آمال بانطلاقة جديدة للتعاون الثنائي بين تونس وسويسرا
ترغب تونس التي نظمت مؤخرا معرضا تجاريا في جنيف وملتقى اقتصاديا جمع رجال الأعمال من الطرفين، في الإستفادة من اتفاق الشراكة الجديد مع دول "الإيفتا" لتعزيز مبادلاتها التجارية مع سويسرا.
وعلى الرغم من اختيار أكثر من 90 شركة سويسرية العمل في تونس، يرى المراقبون من الجانبين أن ذلك يظل “دون مستوى الإمكانيات المتاحة”.
نظمت تونس بالاشتراك مع المركز التجاري “لا براي” في جنيف، معرضا تجاريا استمر زهاء الشهر شارك فيه حوالي عشرين عارضا من مختلف القطاعات التجارية والحرفية والسياحية والفنية والثقافية.
المعرض كان فرصة للتعريف بعينة من المواد والمنتوجات التي ترغب تونس في تصديرها نحو السوق السويسرية لا سيما فيما يتعلق بالمواد الغذائية وزيت الزيتون.
وبالاشتراك بين سفارة تونس في العاصمة الفدرالية والغرفة العربية السويسرية للتجارة والصناعة انتظم يوم 17 فبراير الماضي ملتقى جمع عددا من رجال المال والأعمال السويسريين والتونسيين حضرته شخصيات اقتصادية وسياسية من البلدين.
“مبادلاتنا دون مستوى التطلعات”
الملتقى الذي كان يهدف لحث الجانب السويسري على الإقدام أكثر على الاستثمار في تونس، اتسم بلهجة التخاطب المباشرة، من خلال تذكير السيد صلاح الدين مخلوف، كاتب الدولة لدى وزير التجارة التونسي المكلف بالصناعات التقليدية بأنه “إذا كانت علاقاتنا الاقتصادية والتجارية تسير في الاتجاه الحسن، فإن مستوى هذه العلاقات لا زال بعيدا عن تلبية تطلعاتنا للاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة أمام بلدينا” حسب قوله.
في المقابل، رأى السيد كارلو لامبريخت، وزير الاقتصاد في دويلة جنيف (الذي مثل الجانب السويسري في هذا الملتقى)، أن “الإمكانيات المتاحة من قبل تونس تتعدى الجانب السياحي لتمس قطاعات مثل التحكم في التكنولوجيا الحديثة”.
كما أشار لامبريخت إلى أن العديد من الشركات السويسرية تنظر لتونس على اعتبار أنها “باب عبور نحو السوق الإفريقية”، ومع تذكيره بقدم العلاقات القائمة بين سويسرا وتونس، قال إنه يعقد آمالا على “تكرار مثل هذه اللقاءات على فترات متقاربة ما بين 4 أو 5 سنوات، لإعادة اكتشاف خصائص ومزايا الشريك الآخر”، على حد تعبيره.
دعوة إلى تنويع الصادرات
من جهة أخرى بدا واضحا أن الجانبين (التونسي على لسان المدير العام لمكتب الصادرات التونسية، فريد التونسي، والسويسري على لسان عبد الله الأنور الملحق التجاري بسفارة سويسرا في تونس) يعقدان آمالا كبرى على حدوث انطلاقة جديدة في العلاقات الثنائية بعد التوقيع في 17 ديسمبر 2004 على اتفاق شراكة وتبادل حر بين تونس والبلدان الأعضاء في الرابطة الأوربية للتبادل التجاري الحرEFTA التي تعتبر سويسرا أهم أعضائها.
ويقول السيد عبد الله الأنور: “إن مبادلات سويسرا تشكل 80 % من مجموع مبادلات بلدان الرابطة مع تونس”، كما احتلت سويسرا – بحجم مبادلات تجاوز في عام 2004 مائتي مليون دينار تونسي – المرتبة 16 من بين المستوردين من تونس والمرتبة 18 من بين المصدرين نحو تونس.
وفيما يتعلق بالاستثمارات السويسرية في تونس، أفاد السيد فتحي التونسي، مدير مكتب دعم الصادرات التونسية، أن هناك “تسعين شركة سويسرية مستثمرة في تونس إما كليا أو جزئيا وهو ما يجعل سويسرا تحتل المرتبة الخامسة في مجال الاستثمار الخارجي في تونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا”.
من جهته، أشار الملحق التجاري بالسفارة السويسرية إلى أن “تونس تشكل بالنسبة لسويسرا الشريك التجاري الخامس من حيث الأهمية على مستوى القارة الإفريقية وفي تساو في بعض الأحيان مع المغرب”.
ومع أن صادرات تونس التقليدية باتجاه سويسرا تتمثل في الزيوت والحمضيات والنسيج والجلود، إلا أن السيد فتحي التونسي شدد على أن “هناك إمكانيات لتوسيع إطار الصادرات التونسية لسويسرا لكي تشمل منتجات الصناعات الميكانيكية والكهربائية والإلكترونية والصيدلانية”.
وبدخول اتفاق التبادل الحر حيز التطبيق مع بلدان منظمة “إيفتا”، تعلق تونس آمالا كبرى على تطوير قطاع الخدمات أيضا، وعلى إمكانية المرور عبر سويسرا الى أسواق أوروبية أخرى.
ودعا الملحق التجاري بالسفارة السويسرية شركات بلاده إلى “أن تقوم بخطوة إضافية كالمشاركة في بعض المعارض التونسية لتعزيز تواجدها وللاستفادة من السمعة الجيدة التي تتمتع بها لدى المتعاملين التونسيين خصوصا في ميدان التكوين والإدارة ونقل التكنولوجيا والمنتجات الكيماوية والصيدلانية”.
مشاريع عملية واتفاقيات
وإذ سمح هذا الملتقى الاقتصادي التونسي السويسري بتجديد قنوات الاتصال وتوضيح الفرص المتاحة على ضوء المتغيرات الجديدة، اعرب الجانب السويسري عن رغبته في تسخير موارد مالية متبقية من قروض تنموية سابقة (تناهز قيمتها 14 مليون فرنك) لفائدة تمويل مشاريع في مجالات البنية التحتية والبيئة.
ونوه السيد عبد الله الأنور، الملحق التجاري بسفارة سويسرا بتونس، إلى أن برن “ترغب في تحويل تلك الأموال الى مشاريع تنمية مستدامة، بعد ان تعذر إنفاقها في مشاريع اقتصادية تدخل في إطار تنمية الاقتصاد التونسي..”.
وفي إطار تحديد نوعية تلك المشاريع بالإشتراك مع وزارة التنمية الاقتصادية والتعاون الدولي التونسية، تقرر أن ترسل كتابة الدولة السويسرية للإقتصاد قريبا خبيرا لمساعدة التونسيين على ذلك.
كما وقعت سويسرا مع تونس، في إطار اتفاق الشراكة مع الرابطة الأوربية للتبادل التجاري الحر EFTA، على تأسيس شركة لضمان الاستثمارات بين البلدين ولدعم الشركات السويسرية التي ترغب في القيام بنشاطات في تونس.
وحرصا على تطبيق اتفاق التبادل الحر مع البلدان الأعضاء في الرابطة (وهي سويسرا والنرويج وإيسلندا وإمارة الليشتنشتاين) بدون مشاكل، تعهدت سويسرا بتعزيز التعاون بين مصالح الجمارك السويسرية والتونسية لتمهيد الطريق أمام البدء في تطبيق الاتفاق.
على صعيد آخر، خصصت برن في سياق دعمها لصادرات تونس نحو سويسرا (التي لا تتجاوز 50 مليون دينار تونسي سنويا) أربعة ملايين فرنك لدعم بعض الصادرات التقليدية مثل الحمضيات وزيت الزيتون.
ولفت السيد عبد الله الأنور، الملحق التجاري بسفارة سويسرا إلى أن العديد من الصادرات التونسية “تمر عبر ميناء مرسيليا مما يجعلها تدخل للسوق السويسرية كمنتجات أوروبية”، يضاف الى ذلك ان المصدر التونسي لا زال يعاني من “عدم الانضباط في احترام المواعيد واحترام الجودة والنوعية المتفق عليها” حسب قوله.
لقد سمح ملتقى جنيف بتذكير المشاركين ورجال الأعمال من الطرفين بالفرص المتاحة خصوصا وأن كل منهما ينظر الى ما قد توفره له سوق شريكه الصغيرة من ممر للعبور نحو أسواق أهم في إفريقيا والشرق الأوسط بالنسبة لسويسرا، وفي اتجاه باقي أنحاء القارة الأوربية بالنسبة لتونس.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.