أصداء سويسرية للأحداث الجارية في لبنان
تراوحت ردود الفعل في سويسرا، بين إدانة الخارجية السويسرية للرد غير المتكافئ للقوات الإسرئيلية، وتعبير الصحف عن المخاوف من اشتعال النيران في كامل المنطقة.
وفي جنيف، دعت المنظمات الإنسانية والأممية إلى احترام القانون الانساني الدولي وتجنب التعرض للمدنيين من الطرفين كما ذكرت إسرائيل بالتزاماتها.
استحوذت العمليات التي تقوم بها إسرائيل ضد لبنان عقب اختطاف جنديين من جنودها وقتل ثمانية آخرين في عملية قام بها حزب الله اللبناني، على اهتمامات الأوساط السويسرية الرسمية والإعلامية والإنسانية التي تتابع تطورات الأحداث وعمليات التصعيد بقلق كبير.
إدانة من الخارجية السويسرية
أصدرت الخارجية السويسرية في أول رد فعل على أحداث لبنان بيانا مساء الخميس 13 يوليو أدانت فيه الرد غير المتكافئ الذي قامت به القوات الإسرائيلية في لبنان، وبالأخص حصار السواحل اللبنانية والهجمات الجوية ضد أهداف في العاصمة بيروت ومطارات البلاد.
وقالت الخارجية السويسرية في بيانها “إذا كانت الاعتداءات التي قام بها حزب الله عبر الحدود الإسرائيلية تستحق الإدانة، فإن على الرد الإسرائيلي أن يبقى في حدود تلك العمليات وألا يهدد دولة جارة غير عدوانية.
وقد عبرت الخارجية السويسرية عن “دعم سويسرا لجهود الحكومة اللبنانية لمحاولة الخروج من الأزمة”، موجهة نداءا لكل الأطراف المشاركة في الصراع “من أجل وقف منطق التصعيد المدمر، الذي يهدد اليوم بالتحول الى حرب إقليمية تكون عواقبها مأساوية أولا وأخيرا على المدنيين”.
وبعد تعبير الخارجية السويسرية عن دعم جهود الوزير الأول اللبناني فؤاد السنيورة من أجل إيجاد حل دبلوماسي للأزمة، ساندت النداءات المطالبة بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي.
وقد أدانت الخارجية السويسرية في بيانها “الهجمات التي قام بها حزب الله ضد المناطق السكنية في شمال إسرائيل”. إذ ترى أنها “تشكل أيضا انتهاكا للقانون الإنساني الدولي”.
أما فيما يتعلق بالجنود المختطفين من قبل حزب الله، فترى الخارجية السويسرية أنه “يجب معاملتهم بإنسانية وفقا لمتطلبات معاهدات جنيف”.
واختتمت الخارجية بيانها بدعوة كل الأطراف الى التزام التريث مساندة النداءات المطالبة “بوقف لإطلاق النار من أجل إفساح المجال أمام المفاوضات”.
وفي رد فعله على بيان الخارجية السويسرية، وصفه السفير الإسرائيلي لدى الكنفدرالية في تصريح إعلامي بأنه “غير متكافئ، وأنه تجاهل الأسباب التي دفعت الى هذا الرد”. وقال السفير الإسرائيلي في برن “لا يمكن انتقادنا على ما نقوم به ضد أناس حماس بدون أن نوضح من هم وما هي أفكارهم”.
تخوفات وسائل الإعلام
أما وسائل الإعلام السويسرية التي خصصت صفحاتها الأولى للحدث فقد عبرت في معظمها عن التخوف من نشر بقعة الصراع الى كامل المنطقة.
إذ خصصت صحيفة لوتون (تصدر في جنيف) صفحتها الأولى للحدث تحت عنوان “في تحد من حزب الله المتضامن مع حماس، إسرائيل تهاجم لبنان”. وقد خصصت الصحيفة افتتاحيتها “للمتحكم الجديد في اللعبة”، وتقصد بذلك حزب الله.
كما ترى الجريدة السويسرية أن “الوزير الأول الإسرائيلي إيهود أولمرت يعاني من نقص في الخبرة العسكرية”. وهو ما يدفعها الى استنتاج “أن العمليات المتوقعة في لبنان ستكون أكثر عنفا، مما يشجع الوزير الأول الإسرائيلي في تصوراته الرامية الى استعمال مزيد من القوة”. ولكن الجريدة تنتهي الى خاتمة مفادها “أن هذه الهزة مثل سابقتها ستخلف الكثير من الخاسرين”.
صحيفة لا تريبون دو جنيف (الصادرة في جنيف أيضا) عنونت على صفحتها الأولى “لبنان تكتسحه دوامة الحرب”، متسائلة على صفحتها الثالثة “الى أين يمكن أن يصل التصعيد بين إسرائيل ولبنان؟”.
وفي تعليق الصحيفة كتب جون فورانسوا فيردوني “يجب أن نراعي بحذر الكلمات المستعملة، لأن الحديث عن حالة حرب يعني القبول بالتكافؤ في الموازين وتبرير اللجوء الى عنف مفرط”. وترى الجريدة أن ما يتم اليوم لا يهدف فقط الى تلقين درس لخصم بل العمل على إضعافه نهائيا وهذا ما يحدث من خلال ضرب المطارات والبنى التحتية. وانتهت الصحيفة الى التساؤل “هل بإمكان هذه الأوضاع ان تفلت من كل تحكم؟”.
صحيفة تاغس انتسايغر خصصت افتتاحيتها للموضوع تحت عنوان “استعراض عضلات قاتل”، تساءلت فيها “هل بإمكان هذا الصراع المسلح بين حزب الله وإسرائيل أن يمتد لهيبه ليطال دولا مثل سوريا وإيران؟”. وانتهت الصحيفة الناطقة بالألمانية الى توجيه السؤال لمن ساندوا مقاطعة وحصار حكومة حماس، هل هذا ما كانوا يرغبون فيه؟
تحت عنوان “تحالف القوى المناهضة للسلام”، كتبت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر في زيورخ) مقالا أشارت فيه الى عدم رغبة الغالبية في لبنان السير وراء الأمر الواقع المفروض من من قبل حزب الله. ولكنها تساءلت في نفس الوقت “من بإمكانه معارضة آراء حزب الله بدون أن يتهم بأنه عميل لإسرائيل وبالتالي العمل على أطلاق شرارة حرب أهلية جديدة؟”.
وترى الجريدة أن كلا من سوريا وإيران، ولأسباب مختلفة، قد تكونان مرتاحتين لهذه التطورات وذلك قبل ان تستخلص أن “دمشق وطهران ترغبان إرغام الولايات المتحدة والغرب على قبولهما كلاعبين رئيسيين في معادلة الشرق الأوسط”.
وانتهت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الى “أن إعادة إحياء جبهة الرفض ردت عليها إسرائيل بعمليات عسكرية في غزة ولبنان، ولكن قدرة الإزعاج لهذه الجبهة لن تقوى لا العمليات العسكرية الإسرائيلية او حتى التدخل العسكري الأمريكي في العراق على إضعافها وأن الوسيلة الوحيدة القادرة على إيجاد تسوية، تكمن في المسار السياسي”.
خرق للقانون الإنساني الدولي
المنظمات الإنسانية الدولية والأممية هي الأخرى عبرت عن قلقها لما يتعرض له المدنيون بسب تدمير البنية التحتية ومحطات الطاقة والمياه.
وعلى الرغم من تطرق نائب الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالمساعدات الإنسانية السيد يان إيجلاند في ندوة صحفية عقدها ظهر الجمعة في جنيف للأوضاع في لبنان وقطاع غزة إلا أنه تجنب قدر الإمكان الإشارة الى الاحتلال مكتفيا بوصف العملية على أنها “إطلاق جماعات مسلحة لصواريخ ضد التراب الإسرائيلي واختطاف جنود إسرائيليين من جهة، وإصدار إسرائيل لرد فعل عسكري غير متكافئ”.
وأمام إلحاح الصحفيين على سبب عدم الإشارة الى الاحتلال وما إذا كانت العمليات التي تستهدف البنية التحتية تشكل في نظره انتهاكا للقانون الإنساني الدولي، تجرأ السيد إيجلاند على القول بأنها “انتهاك للقانون الإنساني الدولي”، مشيرا في نفس الوقت الى أن “إطلاق حزب الله لقذائفه واختطاف جنود إسرائيليين كان من الواضح أن يؤدي الى هذا التصعيد”.
المفوضة السامية لحقوق الإنسان لويز آربور وجهت نداء لكل من إسرائيل وحزب الله من أجل تفادي استهداف المدنيين. ومع أنها اعترفت للإسرائيلين بـ “شرعية الحفاظ على أمنهم” إلا أنها ذكرت بأن “من واجبهم احترام القانون الإنساني الدولي وتجنب استهداف المنشآت المدنية”.
أما الناطقة باسم الأمم المتحدة في جنيف فقد أشارت الى إرسال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لبعثة مكونة من ثلاثة مبعوثين أممين سيزورون كلا من مصر وإسرائيل والأرضي المحتلة ولبنان وسوريا والعربية السعودية في محاولة لاحتواء هذا التصعيد. وعن سبب توجههم أولا إلى مصر ردت السيدة ماري هوزي “بأن ذلك يمليه منطق الاستفادة من اجتماع وزارء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية للتحادث مع الجميع”.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر عبرت هي الأخرى عن “الانشغال العميق لما يحدث للمدنيين المورطين في هذه الصراعات”. ووجهت اللجنة الدولية نداءا لحزب الله “بمعاملة الجنديين الإسرائيليين بإنسانية واحترام حياتهما وكرامتهما”. كما “ذكرت السلطات الإسرائيلية”، عقب توصلها بأخبار عن تعرض رجال إغاثة للقصف “بضرورة احترام الشارة الدولية للصليب والهلال الأحمر بموجب القانون الإنساني الدولي”.
وذكرت اللجنة الدولية الطرفين في الصراع بضرورة الامتناع عن استهداف المدنيين الذين لا يشاركون في العمليات او استهداف الممتلكات المدنية.
وانتهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الى التعبير عن “الانشغال الكبير لما سيترتب من تأثيرات على المدنيين من جراء الحصار الذي تفرضه إسرائيل بحرا وبرا وجوا على لبنان”، مذكرة إسرائيل “بالتزاماتها التي يفرضها القانون الإنساني الدولي وبالأخص احترام التكافؤ عند فرض حصار”.
منظمة العفو الدولية في رد فعلها الموجه لكل من إسرائيل والحكومة اللبنانية وحركة حزب الله ناشدت الأطراف المختلفة وضع حد للهجمات التي تستهدف المدنيين. وقالت المنظمة الإنسانية “إن مثل هذه الهجمات قد يصل الى مستوى جرائم حرب”.
وخاطبت منظمة العفو الدولية الدولة العبرية بالقول “على إسرائيل ان تضع حدا للهجمات التي تستهدف المنشئات المدنية والبنية التحتية في لبنان والتي تشكل عقابا جماعيا”.
وفي خطابها لحزب الله، تقول آمنستي “عليه ان يضع حد للقيام بهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين وان يعامل بإنسانية الجنديين الإسرائيليين المختطفين وان يسمح للجنة الدولية بزيارتهما”. أخيرا، طالبت منظمة العفو الدولية الحكومة اللبنانية بالعمل على أن يحترم حزب الله الالتزامات التي يمليها القانون الدولي.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.