أول مركز تجاري سويسري في العالم العربي
افتتحت سويسرا مساء الثلاثاء 22 فبراير في دبي أول مركز تجاري رسمي لها في دولة عربية.
وتعلق الكنفدرالية على هذا المركز آمالا كبيرة في دعم الشركات الصغرى والمتوسطة، كما ترغب في أن يكون بوابة تدخل منها إلى السوق الخليجية بأقدام ثابتة.
تعكس مشاركة كاتب الدولة للشؤون الإقتصادية جان دانيال غربر وسفراء سويسرا لدى مجلس التعاون الخليجي وقنصليها في كل من دبي وجدة، ولفيف من كبار رجال الأعمال السويسريين المقيمين في الإمارات أو المهتمين بالعمل فيها في مراسم افتتاح أول مركز تجاري بين الكنفدرالية والعالم العربي، حجم الإهتمام الرسمي برفع مستوى التعاون الإقتصادي مع دول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة، ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص.
وقال السيد دانيال كونغ رئيس شبكة الأعمال السويسرية OSEC في تصريحات لسويس انفو، إن “الإختيار وقع على دبي، نظرا لما حققته خلال السنوات الأخيرة من نجاح، جعل منها حلقة وصل هامة للتجارة مع بقية دول المنطقة وامتدادا إلى دول جنوب آسيا، حيث تصل نسبة الزيادة في حجم واردات الإمارات من جميع دول العالم 8% سنويا”.
وأضاف قائلا: “تابعت سويسرا هذا النجاح عن كثب، وقررت افتتاح هذا المكتب في دبي، ليصبح انطلاقة لدعم الشركات السويسرية الراغبة في توسيع أنشطتها واقتحام أسواق دول مجلس التعاون الخليجي”.
ويتوقع السيد كونغ بأن تكون الشركات السويسرية الراغبة في العمل في سوق الخليج واحدة من نوعين؛ الأولى: تلك التي لديها ثقة بأن منتجاتها فريدة من الناحية التقنية، والثانية، تلك العاملة في مجال الخدمات، لا سيما التي اشتهرت بها سويسرا، مثل دراسات الجدوى والإدارة والتخطيط.
دعم الشركات الصغرى والمتوسطة
هذه الخطوة تأتي في إطار برنامج الكنفدرالية لدعم الشركات السويسرية الصغرى والمتوسطة، التي تمثل عصب الاقتصاد المحلي، حيث من شأن هذا المركز أن يساهم في فتح آفاق تصديرية وفرص تصنيعية جديدة، بعيدا عن الصعوبات التي تواجهها الشركات في أوروبا، وتعتبر كخطوة استباقية قبل نزوح شركات من دول أخرى، قد تعرقل حظوظ سويسرا في الفوز بنصيب من كعكة السوق الخليجية.
وسيعتمد المركز التجاري السويسري الجديد في عمله على تعاون لصيق مع مجلس الأعمال السويسري في دبي، الذي تمكن منذ سنوات في وضع الشركات الراغبة في العمل في الإمارات على الطريق الصحيح، ونجح في إقامة شبكة علاقات طيبة مع الدوائر الإقتصادية الهامة في الدولة، مما سيسهل بطبيعة الحال عمل المركز الجديد.
وعن الفرق بين مجلس الأعمال والمركز التجاري، يقول بيتر هارادين، رئيس مجلس الأعمال السويسري في دبي، في حديثة إلى سويس انفو، “إن الأول اتحاد خاص يضم الشركات العاملة بالفعل في دبي ويرعى مصالحها، بينما المركز جهة رسمية تابعة للكنفدرالية تهدف إلى تنشيط الحضور الإقتصادي السويسري في المنطقة”.
وقد وقع المجلس على اتفاقية مع المركز التجاري تحددت فيها أساليب العمل ومهام كل طرف والتزاماته تجاه الآخر.
الديبلوماسية تدعم الإهتمام الإقتصادي
ويعزز عمل المركز التجاري السويسري وقوف وزارة الخارجية بثقلها خلفه، مما يسهل التواصل مع الدوائر الرسمية الخليجية، ويضفي على تعاملاته الجدية والصبغة الرسمية بين الطرفين (السويسري والخليجي).
ومن المتوقع أن تساهم الملحقيات التجارية في السفارات السويسرية بدول مجلس التعاون في رسم تنسيق العمل مع المركز التجاري في دبي، حيث ستلاحق السفارات السويسرية في دول المجلس أفضل الفرص الإستثمارية والمجالات التي يمكن الدخول فيها، فضلا عن الإستشارات القانونية والظروف المواتية لتقديم المشروعات، وإزالة العوائق ذات الطابع اللغوي أو المتعلقة بالبعد الثقافي.
ويضيف السيد دنيال كونغ بأن المركز سوف “يساعد في توفير دراسات حول الأوضاع الإقتصادية في المنطقة وتحليل السوق”، ثم يأتي دور مجلس الأعمال السويسري بالمساعدة في “بدء الخطوات الأولى نحو الدخول الفعلي في الأنشطة” حسب قوله.
من ناحية أخرى أوضح وزير الدولة للشؤون الإقتصادية جان دانيال غربر لسويس انفو بأن ما تشهده الإمارات من نمو اقتصادي مؤشر ايجابي على أن الشركات السويسرية يمكن أن يكون لها مكانة جيدة، وفي مجالات مختلفة، وأضاف بأن “الحضور السويسري في الإمارات مشرف وحقق نجاحات في مجالات مختلفة”.
منطقة تجارية حرة
من جهة أخرى، اعتبر السيد غربر أن افتتاح هذا المركز يمثل “إحدى مراحل توطيد العلاقات الإقتصادية مع المنطقة، وسيتبعها اتفاقيات لإقامة منطقة تجارية حرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر (إفتا)، حيث أعدت سويسرا “المرحلة التقنية” من هذه الإتفاقيات، ليكون التوقيع في خطوة تالية بعد استكمال كافة المراجعات اللازمة”، حسب قوله في حديثه إلى سويس انفو.
وأوضح السيد غربر أنه ناقش أيضا مع المسؤولين الإماراتيين “سبل مكافحة الغش التجاري، والعلامات والتجارية والماركات المزيفة، لحماية المنتجات السويسرية ذات الإسم العريق، لا سيما في مجال الساعات الراقية أو الماكينات والآلات ذات الشهرة التقنية المتميزة”، كما استعرض الجانبان المجالات التي يمكن للشركات السويسرية أن تنتشر فيها.
وفي هذا السياق يرى السيد دانيال كونغ رئيس شبكة الأعمال السويسرية OSEC بأن الفرص متاحة للشركات المتخصصة في التقنيات الدقيقة ذات التطبيقات العالية الأهمية، أو العاملة في مجالات تنقية المياه وإعادة استعمالها، أو الناشطة في قطاع أعمال الإدارة لا سيما في المستشفيات والمصحات.
“برنامج وليس مكتب”
كما أشار كونغ إلى امكانية التعاون أيضا في مجال التعليم، “فعلى سبيل المثال توجد في سويسرا مدارس متخصصة وذات شهرة عالمية في مجال الفندقة يمكنها أن تقدم خدمات التأهيل والتدريب للعاملين في القطاع السياحي الإماراتي، الذي يشهد نموا كبيرا، كما أن هذا الملف تم استعراضه في محادثات الوفد السويسري مع غرفة تجارة وصناعة دبي، وهي بداية الطريق لتوسيع التعاون في مجال التعليم ليشمل أيضا البحث العلمي”، على حد تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أن الأهمية الإقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للكنفدرالية تتجسد في زيادة حجم الصادرات السويسرية إليها في الفترة الفاصلة ما بين عامي 2000 و2004 بنسبة 32% لتصل إلى 2.9 مليار دولار في العام السابق، حسب مصادر كتابة الدولة السويسرية للإقتصاد في برن.
وتعتبر المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول لسويسرا في المنطقة، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي بلغت قيمة الصادرات السويسرية إليها 1080.8 مليون فرنك في العام الماضي، أما واردات الإمارات إلى سويسرا فكانت 235.5 مليونا عن نفس السنة، 83.9% منها في الماس والمجوهرات.
وإذا كان “الهدف من هذه الخطوة هو انطلاقة برنامج لتعزيز الحضور الإقتصادي السويسري في المنطقة، وليس مجرد افتتاح مكتب”، مثلما يقول السيد بيتر فوغلر سفير الكنفدرالية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، فهل ستتوفر لدى الشركات السويسرية الشجاعة والموارد المالية اللازمين لإتخاذ الخطوة التالية وبث الروح في هذا البرنامج الطموح؟..
تامر أبو العينين – دبي – سويس انفو
تنتشر مكاتب الإتصال الإقتصادي السويسرية في كل من الصين والهند وروسيا وبولندا والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى كبريات العواصم الأوروبية.
تعتزم وزارة الإقتصاد افتتاح مكتب اتصال جديد لها في سنغافورة أثناء هذا العام.
تبلغ قيمة الصادرات السويسرية إلى دول مجلس التعاون الخليجي 2.9 مليار فرنك سنويا.
افتتحت سويسرا رسميا أول مكتب اتصال اقتصادي لها مع دولة عربية، واختارت دبي مقرا له نظرا للنشاط الإقتصادي المتنامي للإمارة في المنطقة. حضر مراسم الإفتتاح وزير الدولة للشؤون الإقتصادية جان دانيال غربر ووزيرة الإقتصاد والتخطيط الإماراتية الشيخة لبني القاسمي وسفراء الكنفدرالية السويسرية لدى دول مجلس التعاون الخليجي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.