صحيفة سويسرية: كيف غيّر الذكاء الاصطناعي القواعد الأخلاقية في حرب غزة؟
في الصحف السويسرية: جدل حول استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في تصفية أهداف بشرية بقطاع غزة، وتحليل لانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوبه، ووفاة مارسيل بوازار، "الشخصية الشهيرة في مجال العلاقات الدولية والمدافع المتحمس عن اتفاقيات جنيف".
انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب قطاع غزّة
تناولت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ في مقال تحليليّ انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب قطاع غزّة وانعكاساته على الصراع الجاري في الشرق الأوسط. وكتبت الصحيفة أنّ إسرائيل قد سحبت، بعد ستّة أشهر من القتال ضد حماس، جميع قواتها البرية من المنطقة باستثناء كتيبة واحدة. وترى نويه تسورخير تسايتونغ أنّ هذا الانسحاب قد يدلّ على عزم إسرائيل على التّحوّل إلى العمليات العسكرية المستهدفة، عوضاً عن التواجد على الأرض بشكل دائم في قطاع غزة.
وعلى الرغم من هذا الانسحاب، لا تزال حدة التوتر مرتفعة في المنطقة، مع استمرار عمليات إطلاق الصواريخ من المناطق التي تسيطر عليها حماس، ممّا يثير المخاوف من القيام بمزيد من الأعمال العسكرية، لا سيما في رفح، كما جاء في الصحيفة.
وجاء في المقال أيضاً أن إسرائيل تهدف إلى الاستمرار في الضغط على حماس من خلال مزيج من العمليات العسكرية والمفاوضات الدبلوماسية، مع إمكانيّة شنّ هجوم مستقبليّ على رفح اعتمادًا على نتائج المحادثات المتعلقة بإطلاق سراح الرهائن والتطورات الدبلوماسية الإقليمية، ولا سيما تلك التي تشمل المملكة العربية السعودية. وترى الصحيفة بأنّ هذا الانسحاب لا يشير إلى نهاية الصراع، حيث لا تزال إسرائيل ملتزمة بالقضاء على حماس وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن والرهينات الإسرائيليين.ات.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 7 أبريل 2024، بالألمانية)
كيف غيّر الذّكاء الاصطناعيّ القواعد الأخلاقيّة في حرب غزّة؟
في تقرير آخر، تناولت الصحيفة نفسها استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في تصفية أهداف بشرية في قطاع غزة، مع التركيز على التحديات الأخلاقية والتشغيلية المرتبطة بتوظيف هذه التكنولوجيا في ساحة القتال. ويشمل ذلك دور الحكم البشري في القرارات القتالية وتقييم الضرر المدني.
وأوضحت نويه تسورخير تسايتونغ أنّ حرب غزة تُظهر مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، مشيرةً إلى أن التحقيق الذي أجرته المجلة الإسرائيلية اليسارية “+972” قد أثار مخاوف كبيرة من استقلالية الأنظمة القاتلة، مع اعتماد الجيش الإسرائيلي على الذكاء الاصطناعي لتحسين “دقة وكفاءة العمليات العسكرية”.
ووفقا للمجلّة، فإن الجيش الإسرائيلي لم يفحص بدقة اقتراحات الذكاء الاصطناعي بشأن القصف، ممّا أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين ومدنيات.
إذا قام برنامج الذكاء الاصطناعي بتقييم شخص ما على أنه إرهابي، فإنه يصبح هدفًا محتملاً للتفجير.
صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ، نقلاً عن مجلّة “+972”
وينقل التقرير عن المصدر الإسرائيلي تطوير تل أبيب لبرنامج “لافندر”، الذي يستخدم بيانات سكان غزة بغرض تقييم احتمال انتماء أشخاص بعينهم.نّ لحركة حماس أو الجهاد الإسلامي، معتمدًا على تشابهات مع أنماط معروفة للإرهابيين.ات. ويجعل البرنامج، الذي تٌقدّر نسبة خطئه بـ 10%، المصنفين.ات على أنهم إرهابيين.ات، أهدافًا للهجمات الإسرائيلية. وذكرت المجلّة الإسرائيلية “+972” أن التحقق من التقييمات كان سطحيّا، وأنّ فحص كلّ هدف لا يتجاوز العشرين ثانية.
كما اتهمت المجلّة نفسها الجيش الإسرائيلي بقبول سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.ات في بداية الحرب، وباعتبار مقتل 15 إلى 20 مدنيًا في الهجمات ضدّ مقاتلي.لات حماس “العاديين” أمرًا مقبولًا، وهو أمر كان الجيش يُحجم عنه في الحروب السابقة إلا في حال استهداف قيادات حماس البارزة، وفق تعبيرها.
ونبّهت نويه تسورخير تسايتونغ في نهاية مقالها إلى تلاشي الشعور بالمسؤولية الفردية عندما يتمّ الاعتماد على توصيات الآلة، وخطورة هذا التحوّل في ساحات الحروب. حيث تصبح القرارات بذلك، نتيجة لسلسلة تفاعلات، دون شعور واضح بالمسؤولية بين المتورطين.ات في الحرب، بمن فيهم مصممو.ات ومصنعو.ات أنظمة الذكاء الاصطناعي.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 9 أبريل 2024، بالألمانية)
وفاة مارسيل بوازار*
من جهتها، تناولت لوتون وفاة مارسيل بوازار، “الشخصية الشهيرة في مجال العلاقات الدولية والمدافع المتحمّس عن اتفاقيات جنيف”، كما تصفه الصحيفة الناطقة بالفرنسية، وذلك عن عمر يناهز 85 عامًا، في 7 أبريل الجاري. وقد امتدّت مسيرة بوازار المهنية على مدى عقود من التحوّلات الجيوسياسية العالمية المحورية، شغل خلالها مناصب مختلفة، لا سيّما منصب المفوّض السامي للجنة الدولية للصليب الأحمر ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة.
وتشرح الصحيفة أنّ رحلة بوازار قد بدأت في جنيف، حيث تابع تعليمه في معهد الدراسات العليا، قبل أن ينطلق في مسار لافت قاده إلى الشرق الأوسط. وبصفته مفوّضاً للجنة الدولية للصليب الأحمر من عام 1962 إلى عام 1975، تنقّل السويسري بين تعقيدات مناطق النزاع في بلدان مثل الجزائر واليمن ومصر وسوريا والأردن والمملكة العربية السعودية. والجدير بالذكر، أنه كان قد لعب دوراً حاسماً في تسهيل إعادة أسرى الحرب العرب الذين أسرتهم إسرائيل خلال حرب 1967 [والتي تُعرف باسم “النكسة” في الدول العربية، وباسم “حرب الأيام الستّة” في إسرائيل]. وعلى الرغم من المخاطر التي انطوى عليها الأمر حينذاك، التزم بوازار بالتّمسك بالمبادئ الإنسانيّة وضمان حماية الأسرى، حتى في خضمّ فوضى الحرب، كما جاء في الصحيفة.
ويأتي المقال على ذكر إحدى الوقائع “المؤثّرة” التي تلخّص “الجهود الجريئة” التي بذلها بوازار خلال حرب الأيام الستّة، حيث غامر بالدخول إلى منطقة خطرة مسلّحًا بعلم مؤقت للصليب الأحمر وآلة كاتبة محمولة فقط. وعلى الرغم من مواجهة عقبات هائلة والقوات الإسرائيلية، أظهر بوازار شجاعة وحنكة ملحوظتين في مهمته الإنسانية، مما أكسبه احترام القادة العسكريين، وترك أثراً لا يمحى، وفق لوتون.
وتختتم الصحيفة مقالها بالإشادة بمسيرة بوازار المهنية، مؤكّدةً على تفانيه في العمل الإنساني والتزامه الثابت بمبادئ اتفاقيات جنيف، وتجسيد أفعاله للدور الحاسم للأفراد في النهوض بالقضايا الإنسانية وحماية حقوق المدنيين والمدنيات في مناطق النزاع.
مثقّف وديبلوماسي سويسري. عمل في اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكان المدير التنفيذي لمعهد الأمم المتّحدة للتدريب والبحث (UNITAR). له مساهمات كبيرة في مجال العلاقات الثقافية والقانون الدولي، وقد نشر العديد من الأعمال التي تعزّز الديبلوماسية وأهمية التنوّع الثقافي في العلاقات الدولية.
من بين مؤلّفاته “إنسانية الإسلام” و”وهم جميل جدًّا: إعادة كتابة ميثاق الأمم المتّحدة”.
المصدر: صفحة مارسيل أندريه بوازار على موقع ويكيبيديارابط خارجي
(المصدر: لوتونرابط خارجي، 9 أبريل 2024، بالفرنسية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
+ المساواة بين الجنسين في الأوساط الأكاديمية السويسرية… تقدّم بطيء
+ ردود فعل دولية على الحكم التاريخي بإدانة سويسرا في قضية المناخ
+ سويسرا تستضيف مؤتمراً بشأن السلام في أوكرانيا في منتصف يونيو المقبل
+ من جنيف… منسّقة الطوارئ في أطباء بلا حدود تدين استهداف الطواقم الإنسانية في غزّة
+ “سياسة الأسرة في سويسرا هي الحلقة الأضعف في سياسات الرعاية الاجتماعية”
+ كيف تساهم سويسرا في معالجة نقص المياه في الأردن؟
+ سويسرا: مظاهرة من أجل السلام في الشرق الأوسط
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 19 أبريل مع عرض صحفي جديد.
تحرير: أمل المكّي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.