مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أربعون عاما من الريادة والاختراعات المتطورة

swissinfo.ch

الإبداع والابتكار والجودة العالية والفعالية، خصائص أساسية تميِّـز منتجات سويسرا وخدماتها.

ويفترض تحقق هذه الخصائص، استعمال مقاسات صحيحة ودقيقة يعود فضل وضعها وضبطها إلى المكتب الفدرالي للمقاسات METAS، الموجود مقره في برن، والذي يمثل المرجع الأعلى للمقاسات السويسرية.

يحتفل هذا المكتب بالذكرى الأربعين لافتتاح مقره الجديد وتشييد برجه العالي وتحديث مختبراته الـ 118، والتي أصبحت بفضلها تتمتع هذه المؤسسة بإمكانيات تقنية وعلمية متطورة، وتحقق الريادة على المستوى الدولي.

وخلال وضعها للمقاسات المختلفة، التي تحظى بالاعتراف خارجيا وتعد مرجعا على المستوى الوطني في المجالات المختلفة التجارية والعلمية والطبية، تحرص هذه المؤسسة على توظيف أعلى التقنيات وعلى توفير أشد الضمانات، فلا تتجاوز تغيّـرات درجة الحرارة داخل مختبراتها نسبة الواحد من عشرة ولا تفوق نسبة الرطوبة فيها 1%.

وتسخدم خلال عملها التكنولوجيا العالية، كأشعة الليزر بدل المتر المعدني وقياسات سرعة الضوء بدل الوحدات الكهربائية (الفولت) وتعتمد وحدة لقياس الألياف الضوئية ولحساب الإشعاعات الكهرومغناطيسية، لتحديد نسب التلوث في الهواء وفي المختبرات الطبية.

وإلى جانب هذا الجُـهد البحثي، يمارس المكتب رقابة دقيقة على جميع أدوات القياس المنتشرة في السوق والمستخدمة على نطاق واسع في الحياة اليومية، من أجل التأكد أولا أن تلك الأدوات قد خضعت للاختبار قبل استخدامها، وأنها لا تخل بالقياسات الصحيحة.

التكنولوجيا المتطورة في خدمة الاقتصاد والإنسان

تحتاج المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص إلى خدمات هذه المؤسسة. فالمكاتب في الكانتونات المعنية بمراقبة الموازين، تلتجئ إلى هذه الأدوات عالية الدقّـة ويحتاج كل بيت لعدّاد كهربائي وكل محل تجاري إلى ميزان وكل محطة بنزين إلى مضخة، ومن دون هذه الموازين المتعددة، لن تستقيم أي عملية تجارية.

وبفضل هذه الأدوات، تجني سويسرا سنويا عدّة مليارات من العُـملة المحلية في قطاع الطاقة الكهربائية فقط، ويطمئن المواطن إلى سلامة الموازين حيثما حل.

وتقوم المختبرات الفدرالية بالعديد من القياسات في مجال التقنيات عالية الدقة وفي النانوتكنولوجيا، التي تصل في بعض الأحيان إلى قياسات بنسبة 1/مليون من المليمتر، وتحتاج إلى هذا النوع من التقنية، صناعة الساعات والأجهزة الطبية وصناعة السيارات والصناعات الفضائية.

وفي مجال البيئة، يضع المكتب الفدرالي للمقاسات أجهزة دقيقة في خدمة الأقسام المعنية بالمحافظة على البيئة على مستوى الكانتونات والمجموعات المحلية، وتُـستخدم تلك الأدوات في قياس تلوث الهواء وفي التنبؤ للمخاطر والأضرار، التي تسببها الإشعاعات الصادرة عن الهواتف المحمولة مثلا.

وفي المجال الصحي كذلك، يوفر هذا المكتب الشرائح المتناهية الدقة في قياس الجرعات المستخدمة في العلاجات الراديوية لمرضى السرطان، وفي جميع القياسات الأخرى ذات العلاقة.

وتستفيد من هذه التقنيات، مصالح الشرطة في مراقبة حركة المرور، إذ يسهر مختبر خاص على مراقبة فعالية الأنظمة المعمول بها من أجل الحد من إمكانية الخطأ، فعدم الدقة في هذا المجال، قد تؤدي إلى معاقبة بريء، فتفرض عليه ضريبة أو تسحب منه رخصة السياقة، وقد ينتهي المشوار إلى التقاضي أمام المحاكم.

وبفضل هذه الأنظمة المبتكرة، والتي تخضع للمراقبة قبل استعمالها، ومرة كل سنة بعد ذلك، تم خفض نسبة حوادث المرور القاتلة بنسبة 39% سنة 2006.

دقة المقاسات أساس الابتكار والإبداع

يسعى المكتب الفدرالي للمقاسات إلى المساهمة بفعالية في الارتقاء بالاقتصاد السويسري وتعزيز قدرته على المنافسة من خلال خدماته المتطورة وأدواته الدقيقة، ويحرص على أن تكون منتجاته عالية الدقة للمساعدة في تطوير البحوث العلمية.

ومن خلال الإجراءات الرقابية وتقييم الجدوى المستمر، يلعب المكتب دورا رائدا في دفع الشركات المنتجة والمؤسسات المبتكرة إلى البحث عن أعلى درجات الدقة والجدوى، ويضع خبراته وكفاءاته في خدمة المؤسسات العلمية والصناعية وينظم دورات تدريبية ويقدم استشارات علمية ويسمح باستعمال ما لديه من مختبرات عالية التجهيز ومن أجهزة فحص نادرة على المستوى الوطني والدولي.

وفي المقابل، يحرص المكتب على تطوير طرق القياس وأدواته باستمرار، لمواكبة احتياجات الاقتصاد المحلي، الذي يشهد تحولا مستمرا بسبب المنافسة ويغزو مجالات علمية وتنقية جديدة كالبيوتكنولوجيا والتقنيات الطبية والنانوفيزيائية.

انفتاح وتنسيق مع العالم الخارجي

تتوازى هذه الابتكارات مع عملية انفتاح وتعاون واسعة مع المكاتب الوطنية على المستوى الأوروبي ومع الولايات المتحدة. ولقد استفادت جميع الدول من عملية تبادل الخبرات، التي بدأت منذ التسعينات.

ويحرص المكتب السويسري وخبراؤه على أن يكون نموذجا للبلدان الأخرى، واليوم، تفرض سويسرا نفسها كمرجع عالمي في العديد من المجالات، وتحرص العديد من الجهات الدولية على الاستفادة من خِـبراتها في المجال.

فقد استطاع هذا البلد، من خلال التعاون بين مراكز البحوث والمؤسسات الجامعية والصناعات عالية التقنية، من تحقيق نتائج متميزة، فتم ابتكار أوّل ميزان يستخدم وحدة القياس “وات”، بدلا من “الكيلوغرام المعدني”، ومن اختراع عدّاد يعتمد الضخ الضوئي، وتجري الآن تجارب لاختبار مقياس حراري للاستخدام في العلاجات البروتونية.

وعندما سألنا السيد فولفغانغ شفيتس ،Wolfgang Schwitz مدير المكتب الفدرالي للمقاسات عن علاقات التعاون بين مؤسسته والمنطقة العربية، أجاب: “لدينا علاقات مع منطقة المغرب العربي ومع مصر، ولكن، ليست هناك مشروعات مشتركة محدّدة بيننا، على العكس مثلا مع تركيا، التي تربطنا بها علاقات قوية ويُـشرف خبراؤنا على دورات تدريبية هناك”.

وحول سؤال بماذا يفسّر ضعف التعاون هذا، خاصة مع منطقة الخليج العربي، التي تشهد ازدهارا في معاملاتها التجارية مع سويسرا، كان رده: “تتحدث عن بلدان لا تزال في طريق النمو، وهي معنية بالمواد الاستهلاكية المصنعة ولا علم لها بهذه التقنيات المتطورة، ولو علمت، لم تكن لتعرف ماذا تريد منّا وما يمكننا أن نقدمه لها”، وأضاف مدير المكتب الفدرالي للمقاسات: “لعله من خلال بوابتكم، تنتبه الأطراف المعنية إلى أهمية التعاون في هذا المجال الحيوي”.

عبد الحفيظ العبدلي – برن

تتطلب عمليات القياس الدقيقة، أجهزة متقدمة تستجيب لشروط علمية دقيقة، وتفترض وجود مختبرات خاصة وكفاءات عالية. ومنذ تأسيس المكتب الفدرالي للمراقبة والتثبت بموافقة 13 كانتونا عام 1862، تطوّرت بشكل متسارع متطلّـبات هذا الاختصاص، تماشيا مع التطورات المتلاحقة، التي شهدها قطاعي العلوم والصناعة.

وخلال الخمسين سنة الأولى من عمر هذا المكتب، كان مقره في وسط مدينة برن، ثم انتقل خلال النصف الأول من القرن العشرين إلى منطقة كيرخفيلد Kirchfeld، لكن منذ عام 1967، اتخذ المكتب الفدرالي للمقاسات من فابيرن Wabern ، في برن مقرا له. وسمح هذا المقر، الذي يتسع لـ 118 مختبر، بإيواء جهاز طرد ضخم وقناة أيروديناميكية وميزان قادر على وزن 200 طن.

وفي عام 2001، تم توسيع مقر المكتب الفدرالي للمقاسات، ولا شيء يمنع من توسيعه مرة أخرى، عندما تبدو الحاجة ماسة لذلك.

تعد سويسرا من البلدان الرائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا، إذا أخذنا بعين الاعتبار عدد براءات الاختراع المسجلة فيها، مقارنة بعدد السكان. وتخصص سويسرا لهذين المجالين 2.9% من الناتج الإجمالي المحلي.
يستثمر المكتب الفدرالي للمقاسات 20 مليون فرنك سنويا في صيانة مقاساته النموذجية عالية الدقة، في الوقت الذي يوفر خدمات في الغالب، لصالح قطاع الصناعة، تقدّر بتسعة ملايين فرنك سويسري.
يحقق قطاع الطاقة الكهربائية، بفضل أدوات القياس التي يوفرها المكتب الفدرالي للمقاسات، أرقام مبيعات تقدَّر بعدة مليارات من الفرنكات.
منح المكتب الفدرالي خلال 2006 ما عدده 84 شهادة مطابقة للمعايير المعمول بها في مجال الوزن والقياس لأجهزة مصنعة في سويسرا.
يشرف المكتب الفدرالي على 49 مكتب في الكانتونات للمراقبة و77 مختبر خاص.
قام هذا المكتب عام 2006 باختبار 393.768 جهاز قياس، وقد بلغت نسبة عدم الاعتماد منها 6.8%.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية