أولياء الأطفال الليبيين المصابين بالإيدز يشرحون موقفهم في جنيف
قبل إصدار الحكم على الممرضات البلغاريات المتهمات بتعمد إصابة 450 طفلا ليبيا بفيروس الإيدز، عقدت الجمعية الأهلية لرعاية الأطفال المحقونين بفيروس الإيدز ندوة صحفية في جنيف لتوضيح خلفيات القضية.
اللجنة المكونة من أولياء الأطفال المصابين، ومع التعبير عن قبولها بالحكم الذي سيصدر، ترى ان الملف لم يعالج بالجدية المطلوبة من البداية، وأن هناك شخصا على الأقل يجب إحضاره للمحاكمة.
عقدت الجمعية الأهلية لرعاية الأطفال المحقونين بفيروس الإيدز في ليبيا، يوم الجمعة 15 ديسمبر 2006 ندوة صحفية في نادي الصحافة في جنيف ضمن حملتها عبر العواصم الغربية للتعريف بخلفيات هذه القضية التي سيصدر الحكم النهائي فيها يوم الثلاثاء 19 ديسمبر 2006.
الندوة الصحفية التي نشطها الناطق باسم الجمعية المهندس رمضان علي الفيتوري والدكتور محمد علي ضو، رئيس قسم الجراثيم الطبية في كلية الطب جامعة طرابلس ورئيس تحرير المجلة الليبية للعلوم الطبية، كانت فرصة لتوضيح موقف أهالي الضحايا، وتقديم بعض الأدلة العلمية وملابسات تطور هذه القضية التي عرفت دوليا بقضية الممرضات البلغاريات.
الأزمة في أرقام
تعود القضية، التي وصفها المهندس رمضان علي الفيتوري بـ “الجريمة الشنعاء” إلى عامي 1998 و 1999، “عندما تم حقن أطفال ليبيين بفيروس الإيدز ثم تشخيص الإصابة لحد الآن لدى 436” شخص.
ويضيف المهندس رمضان “توفي منهم لحد اليوم 55 طفلا، وانتقلت العدوى عن طريق الرضاعة الى 20 أما”. كما يضيف الناطق باسم الجمعية، وهو شقيق إحدى المصابات التي توفيت في هذه القضية، أن “حجم الكارثة يتعدى ال 436 مصابا، ليشمل معاناة اكثر من 2000 من أهالي الضحايا”.
وهناك توقعات – حسب نفس الجمعية – من أن تفشي الإصابة بمرض الإيدز قد يؤدي “في حال عدم احتواء الوضع، إلى أن يصل عدد الوفيات والإصابات -في غضون 50 الى 100 سنة- الى ما بين 250 و300 الف حالة”.
استياء من المواقف الغربية
تحرك جمعية أهالي الضحايا يأتي قبيل إصدار العدالة حكمها في 19 ديسمبر في قضية الممرضات والممرضين المتهمين في هذه القضية والذين تحولت قضيتهم الى قضية دولية بعد تدخل العديد من الجهات الأجنبية لمحاولة الإفراج عنهم.
هذا الاهتمام الدولي بالمتهمين وليس بالضحايا هو الذي يثير قلق الناطق باسم الجمعية المهندس رمضان الذي يرى فيه “حملة شعواء لأجهزة الغرب الإعلامية التي لا تستند الى الدلائل لا العلمية ولا القضائية”، على حد قوله.
كما استغل السيد الفيتوري الندوة الصحفية للتعبير عن “الاستياء الكامل من موقف الاتحاد الأوروبي وأمريكا والدول الغربية بصفة عامة لوقوفهم الى جانب الممرضات البلغاريات وعدم اهتمامهم بمأساة أطفالنا”.
و عبر الناطق باسم الجمعية عن قلق أهالي الضحايامن أن “الغرب يربط بين عودة العلاقات مع أمريكا والشراكة مع الاتحاد الأوروبي بإطلاق سراح الممرضات البلغاريات”، وأضاف قائلا: “كأولياء أمور لهؤلاء الأطفال لن نقبل أو نرضى بأن تكون دماء أطفالنا ثمنا لعودة هذه العلاقات”.
وفي رد على سؤال توجهت به سويس إنفو حول ما إذا كان هذا التحرك الإعلامي نتيجة لتوقع خطوة من هذا النوع او إصدار حكم لا يوفي بمتطلبات أهالي الضحايا، أجاب السيد رمضان علي الفيتوري بالقول: “إننا نثق كل الثقة في القضاء الليبي ونقبل باي حكم يصدر عنه”، مشيرا الى أن القضاء الليبي قام “بما يحقق المحاكمة العادلة في هذه القضية كالسماح لمحامي الممرضات من غير الليبيين بالمرافعة في جلسات علنية وبحضور ممثلي منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان ليبية ودولية وبحضور قوي لأكثر من عشرين دبلوماسيا”.
أدلة علمية وأخرى غير علمية !
ضمن الأدلة التي أراد تقديمها لتعزيز اتهامات أهالي الضحايا، نتائج الفحوصات التي أجريت في عام 1999 على أحد الضحايا الذي لم يتجاوز عمره سبعة أشهر، في مستشفى جنيف الجامعي بسويسرا والذي تبين فيه أن الحمل الفيروسي يتجاوز مليون فيروس في الميليلتر الواحد، كما أثبتت التحاليل التي أجريت على والديه أنهما سليمين.
ويذهب السيد الفيتوري إلى أن “هذا التركيز في نسبة الفيروسات في الدم وفي هذه السن المبكرة ومع بقاء جهاز المناعة سليما، إنما هو راجع لحقن مباشر ولعدة مرات”. كما أثار عثور المحققين في منزل أحدى الممرضات البلغاريات على قنينتي بلازما الدم وهي ملوثة بالفيروس من ضمن خمس قنينات كان قد تم إجراء فحص عليها من قبل والتأكد من خلوها.
أما الدكتور محمد علي ضو، الذي كان حتى وقت قريب الخبير الطبي للمحكمة في هذه القضية، فقد ركز على الجانب الطبي بحيث اعتبر أنه بالنسبة لعامل في القطاع الصحي “من الصعب الاعتقاد بأن ما حدث هو نتيجة لخطأ عفوي خصوصا وان ذلك تم في قسم طب الأطفال وليس في القطاعات الأكثر عرضة مثل حقن الدم”. كما يرى أن السلطات لم تعط الحدث أهميته من البداية نظرا لأن أغلب المرضى هم ممن زاروا المستشفى في فحوص دورية بعضهم لساعات فقط، وهو ما لم يسمح بالتعرف على حجم الإصابة إلا بعد وقت طويل”.
ويرى الدكتور الضو أن “التقارير التي قام بإعدادها عدد من الخبراء الأجانب في بداية الأمر لم يتسنى لها الارتكاز على كل المعطيات”. كما أشار الى أن المقررين الأوروبيين الفرنسي والإيطالي اللذان سهرا على إعداد التقرير الأول “طلبا معلومات من السلطات الليبية ولم يحصلا عليها نتيجة لسوء قنوات الإتصال”. ويرى الدكتور الضو في تدخله أن “التقرير الأول لم يكن تقريرا علميا بمعنى الكلمة بل تقريرا مرحليا يطالب الحكومة الليبية بتقديم المزيد من المعلومات لتوضيح الأوضاع”.
واختتم الدكتور الليبي شهادته بالتنويه إلى أن تقرير الخبراء الليبيين الذي اتى بعد التقارير الأربعة الأولى كان أعم واشتمل على كل المعطيات المتوفرة، وبالتأكيد على “أن ايا من المصابين لم يتعرض لعملية وخز بالإبر مما قد يثير احتمال الإصابة باستعمال وسائل غير معقمة” وبالإشارة إلى أن “بعضا منهم لم يقض في المستشفى أكثر من يوم واحد”.
كما تساءل الدكتور الضو عن أسباب “سرعة وكثافة الانتشار في الوقت الذي لا يمكن لعملية الإصابة عبر استعمال إبر غير معقمة أن يتجاوز 3 من الف ولا يمكن ظهور الأعراض إلا بعد عشرات السنين؟”، وهو ما دفعه الى الاستنتاج بأن ما حدث في مستشفى بنغازي “هو حقن مباشر بفيروس الإيدز، وبفيروس من طراز عنيف جدا أطلق عليه خصيصا إسم فيروس مستشفى بنغازي”.
اتهامات مباشرة وسيناريوهات محتملة
وعن تصور أهالي الضحايا لمن يكون المسئول عن ما لحق بأبنائهم يقول الناطق باسم الجمعية الأهلية الليبية لأولياء ضحايا الإيدز المهندس رمضان علي الفيتوري “إن الحقيقة قد تظهر عند إحضار الشخص البريطاني المدعو “جون” والذي اعترفت أحدى الممرضات بتورطه، والذي كان يشتغل في شركة براون أند روت”.
وعما إذا كانت السلطات الليبية قد تقدمت بطلب للبوليس الدولي انتربول لطلب توقيف المدعو جون، اكتفى السيد الفيتوري بالقول “إننا كجمعية أهلية لا علم لنا بذلك”.
وفي رد على تساؤل سويس إنفو عن الاحتمالات التي يتصور أولياء الأطفال المصابين، وفقا لما هو متوفر من معلومات، أنها كانت وراء هذه العملية قدم المهندس رمضان علي الفيتوري احتمالين: “إما أن يكون ما جرى في قسم طب الأطفال في مستشفى بنغازي، تم على أساس القيام بتجربة واسعة لحساب مخبر ادوية أجنبي، وهو ما استبعده” أو “أن يكون ذلك قد تم من قبل جهاز استخبارات أجنبي للنيل من ليبيا وهو احتمال يمكن التأكد منه لو تم إحضار المدعو جون وتقديمه للمحاكمة..”!؟
يُشار أخيرا إلى أن القضاء الليبي الذي تابع هذه القضية منذ بدايتها في عام 1998، سيصدر حكمه فيها يوم 19 ديسمبر الجاري.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
ظهرت القضية في عامي 1998 و 1999
أصيب فيها إلى حد الآن 436 طفلا
توفي منهم لحد الآن 55
وتضرر من هذه العملية أكثر من 2000 شخص من الأهالي
عرفت القضية بقضية الممرضات البلغاريات واتهم فيها شخص فلسطيني، ويتم البحث عن متهم بريطاني.
من المنتظر أن يصدر القضاء الليبي حكمه النهائي في هذه العملية يوم الثلاثاء 19 ديسمبر 2006
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.