أيام التقنيات الجينية
تشارك عشرات المؤسسات العِلمية والمدنية في سويسرا بداية من 10 مايو في حوار مفتوح يتواصل شهرا كاملا، حول إنجازات وأهداف التقنيات الجينية.
يهدف هذا الحوار الذي يقام في إطار “أيام التقنيات الجينية”، لتبديد مخاوف الرأي العام وزيادة اهتمامه بهذه التقنيات العصرية.
يوافق إحياء هذه الأيام المفتوحة على التقنيات الجينية ذكرى مرور 50 عاما على تفكيك الرموز الأولى للجينات أي المورثات ووضع الأسس لما يُعرف بالتقنيات الجينية التي سجلت خلال العِقدين الماضيين قفزة عظيمة تثير قلقا كبيرا في قطاعات واسعة من الرأي العام في سويسرا والخارج.
القلق لا يرجع بطبيعة الحال للتقدم الباهر في هذا المجال، وإنما للخوف من سوء استخدام هذه التقنيات لأغراض لا تعود بالنفع والفائدة على الجنس البشري وبيئته الطبيعية.
وقد زاد هذا القلق كما هو معروف، اثر التجارب على استنساخ الحيوانات أولا وإمكانية استنساخ البشر، واثر تسويق هذه التقنيات للمساعدة على الإنجاب العشوائي دون معرفة أصل وفصل الأطفال الذين يُنجبون بهذه الطريقة، أو على إثر المضاعفات السلبية التي تم تسجيلها إثر نشر البذور المصنعة أو المكيّفة جينيا في البيئة الطبيعية.
ولتبديد هذه المخاوف البدائية، تتبنى سويسرا قوانين متشددة ومحافظة لضبط التقنيات الجينية، خاصة الأبحاث على المورثات البشرية، ريثما يتم سن تشريعات جديدة تأخذ مصالح مختلف الأطراف المعنية بالتقنيات الجينية بعين الاعتبار.
وآخر مثال على التشدد في هذا المجال، أيدت المحكمة الفيدرالية في أواسط مارس الماضي معارضة الفلاحين والمزارعين والمنظمات البيئية، ومنعت مشرعا عِلميا تجريبيا لنشر بذور مصنعة تناسليا في البيئة الطبيعية، كان قد حصل قبل ذلك على الضوء الأخضر من الدائرة الفيدرالية للشؤون البيئية.
لم يأت قرار المحكمة الفدرالية ليرضي مهندسي المورثات النباتية في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيوريخ، ولا لقطع الطريق نهائيا على هذه التقنيات العصرية، وإنما لزيادة الوعي بهذه التقنيات، ولإرغام السلطات المعنية التي قد تتأثر بضغوط المؤسسات العلمية أو الصناعية أو الاثنتين معا، على أخذ حجج المعارضة مأخذ الجد وعلى إعطاء الرأي العام المهلة الضرورية “للتأقلم” مع التقنيات الجديدة.
من يضبط حريات البحث العلمي؟
شأن خبراء المعهد التقني الفدرالي في زيوريخ في هذه القضية، هو شأن الكثيرين من العلماء والباحثين في مختلف المؤسسات العلمية أو الصناعية السويسرية التي تخشى أن تفقد قصب السبق في هذه التقنيات العصرية التي تميّز بداية القرن الجديد وتقدر أسواقها السنوية بمئات المليارات حول العالم.
تقام “أيام التقنيات الجينية” في سبع مدن في مختلف أنحاء سويسرا، لإجراء الحوار المفتوح والبنّاء بين هؤلاء الباحثين والعلماء، وبين التنظيمات المعارضة لاستغلال التقنيات الجينية استغلالا عشوائيا يتنافى والمقتضيات البيئية أو الأخلاقية أو الدينية والاجتماعية وغيرها.
وفي إطار هذه الأيام، سيسعى علماء ومهندسو تقنيات المورثات العاملون في بضع عشرات من المؤسسات العلمية والصناعية المتخصصة، طمأنة الرأي العام على ما يهدفون إليه من جهة، وتعريفه بالإمكانيات والآفاق العظيمة التي توفرها هذه التقنيات من جهة أخرى.
ومما لا شك فيه أن مهمة علماء ومهندسي المورثات ستكون عسيرة، لأنها مهمة قد تأخذ طابع محاولة إقناع الرأي العام بأهمية النقيضين أو المضادين.
وكآخر مثال على هذه القضايا التي تثير الكثير من الجدل في سويسرا حاليا، هنالك قضية التسويق العشوائي لوسيلة تقنية جينية لتحديد أبوة طفل بشكل مطلق تقريبا، وهي وسيلة قد تتجاوب مع مصالح الأب وتطلعاته، وقد لا تتجاوب بالمرة مع مصالح الأم أو الطفل، أو مصالح العائلة، كما يقول المعارضون لتسويق هذه الوسيلة الإختبارية.
جورج انضوني – سويس إنفو
بين 10 مايو و7 يونيو، تستقبل 7 من المدن التي اختيرت في مختلف أنحاء سويسرا “أيام التقنيات الجينية”، لتعريف الرأي العام بالإنجازات التي تحققت في هذا المجال ولتبديد مخاوفه من هندسة التقنيات عن طريق الحوار المفتوح والمباشر من العلماء والباحثين.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.