أنور ابراهم.. من الموسيقى الى السينما
"كلمات ما بعد الحرب" هو أول إنتاج سينمائي للموسيقار التونسي المشهور أنور ابراهم يحصل على اهتمام الجمهور في مهرجان لوكارنو في دورته الستين.
الفيلم الذي يستعرض الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد لبنان فضل إعطاء الكلمة للفنانين والمثقفين اللبنانيين من مختلف الطوائف والأجيال للتعبير عن نظرتهم لهذه الحرب ولمن شاركوا أو لم يشاركوا فيها.
أنور ابراهم، عرفناه موسيقيا لامعا، واكتشفناه في مهرجان الفيلم الدولي في لوكارنو كسينمائي بارع قام بدور الصحفي والمحقق والمخرج لمعرفة حقيقة مواقف اللبنانيين من الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد لبنان، وذلك من خلال سلسة حوارات مع نخبة من الفنانين والمثقفين اللبنانيين الذين كانت تربطه بهم علاقات صداقة.
وعن سبب اختيار الفنانين يقول أنور ابراهم في حديث لسويس إنفو “الحرب التي تمت ضد لبنان هي حرب أيضا ضد الثقافة، ولم تكن لدي رغبة في الحديث للسياسيين لأننا استمعنا لهم كثيرا من خلال وسائل الإعلام لذلك رغبت في الدخول في عمق الأشياء لربما بإعطاء الكلمة للفنانين والمثقفين لأن لديهم أحساسا وتحليلا مختلفا ولأنني أشعر أنني قريب منهم”.
صدق وعمق وثقة
كان أنور ابراهم موفقا في الحصول على ما يشعر به في قرارة أنفسهم عدد من الشعراء والأدباء والفنانين مسلمين كانوا أو مسيحيين، سنة أوشيعة ومن أجيال مختلفة. كما وفق في نقل تلك المشاعر والمواقف من خلال ما سمح المونتاج بتمريره من حوارات يقول عنها أنها كانت طويلة جدا.
والنتيجة التي تلتقي عندها كل تلك الشهادات هي التفريق بين السياسي والديني عندما نتحدث عن قضية مصيرية مثل التصدي للغزو الإسرائيلي.
وهكذا نجد في فيلم “كلمات ما بعد الحرب” مثقفا مسيحيا يحيي في حزب الله رمز المقاومة، وشاعرا يفتخر بعلمانيته، يضع ذلك جانبا عندما يتعلق الأمر بالاختيار بين إسرائيل وحزب الله.
وعن سبب هذا الوقوف الى جانب حزب الله، ردد هؤلاء على اختلافهم بأن مواقفهم في هذه الحرب هي مواقف سياسية رغم الخلافات في الرأي مع حزب الله.
تساؤل وليس اتهام؟
من النقاط التي افلح هذا الفيلم في إبرازها، شعور المثقفين اللبنانيين بأن العالم تخلى عنهم وتركهم لوحدهم أمام تدمير وقصف إسرائيل. وهذا الشعور بالتخلي لخصته فنانة لبنانية بقولها ” أن كل سفارة غربية سارعت لترحيل رعاياها لكي تترك إسرائيل تقصف وتقتل وتهدم لأن المتبقين ما هم سوى لبنانيين”.
ولكن في نفس الوقت تساءل عدد منهم “ما الذي كنا نقوم به نحن عندما كان، ومازال الفلسطينيون والعراقيون يتعرضون للقصف والتدمير والحصار”؟، وهو ما دفع فنانة لبنانية للقول “لا نرغب في اتهام الآخرين بقدر ما نُسائل أنفسنا”.
وهذه الصراحة التي استطاع أنور ابراهم الحصول عليها في فيلمه هي التي دفعت الجمهور الذي تابع العرض والنقاش الذي أعقبه بشغف كبير، الى التساؤل عن سبب عجز وسائل الإعلام الغربية في نقل ذلك وتوضيحه.
وفي الواقع حتى أنور ابراهم يقول “أنا أيضا فوجئت في الحقيقة بعمق هذه الردود حتى من طرف أصدقاء كانوا يترددون على منزلي كثيرا مثل بيار أبي صعب”.
في انتظار الجمهور اللبناني
ما دام الفيلم قد عرض لأول مرة على الجمهور في مهرجان لوكارنو بسويسرا فإن الاختبار الحقيقي قد يبقى كيف سيستقبله اللبنانيون بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم؟
عن ذلك يجيب أنور ابراهم “هذا ما سنقوم به في مستهل سبتمبر بحيث ننوي تنظيم عرض في بيروت، وأن أول اللبنانيين يشاهدون الفيلم هم الذين كانوا موجودين في مهرجان لوكارنو”.
وإذا كانت ردود فعل اللبنانيين القلائل كانت تسير في نفس اتجاه المشاركين في الحوارات عموما، فإن تساؤلات الجمهور الغربي كانت كثيرة وراغبة في معرفة المزيد عن مواقف هذه الشخصيات الفنية والثقافية اللبنانية لحد أن سيدة اقترحت نشر تلك الحوارات كاملة في كتاب نظرا لأن الكتاب يسمح بالتمعن والتعمق أكثر.
وعن نوايا عرض الفيلم في العالم العربي هذا كل ما يتمناه أنور ابراهم بحيث هناك برمجة لعرضه في تونس خلال أسابيع وأمل في أن تليه طلبات من باقي الدول العربية.
محمد شريف – سويس إنفو – لوكارنو
حوارات وإخراج وموسيقى تصويرية: أنور ابراهم
إنتاج “فاميلا برودوكشن بالاشتراك مع أنور ابراهم للإنتاج”
تم الانتهاء من إعداده في شهر يوليو 2007
عرض لأول مرة عالميا في إطار “الأبواب المفتوحة على الشرق الأوسط” في مهرجان لوكارنو الدولي في دورته الستين (من 1 إلى 11 أغسطس 2007).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.