أفـكـار جديدة لحماية الصحفيين!
أطلقت جمعيات صحفية وحقوقية في سويسرا حملة لمناقشة كيفية حماية الصحفيين أثناء الصراعات المسلحة وذلك على ضوء ارتفاع حالات استهداف الصحفيين خصوصا في حرب العراق.
وتهدف مبادرة “جمعية المراسلين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في جنيف” إلى التوصل إلى إقرار “شارة” تسمح بالتعرف على الصحفيين وحمايتهم أثناء قيامهم بواجبهم الإعلامي على جبهات القتال.
مع ازدياد حالات استهداف الصحفيين أثناء تغطية الصراعات المسلحة، وبالأخص في العراق، إما عن طريق الخطأ أو بشكل متعمد، بدأت المنظمات المهنية تنظر في كيفية تأمين حماية لائقة لمنتسبي هذه المهنة.
ومن بين الأسباب التي دفهت إلى إثارة هذا الموضوع اليوم، الأساليب غير اللائقة التي ترد بها الجهات الرسمية على استهداف الصحفيين ضمن ما تستهدفه قواتها من مدنيين في العديد من الصراعات التي يشهدها العالم.
فقد اضطرت عائلات الصحفيين الذين سقطوا أثناء الحرب ضد العراق، طارق أيوب من الجزيرة، ومازن دانا من تلفزيون رويترز، والمراسل البريطاني الكبير تيري لويد التابع لوكالة ITN، والمراسل الفرنسي المفقود فريد نيراك، إلى مراسلة أعضاء الكونغرس الأمريكي للحصول على مزيد من المعلومات عن اختفاء أقاربهم وعدم الاكتفاء بالردود السطحية التي يرددها العسكريون أو المتحدثون الأمريكيون من قبيل: “عدم ارتكاب القوات الأمريكية لأية أخطاء أثناء قيامها بمهامها القتالية”؟!.
ومع أن الفكرة مطروحة للتداول منذ فترة طويلة وخاصة عندما يثير مقتل صحفي انتباه الرأي العام، إلا أن المبادرة التي تقدمت بها السيدة هدايات عبد النبي، رئيسة جمعية الصحفيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في جنيف (والتي انظمت إليها لاحقا جمعية المراسلين الأجانب في سويسرا، ونقابة الصحفيين السويسريين المعروفة باسم Impressum، ومنظمة العفو الدولية)، تهدف الى الذهاب الى أبعد من مجرد إثارة النقاش، وإلى البحث عن حلول عملية من قبيل أعتماد “شارة” دولية لحماية الصحفيين أثناء تأدية واجبهم، شأنهم في ذلك شأن المنظمات الإنسانية وعمال الإغاثة العاملين تحت راية الصليب والهلال الأحمر.
مشوار .. طويل!
وقد سمح الاجتماع الذي عقدته المنظمات الثلاث يوم 19 أبريل الجاري بمقر الأمم المتحدة في جنيف على هامش التئام الدورة السنوية للجنة حقوق الإنسان، بتوضيح التحديات التي تنتظر مشروعا من هذا القبيل خصوصا وان العالم يشهد اليوم تـآكلا للمكاسب التي تم تحقيقها في مجال احترام الحريات سواء من قبل الدول غير الديمقراطية او تلك التي تدعي ذلك.
وكشف هذا النقاش الأولي أيضا عن مدى تعارض الآراء حول كيفية حماية الصحفيين دون المساس بحرية الرأي وحق إطلاع الرأي العام بنزاهة ومصداقية على ما يجري في ساحات القتال والنزاعات المسلحة.
من جهة أخرى، أجرى ممثلو المنظمات الداعمة للمشروع مناقشات أولية مع ممثلي بعض الدول الفاعلة مثل ايرلندا (بوصفها الرئيسة الحالية للاتحاد الأوربي)، أو كندا (بوصفها صاحبة مشروع لائحة في لجنة حقوق الإنسان حول حرية التعبير)، أو سويسرا (باعتبارها البلد الذي تنتمي إليه كل هذه المنظمات)، لكن الصحفي السويسري بليز لامبن، المسؤول عن فريق العمل المكلف بإعداد هذا المشروع أفاد بأنه “إذا كانت هذه المناقشات لم تسفر عن رفض هذه الدول لمناقشة الموضوع، فإنها لم تسمح بالحصول على التزامات واضحة منها لدعم المشروع”.
لذلك يعتزم أصحاب المبادرة تنظيم اجتماع آخر في شهر نوفمبر القادم في جنيف، يجمع مزيدا من المنظمات المهنية مثل الفدرالية الدولية للصحفيين، من أجل بلورة الأفكار المتداولة وتحديد الطريق الأمثل للوصول الى إقرار هذه الشارة الواقية للصحفيين أثناء تأدية عملهم في جبهات القتال.
أفكار .. هل تتحول إلى واقع؟
على صعيد آخر، سمحت المناقشات الأولية بتحديد بعض المحاور التي يجب توضيحها، كالعمل مع الحكومات أو بدونها للتوصل الى مشروع قرار ملزم دوليا، وهل يتعلق الأمر عند الحديث عن توفير الحماية للصحفيين بحماية كل الصحفيين بمن فيهم أولئك الذين يقبلون بالشروط المفروضة لمرافقة الوحدات العسكرية أو ما عُـرف في حرب الخليج الأخيرة بعبارة “embedded”، وما إذا كانت “الشارة” الجديدة ستسمح بتوفير المزيد من الحماية للصحفيين وهل يمكن تفادي إساءة استعمالها من قبل البعض؟.
وفيما أشار بعض المتدخلين إلى أن استعمال هذه الشارة قد يثير العديد من التساؤلات حول مدى نجاعتها في حماية الصحفيين الذين يقومون بتغطية الصراعات المسلحة المحلية أو الدولية حيث يمكن أن تُحولهم إلى هدف جذاب يمكن استهدافه بكل سهولة، فإن الساهرين على إعداد المشروع يرون أن استعمال هذه الشارة يتوقف على مدى تقييم الصحفي نفسه لاستعمالها او عدم استعمالها، كما يعتقدون أنها قد تكون ذات جدوى كبرى في تمييز الصحفيين أثناء قيامهم بتغطية المظاهرات الضخمة كالتي شهدتها جنيف وعدة مدن أوربية على هامش انعقاد قمة الدول الثمانية الكبرى.
وإذا كان البعض يشكك في نجاعة إضافة “شارة” واقية للصحفيين في الوقت الذي لم تمنع فيه شارة الصليب الأحمر، رغم اعتراف الدول بها، من حماية عمال الإغاثة الإنسانية، فإن ذلك قد يعزز على الأقل، عدم إفلات مرتكبي جريمة استهداف الصحفيين من المحاسبة أوالعقاب.
وفي انتظار أن تتحول هذه الأفكار إلى واقع ملموس وممارسة دولية، يمكن للصحفيين استعمال ما هو متوفر لديهم اليوم من سلطة أدبية، عبر التنديد بالجهات التي تستهدف المدنيين ومن بينهم الصحفيين أثناء الصراعات المسلحة، شريطة أن يتم ذلك بشكل متواصل وبدون أي نوع من انواع الإنتقائية.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
قتل أكثر من 40 صحفي في عام 2003 في مختلف انحاء العالم
يعتبر هذا الرقم قياسيا منذ العام 1995
خلفت الأحداث الجارية في العراق وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أكبر عدد من الضحايا في صفوف الصحفيين.
قدم الصحفيون العرب ثمنا باهظا في الأعوام الأخيرة في كل من فلسطين والعراق والجزائر
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.