أرباح المصرف الوطني.. هل يستفيد منها المتقاعدون؟
بدأت مختلف التيارات السياسية في الكنفدرالية في التعبير عن مواقفها تجاه مبادرة تدعو إلى إنفاق جزء من أرباح المصرف الوطني السويسري على تمويل صندوق المعاشات المهدد بالإفلاس.
وبينما يرى الاشتراكيون بأنها “خطوة لا مناص منها” لإنعاش خزينة التأمينات، يؤكد الراديكاليون واليمين بأنها “غير منطقية”.
استبق الحزب الاشتراكي الحكومة الفدرالية وبقية التيارات السياسية، وأعلن يوم الاثنين 29 مايو عن رؤيته لكيفية توزيع أرباح المصرف الوطني السويسري، ليدشن بذلك التنافس على أصوت الناخبين قبل موعد التصويت في 24 سبتمبر المقبل، إذ دعا الحزب الناخبين للإدلاء برأيهم في تمويل صندوق المعاشات والتأمينات من خلال جزء من أرباح البنك الوطني السويسري.
ويقول هانزيورغ فير رئيس الحزب الاشتراكي بأن المبادرة، هي دعم قوي للجهاز الاجتماعي، إذا وافق الناخبون عليها، فسيحصل صندوق المعاشات والتأمينات اعتبارا من أول يناير 2007 على مبلغ يتراوح بين مليار وملياري فرنك إضافية، وبالتالي فلا جدوى من تطبيق برنامج وزيري المالية هانز رودلف ميرتس والشؤون الداخلية باسكال كوشبان، (وكلاهما منتميان إلى الحزب الراديكالي)، بتخفيض المعاشات ورفع نسبة الضريبة المضافة لتعويض النقص الحاد في خزانة المعاشات والتأمينات.
ويقول فير في المؤتمر الصحفي، بأن موقف الكانتونات الرافض للمبادرة غير مفهوم بالمرة على الرغم من أنها ستستفيد من أرباح المصرف الوطني بمبلغ يصل إلى مليار فرنك سنويا، فضلا عن 700 مليون فرنك إضافية كفوائد مضمونة، وبالتالي فهي رابح أكيد من هذه المبادرة.
ويقضي النظام الحالي بأن يتم توزيع نسبة من أرباح المصرف الوطني السويسري لحساب الإتحاد الفدرالي (لسداد رواتب الحكومة ومصروفاتها والتزاماتها) ونسبة أخرى على الكانتونات، ويقترح الحزب الاشتراكي أن تشطب الحكومة التخفيضات الضريبية التي منحتها للأثرياء، والمنح التي وهبتها لكبريات الشركات على شكل تخفيضات في الرسوم، كما يجب، حسب البرنامج، أن تتراجع الحكومة على برامج بيع حصصها في الشركات مثل سويس كوم وغيرها، لضمان تمويل دائم لها بدلا من الاعتماد على أرباح البنك الوطني.
ويؤكد الحزب الاشتراكي على أن استقلالية البنك الوطني ستبقى بدون مساس ولن تتأثر بأية ضغوط من أي نوع إذا وافق الناخبون على تلك المبادرة، المدعومة أيضا من حزب الخضر، والمسيحي الديمقراطي والمسيحي الاشتراكي وحزب الشعب المسيحي، واتحادات أرباب المعاشات والجمعيات المدافعة عن حقوق الشباب تبلغ ميزانية الدعاية المخصصة له حوالي 300000 فرنك.
وللحكومة رأي آخر
وليس خافيا على الجميع في سويسرا، أن صندوق التأمينات والمعاشات يعاني من مشكلة كبيرة، فهو يعتمد في تمويله على نسبة معينة يتم اقتطاعها من الرواتب، ولأن نسبة المواليد في تراجع، ونسبة كبار السن في ارتفاع، فإن الواردات أصبحت اقل بكثير من المصروفات، وبالتالي يقف الصندوق أمام مرحلة خطيرة، لن يستطيع معها دفع معاشات من أمضوا عمرهم في العمل.
أما الحكومة فقد بلورت موقفها يوم الثلاثاء 30 مايو، برفض وزير المالية هانزرودلف ميرتس هذه المبادرة، وساق في مؤتمر صحفي شاركه فيه محافظ البنك الوطني السويسري العديد من الأوصاف حوله، فقد اعتبرها أشبة “بخطر الحريق” و”السراب” و”غير الجادة”،.
وقال وزير المالية في مبررات رفضه للمبادرة بأن هذه الحسبة التي قدمها الاشتراكيون ومؤيدوهم خاطئة، لأنها لا تنظر بواقعية إلى الحسابات المستقبلية ونسبة الأرباح التي يمكن أن يحققها البنك، الذي قال رئيسه جان بيير روت، بأنه من الصعب توقع ارتفاع أرباح البنك كل عام بنفس النسبة.
كما يتخوف وزير المالية مما وصفها بالضغوط السياسية التي يمكن أن يتم ممارستها على البنك الوطني، والتي قد تتعارض مع مهمة البنك في أن يكون صمام أمان للبلاد، كما يعتقد بأن ربط أرباح البنك بالشكل الذي تتحدث عنه المبادرة سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على صورة سويسرا في الساحة المالية الدولية.
أما مقترحات تمويل الصندوق الخاوي فلم تكن واضحة تماما في رؤية وزير المالية، فهو من ناحية يعترف بأنه يريد قاعدة مالية قوية، ومن ناحية أخرى يقول بأنه يجب إعادة توزيع مصادر أمواله دون أن يفصح عن التفاصيل.
وفي الوقت نفسه يعترف ميرتس بأن القبول بهذه المبادرة لن يمنع القيام برفع نسبة الضريبة المضافة، وإن تأخرت لعام أو عاملين، ولكنها آتية لا ريب.
كما وقف ممثلو الكانتونات خلف رؤية وزير المالية، وقال لورانتس بوش رئيس مؤتمر حكومات الكانتونات (وهو المجلس الذي يضم رؤساء الكانتونات) بأن فكرة المبادرة ليست سوى محاولة غير قابلة للتنفيذ للوصول على عملية التمويل الضرورية لصندوق المعاشات، ويتفق أيضا مع وزير المالية في أن مثل هذه الخطوة ستؤثر على استقلالية البنك الوطني.
الكلمة الأخيرة
وكان المصرف الوطني السويسري قد حقق في عام 2005 أرباحا وصلت إلى 12.8 مليار فرنك، منح منها 2.5 مليارا للكانتونات والحكومة الفدرالية، وأودع 0.8 مليارا في احتياطي العملة، ليرتفع رصيده الاحتياطي إلى 16.5 مليارا.
وبإعلان كل فريق عن موقفه، بدأ الآن الصراع على استقطاب أصوات الناخبين منذرا بصيف سياسي ساخن سيحاول فيه كل طرف استقطاب المزيد من الأنصار وتفنيد حجج وبراهين الآخرين، ليحسم السويسريون المسألة في صناديق الإقتراع يوم 24 سبتمبر المقبل.
سويس انفو – تامر أبوالعينين
يعتمد صندوق المعاشات والتأمينات على نظام تضامني تصاعدي، إذ يستقطع اجباريا نسبة شهرية من رواتب العمال ونسبة أخرى ممثالة من أصحاب الشركات، ليقوم من خلالها بتسديد معاشات التقاعد.
بدأ تأسيسه في عام 1925، وصرف أول معاش منه في عام 1948.
يستفيد من هذا الصندوق أيضا الأرامل والأيتام ويلقبون في سويسرا بالباقين على الحياة.
أدت التركيبة السكانية الجديدة، إلى ارتفاع نسبة من يتقاضون المعاشات وانخفاض نسبة من يعملون، وبالتالي أصبح الصندوق مهددا بالإفلاس.
يرفض البنك الوطني والحكومة والأحزاب البرجوازية تمويل صندوق المعاشات من أرباح البنك خشية التأثير على استقلالية قراره.
يبدأ سن التقاعد في سويسرا من 65 عاما للرجال و 63 عاما للسيدات.
في عام 2020 سيصبح 20% من سكان سويسرا في سن المعاش، وسترتفع هذه النسبة إلى 25% من السكان مع حلول عام 2040.
تتراجع نسبة المواليد بشكل كبير، وتعوق البطالة المنتشرة استمرار تمويل صندوق التأمينات والمعاشات.
كانت ارباح المصرف الوطني السويسري الصافية لعام 2005 12.8 مليار فرنك، حصلت منها الحكومة والكانتونات على 2.5 مليار.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.