آلاف العراقيين يحيون الذكرى السنوية الأولى لمقتل سليماني منددين بواشنطن
تظاهر آلاف العراقيين الأحد في الذكرى الأولى لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد، مرددين هتافات من بينها “كلا كلا أميركا” و”الانتقام”.
ففي ساحة التحرير، وسط بغداد، تجمع الآف الأشخاص غالبيتهم من الموالين للحشد الشعبي، تحالف يجمع فصائل شيعية ادمجت مع القوات الأمنية، للتنديد أيضا برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي اتهموه بأنه “جبان” و”عميل للأميركيين”.
قبل ذلك، تجمع رجال ونساء وأطفال ليلة السبت والأحد وهم يرتدون ملابس سوداء عند موقع الهجوم حيث أشعلوا شموعا لتحية “شهدائهم” منددين ب “الشيطان الأكبر”، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
وقالت بتول النجار المؤيدة للحشد الشعبي، الذي تتهمه الولايات المتحدة باستهداف سفارتها وجنودها في العراق بصواريخ، “نقول لأمريكا ولأعداء الإسلام (…) إننا سنواصل المقاومة رغم إراقة الدماء”.
وقتل سليماني والمهندس وثمانية أشخاص آخرين فجر الثالث من كانون الثاني/يناير 2020 في ضربة استهدفت عربتين قرب مطار بغداد.
واثارت تلك الضربة العداء القديم الذي يمتد لأربعين عاما بين طهران وواشنطن، بالاضافة لمخاوف من مواجهة في العراق حيث يملك كلاهما نفوذا واسعا.
ويعيش العراق حاليا، أكثر من أي وقت مضى، تحت نفوذ واسع لمؤيدين لإيران باتوا لا يترددون في تهديد حكومة البلاد في ظل غياب سلطة سياسية او قوة عسكرية لمواجهتهم.
ـــ “كلا كلا أمريكا” ـــ
وتعهد النائب أحمد الأسدي، أحد أبرز قادة الحشد الشعبي قائلا “أبو مهدي المهندس العظيم ستخرج الملايين وتتوهج صورتك في (ساحة) التحرير”.
وانطلقت منذ السبت استعدادات لمراسم مماثلة لإحياء هذه الذكرى في ساحة التحرير التي كانت معقل احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، وعلت خلالها هتافات منددة بالنظام السياسي وأطرافه الموالية لإيران.
ورفعت صورة كبيرة تجمع سليماني والمهندس على مبنى المطعم التركي المجاور للساحة، وصور أخرى عند نصب التحرير كما رفع المتظاهرون أعلاما عراقية وللحشد الشعبي ورايات صغيرة تحمل مخططات صور لكليهما.
وقالت أم مريم، معلمة (40 عاما) من بغداد، وصلت مع زوجها ومجموعة من النساء وهي ترتدي عباءة سوداء “نحن هنا وفاء لدماء الشهداء (…) جئنا لنقول كلا كلا امريكا ولأي محتل يريد ان يدنس ارض العراق”.
ووجه الحشد الشعبي دعوة لجميع العراقيين للتجمع في ساحة التحرير ومدن أخرى الأحد، للتنديد ب”المحتل الأميركي” والمطالبة بخروج القوات الأميركية من البلاد.
وشهدت مدن اخرى في جنوب العراق بينها النجف، حيث ووري المهندس، تجمعات مماثلة شارك فيها موالون بينهم من أجهش بالبكاء حزنا على “الشهيدين”.
وفي وقت متأخر بعد الظهر، تفرقت التظاهرات في بغداد وأماكن أخرى بهدوء.
وينتشر قرابة 3000 جندي أميركي في العراق رغم تصويت مجلس النواب على خروجهم، بعد ضربة الثالث من كانون الثاني/يناير 2020. فيما أعلنت الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، سحب 500 جندي من العراق وابقاء 2500.
وقال الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، حليف إيران في المنطقة، مساء الأحد، أن خروج القوات الأميركية من الشرق الأوسط يظل “هدفا معلنًا” للمحور الموالي لإيران.
ووصف سليماني بأنه “بطل عالمي” ووفاته “خسارة كبيرة جدا”.
وفي إيران، أقيمت عدة فعاليات إحياء لذكرى “الشهيد” سليماني، الذي تم تكريمه عبر صور ومنحوتات وأغانٍ ومسلسل تلفزيوني قيد الاعداد.
وبث التلفزيون الايراني الأحد سيرته الذاتية التي ركزت بشكل كبير على طفولته وبداية أيام الشباب وأصدرت طهران طابعا بريديا تكريما له.
وعشية الذكرى، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة الخميس، إن “عملاء استفزازيين إسرائيليين يخططون لشن هجمات على الأمريكيين في العراق” لوضع الرئيس الأميركي دونالد “ترامب في مأزق بسبب حرب ملفقة”.
واعتبر ظريف مساء الأحد أن الرئيس الأميركي هو “الإرهابي الرئيسي”.
واتهمت طهران الرئيس الأميركي المنتهية ولايته بالسعي إلى اختلاق “ذريعة” لشن “حرب” قبل خروجه من البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير بعد ولاية شن خلالها حملة “ضغوط قصوى” على طهران.
وكان ترامب قد اتهم طهران بالوقوف وراء هجوم صاروخي استهدف السفارة الاميركية في بغداد في 20 كانون الأول/ديسمبر.
ـــ “رد عكسي .. سيء” ـــ
كرر ترامب منذ الثالث من كانون الثاني/يناير 2020 موقفه الثابت بأنه “إذا قتل أميركي سأحمّل إيران المسؤولية” في اشارة الى تكهنات بتعرض أميركيين لهجمات أخرى في العراق.
واثارت المواقف المتشددة لطهران وواشنطن طوال العام الماضي، مخاوف من اندلاع صراع بين الطرفين يكون العراق مسرحا له.
والسبت، اتهم ظريف إسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط، بالضلوع في هذا المخطط.
وكتب عبر حسابه على تويتر “معلومات استخبارية جديدة من العراق تؤشر الى أن عملاء محرِّضين اسرائيليين يخططون لهجمات ضد أميركيين، لربط المنتهية ولايته ترامب” بذريعة لشن حرب.
وحذر ظريف ترامب من “الوقوع في فخ”، معتبرا أن “أي مفرقعات (في المنطقة) سترتد عكسيا بشكل سيئ”، خصوصا على من وصفهم بـ”أفضل أصدقاء” الرئيس الأميركي، من دون أن يسميهم.
ويحاول قادة الحشد الشعبي البارزون باستمرار الإشارة إلى أن الكاظمي، الذي تولى مهامه في أعقاب احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر غير المسبوقة، يقف إلى جانب المتظاهرين المناهضين للسلطة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.
ويعيش العراقيون حاليا في ظل توتر حاد وهم يراقبون بحذر ما قد يحدث في الأسابيع المقبلة بين طهران وواشنطن.
وحلقت مقاتلتان اميركيتان “بي-52” قادرتان على نقل اسلحة نووية فوق منطقة الخليج في العاشر من كانون الاول/ديسمبر فيما كانت حاملة الطائرات “يو اس اس نيميتز” تبحر نهاية تشرين الثاني/نوفمبر في مياه الخليج.
واستهدفت هجمات صاروخية خصوصا، خلال العام مصالح أميركية في العراق، اتّهمت واشنطن فصائل مسلّحة موالية لإيران بتنفيذها.
لكن اعتبارا من تشرين الأول/أكتوبر تراجعت وتيرة الهجمات بعد هدنة أعلنتها الفصائل الموالية لإيران.