ماذا تكتب الصحافة السويسرية عن العالم العربي؟
تقرير صحفي يصف الوضع الإنساني في غزة بالدراماتيكي والكارثي، ومقال يرى أن الأزمة هناك هي في الأساس سياسية، وآخر يتناول الوضع في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
“الوضع الإنساني في غزة لا يُمكن السكوت عليه ويجب تحسينه على وجه السرعة”
في مقال رأي لمراسلها في الخارج، أكّدت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ على أهمية وصول المساعدات الإنسانية لمن يحتاجها في غزّة، يقول صاحب الرأي يوناس روت: “يجب على إسرائيل تسهيل إيصال المساعدات الإنسانيّة إلى غزة في أسرع وقت ممكن … ففي نهاية المطاف، لن يصبّ هذا التردد إلا في مصلحة حماس”.
واستهل الكاتب المقال: “دراماتيكي وكارثيّ، تكاد لا توجد كلمات مناسبة لوصف الوضع الإنساني في قطاع غزة، وخاصّة بعد مقتل أكثر من مئة شخص في حادثة تدافع جماعيّ وبنيران الجيش الإسرائيلي وهم يحاولون الحصول على مساعدات من أحد القوافل”.
ويؤكّد روت على أنّه بسبب القتال الدائر وانهيار النظام المدني في غزة، لم يعد من الممكن توفير الإمدادات للسكّان في بعض المناطق، ويضيف “بأنّه مما زاد الطين بلة أن عدد الشاحنات التي تصل إلى المنطقة الساحلية انخفض إلى النصف في الشهر الماضي”.
ويوضح روت: “باختصار، الوضع الإنساني في غزة لا يمكن السكوت عليه ويجب أن يتحسّن على وجه السرعة”. ويضيف بأنّ إسرائيل تؤكّد مرارا وتكرارا على أنّها لا تمنع إيصال إمدادات المساعدات، “وفي الواقع، حدث الكثير بعد أن فرضت إسرائيل في البداية حصارًا كاملاً على القطاع في أعقاب الهجوم الوحشي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، فهناك معبران حدوديان مفتوحان اليوم، ويواصل الجيش توفير الممرّات الإنسانيّة؛ وفي يناير، دخل إلى القطاع نحو 200 شاحنة يوميًا”.
ويختتم روت بالقول إنّ إيصال المساعدات إلى غزّة يتمّ تحت ضغوط أمريكيّة قويّة، ولكنّها تعتبر غير كافية، برأيه، حيث ينتقد تعقيد عمليّة التفتيش الإسرائيلية، والصعوبات في التوصّل إلى اتفاقات، وانعدام الأمن للقوافل. كما يؤكّد روت على “أن توفير الإمدادات للسكان ليس مجرد بادرة طيبة، بل هو واجب بحسب القانون الدولي على إسرائيل باعتبارها القوة المحتلة في قطاع غزة”. وعلى الرغم من محاولات إعاقة الإمدادات، يدعو صاحب الرأي إلى تسهيل وصول المساعدات على أساس يحترم الكرامة الإنسانية، بغض النظر عن الاعتبارات السياسية، من أجل منع وقوع كارثة يمكن تجنبها.
(المصدر: نويه تسرخر تسايتونغرابط خارجي، 5 مارس 2024، بالألمانية)
المستوطنات الإسرائيليّة في الضفة الغربية
أمّا صحيفة تاغيس أنتسايغير فقد سلّطت الضوء من جديد على قضيّة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، خاصة في سياق الجولات الترويجية التي يقوم بها مستوطن متطرّف يدعى بوعز هايتزني. ومن خلال تقرير صحفيّ تضمّن زيارة المستوطنات المثيرة للجدل والمواقع التوراتيّة ومزارع الكروم تتطرّق صاحبة التقرير سينا-ماريا شفايكله لآخر المستجدّات على الأرض في المستوطنات غير الشرعية هناك، وتنقل أثناء التقرير آراء المستوطنين والمستوطنات هناك، ولا سيما وجهة نظر مرافقها هايتزني، الذي يدافع عن بناء المستوطنات “كإجراء أمني” وخاصة بعد هجوم 6 أكتوبر.
وتؤكّد شفايكله على أنّه بالرغم من الانتقادات الدولية والمخاوف القانونية، فإن المستوطنين والمستوطنات لديهم حرص على التوسع الاستيطاني ويطالبون.ن بضمّ المناطق الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن لصالح إسرائيل، كما يسلط التقرير الضوء على التّوترات والعنف في المنطقة بالإضافة إلى دعم الحكومة الإسرائيلية المتدينة اليمينية لحركة الاستيطان. وتختتم الصحفية تقريرها بجملة تلخّص الوضع كما أرادت وصفه في تقريرها: “يشير بوعز هايتزني إلى مبنى مزرعة منعزل في الأفق. ويقول بفخر: يعيش هناك رجل لديه سبعة أطفال، ويحرس المنطقة ويحميها. في الواقع، يقول هتزني، أراد العرب البدو الاستقرار هنا، ولكن عندما تم بناء المزرعة، رحل الجميع بعيدًا”.
(المصدر: تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 5 مارس 2024، بالألمانية)
غزة: “لن نستطيع القول، إننا لم نكن نعرف شيئاً”
في مقال رأي لناغو هومبرت، رئيس مرصد الأخلاقيات والصحة البشرية، ومؤسس منظمة أطباء العالم السويسرية يشير الكاتب في صحيفة لوتون إلى أن الأوضاع في غزة ليست مجرد أزمة إنسانية، بل هي نتيجة لأزمة سياسية ويدعو إلى تدارك الأوضاع وتحمل القيادات السياسية المسؤولية عما يحدث في القطاع.
ويفتتح هومبرت المقال بتعداد حصيلة ضحايا الحرب في غزة “نتلقى كل صباح هذا الحساب المروع من زملائنا في الهلال الأحمر الفلسطيني. وفي الوقت الذي أكتب فيه هذه الأسطر وصلت الحصيلة إلى: 30320 قتيلًا، بينهم 13430 طفلًا، و7700 شخص مدفونين تحت الأنقاض، وأكثر من 70215 جريحًا، ومقتل 384 طبيبًا وممرضًا ومسعفًا، في تحدٍ لاتفاقيات جنيف. ولا ننسى 134 رهينة يعيشون في ظروف يُرثى لها، وفي خوف دائم من عدم رؤية عائلاتهم مرة أخرى… غدًا، ستطول القائمة أكثر… وبعد غد أيضًا. هذا الشعور بالتجاهل هو ما يقلقنا، وهناك سؤال يراودنا: هل يمكننا التعود على الرعب والظلم؟ كما قال ستالين “الديمقراطي الكبير والساخر”: “موت إنسان هو مأساة، موت مليون إنسان هو إحصائية”.
وحذّر الكاتب من أن ديناميكية العنف هذه لا تساهم إلا في كراهية الآخرين في دوامة تؤدي إلى تدمير الجميع، موضحاً “لهذا السبب قررنا إنشاء فرقة العمل موم (Momtaskforce) بالتعاون مع منظمة غير حكومية إسرائيلية وبدعم من شخصيات فلسطينية.. بهدف تعزيز قرار وقف إطلاق نار نهائي والحفاظ على قنوات اتصال موازية للمضي قدماً في إطلاق سراح الرهائن.. وإنهاء الحرب تماماً”.
من جهة أخرى، وجّه الكاتب انتقادات لاذعة للدول الغربية: “ونحن نرى جبن وازدواجية الزعماء الأوروبيين والأمريكيين الذين يطالبون من ناحية بحماية السكان المدنيين ومن ناحية أخرى بتسليم أسلحة الدمار، لا يسعنا إلا أن نصرخ في وجه هؤلاء القادة: “لا يمكنك القول إنك لا تعرف ما يحدث هناك، وفوق كل شيء، ما يزال لديك القدرة على إيقاف هذه المأساة”، مطالباً بعدم الاختباء وراء الخطاب الأيديولوجي وتجاهل حقيقة آلام شعب بأكمله.
وانتقد هومبرت السياسة التي تنتهجها الحكومة السويسرية وأغلبية البرلمان الفدرالي والمتمثلة في الاعتداءات المتكررة على الأونروا: “هذا النهج لا يليق بدولة حامية لاتفاقيات جنيف التي ينتهكها أطراف الصراع حالياً. ونتيجة لهذه السياسة الأحادية الجانب، يمكنني القول إن سويسرا فقدت كل مصداقيتها في الشرق الأوسط وبالتالي لم يعد بإمكانها الادعاء بأنها تلعب دورا في الوساطة.”
وشدّد الكاتب على أن الظروف المعيشية الكارثية وحصيلة الضحايا وعدم إمكانية الوصول إلى سكان غزة ليست أموراً حتميّة، ولكنها ناجمة عن “قرارات سياسية”، مشدداً على أن منظمته ستواصل القيام بدورها “لا نستطيع القول، إننا لم نكن نعرف شيئاً”.
(المصدر: لوتونرابط خارجي، 6 مارس 2024، بالفرنسية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:.
+ رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة: “الأونروا، كانت ولا تزال طوق النجاة لشعب فلسطين منذ تأسيسها”
+ سويسرا والولايات المتّحدة: “جمهوريتان شقيقتان” واتحاد أبدي للصداقة والوفاء
+ ما خلفية الادعاءات التي تنال من مصداقية الأونروا وتعيق جهودها الإنسانية في غزة؟
+ عندما كانت سويسرا عاصمةً عالميةً لمناهضة الشيوعية…
+ ما خلفية الادعاءات التي تنال من مصداقية الأونروا وتعيق جهودها الإنسانية في غزة؟
+ الشعب السويسري يؤيّد زيادة المعاش التقاعدي، ويقول “لا” لتأخير سنّ التقاعد
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 15 مارس مع عرض صحفي جديد.
تحرير: مي المهدي
المزيد
الاشتراك في النشرة الإخبارية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.