أولُ مؤتمر سويسري حول الانتحار
في سابقة من نوعها في سويسرا، يُنظم في العاصمة الفدرالية برن الشهر القادم مؤتمر وطني بمشاركة مختصين من مُختلف الميادين بهدف تعزيز سُبل الوقاية من ظاهرة الانتحار التي تمسّ الكنفدرالية بشكل خاص وخطير جدا.
تُسجل في سويسرا ما بين 1200 و1500 حالة انتحار سنويا، أي ضعف عدد ضحايا حوادث السير في البلاد. وليس بالأمر الغريب تزايد اهتمام المسؤولين من مختلف الاختصاصات والميادين بهذه الظاهرة الخطيرة، التي باتت السبب الأول لوفاة الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين عاما في سويسرا.
ولا عجب أيضا في تخصيص ملتقيات بين الفينة والأخرى للحديث عن الانتحار في أوساط الشباب في سويسرا التي تتصدر إلى جانب فنلندا ودول من أوربا والوسطى والشرقية، قائمة الدول الأكثر تضررا من هذه الظاهرة.
لكن ما يُميز المُلتقى الذي ستستضيفه برن يومي السابع والثامن من شهر مايو أيار القادم، هو كونه أولا مؤتمرا وطنيا سيناقش للمرة الأولى ظاهرة الانتحار على المستوى الوطني، وهي سابقة من نوعها حيث لم يتم لحد الآن دراسة الظاهرة على مستوى جميع أنحاء الكنفدرالية أو التنسيق بين كافة الكانتونات للوقاية من الانتحار.
الميزة الثانية والأساسية لهذا المؤتمر تتمثل في تعددية الاختصاصات التي تقف وراء تنظيمه. المؤتمر الوطني حول الانتحار سيكون إذن ثمرة لجهود معهد الأخلاقيات الاجتماعية ورابطة الكنائس البروتستانتية والفرع السويسري لجمعية كاريتاس الخيرية.
رئيسُ المشروع القس باسكال موسلي صرح يوم الثلاثاء في برن أن معظم الهيئات والمنظمات التي تسهر على الوقاية من الانتحار في سويسرا، ستشارك في المؤتمر الوطني. ويهدف المُلتقى حسب القس موسلي إلى تجميع ما استجد من معلومات ومعارف ونظريات حول الظاهرة في جميع الميادين والاختصاصات “الطبية والاجتماعية والسياسية والبيولوجية والأخلاقية والفلسفية والدينية.”
ويذكر أن مدينة جنيف كانت قد احتضنت قبل بضعة أشهر أول مؤتمر دولي حول الوقاية من انتحار الشباب. وشارك في الملتقى مُختصون في المجالات الطبية والاجتماعية والسياسية والتربوية قدموا من مختلف أنحاء العالم لمحاولة فهم دوافع ومفهوم الانتحار عند الشبان وبحث السُّبل الكفيلة بضمان وقاية أفضل من ظاهرة ظلت لمُدة طويلة من بين المُحرمات ولم تحظ بالاهتمام الكافي على الرغم من خطورتها.
ناقوس الخطر
ويأمل مُنظمو المُؤتمر الوطني الأول حول الانتحار في سويسرا في أن يُساهم تبادلُ وجهات النظر والمعلومات بين مختلف المُختصين في تعزيز تكوين المهنيين الذين يواجهون مشكلة الانتحار باستمرار دون امتلاك “الأسلحة” الضرورية لمُحاربته، ويُقصد بهؤلاء المهنيين الرهبان والقساوسة والمُمرضين والمُدرسين والقُضاة والشرطة..
أما “الأسلحة” فهي بطبيعة الحال أساليب التعامل مع حالات الانتحار والرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية اللازمة للوقاية من هذه الظاهرة التي تحولت إلى مشكلة من بين مشاكل الصحة العُمومية في سويسرا حسب المتحدثة باسم جمعية كاريتاس الخيرية مارلين ميسّرلي.
التعبئةُ الوطنية التي ستتجسدُ في المؤتمر الوطني حول الانتحار هي بلا شك ناقوس خطر يجب أن يُسمع ذويه في كافة أنحاء سويسرا بدون استثناء، ففي كل يومين أو ثلاثة أيام تعيشها هذه البلاد الصغيرة، يضعُ شاب حدا لحياته، ذلك دون تعداد محاولات الانتحار الفاشلة!
المُتحدثة باسم جمعية كاريتاس تشدد في هذا السياق على أن ظاهرة الانتحار لا تمس شريحة اجتماعية دون الأخرى بل تمتد إلى كافة أطراف المُجتمع. كما تشير السيدة ميسرلي إلى أن أسباب تعرض مجتمع ما لهذه الظاهرة أكثر من غيره مازالت مجهولة. والغريب أن الدول الأكثر تضررا من مشكلة الانتحار، تتصدر قائمة الدول المتقدمة والصناعية التي يُفترض أنها توفر لشعوبها ظروف عيش لائقة إن لم نقل مُريحة.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.