آفاق وردية للعلاقات بين برن وبروكسل
يُـعتبر التصويت الإيجابي للشعب السويسري، لفائدة المساعدات التي ستُـقدم إلى البلدان الشرقية، تأكيدا بأن العلاقات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي ستستمر في ظروف جيّـدة.
وتجسيدا لهذه الأجواء من التفاهم، سيتم افتتاح مكتب يمثل المفوضية الأوروبية في برن في مفتتح عام 2007.
بعد ظهر يوم الأحد 26 نوفمبر، تابعت الأوساط السويسرية في بروكسل بشيء من التوجس، نتائج الاستفتاء. وكانت التساؤلات حول ما الذي سيحدُث لو رفض السويسريون المساعدة المالية، المقررة للأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي، تهيمن على أفكار الدبلوماسيين السويسريين، لذلك، لم يُـخف السفير برنار مارفورت ارتياحه الكبير عند تعليقه على قرار الشعب السويسري.
وشدد رئيس البعثة السويسرية في بروكسل في إجابته على أسئلة الصحفيين على أنها “المرة الثالثة منذ 18 شهرا، التي يُـدعى فيها المواطنون السويسريون إلى اتخاذ موقف بشأن مسألة أوروبية. وفي كل مرة، أيدوا المقاربة الثنائية المقترحة من طرف الحكومة السويسرية”.
صيحات الفرح والتهاني.. تغيب
السفير السويسري اعتبر أن هذه النتيجة تمثل “معطى إيجابيا من أجل تطوير مستقبلي لعلاقات سويسرا مع الاتحاد الأوروبي”. من جهتها، حيّـت المفوضية الأوروبية قرار الشعب السويسري، وشددت على أن “هذا القرار يصب أيضا في مصلحته”.
غابت إذن، صيحات الفرح وتبادل التهاني. ففي بروكسل، يعتبر أنه أمر عادي أن تساهم سويسرا ماليا في عملية توسيع الاتحاد الأوروبي.
السيدة بينيتا فيرّيرو – فالدنر، مفوضة الاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية، قالت “إن السويسريين أظهروا الرغبة في تحمّـل مسؤوليتهم من أجل السِّـلم في أوروبا وأيضا من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء الجديدة”.
أما أصدقاء سويسرا في بروكسل، مثل النائبة ديانا فالّـيس، المكلفة بالعلاقات مع سويسرا في البرلمان الأوروبي، فقد اعترفوا بأنهم “مسرورون جدا” بالنتيجة، “رغم أن الأغلبية محدودة جدا”.
سفير للاتحاد في برن
في نهاية هذه السنة، يبدو مستقبل العلاقات الثنائية بين برن وبروكسل ورديا. ففي بداية العام المقبل، تعتزم المفوضية الأوروبية افتتاح مكتب لها في برن، هذا المكتب، سيديره الدبلوماسي النمساوي ميكائيل ريترير، الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس بعثة المفوضية الأوروبية في اليابان.
من الجانب السويسري، تم العثور أخيرا على مكاتب لاحتضان البعثة الأوروبية، التي ستستقر في مكاتب كانت تابعة لوزارة الخارجية في شارع البرلمان، وسط العاصمة الفدرالية برن.
سوق الكهرباء
في المستقبل، ستتواصل السياسة الأوروبية لسويسرا في السياق الثنائي، مثلما يوضّـح السفير مارفورت، الذي يقول “إن كل مفاوضات جديدة، ستهدف إلى إبرام اتفاق قطاعي محدّد”، لذلك، فلا توجد تغييرات مرتقبة في التوجّـه الحالي.
في الوقت الحاضر، تحظى مسودة اتفاق محتمل حول سوق الكهرباء بالأولوية على مائدة المفاوضات بين الدبلوماسيين السويسريين والأوروبيين، بعد أن حصُـل الطرفان على تفاصيل مهمة تفاوضية، يُـنتظر أن تنطلق النقاشات بشأنها في مفتتح السنة القادمة. وقد اكتفت البعثة السويسرية في بروكسل بالتعليق على هذا الموضوع بالقول “إننا على الطريق السليم”.
من جهة أخرى، يجب على سويسرا تجديد الاتفاقيات الثنائية، المتعلقة بمشاركة برن في البرامج الأوروبية للبحث العلمي وفي برنامج “ميديا+”. وفي هذا السياق أيضا، يتعلق الأمر بملفين لا يطرحان مشاكل ذات بال، حيث يؤكد السفير مارفورت أنه “تم تحقيق تقدم كبير”.
الخلاف حول الامتيازات الضريبية
هذه الصورة الوردية لا تُـلغي وجود خلاف قائم بين برن وبروكسل، ويتعلق بقضية الامتيازات الضريبية الممنوحة من طرف بعض الكانتونات إلى شركات موجودة فوق أراضيها، حيث أن الملف مُـعطّـل في الوقت الحاضر.
سويسرا التي اتّـخذت موقفا صارما من الموضوع، حرصت على التأكيد في كل مرة أن اتفاق التبادل التجاري الحر المُـبرم في عام 1972 مع بروكسل، لا يشمل بتاتا النظام الضريبي على مستوى الكانتونات، لذلك، فلا مجال للنقاش حول هذه المسألة، لكن الاتحاد الأوروبي يرفض ذلك، ويتمسك بأن هذه الممارسة تتعارض مع الاتفاق المذكور.
وفيما توقع البعض أن يُـطرح هذا الملف مجددا من طرف المفوضية الأوروبية في الاجتماع القادم للجنة المشتركة بين البلدين، الذي سينعقد يوم 14 ديسمبر المقبل في بروكسل، أكدت المفوضية يوم الاثنين 27 نوفمبر أنها لن تخفف من قبضتها حول الموضوع.
وقالت مصادر مسؤولة في المفوضية، إنها سترسل وثيقة صارمة جدا حول ملف الامتيازات الضريبية إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مطلع العام القادم. وفي بروكسل، أشار إينيكو لاندابورو، المدير العام للعلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية، إلى أن هذه الوثيقة سوف “تندد” بالامتيازات الضريبية الممنوحة من طرف بعض الكانتونات، كما أنها”ستطالب سويسرا باعتماد التغييرات الضرورية في هذا المجال لتتلاءم مع القواعد الأوروبية”.
بادرة لفائدة بلغاريا ورومانيا
الآن، وقد وافق السويسريون على دفع مساعدة مالية إلى بلدان أوروبا الشرقية، يراهن كثيرون على أن الأوروبيين سيطالبونهم بالقيام بخطوة لفائدة عضوين مقبلين، وهما بلغاريا ورومانيا، اللذان سينضمان إلى الاتحاد يوم 1 يناير 2007.
وفيما يُـحتمل أن يُـطرح الموضوع يوم الخميس 30 نوفمبر الجاري في اللقاء، الذي سيجمع في بروكسل بين وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري والمفوضة بينيتا فيرّيرو – فالدنر، يرى مراقبون أنه سيكون من الصعب على برن أن ترفض هذا الطلب، حيث يشير السفير مارفورت إلى أنه “يُـمكن تقديم نفس الحُـجج بالنسبة للبلدان العشر، فهذان البلدان يُـحققان نسبة نمو بـ 5%، كما أن الصادرات السويسرية باتجاههما قد سجلت قفزة بـ 18%”.
وفي انتظار ذلك، يجب على سويسرا أن تتفاوض مع صوفيا وبوخارست بشأن توسيع مجال تطبيق الاتفاقية الثنائية حول حرية تنقل الأشخاص، لذلك، تقوم برن حاليا بإعداد العُـهدة التفاوضية اللازمة.
سويس انفو – باربارا سبازيالي – بروكسل
(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)
بعد رفض السويسريين الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي في ديسمبر 1972، انتهجت برن المقاربة الثنائية في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
بعد مفاوضات عسيرة، تم إقرار حزمة أولى من الاتفاقيات الثنائية، شملت 7 قطاعات من بينها حرية تنقل الأشخاص، دخلت حيز التنفيذ في عام 2002.
شملت حزمة ثانية من الاتفاقيات أبرمت في عام 2004، انضمام سويسرا إلى معاهدة شنغن واتفاقية دبلن، المتعلقتان بمكافحة الجريمة ومراقبة تدفق اللاجئين. هاتان الاتفاقيتان، عرضتا على التصويت الشعبي ووافق عليهما الشعب السويسري في يونيو 2005.
تشمل المرحلة الموالية من الاتفاقيات الثنائية، سوق الكهرباء ونظام الملاحة بواسطة القمر الاصطناعي غاليليو.
يجب على الحكومة الفدرالية أن تقوم بنشر تقرير حول السياسة الأوروبية لسويسرا قبل شهر أكتوبر 2007.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.