أفلام الشرق في جنيف.. محاولة أخرى للحوار بين عالمين
ينظم المهرجان الدولي للفيلم الشرقي في جنيف دورته الرابعة ما بين 7 و13 أبريل بمشاركة حوالي 40 شريطا سينمائيا، قد تتحول إلى جسور بين الشرق والغرب ووسيلة لتعزيز فهم الواقع المعقد لهذه المنطقة من العالم.
وسيتركز الإهتمام في الدورة الحالية على بعض مواضيع الساعة، مثل الإسلام والعرب والإرهاب، أو الهجرة والعنصرية والاندماج، مع تخصيص حيِّـز للأفلام المعالجة لموضوع المرأة أو التي تعكس نظرتها لمشاكل المجتمع.
بتنظيمه لدورة رابعة ما بين 7 و13 أبريل 2008، يدخل المهرجان الدولي للفيلم الشرقي في جنيف مرحلة إثبات الوجود باعتباره “جسرا ثقافيا بين الشرق والغرب”، وهو شعار جسدته اللافتة الإشهارية للمهرجان، التي امتزجت فيها زرقة لوحة الرسام السويسري كزافيي بينون وخطوط الفنان عبد الرزاق حمودة، التي رسمت كلمة “حرية” بالعربية على خلفية صورة لنافورة المياه الشهيرة التي تتميز بها مدينة جنيف.
كما يمكن العثور على هذا التداخل في الصورة الموجودة أسفل الملصق الإشهاري للمهرجان والمتمثلة في صورة لضريح الشيخ سيدي إبراهيم، الموجود في وادي الميزاب قرب مدينة غرداية جنوب الجزائر، والذي يعود تاريخ بنائه لأكثر من 700 سنة، وهي البناية التي ألهمت المعماري السويسري الشهير لوكوربوزييه، وكانت نموذجا لإحدى أعماله المعروفة.
مشرق بكل أطيافه
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها المنظمون للمهرجان، لإضفاء قدر أكبر من التنويع على الأشرطة المشاركة في الدورة الرابعة، فقد بقيت المشاركة المغاربية مسيطرة بحضور مكثف للسينما المغربية والجزائرية والتونسية، وهذا ما يعكسه عدد الأفلام المشاركة ضمن ما يعرف بـ “مشرق بكل أطيافه”، نذكر منها “البيت الأصفر” للمخرج الجزائري المقيم في فرنسا عمر حكار، الذي حاز على إعجاب الجمهور في مهرجان الفيلم الدولي في لوكارنو عام 2007.
لكن هذا المشرق حاضر أيضا في المهرجان بواقعه المؤلم اليومي: في العراق مثلما يعكس ذلك الفيلم البريطاني “معركة من أجل حديثة”، أو الفيلم الفرنسي “العدو الحميم” عن فترة بعيدة، هي حرب التحرير الجزائرية، أو الفيلم البلجيكي الفلسطيني لريمة عيسى وبيتر سنودون عن سياسات الاستحواذ الإسرائيلية على الموارد المائية الفلسطينية.
الإسلام والعرب والإرهاب
لمواكبة موضوع الساعة، اختار المهرجان مشاركة في فئة تحمل عنوان “الإسلام والعرب والإرهاب”، لتسليط الأضواء على واقع العرب والأجانب في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر 2001. ويقول المنظمون، إنهم رغبوا من خلال هذا الإختيار “إظهار كيفية معالجة السينما لهذه التأثيرات”، وذلك من خلال عرض 3 أفلام أمريكية من إخراج سينمائيين أمريكيين أو من إبداع سينمائيين عرب مقيمين في الولايات المتحدة.
وغير بعيد عن هذا الموضوع، يتضمن المهرجان فقرة مخصصة للهجرة والعنصرية ومشاكل الاندماج، وهو الموضوع الذي سيكون محور ندوة نقاش تنظم يوم 9 أبريل بمشاركة معهد الدراسات العليا الدولية والتنموية، وعدد من الخبراء السويسريين والعرب والغربيين تحت عنوان “الهجرة والاندماج والأمن الدولي”.
نظرة نسوية
ويؤكد الطاهر حوسي، مؤسس المهرجان ومديره، استمرار حرص المهرجان على تخصيص حيز مهم لنظرة المرأة لمشاكل المجتمع والعالم من خلال فقرة تعكس الأعمال السينمائية المنجزة من قبل مخرجات ومنتجات أفلام وذلك تحت عنوان “نظرة نساء”.
وقد اختار المنظمون هذا العام أفلاما لكل من انطوانيت عزري من سوريا، وريمة عيسى من فلسطين، وجهان البحار من المغرب، وفريدة بورقية من المغرب أيضا، ونادية الشرابي من الجزائر، وجوسلين صعب من مصر، ونادين لباقي من لبنان، ورحام إبراهيم من مصر، وبوليت مانوينا، بالإشتراك مع عبد الرزاق حمودة من سويسرا.
ولم يهمل المهرجان فئة الأطفال، حيث يرغب منظموه في تمكين أبناء الجاليات العربية والشرقية عموما المقيمة في سويسرا وجنيف بالخصوص، من إمكانية الإطلاع على الواقع الشرقي من خلال أفلام قادمة من بلدان المنطقة أو تتحدث عنها.
في الوقت نفسه، يسعى المهرجان لتمكين الأطفال السويسريين من التعرف على ثقافة المشرق بطريقة تختلف عما تروج له وسائل الإعلام، التي عادة ما تعطي الأولوية في تغطيتها لأعمال العنف والأحداث المثيرة، وسيتم ذلك من خلال عرض أفلام للأطفال وتنظيم جلسات حكواتي يحضرها الأطفال رفقة أوليائهم. وفي هذا السياق، تأتي مساهمة فيلم الدمى المتحركة “إبن الغابة” للمخرج الكويتي ثامر الزيدي، الذي سيقدم في عرض مخصص لأطفال ابتداء من سن الخامسة.
من منظور السينما السويسرية
إذا كان المهرجان في معظمه يركز على ضرورة تقديم نظرة متبادلة بين الشرق والغرب حول مواضيع الساعة، فإنه يحرص على تخصيص مكانة متميزة لنظرة السينما السويسرية لقضايا الشرق، عبر إنتاجات سينمائيين سويسريين أو سينمائيين من أصل شرقي اختاروا الإقامة والعمل في سويسرا.
ويدخل في هذه الفئة شريط “بين عالمين” للتركي يلماز ييسيلوس حول عملية الاندماج الناجحة أو العمل الجديد للمخرج الشاب هشام الحياة، المغربي الأصل بعنوان “ثلوج فوق مراكش”.
وستتوزع عروض المهرجان الدولي للفيلم الشرقي في دورته الرابعة على قاعات العرض في كل من جنيف ولوزان وفيرسوا وبرن، بل حتى في منطقة جيكس الفرنسية المجاورة لجنيف.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
يتسم واقع المهرجانات السينمائية المنظمة في جنيف وبالأخص تلك التي تُعنى بقضايا العالم العربي وشؤون المشرق عموما بوجود تنافس بين مهرجانين يهتمان بنفس المنطقة تقريبا.
فهناك “المهرجان الدولي للفيلم الشرقي في جنيف” الذي ينظم دورته الرابعة هذا العام و”مهرجان السينما العربية في جنيف” الذي انتظمت دورته الثانية في شهر أكتوبر 2007، وهو وضع يُنشئ أجواء من التنافس غير السليم بين الأطراف المعنية لأنه يهدد حصولها على فرص التمويل العمومي الضئيلة التي عادة ما تُخصص لمثل هذه الأنشطة الثقافية الموسمية.
ورغم كل الجهود التي بُذلت من طرف بعض الشخصيات المثقفة من أبناء الجالية العربية والإسلامية في جنيف، والمحاولات التي قامت بها المصالح الثقافية لمدينة جنيف من أجل تشجيع منظمي المهرجانين على محاولة توحيد جهودهم لبلورة مهرجان واحد ممثل لكل الطموحات وقادر على مواصلة المسيرة، لم يكتب لهذه الجهود أن تكلل بالنجاح لحد الآن.
ويؤكد الطاهر حوسي، مؤسس المهرجان الدولي للفيلم الشرقي لسويس إنفو أنه “رحب من جانبه بهذا التقارب ولكن منظمي المهرجان الآخر لم يردوا إيجابيا على الدعوة”، حسب قوله.
وقد أدى هذا الواقع، إلى اتخاذ المصالح الثقافية لمدينة جنيف لقرار بعدم تقديم الدعم المالي لمهرجانيين من نفس النوع في كل سنة، وتوزيع الدعم حيث يُمنح في سنة للمهرجان الأول ويُقدم في السنة الموالية للمهرجان الثاني.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.