“آن الأوان لوضع حد لفتك القنابل العنقودية بالبشر”
أوضحت دراسة نشرتها منظمة" هانديكاب انترناشيونال" أن 98% من ضحايا القنابل العنقودية والذخيرة الانشطارية هم من المدنيين الذين يصابون بعد مرور فترة على انقضاء الصراع.
وترى المنظمة الإنسانية المعنية بضحايا الألغام، أن الوقت قد حان للتحول من القول الى الفعل لاعتماد معاهدة دولية لحظر استعمال تلك الذخيرة عالميا.
نشرت منظمة “هانديكاب انتسرناسيونال” المهتمة بضحايا الألغام في العالم، يوم الخميس 2 نوفمبر 2006 نتائج أول دراسة عن تأثيرات القنابل العنقودية والذخيرة التي تتجزأ الى قنابل انشطارية، بعد ان أجرت مسحا لتأثيرات تلك الذخيرة في 24 بلدا.
والنتيجة التي توصلت إليها هي أن 98% من ضحايا هذه الأسلحة هم من المدنيين. وأن غالبيتهم قتلوا او أصيبوا بجراح وهم يقومون بأعمالهم اليومية بعد وقت طويل من انتهاء الصراع الذي استعملت فيه تلك الذخيرة. وان حوالي 84% من الضحايا من الذكور ، 40% منهم ما دون 18 من العمر.
وتشير الدراسة التي حملت عنوان “وطأة قدم قاتلة، العواقب الإنسانية للقنابل العنقودية”، الى أن عدد الضحايا الذين تم إحصاؤهم رسميا فاق 11 الف وان 27% منهم من الأطفال.
تشكيك في الفعالية العسكرية
تم تطويرالقنابل العنقودية بعد الحرب العالمية الثانية، لوقف زحف محتمل لقوات المعسكر الشرقي على أوروبا الغربية، وهي عبارة عن قذائف تنفتح وهي في طريقها للهدف لكي تطلق مئات القنابل الفرعية والتي كان من المفروض ان تبقى وسيلة دفاعية لمنع تقدم قوات العدو في مناطق القتال.
وقد أصبحت هذه القنابل عبارة عن 210 صنف، تصنع اليوم في 33 دولة. أما عدد الدول التي لديها مخزون من هذه القنابل العنقودية فيزيد على السبعين بلدا، ويقدر حجم المخزون بأكثر من أربعة مليار قنبلة عنقودية.
حسب منظمة هيومان رايتس ووتش، تقوم حاليا أكثر من 85 شركة بتصنيع هذه النوعية من الذخيرة. وان ما تعترف به القيادات العسكرية هو قبول نسبة إخفاق تقدر بما بين 2 الى 12%. ولكن خبراء نزع الألغام يقدرون نسبة الإخفاق بما بين 10 و 30 %.
وقد التجأت عدة دول مؤخرا الى منع استخدام قنابل عنقودية تفوق فيها نسبة الإخفاق حدا معينا (1% بالنسبة للنرويج وألمانيا، 2%، بالنسبة لجنوب إفريقيا وسويسرا، 2،5% بالنسبة لبولندا). في المقابل، أقرت الولايات المتحدة انتهاج سياسة تهدف الى تطوير قنابل عنقودية في المستقبل لن تزيد نسبة الإخفاق فيها عن 1%.
أما الاعتماد على وسائل التدمير الذاتي لتلك القنابل بعد فترة زمنية محددة من إطلاقها كوسائل للحد من أخطارها على المدنيين، فقد عبرت منظمة هانديكاب انترناشيونال عن شكوكها في فعالية تلك الوسائل نظرا للأعطال التي قد تصيب القنبلة أثناء سقوطها.
ومن الدول المنتجة بكثرة والمصدرة بكثرة للقنابل العنقودية إسرائيل التي أبرمت عدة عقود مع دول أخرى تسمح بموجبها بتصنيع القنابل العنقودية من طراز M85 ومن ضمنها سويسرا. وتشير منظمة هيومان رايتس ووتش الى أن إسرائيل أنتجت في عام 2004 أكثر من 60 مليون قنبلة عنقودية.
وإذا كانت هذه القنابل تستخدم عادة في جبهات القتال لمنع تقدم العدو فإنها مع حرب الخليج الأولى في عام 1991، أوضحت أنها تشكل عائقا في وجه تقدم القوات الصديقة التي تضطر للعمل في نفس المنطقة التي تم إطلاق تلك القنابل عليها. وهذا ما أدى إلى فقدان القوات الأمريكية لنسبة 13% من ضحاياها في تلك الحرب من جراء انفجار قنابلها العنقودية.
كما أن حرب الخليج الثانية وأخيرا حرب الثلاثة وثلاثين يوما في لبنان أوضحت جليا أن الإجراءات التي من المفروض الالتزام بها عند استخدام مثل هذه القنابل العنقودية – أي بعيدا عن الأحياء السكنية – لم تعد محترمة بل العكس هو الصحيح.
ولهذه الأسباب مجتمعة تطالب منظمة هانديكاب انترناشيونال بضرورة التحرك الدولي لوضع حد لاستعمال هذه الذخيرة.
تحرك مدني ودولي
ونظرا لأن الدول لم تعر الاهتمام الضروري للمشاكل المترتبة عن القنابل العنقودية لحد الآن، أطلقت عدة منظمات غير حكومية في حملة دولية في عام 2003 تحت شعار “الحملة المناهضة للذخيرة العنقودية”. وقد بلغ عدد المشاركين في هذه الحملة 170 منظمة موزعة على 48 بلدا، يدعمهم في ذلك الأكاديميون وبعض البرلمانيين للمطالبة بفرض حظر شامل على استعمال هذه الذخيرة العنقودية.
وبما أن الدول الأعضاء في المؤتمر الدولي لمراجعة معاهدة الأسلحة التقليدية ستجتمع يومي 6 و 7 نوفمبر الحالي في جنيف، فإن المنظمات المشاركة في الحملة ترغب في الضغط على تلك الدول لكي تضع مشكلة الذخيرة العنقودية ضمن اهتماماتها الأولية.
إذ يرى مدير منظمة هانديكاب انترناشيونال انجيلو سيمونازي أن “الدول تفادت الخوض في الموضوع منذ 30 سنة”.
وفي رد عن سؤال طرحته سويس إنفو في الندوة الصحفية المنعقدة في جنيف حول الآلية المثلى التي ترغب منظمة هانديكاب انترناشيونال التوصل عن طريقها لوضع حد لاستخدام القنابل العنقودية في العالم، أجاب المسئول السياسي للمنظمة ستانت برابانت: “لست أدري ما إذا كانت الظروف الدولية تسمح اليوم بالقيام بحملة مثل التي أدت الى إبرام معاهدة منع الألغام المضادة للأفراد، ولكن المهم هو ان تتحرك الدول بجدية لمعالجة موضوع الذخيرة العنقودية. وهذا ما سنتعرف عليه بعد اجتماع الأسبوع القادم في جنيف”.
وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد طالبت بالتزام الدول بمهلة يتم فيها حظر استخدام القنابل العنقودية. أما منظمة هانديكاب انترناشيونال فأعلنت أن الجهود التي تبذلها ترمي إلى دفع الدول لإبرام بروتوكول يمنع استخدام القنابل العنقودية.
سويسرا معنية أكثر من غيرها
سويسرا باعتبار أنها الدولة الراعية لمعاهدات جنيف ، تتحمل – برأي البعض – مسئولية أكثر من غيرها فيما يتعلق بمعالجة موضوع القنابل العنقودية ومدى عدم احترامها للقانون الإنساني الدولي جراء الأضرار العشوائية التي تلحقها بالمدنيين.
في هذا السياق، يعتبر رئيس الفرع السويسري لمنظمة هانديكاب انترناشيونال بول فيرمولان، أن سويسرا تملك 200 ألف نظام قذف القنابل العنقودية التي تحتوي على نظامي إشعال اللذان من المفروض أن يؤدي إشعال الأول الى تفجير 98 % من القنابل الصغيرة بينما لا يخلف إشعال الثاني الا بعضا من ألف.
ولكن السيد فيرمولان يرى “أن تجارب حرب لبنان الأخيرة التي استعملت فيها إسرائيل نفس النوع الذي تملكه سويسرا وتصنعه شركة “رواغ ” Ruag للأسلحة، اظهر بأن نظام الإشعال المزدوج ليس فعالا في حماية المدنيين”.
ويدعم 42 نائبا برلمانيا من أحزاب سياسية مختلفة مبادرة تقدم بها النائب جون ديبرا من الحزب الليبرالي في جنيف، تطالب الحكومة السويسرية بفرض حظر شامل على استخدام القنابل العنقودية. ولكن لجنة الأمن في البرلمان الفدرالي رفضت بأغلبية 14 صوتا مقابل 9 مجرد التطرق للموضوع.
غالبية أعضاء اللجنة الأمنية بررت قرارها بالتنويه إلى أن القنابل العنقودية المستخدمة من قبل سويسرا تحتوي على نظامي إشعال وأن أي هرولة لسويسرا سوف لن تأتي بالمكاسب التي نجمت عن حملة حظر الألغام المضادة للأفراد، لكن الأقلية المطالبة بفرض حظر شامل، شددت على أن اتخاذ سويسرا لخطوة الحظر، سيعزز السياسة الإنسانية لسويسرا بصفتها راعية لمعاهدات جنيف وتجعل منها البلد الثاني الى جانب بلجيكا الذي تجرأ على فرض حظر على استخدام القنابل العنقودية.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
أكثر من 4 مليار قنبلة مخزنة حاليا لدى العديد من بلدان العالم
تم لحد الان استعمال 360 مليون قنبلة
33 مليون قنبلة لم تنفجر
نسبة الاخفاق في الانفجار تقدر رسميا بما بين 10 و 15%
لكن هذه النسبة قد تصل في بعض الأحيان الى 80% أي ان 80% من تلك القنابل لا تنفجر وتتحول الى قنابل تهدد المدنيين عند انتهاء الصراع.
11 الف شخص: هو العدد الرسمي لضحايا القنابل العنقودية ما بين قتلى وجرحى
أكثر من 100 الف شخص: هو العدد غير الرسمي للضحايا
98% من الضحايا من المدنيين
27 % من هؤلاء الضحايا من الأطفال
40 % من الذكور
في العراق:
– تم أطلاق 1،8 مليون قنبلة عنقودية من قبل قوات التحالف
– أدت الى مقتل 2060 عراقيا
– نسبة ضحايا القنابل العنقودية في العراق تحدد بما بين 75 و 80 %.
في لبنان:
– أطلقت إسرائيل على لبنان في الحرب الأخيرة اكثر من 4 مليون قنبلة عنقودية
– ما زلت هذه القنابل تخلف قتيلين يوميا
– 494: عدد ضحايا القنابل العنقودية في لبنان
– اطلق حزب الله 113 قذيفة عنقودية من طراز 81 تشتمل على 4407 قنبلة
– عدد ضحايا هذه القنابل غير معلوم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.