آلية دولية جديدة لمكافحة التعذيب
فشلت معارضة الولايات المتحدة وبعض البلدان العربية في منع اقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة بروتوكولا اضافيا للمعاهدة الدولية لمكافحة التعذيب يسمح بمراقبة مستقلة لمراكز الاعتقال في شتى أنحاء العالم لمنع ممارسات التعذيب.
بعد عشر سنوات من الجهود والنقاش، توصل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة يوم الأربعاء 24 يوليو في نيويورك الى اعتماد بروتوكول إضافي خاص بمحاربة التعذيب، على الرغم من عرقلة الولايات المتحدة الأمريكية ومعارضة بعض الدول العربية. وتعود اسباب المعارضة في معظمها إلى عدم الرغبة في فتح أبواب مراكز الاعتقال بوجه مراقبة مستقلة.
ويهدف هذا البرتوكول الإضافي الذي اقترحه سويسرا إلى جانب كوستاريكا، إلى تمكين خبراء مستقلين من زيارة أماكن الاعتقال والتأكد من عدم تعرض معتقليها للتعذيب. كما ينص على ضرورة إقامة لجان وطنية تقوم بنفس المهمة.
وصوت لصالح اعتماد البروتوكول خمسة وثلاثون بلدا من بينها مملكة البحرين، في حين امتنعت عشر دول عن التصويت، من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية وقطر. أما الدول التي عارضت اعتماد البروتوكول فهي استراليا والصين وكوبا واليابان ونيجيريا وليبيا ومصر والسودان. ولكي يدخل هذا البروتوكول حيز التطبيق يتطلب الأمر حصوله على أصوات أغلبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، ومصادقة عشرين دولة على الأقل عليه.
مناورات الولايات المتحدة لم تفلح
الولايات المتحدة الأمريكية التي ترغب في التملص من كل رقابة دولية مثلما فعلت بمحاولة تجنيب جنودها العاملين ضمن قوات حفظ السلام، التعرض لمحاكمة من قبل المحكمة الجنائية الدولية، رغبت أيضا في عدم إخضاع سجونها لرقابة خارجية مستقلة، خصوصا فيما يتعلق بسجناء معسكر غوانتانامو،المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة وحركة طالبان.
لذلك حاولت واشنطن حتى آخر لحظة، تمديد جلسة النقاش بغرض إدخال تعديلات على نص البروتوكول الذي صادقت عليه لجنة حقوق الإنسان في دورتها الأخيرة في شهر أبريل الماضي. وهو ما وصفه الممثل الدنمركي الذي تحدث باسم الاتحاد الأوربي، “بأنه محاولة لربح الوقت بغرض قتل البروتوكول” .
تتويج لمجهودات سويسرية
اعتماد بروتوكول إضافي يوفر آلية لمراقبة مدى التزام الدول الأعضاء الـ 130 الموقعة على معاهدة منع التعذيب، ترى فيه المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان خطوة أساسية لتطبيق بنود المعاهدة التي تمنع ممارسة كل ما من شأنه أن يمس بحرمة وكرامة المعتقل من تعذيب ومعاملة عنيفة ومشينة او مخلة.
ويأتي اقرار هذا البروتوكول في وقت تستعد فيه سويسرا للالتحاق رسميا كبلد كامل العضوية في منظمة الأمم المتحدة،وهو يُعتبر تكليلا لمجهودات قامت بها سويسرا وراء الكواليس لدعم هذا البروتوكول وتبنيه بمشاركة دولة عضو في المنظمة مثل كوستاريكا.
وكانت سويسرا تعتبر مناقشات البروتوكول الإضافي ضد التعذيب من بين أولوياتها في كل دورة لحقوق الإنسان او اجتماع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. وكان دبلوماسيوها يعملون جاهدين وراء الكواليس لإقناع الدول بمساندة البروتوكول والتأثير عبر دول أعضاء في لجنة حقوق الإنسان، في صياغة بنوده. وهو ما عبرت عنه المسؤولة بوزارة الخارجية السويسرية عن سياسة السلام كلاوديا هيني دالي بأنه “تتويج لشبكات الاتصال التي أقامتها سويسرا مع دول أخرى”.
اعتماد آلية عملية لمراقبة مدى احترام الدول لبنود معاهدة منع التعذيب، اصبح أمرا ملحا بالنظر إلى إحصائيات المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان التي تعتبر أن التعذيب لازال يمارس في 15 دولة على الرغم من توقيع 130 دولة على معاهدة منع التعذيب الصادرة في عام 1989.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.