أوروبا تتوسع وسويسرا تستفيد
باتت سويسرا تبدو جزيرة "مجهرية" وسط القارة العتيقة بعد أن قررت المُفوضية الأوربية فتح باب الانضمام لعشر دول أوربية أخرى مُؤهلة للالتحاق بالاتحاد الأوربي بحلول عام 2004.
وعلى الرغم من أن اتساع الاتحاد شرقا سيزيد من عزلة سويسرا “سياسيا”، فقد رحبت الحكومة الفدرالية ورجال الأعمال بايجابيات القرار الأوربي
بعد عشر سنوات من النقاش، أعطت المفوضية الأوربية يوم الأربعاء 09 أكتوبر في بروكسيل الإشارة الخضراء لتوسيع الاتحاد الأوروبي بموافقتها على انضمام عشر دول أعضاء جدد بحلول عام 2004. وسينظر الاتحاد الأوربي في توصيات المفوضية بهذا الشأن خلال القمة الأوروبية التي ستُعقد في بروكسيل يومي 24 و25 من أكتوبر الجاري.
وان كان قرارُ المُفوضية قد سلَّط الضوء من جديد على العزلة السياسية لسويسرا وسط القارة العتيقة بحُكم أن شعبها مازال يرفض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي قد يضم 25 دولة اعتبارا من عام 2004، فان الحُكومة السويسرية وأوساط المال والأعمال ينظرون إلى الجوانب الاقتصادية الإيجابية لاتساع الاتحاد الأوروبي شرقا.
ملايين المستهلكين الجدد
ردُّ فعل وزارة الشؤون الاقتصادية السويسرية حول هذا الملف كان في غاية التفاؤل، حيث نوهت الوزارة إلى أن “العلاقات السياسية والاقتصادية المبنية على أساس متين بين سويسرا والاتحاد الأوروبي ستتوسع الآن لتشمل أسواق جديدة”.
ويُذكر في هذا الصدد أن الاتفاقيات القطاعية الثنائية المُبرمة بين الكنفدرالية والاتحاد الأوروبي، ومعظمها تجارية، ستُطبق أيضا على الأعضاء الجدد للاتحاد الأوروبي فور انضمامهم، باستثناء اتفاقية حرية تنقل الأشخاص التي سيعاود التفاوضُ بشأنها عقب انضمام الأعضاء الجدد.
النظرة السويسرية الإيجابية الى اتساع الاتحاد الأوروبي لها ما يُبررها بلغة الأرقام. فبعد انضمام دول شيوعية سابقة مثل هنغاريا وبولندا وسلوفاكيا إلى الاتحاد سيرتفع حجم سكانه بـ75 مليون نسمة ليصل إلى زهاء 475 مليون نسمة. وهذا يعني أن سوق الاستهلاك الأوربية ستتعزز بما لا يقل عن 100 مليون مستهلك جديد حسب تقدير مكتب الاندماج السويسري المكلف بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
ويشيرُ المسؤول في قسم المعلومات في هذا المكتب السيد ادريان شولبرغر إلى أن “العقبات التقنية الكثيرة التي تقف أمام الصادرات السويسرية المُوجهة للبلدان الأوربية التي لم تنضم بعد للاتحاد ستختفي بعد التحاقها به.”
فرص كبيرة لأرباب العمل السويسريين
وتقول الأوساط الاقتصادية في سويسرا إن اتساع الاتحاد الأوربي يمثل أيضا فرصة استثمارية كبيرة لأرباب العمل السويسريين في قطاعات الفلاحة والطب والفنادق التي تعاني من صعوبات لإيجاد اليد العاملة الكافية. أما على مستوى الآفاق الصناعية، فان كبريات الشركات السويسرية تتوفر بعدُ على وحدات إنتاج في البلدان الأوربية الشرقية المرشحة للانضمام إلى الاتحاد، وبالتالي ستتمكن من الاستفادة من توسع السوق الاستهلاكية الأوروبية دون الاصطدام بالعوائق الجمركية.
وقد بدأت أوساط الأعمال السويسرية خاصة تلك التي تمثل المقاولات المتوسطة والصغرى في إقامة علاقات مع دول مثل ليتوانيا وسلوفينيا وهنغاريا وبولندا. وفي هذا السياق، صرح رئيس مجموعة الصادرات السويسرية مارسيل ليدربرغر لـ”سويس انفو” أن “أوروبا الشرقية سوق عملاقة تقدر بملايين العملاء المحتملين.”
في المقابل، نبه السيد ليدربرغر أنه مازال يتعين على عدد من الشركات السويسرية إدراك أهمية الفرص الاستثمارية التي سيتيحها اتساع الاتحاد الأوربي شرقا والعمل على حسن استغلالها. وأشار المسؤول إلى أن عددا كبيرا من الشركات الألمانية، على خلاف منافساتها السويسرية، نشطت لفترة طويلة في دول أوربا الشرقية.
على صعيد آخر، لا يبدو أن مشروع الاتحاد الأوربي سيعقد من مأمورية المفاوضين السويسريين في بروكسيل، حتى أن المستشار في البعثة السويسرية لدى الاتحاد الأوربي السيد جون بيير ريمون يرى أن توسع الاتحاد لن يؤثر “بأي حال من الأحوال” على سير المفاوضات الثنائية بين برن وبروكسيل قائلا في تصريح لصحيفة “لوتون”: “نحن نعمل مع ممثلي المفوضية الأوربية وليس مع الدول الأعضاء. يضاف إلى ذلك أن سويسرا أيدت دائما اتساع الاتحاد، فنحن نرى فيه استمرارا لعملية حتمية بدأت بسقوط جدار برلين.”
سويس انفو
الدول العشر التي يتوقع ان تنضم للاتحاد الأوربي بحلول عام 2004 هي:
قبرص، جمهورية تشيكيا، استونيا، هنغاريا، لاتفيا، ليتوانيا، بولندا، سلوفاكيا وسلوفينيا
مشروع التوسع سيرفع من عدد سكان الاتحاد بنسبة 20%
مساحة الاتحاد الأوربي ستزيد بنسبة تناهز 30%
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.