أوكرانيا تدعو إلى قمة رباعية بمشاركة بوتين ووقف إطلاق النار
دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة إلى قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتفاق جديد لوقف إطلاق النار، في وقت حضّت فرنسا وألمانيا موسكو على سحب قواتها بعدما أثار حشدها مخاوف من أن الكرملين يخطط لغزو أوكرانيا.
واستقبل ماكرون الرئيس الأوكراني لإجراء محادثات في باريس، انضمت إليها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لاحقا عبر الفيديو، في تعبير لدعمهما حكومته الموالية للغرب في وجه موسكو.
وارتفع منسوب التوتر بعد سبع سنوات من ضم موسكو شبه جزيرة القرم في 2014 وإعلان مسلّحين موالين لروسيا عن مناطق انفصالية في شرق أوكرانيا، في خطوة أدت إلى تدهور العلاقات بين روسيا الغرب إلى مستويات غير مسبوقة منذ الحرب الباردة.
والتقى بوتين وزيلينسكي وجها لوجه آخر مرة في باريس في كانون الأول/ديسمبر 2019 في اجتماع استضافه ماكرون وحضرته ميركل، نسب الفضل إليه في تخفيف التوتر على مدى الشهور التي تلت.
وقال زيلينسكي في مقر السفارة الأوكرانية في باريس بعد المحادثات “أريد أن نجتمع نحن الأربعة” لمناقشة “مسألة الوضع الأمني في شرق أوكرانيا وإنهاء احتلال أراضينا”.
ولعبت فرنسا وألمانيا دور الوساطة في النزاع منذ العام 2015 في إطار ما يعرف بـ”صيغة نورماندي” وأشرفت الدولتان على وقف هش لإطلاق النار.
وأعرب زيلينسكي عن أمله بأن يعاد تطبيق وقف إطلاق النار بعد اجتماع مقرر الاثنين لكبار المستشارين من الدول الأربع
وأفاد الناطق باسم ميركل في بيان أن القادة الثلاثة “تشاركوا القلق حيال حشد القوات الروسية” و”دعوا إلى تخفيف هذه التعزيزات العسكرية من أجل خفض التصعيد”.
وأما في موسكو، فحضّ الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف المستشارة الألمانية وماكرون على الطلب من كييف “الوقف الحاسم لأي أعمال استفزازية على خط التماس والتأكيد على الحاجة إلى التزام غير مشروط بوقف إطلاق النار”.
– “العائلة نفسها” –
وفي الأسابيع الأخيرة، حشدت موسكو عشرات الآلاف من الجنود عند الحدود الشمالية والشرقية لأوكرانيا، كما ضمّت القرم.
ووضعت موجة جديدة من المواجهات في شرق أوكرانيا حدا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في تموز/يوليو الماضي ومهّد لفترة من التهدئة النسبية للنزاع.
وأودت المعارك بحياة أكثر من 13 ألف شخص بالمجمل بينما قتل 28 جنديا أوكرانيا منذ مطلع العام الجاري مقارنة بـ50 خلال عام 2020 بأكمله.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية أن جنودها انتشروا للرد فحسب على “تهديدات” حلف شمال الأطلسي ويشاركون في تدريبات عسكرية.
ولم تخف أوكرانيا، حيث تمّت الإطاحة بالرئيس الموالي للكرملين خلال انتفاضة شعبية عام 2014، طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، في تصريحات أثارت حفيظة الكرملين.
وقال زيلينسكي لصحيفة “لو فيغارو” الفرنسية في مقابلة قبيل الزيارة “لا يمكننا البقاء إلى ما لانهاية في غرفة انتظار الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”.
وأضاف “إذا كنا ننتمي إلى العائلة نفسها، يجب أن نعيش معا. لا يمكننا ان نخرج معا إلى الأبد، مثل خطيبين أبديين، يجب أن نشرّع علاقاتنا”.
لكن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون شدد على أن دعم أوكرانيا مختلف عن منحها عضوية في الاتحاد الأوروبي، و”هذا ليس طرحا جديا”.
– “تصعيد محدود” –
وتأتي التطورات في شرق أوكرانيا على وقع ارتفاع جديد في منسوب التوتر بين موسكو وواشنطن في وقت يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى اتّخاذ نهج أكثر تشددا حيال نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وأعلنت الولايات المتحدة الخميس عن عقوبات وطرد 10 دبلوماسيين روس ردا على ما قال البيت الأبيض إنه تدخل الكرملين في انتخابات الولايات المتحدة، وهجوما إلكترونيا واسع النطاق وغيرها من الأنشطة العدائية.
ردت روسيا الجمعة بإعلانها قرار طرد دبلوماسيين أميركيين وقررت حظر دخول عدد من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي.
واقترح بايدن الأربعاء عقد قمة مع بوتين، وهو أمر أشارت موسكو إلى أنها تنظر إليه بـ”إيجابية”. وأفادت فنلندا أنها مستعدة لاستضافة اجتماع من هذا النوع.
في الأثناء، أعرب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن استيائهما حيال سجن المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني في معسكر اعتقال بعدما عاد إلى روسيا من ألمانيا، في أعقاب ما قال الغرب إنها كانت محاولة اغتيال باستخدام غاز الأعصاب الروسي “نوفيتشوك”.
ورأى بعض المراقبين في التصعيد محاولة من قبل موسكو وكييف لاختبار بايدن من أجل معرفة درجة استعداده للدفاع عن حلفية واشنطن ومواجهة روسيا.
وأما زيلينسكي، الممثل الكوميدي السابق الذي انتخب في 2019 على خلفية تعهّده تحقيق سلام عادل، فيواجه ضغوطا كبيرة في الداخل من قبل القوميين من أجل اتّخاذ موقف متشدد حيال روسيا.
وقال الباحث في “المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية” غوستاف غريسيل في مذكرة بحثية “هناك شك ضئيل في أن روسيا تشكّل قوة هجومية قادرة على اجتياح أوكرانيا”.
وأفاد أنه لا يبدو أن موسكو تخطط “لاجتياح شامل لأوكرانيا”، لكنه ذكر أن الاحتمال الأكبر هو أن “روسيا ستنخرط في أشكال أخرى من التصعيد المحدود لتبديل مخاطر الحرب في أوكرانيا”.