أصواتٌ اقتصادية ضد عطلة الأمومة
يتواصل الجدل حول مُبادرة التأمين الوطني على عطلة الأمومة التي ستطرح على الناخبين السويسريين في استفتاء شعبي يوم 26 سبتمبر القادم.
وقد صدرت أول معارضة للمبادرة من بعض الأوساط الاقتصادية التي أعربت عن اعتقادها أن مشروع عطلة الأمومة “غير ضروري” و”غير مقبول” و”سيُكلف أكثر بكثير مما هو مُتوقع”..
يـُعدُّ مشروع اعتماد عطلة الأمومة لمدة 14 أسبوعا مدفوعة الأجر من خزانة “التأمينات على فقدان الدخل” (APG) الخاصة بالجنود، من أبرز المقترحات التي ستُطرح على الناخبين السويسريين يوم 26 سبتمبر القادم، وأكثرها إثارة للجدال.
وقد بات هذا المشروع الخاص بالسيدات العاملات يواجه معارضة مفتوحة من قبل بعض الأوساط الاقتصادية التي توحد صفوفها من أجل إجهاض سادس محاولة لاعتماد تأمين وطني على الأمومة في الكنفدرالية.
ويذكر أن السويسريين وافقوا على مبدأ التأمين على الأمومة في عام 1945 وتم تدوينه في الدستور الفدرالي. لكن لم يُترجم هذا المبدأ على أرض الواقع حيث رفض الناخبون في خمس مناسبات -بين عامي 1990 و1999- مبادرات خاصة بالتأمين على الأمومة.
النقطة الوحيدة التي تمت تسويتها على المستوى الفدرالي تظل حظر العمل على النساء بعد الولادة مباشرة، حيث يمنع قانون العمل على الأمهات الواضعات ممارسة وظيفتهن خلال الأسابيع الثمانية الأولى بعد الولادة. ويمكن تقليص المدة إلى ستة أسابيع بموجب أمر طبي.
ويتحمل التأمينُ الصحي الأساسي نفقات العلاج المتعلقة بالحمل والوضع. أما مسألة فقدان الدخل أثناء التوقف عن العمل بعد الولادة فلم تنجح سويسرا بعد في إيجاد حل مُوحد لها على الصعيد الوطني، وتظل مرهونة بسياسة الأجور واتفاقيات العمل الجماعية المعتمدة في هذه المؤسسة أو تلك.
مضمون وتكاليف المقترح
وفي محاولة لضمان مساعدات أساسية للأمهات على المستوى الوطني، طرح النائب الراديكالي ومدير “الاتحاد السويسري للفنون والحرف” بيير تريبوني مبادرة برلمانية تقترح تمويل التأمين على الأمومة من خزانة “التأمين على فقدان الدخل” الخاصة بالجنود. وهي فكرة سبق وأن رفضها الناخبون في عام 1999.
ويُعوض “التأمين على فقدان الدخل” جزء من راتب الأشخاص الذين يؤدون الخدمة العسكرية أو الوقاية المدنية أو نشاطات تابعة للجيش. أما تمويل هذه الخزانة فيتم عن طريق اقتطاع نسبة 0,3% من رواتب الموظفين ونسبة مماثلة من رواتب أرباب العمل. وتتلقى الخزانة مبالغ تفوق بكثير نفقاتها، حيث تزخر حاليا بـ”ثروة” تناهز 3,5 مليار فرنك. وقد أوحى هذا المبلغ الضخم فكرة الاستعانة بهذه الخزانة لتمويل التأمين على الأمومة.
ويقترح مشروع النائب تريبوني استفادة السيدات العاملات من عطلة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 14 أسابيع، بحيث يحصلن على تعويضات يومية تعادل 80% من راتبهن، لكن تتوقف عند 173 فرنكا في اليوم كحد أقصى. كما تتضمن المبادرة دعوة إلى رفع التعويضات اليومية للجنود من 65% إلى 80% من الراتب لتصبح الأمهات والجنود على قدم المساواة.
ويعني مشروع تريبوني بالنسبة لخزانة “التأمينات على فقدان الدخل” نفقات سنوية إضافية لا تقل عن 543 مليون فرنك (483 مليون للتأمين على الأمومة و60 مليون لتعويضات الجنود).
أصوات المعارضة
وكانت جمعية “الاتحاد السويسري للفنون والحرف” التي يرأسها تريبوني قد صادقت بـ50 صوتا مقابل 13 مشروع التأمين على الأمومة. لكن ثلاث مؤسسات من أصل الـ280 المنتمية للاتحاد، عقدت يوم الأربعاء 04 أغسطس الجاري مؤتمرا صحفيا في العاصمة برن للتعبير عن معارضتها القوية للمشروع.
المؤسسات الثلاث -وهي الجمعية السويسرية للاتصالات المرئية “فيسكوم”، وفرع “فنون وحرف” زيوريخ، و”سويستيك”- وصفت مشروع تريبوني بـ”الخطير” بالنسبة للاقتصاد والشراكة الإجتماعية. وأوضحت هذه المؤسسات وممثلو لجنة معارضة المشروع الذين شاركوا في المؤتمر الصحفي، عن اعتقادهم أن مقترح التأمين على الأمومة “سيكلف أكثر بكثير مما هو متوقع” و”سيعزز تدخل الدولة”.
رئيس “فيسكوم” هانس أولريخ بيغلر شدد على أن المشروع “غير ضروري”، مشيرا إلى أن قطاعات عديدة تتوفر على قوانين تضمن تأمينا على الأمومة أفضل بكثير مما يقترحه مشروع تريبوني. ويرى بيغلر أنه من الأرجح ضمان حماية للسيدات العاملات عبر حلول تعتمد على الشراكة الإجتماعية ويتم التفاوض بشأنها في إطار اتفاقيات العمل الجماعية.
من جهة أخرى، يخشى بيغلر من أن تتحول عطلة الأمومة إلى عبئ مادي إضافي بالنسبة لأرباب العمل. فربما يستفيد الاقتصاد على المدى القصير من خزانة “التأمين على فقدان الدخل”، لكن على المدى البعيد قد يتم اللجوء إلى رفع نسبة الاقتطاع من أجور الموظفين لملء الخزانة.
تخوفات من تدخل الدولة
أما غيزا تيليكي، مدير “الفدرالية الاقتصادية لبازل”، فأعرب عن اعتقاده أن التأمين على الأمومة المُقترح أغلى بكثير مما يدعيه أصحاب المشروع، حيث أوضح أن النفقات المُتوقعة والتي يقدرها مؤيدو المشروع بـ543 مليون سترتفع إلى 760 مليون سنويا على الأقل. ويعتقد تيليكي أن فترة الغياب المطولة للأمهات الواضعات ستتسبب في ارتفاع تكاليف البحث عن سيدات يُعوضهن أثناء عطلة الأمومة، أو ارتفاع النفقات الناجمة عن الساعات الإضافية.
من جهته، حذر مارتان أرنولد، مدير “اتحاد الفنون والحرف في زيوريخ” من ارتفاع مساهمات الدولة والمساهمات الضريبية. ويعتقد السيد أرنولد أنه يجب إعطاء الأولوية في الوقت الراهن لتعزيز النشاطات الإجتماعية وليس توسيع رقعة تدخل الدولة في المجال الإجتماعي.
“الاتحاد السويسري للفنون والحرف” أعرب يوم الأربعاء 05 أغسطس عن أسفه لوقوف لجنة معارضي مشروع العطلة على الأمومة ضد اتحادهم ورئيسيه بيير تربوني. كما ذكَّر أن المشروع حظي في البداية بدعم غالبية المؤسسات المنضوية تحت مظلته.
فمن سيتمكن من إقناع الناخبين بوجهة نظره؟ الـ26 من سبتمبر القادم سيحمل الإجابة…
سويس انفو مع الوكالات
قبل الناخبون السويسريون بمبدأ التأمين على الأمومة في عام 1945 وتم تدوين المبدأ في الدستور الفدرالي، لكن لم يتم ترجمة هذا المبدأ على أرض الواقع
رفض الناخبون خمسة مشاريع خاصة بالتأمين على الأمومة، أولها في عام 1990 وآخرها رُفض بنسبة 61% عام 1999
إثر هذا الفشل، حاول عدد من الكانتونات الروماندية المتحدثة بالفرنسية إنشاء تأمينها الخاص على الأمومة، لكن كانتون جنيف وحده هو الذي تمكن من تحقيق ذلك
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.