”.
سلطت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ الضوء على تطورات المفاوضات بين إسرائيل وحماس من أجل التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة. وتكمن العقبات الأساسية في المفاوضات، بحسب الصحفي يوناس روت، في مطالبة حماس بإنهاء الحرب بشكل دائم، بينما ترفض حكومة نتنياهو ذلك بشكل قاطع. وتفيد تقارير بتخلّي حماس عن هذا الشرط في الآونة الأخيرة، وتركيزها حاليا على المطالبة بتوفير ضمانات من الولايات المتحدة، وقطر، ومصر باستمرار المفاوضات في المرحلة الأولى، حتى توافق إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار.
وأضاف روت في سياق هذا الأمل الحذر، أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلا بعد نشره قائمة بمبادئ غير قابلة للتفاوض، مطالباً بسماح أي اتفاق مرتقب لإسرائيل بمواصلة القتال حتى تحقيق جميع أهداف الحرب، وهو ما أثار استياءً داخل الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، حيث تُعاني القوات المسلحة الإسرائيلية من زيادة في الخسائر البشرية في ظل غياب خطة سياسية مستقبلية لقطاع غزة.
في المقابل، يظل يحيى السنوار، قائد حماس، الشخصية المحورية في المفاوضات رغم بقائه بعيدا عن الأنظار. ويبدو أن السنوار، بحسب كاتب المقال، يعتقد أن إسرائيل ستُجبر على وقف الحرب تحت الضغط الدولي. ومع ذلك، يتزايد الاستياء داخل غزة بسبب الأوضاع الإنسانية السيئة، مع إشارة تقارير إلى ممارسة ضغوط داخل حماس للموافقة على وقف إطلاق النار، استنادا إلى مراسلات داخلية للحركة الفلسطينية، اطّلعت عليها وكالة الأنباء “أسوشيتد برس”، نقلا عن الصحيفة.
السنوار ونتنياهو يدركان أن الحرب وصلت إلى طريق مسدود، حيث لا يمكن لأي من الجانبين تحقيق مكاسب كبيرة بالوسائل العسكرية.
صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ
ولا يُعرف مدى تأثير تلك المطالب على هذه الجولة الجديدة من المفاوضات التي تأتي مع استمرار المواجهات في قطاع غزة بعد تسعة أشهر من هجوم السابع من أكتوبر، وهي تحمل بوادر أمل بإنهاء الصراع، حيث تواصلت الوفود بين الدوحة والقاهرة والقدس، وتحدثت مصادر إسرائيلية عن “اختراق” محتمل، فيما أعربت الولايات المتحدة عن وجود “فرصة كبيرة” لتحقيق اتفاق.
لكن الصحيفة خلصت إلى أن هناك شكاً في تحقيق اختراق وتوقيع اتفاق بين الطرفين على نحو سريع، ورجّحت أن تستمر المفاوضات لعدة أسابيع قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 9 يوليو 2024، بالألمانية)
“اندلاع حرب مع حزب الله بمثابة تهديد وجودي لإسرائيل”
تناول يانيس غريم، الباحث في النزاعات، الوضع المتوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، واحتمال تصاعد الصراع إلى حرب شاملة.
وأوضح الباحث في جامعة برلين الحرة في حوار مع صحيفة نويه تسرخير تسايتونغ الدوافع وراء التصعيد المتواصل، مشيراً إلى حسابات كل من إسرائيل وحزب الله. فبالنسبة لإسرائيل، تُعد الأعداد الكبيرة للنازحين.ات داخليًا بمثابة قنبلة سياسية داخلية. وكلما طال غياب الناس عن منازلهم في الشمال، زاد الاستياء. كما تتلاشى قدرة إسرائيل على الردع، فيما يستعرض حزب الله قدراته العسكرية علنًا في مقاطع فيديو، مما يعزّز الشعور بالتهديد في إسرائيل.
وكشف الباحث أن الهدف الرئيسي لإسرائيل هو منع وقوع هجوم آخر مثل هجوم 7 أكتوبر: “لقد اعتبرت إسرائيل حزب الله العدو الرئيسي، وأعطت الأولوية لحماية الحدود الشمالية. لكنني أخشى أن الحرب ستجلب الكثير من المعاناة والدمار للطرفيْن، ولن تحقق لإسرائيل سلامًا طويل الأمد”.
وحذّر غريم من تداعيات الحرب على أطراف الصراع، حيث قد تؤدي الحرب إلى انهيار كامل للنظام السياسي اللبناني، مع إمكانية اندلاع صراعات قديمة واستغلال القوى الخارجية للوضع. وأشار الباحث إلى وجود سيناريو آخر، وهو إمكانية توحيد اللبنانيين.ات خلف حزب الله كمدافع عن البلاد في حالة حدوث غزو إسرائيلي.
ورأى غريم أن الحرب تشكل تهديدًا وجوديًا حقيقيًا لإسرائيل، وستكون لها تبعات على المجتمع الدولي، موضحاً “سيكون من الصعب على حلفاء إسرائيل الغربيين البقاء بعيدًا عن هذا الصراع – وينطبق ذلك على ألمانيا التي تعتبر أمن إسرائيل جزءًا من سياستها الخارجية. أما فرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا فلديها مئات الجنود ضمن بعثة الأمم المتحدة في جنوب لبنان، وستجد هذه الدول نفسها عالقة في مرمى النيران”.
وفي سؤال حول إمكانية أن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى تخفيف حدة النزاع، أشار الباحث إلى تأكيد حزب الله مرارًا استعداده لوقف إطلاق النار، إذا توقفت الحرب في غزة. ويمكن عندها التوصل إلى اتفاق حدودي بين إسرائيل ولبنان، مما يؤدي إلى نوع من السلام البارد، وفق ما جاء في الصحيفة.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 9 يوليو 2024، بالألمانية)
الصراع في غزة وحرية الرأي المحظورة
انتقد الكاتب إيف بيتينيا ما وصفه بصمت الحكومة السويسرية إزاء المأساة الإنسانية في غزة، مؤكداً أن هذا الموقف يتعارض مع حرية المساءلة، وتحميل المسؤولية، وهي الحرية التي كانت متاحة في عام 1982 عقب مجزرة صبرا وشاتيلا.
وقدّم الكاتب تحليلاً نقدياً لما وصفه بقمع حرية التعبير، في سياق النقاشات المتعلقة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وتاريخ نقد الصهيونية من قبل شخصيات يهودية، مقارناً بين الأوضاع الحالية والماضي، حيث كانت الحرية في النقد والتعبير أكثر قبولًا، وفق رأيه.
تدمير المنازل والمخيمات وقتل الناس لن يقضي على الأفكار.
صحيفة لوتون
وأشار بيتينيا إلى واقعة تعرّض المستشار النمساوي برونو كرايسكي لانتقادات لكونه يهودياً ينتقد إسرائيل على خلفية مجزرة صبرا وشاتيلا في عام 1982. وأكد كرايسكي حينها أن موقفه لا يتعلق بكونه يهودياً، بل بموقف حكومته ضد العدوان. ووصف كرايسكي الذي كان يهودياً نجا من النازية ومعارضاً للصهيونية، سلوك إسرائيل آنذاك بأنه “شبه فاشي”، مشيراً إلى المجازر التي ارتكبت بحق السكان المدنيين.
وفي ذات السياق، نقل الكاتب عن المؤرخ جان رودولف دي ساليس قوله إن تدمير المنازل والمخيمات وقتل الناس لن يقضي على الأفكار. وقال المؤرخ إن الإسرائيليين.ات تبنوا أسوأ مثال للعنصرية في معاداتهم.نّ للعرب.. “لقد قلد الإسرائيليون.ات النموذج السيئ لمعاداة السامية في عنصريتهم المعادية للعرب”. ويتساءل ساليس : هل “صهيون” على طريق التدمير الذاتي؟ لأنه “يمكننا أن نرى بجلاء أعراض الانحدار السياسي والأخلاقي داخل مجتمع إسرائيل المفكك والممزق”.
ويختم كاتب المقال بالقول “ما يجب أن يثير دهشتنا هو أن حرية النقد لدى القيادات والمؤرخين.ات والصحفيين.ات، أصبحت محرّمة علينا بعد اثنين وأربعين عامًا. بل الأخطر من ذلك، أننا نرفض قبولها”، معتبراً أن شخصيات مثل المستشار كرايسكي أو المفكر المستقل دي ساليس نفسه كانت ستواجه اتهامات بمعاداة السامية في زمننا الحالي.
(المصدر: لوتونرابط خارجي، 7 يوليو 2024، بالفرنسية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
+ جنيف مركز الدبلوماسية الدولية أرض خصبة للجوسسة
+ احتيال سيبراني وكوكايين:هروب امرأة سويسرية من الإقامة الجبرية في كولومبيا
+ بكتيريا صناعية تتغذى على الديوكسين … حل بيئي مبتكر لتنظيف مدينة سويسرية
+ هل تصبح العلاجات بالعقاقير المخدّرة متاحة للجميع؟
+ قبل 30 عاما …كيف استفادت الشركات السويسرية من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا؟
+ لماذا المُسنَّات هنَّ الأكثر عُرضة للتأثُّر بموجات الحرِّ القاتلة؟
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 19 يوليو مع عرض صحفي جديد.
تحرير: عبد الحفيظ العبدلي
للاشتراك في النشرة الإخبارية:
المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.