أرباح .. ولكن أقل من كل التوقعات
أعلن أكبر مصرفين سويسريين عن حصيلة أرباحهما في النصف الأول من هذا العام، حيث بدا الفرق واضحا بين المنافسين التقليديين "يو بي اس" و"كريدي سويس".
التحديات التي تواجه المصرفين العملاقين تبقى قائمة حتى نهاية العام، حيث يعتقد المراقبون أن التفاؤل الحذر هو أفضل الطرق للتعامل معها، لاسيما وأن مؤشرات البورصة تميل عكس التيار.
قال مصرف “يو بي اس” UBS صباح الثلاثاء 9 أغسطس الجاري إن حصيلة أرباحه عن الربع الثاني من السنة الحالية، بلغت 2.147 مليار فرنك بزيادة 5% عن نفس الفترة من العام الماضي، وإن كانت اقل من تلك التي حققها في الربع الأول من هذا العام.
وبهذه النتيجة تكون أرباح “يو بي اس” عن النصف الأول من هذا العام قد بلغت 4.538 مليار فرنك، وهي نفس المعدلات التي حققها في العام الماضي تقريبا.
وكان المحللون الاقتصاديون يتوقعون أن تكون أرباح النصف الأول من هذا العام أكبر من تلك التي حققها “يو بي اس” عن نفس الفترة من العام الماضي، إلا أن المصرف برر تلك النتيجة التي يراها البعض مرضية والآخرون غير كافية، بصعوبة الأوضاع الاقتصادية الدولية، حسب ما جاء على لسان بيتر فولفي رئيس المصرف في البيان الصادر عنه صبيحة الثلاثاء 9 أغسطس الجاري.
وقد أعرب المصرف عن تفاؤله بتحقيق نتائج أفضل في النصف الثاني من هذا العام، ويعتقد بأنه سيحقق أرباحا ايجابية حتى موفي هذه السنة رغم التحديات والصعوبات التي من المحتمل أن تظهر خلال تلك الفترة.
زيادة في إدارة الثروات
ويقول كليف ستانديش المدير المالي لمصرف “يو بي اس” في مؤتمر صحفي عبر الهاتف يوم 9 أغسطس الجاري، بأن نتائج الربع الثاني من هذه السنة تعكس أداء قويا، لاسيما في قطاع إدارة الثروات.
فمن بين 30 مليار فرنك دخلت إلى خزينة “يو بي اس” خلال الربع الثاني من هذا العام يوجد 19.2 مليارا في مجال إدارة الثروات الخاصة، بينما كانت المبالغ الجديدة التي تولى البنك إدارتها عن نفس الفترة من العام الماضي 10.4 مليارات فقط، ولكنها لم تصل إلى المعدلات التي حققها البنك في الربع الأول من هذا العام والتي وصلت إلى 21.2 مليارا.
وبهذه المحصلة يكون “يو بي اس” قد جمع 2550 مليار فرنك في مجال الثروات الخاصة بزيادة 14% عن الربع الثاني من العام الماضي.
ولا شك في أن مصرف “يو بي اس” قد احتفظ بموجب تلك النتائج بمكانة الصدارة بين البنوك السويسرية، لاسيما وان حجم التعاملات المالية التي قام بها منذ بداية العام كانت بقيمة 12011 مليار فرنك بزيادة 18% عن العام الماضي، بما في ذلك خدمات الاستثمار والتعاملات المصرفية العادية ونقل الودائع والأموال.
ولم يعقب المصرف على موقفه من استثماراته في مؤسسة موتور-كولومبس للطاقة، التي يعتبر واحدا من أكبر المساهمين فيها، مما يترك الباب مفتوحا أمام العديد من التكهنات بين المراقبين.
كريدي سويس وتصحيح العثرات
في المقابل، اكتفى المنافس التقليدي “كريدي سويس” CREDIT SUISSE GROUP بأرباح لم تتجاوز 2.829 مليار فرنك عن النصف الأول من هذا العام، أي حوالي نصف أرباح “يو بي اس”، واقل من أرباحه عن نفس الفترة من العام الماضي والتي بلغت 3.318 مليار.
ويعود التراجع في الأرباح إلى اضطرار البنك لسداد بعض الغرامات المالية، وإجراء تسويات لنزاعات مع خصوم دون اللجوء إلى القضاء، وهو ما أثر على خزينته بشكل مؤلم، بينما يرى البعض بأن بعض السياسات المصرفية لإدارة البنك السابقة لا تزال تلقي بظلالها على أدائه حتى اليوم.
ففي الربع الثاني من هذا العام تراجعت أرباح البنك بشكل درامي من 1.91 مليار فرنك إلى 919 مليون، بينما كانت في نفس تلك الفترة من العام الماضي مليارا واحدا و 457 مليون فرنك.
وقد اعترف المصرف على لسان مديره العام اوسفالد غروبل والمدير المالي ريناتو فاسبيند بأن تلك المحصلة ليست ذات بريق جذاب ولكنها مقبولة، حسب ما جاء في بيان البنك، بينما رأى المحللون أن تلك النتيجة كانت مفاجئة بكل المقاييس وأقل من جميع التوقعات، حيث لم يكن من المنتظر أن تقل أرباح النصف الأول من هذا العام بنسبة تصل إلى 14.7% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
طموح يبعث على التفاؤل
إلا أن كريدي سويس برر في تعليقه على تلك النتائج أسباب انخفاض الأرباح، حيث اضطر إلى سداد 624 مليون فرنك لتسوية نزاع قضائي مع مؤسسةInstitutional Securities بسبب مشكلات بين الجانبين ظهرت بعد انهيار مؤسسة انرون الأمريكية.
ويجب على كريدي سويس سداد 1.4 مليار فرنك بسبب فضيحة إفلاس انرون، سدد منها 234 مليونا في عام 2002، ويتساوى بذلك مع بعض المؤسسات المالية الدولية التي وقعت ضحية انهيار انرون، وهو ما يرى فيه بعض المراقبين عزاء للبنك السويسري، لأن تلك الخسارة ليست ناجمة عن تقصير أو تراجع في الأداء وإنما لأسباب خارجة عن إرادة المصرف السويسري.
وتعزز ثقة العملاء في مجال إدارة الثروات موقف “كريدي سويس” على الساحة المالية في الداخل والخارج، حيث بلغت قيمة الثروات التي يديرها 1341 مليار فرنك، وذلك حتى موفي يونيو 2005، بعدما كانت 1272 مليارا في نهاية مارس من نفس العام.
ويشكل اعتراف “كريدي سويس” بكبوات الماضي سواء الناجمة مما يصفه المراقبون بأخطاء إدارية فادحة، أو التي ساقتها الأقدار في طريقه من خلافات قضائية كلها في الخارج واغلبها في الولايات المتحدة الأمريكية، عزما واضحا على التخلص من تلك العثرات التي تقف في طريقه، وحدد بعض الملامح العريضة لبرامجه المستقبلية.
فمن بين تلك البرامج التي يسعى البنك لتحقيقها ما وصفه رئيس مجلس إدارة البنك أوسفالد غروبل ببرنامج “البنك الواحد” الذي سيبدأ العمل به اعتبارا من مطلع العام المقبل، ومن الواضح من خلال الاسم أن المصرف يسعى لتوحيد تعاملاته المالية والمصرفية تحت سقف واحد بدلا من تشتيت الجهود بين فروع تحت مسميات مختلفة.
كما حرص المصرف على التأكيد على أن خطته للوصول بأرباح سنوية تبلغ 8 مليارات فرنك في عام 2007 تسير على الطريق السليم ، مما يدل على ثقة إدارته في برامجها.
تفاعلات البورصة
ومن اللافت للنظر أن سوق الأوراق المالية في زيورخ تعاملت مع نتيجة ارباح المصرفين بشكل يناقض التوقعات؛ فعلى الرغم من أن “يو بي اس” أكد مكانته في صدارة الساحة المالية السويسرية، إلا أن أسعار أسهمه تراجعت بنسبة 1.14% خلال أسبوع واحد، ولكنها في الوقت نفسه بقيت محافظة على قوتها التي اكتسبتها طيلة العام الماضي، وصعدت بها إلى أكثر من 20% مقارنة مع سعر السهم في السنة الماضية لتبقى في حدود 104 فرنك.
في المقابل، ارتفع سعر سهم “كريدي سويس” بنسبة 1% خلال أسبوع، ليواصل الزيادة التي بدأها منذ عام حيث ارتفع سعر السهم بنسبة 31.34% منذ العام الماضي لتستقر عند 53 فرنك.
ويبرر المحللون هذا التفاوت في تفاعل البورصة بأن الثقة الكاملة التي يقوم بها “يو بي اس” في عملياته المالية تعود بالربح على المستثمرين حتى من خارج التعامل مع سوق الأوراق المالية، كما دأب المصرف على استرجاع أسهمه المطروحة في الأسواق لتبقى في حوزته كلما ازدهرت أعماله.
أما تعاملات “كريدي سويس” فهي من وجهة نظر المحللين حيوية ومتغيرة وتشمل العديد من الأنشطة التي تشجع المستثمرين على المخاطرة وشراء أسهم البنك طمعا في الحصول على نسبة من ارباح البنك.
لكن قصب السباق في حلبة المال والأعمال يبقى دائما للمصرف الذي يتمكن من السيطرة على حجم تعاملات أكبر في السوق المالية السويسرية ويكتسب ثقة العملاء، لاسيما في مجال الاستثمارات الخاصة، وهو ما يجعل “يو بي اس” يحتفظ بالمرتبة الأولى. ومهما تراجع “كريدي سويس” في أرباحه أو معاملاته فسيظل المنافس التقليدي الذي يؤخذ دائما في الحسبان.
تامر ابو العينين – سويس انفو
بلغت ارباح “يو بي اس” في النصف الثاني من هذا العام 2.147 مليار فرنك، واكتفى “كريدي سويس” بـ919 مليونا فقط.
زادت نسبة الثروات الخاصة التي يديرها “يو بي اس” بنسبة 14% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، ليصل اجمالي الثروات التي يديرها إلى 2550 مليار فرنك، في مقابل 1341 مليار لدى “كريدي سويس”.
يعول المصرفان على تحقيق نجاحات كبيرة خلال النصف الثاني من السنة.
لم يتمكن مصرفا “يو بي اس” و”كريدي سويس” من الوصول إلى تطلعات المراقبين والمحللين الإقتصاديين في نتائج اعمالهما عن النصف الأول من هذا العام على الرغم من أنها كانت ايجابية.
يبرر “يو بي اس” هذه النتيجة بانعكاس أوضاع الإقتصاد العالمي.
أما “كريدي سويس” فقد اضطر إلى تسديد التزامات مالية لتسويات قضائية وقانونية في الخارج، لكنه عازم على تحقيق ارباح أفضل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.