“إذا ما التقاني الملك السعودي، سيفاجأ مما سيسمعه مني”
"إذا ما دعاني الملك السعودي عبدا لله إلى مؤتمر إقليمي مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن لسماع مقترحاته، فسأكون سعيدا لتلبية الدعوة وإسماعه ما عندي".
هذا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت، عصر يوم الأحد 1 أبريل في مؤتمر صحفي بعد اجتماعه بالمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
صباحا، كانت الصحف الإسرائيلية تتناقل ما قاله اولمرت لجو كلاين، مراسل أسبوعية تايمز الأمريكية “إن الملك السعودي، إذا ما التقاني، سيفاجأ ممّـا سيسمعه مني”.
صحيفة هارتس، التي جعلت من الاقتباس عنوانا لها على صفحتها الأولى، نشرت في نفس المقال استطلاعا دوريا للرأي يُـعرف في إسرائيل بمقياس السلام، يُـجريه مركز تامي شتاينمتس لأبحاث السلام وبرنامج افانس لتسوية الصراعات وبحسب الاستطلاع:
56% من الإسرائيليين الذين سمعوا بتفاصيل المبادرة يؤيدونها و38% منهم لا يؤيدونها، ومن بين من لم يسمع بتفاصيلها فـ 42% يؤيدونها و48% يعارضونها، ولكن 72% من المستطلعين يعتقدون أن مكانة حكومة اولمرت في الشارع الإسرائيلي تمنعها من البدء بأية مفاوضات حول تسوية سلمية شاملة في الشرق الأوسط.
موقف ضبابي
خلال ساعات نهار ذلك اليوم، كان طلب لجنة فينوغراد للتحقيق في إخفاقات حرب لبنان الثانية من محكمة العدل العليا الإسرائيلية بإعفائها من نشر شهادات اولمرت ووزير دفاعه بيرتس ورئيس هيئة الأركان الإسرائيلية إبّـان الحرب دان حالوتس، يتردد في كل نشرات الأخبار الإسرائيلية، ادّعت اللجنة أن الشهادات التي نُـشرت، وتحديدا شهادة الوزير شمعون بيريس، قد خدمت العدو أكثر مما خدمت حق الجمهور بمعرفة ما قامت به قيادته خلال الحرب.
النقاش حول اللجنة وشهاداتها وموعد نشرها لتوصياتها الأولية وما سيترتب عنه، هو ما يجعل موقف اولمرت ضبابيا من المبادرة. فبتقدير العديد من المحللين السياسيين، فإن اولمرت قد يضطر إلى تقديم استقالته بعد قراءة توصيات اللجنة، وكذلك الأمر مع رئيس حزب العمل، وزير الدفاع عمير بيرتس، المنشغل هذه الأيام بإعادة انتخابه على رئاسة الحزب الشهر القادم.
فاستطلاعات الرأي داخل الحزب ترجِّـح خسارته وحصر المنافسة بين الأميرال المتقاعد ورئيس جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي الشاباك عامي ايالون، المتقدم في المنافسة وفق الاستطلاعات، وبين ايهود براك، رئيس الحكومة السابق وصاحب كامب ديفيد، التي تبدو حظوظه جيدة بالفوز.
“لا يمكن أن تفرض علينا هذه المبادرة بالقوة”
باراك المحبب على قلب اولمرت، وفق مقربي هذا الأخير، لاستبدال عمير بيرتس في وزارة الدفاع، فيما إذا اضطر للاستقالة بعد توصيات اللجنة أو بعد خسارته رئاسة الحزب، بات حلما سيئا أو حتى كابوسا بعد أن أعلن أنه يفضِّـل انتخابات جديدة على منصب وزير دفاع في حكومة اولمرت.
قبلها بأيام، وخلال فترة انعقاد مؤتمر القمة العربية في الرياض، علت إلى السطح في إسرائيل مسألة حق العودة وضرورة شطب البند الذي يتطرّق للموضوع في مبادرة السلام العربية أو مبادرة الملك عبد الله للسلام في الشرق الأوسط، إذا ما أراد العرب حقا التوصل لاتفاقية سلام شامل مع إسرائيل.
الوزير شمعون بيريس، القائم بأعمال رئيس الحكومة الإسرائيلية قال، إنه لا يفهم هذه الضجّـة على عدم تعديل المبادرة العربية بشطب بند اللاجئين، “المبادرة العربية ليست اتفاقية سلام مطروحة علينا، إما أن نقبلها بالكامل أو نرفضها بالكامل” وواصل “هذه المبادرة هي من المواقف الابتدائية أو الافتتاحية للعرب للمفاوضات معنا، هم يطرحون ما لديهم، ونحن نطرح ما لدينا، ومن هنا تبدأ المفاوضات، لا يمكن أن تُـفرض علينا هذه المبادرة بالقوة”.
على ما يبدو، فالوزير بيريس يعرف جيدا عمّـا يتحدث، فإمكانية وجود حلول لمسألة اللاجئين مُـمكنة أو على الأدق هناك نماذج تمّ التوصل إليها في اتصالات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أبرزها ورقة طابا التي لم تحظ باسم اتفاقية لوقف المفاوضات بين الطرفين عشية الانتخابات الإسرائيلية في فبراير 2001، وفوز ارييل شارون على منافسه ايهود براك، رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها والمفاوض باسم إسرائيل.
طوق نجاة لأولمرت
أكّـدت مصادر دبلوماسية أجنبية في إسرائيل، تحتفظ بنسخة من هذه الورقة، لسويس انفو وجود اتفاق حول هذه المسألة، وأن اتفاقية جنيف بين جهات إسرائيلية غير رسمية أدارت مفاوضات طابا، كيوسي بيلين ونظراء فلسطينيين كياسر عبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هي تطوير لنفس الورقة.
اتفاقية جنيف نصّـت على أن إسرائيل مُـلزمة بإعادة فلسطينيين إلى داخل حدودها، أي على تطبيق حقّ العودة بشكل فعلي، غير أن وضع عدد هؤلاء اللاجئين سيتقرّر وفق مفتاح متّـفق عليه ينُـص على أن إسرائيل مُـلزمة بإعادة معدّل عدد ما تستضيفه دول العالم من اللاجئين، بمعنى أن استضافة عشر دول نصف مليون لاجئ، فإسرائيل مُـلزمة بإعادة خمسين ألف لاجئ.
وعند سؤال المصدر الدبلوماسي عن الضجّـة داخل إسرائيل حول الموضوع، أجاب أن النقاش الإسرائيلي الدائر حاليا هو أكثر مناكفة سياسية من نقاش موضوعي، “عندما يكون رئيس الحكومة في أزمة، فدائما يُـبقي موضوع اللاجئين حجّـة جيدة لتبرير رفض أية مبادرات سلام”.
إذن، لماذا يتحفظ من المبادرة و”يتسول” لقاء الملك عبد الله، حسب تعبير بعض الصحفيين الإسرائيليين؟ يجيب نفس المصدر “اعتقد أن لقاءا علنيا سريعا يجمع اولمرت مع الملك السعودي سيشكل طوق نجاة لاولمرت وحكومته وسبيلا للالتفاف على توصيات لجنة فينوغراد وعدم الاستقالة إذا ما أتت توصياتها قاسية”.
وهل هناك احتمال بأن ينجح في ذلك؟ لا يدري المصدر الدبلوماسي إمكانية ذلك، لكنه يعتقد أن الإدارة الأمريكية أو على الأدق وزيرة الخارجية فيها جادة في محاولاتها لتحقيق تقدم”.
خطوة سياسية غير مسبوقة
مصدر دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى في القدس عاد في لقاء مغلق مع الصحفيين هذا الأسبوع حول ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية عندما سُـئل عن مشاكل اولمرت الداخلية وتوصيات لجنة فينوغراد وأبعادها وقال “إننا لن نصعد إلى القطار نحو السلام في الشرق الأوسط أبدا، إذا ما انتظرنا أن تؤاتينا الظروف أو أن تكون ظروف كل الأطراف في المنطقة ملائمة”.
نفس المصدر عرف المبادرة السعودية بـ “ثورة في المفاهيم السياسية في الشرق الأوسط” وأن إدارته “ستركز في هذه المرحلة على أن المسار الفلسطيني والموضوع السوري، ليسا على طاولة البحث حاليا” وأنه “لن يعقِّـب على ما إذا كانت ورقة طابا أو مبادرة الرئيس كلينتن ستشكلان أساسا في أية تسوية سياسية قادمة، نحن لا ندفع الأطراف نحو شيء ما، وإنما نحاول مساعدتهم على خلق الظروف الملائمة لبدء المفاوضات حول التسوية الشاملة.
رواية الدبلوماسي الأمريكي متوافقة تماما مع الحذر الأمريكي من رفع مستوى التوقعات في المنطقة، غير أن التصريحات غير المُـعلنة تقول شيئا مختلفا.
ففي إحدى زيارات وزيرة الخارجية الأمريكية الأخيرة للمنطقة، وتحديدا في الزيارة التي سبقت قمّـتها الثلاثية مع محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم 19 فبراير الماضي، حينها وخلال زيارة ما قبل القمة، نقلت أوساط دبلوماسية أوروبية اجتمعت معها رايس، لسويس انفو أن وزيرة الخارجية الأمريكية قالت لهم “إننا بصدد التحضير لخطوة سياسية غير مسبوقة منذ ست سنوات”.
أحد الدبلوماسيين الذين تواجدوا في اللقاء أضاف “من الواضح أن الوزيرة رايس قصدت مؤتمر كامب ديفيد، الذي جمع حينها الرئيس كلينتن وياسر عرفات وايهود براك.
وإذا ما نجحت رايس في إقناع الملك السعودي عبد الله بالتقاء اولمرت سريعا، (أوساط مقربة من اولمرت كانت قد سرّبت بداية الخريف الماضي خبرا للصحافة الإسرائيلية، أن اولمرت التقى مسؤولين سعوديين كبار وغمزت أن الحديث يدور عن الملك نفسه، وأوساط أخرى أكّـدت أن الحديث يتم عن الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي السابق في الولايات المتحدة، وأن لقاءه مع اولمرت لم يكن الأول مع مسؤول إسرائيلي، وليس الأخير مع اولمرت، وأن الأمير بندر يتولّـى مهمّـة حل كل النقاط العالقة بين الأطراف من خلف الكواليس)، فسيساعد العاهل السعودي، وِفق السيناريو الدبلوماسي الأجنبي العامل في إسرائيل، والمحتفظ بنسخة من ورقة تفاهمات طابا، على إنقاذ حياة اولمرت السياسية و”عدم إضاعة الوقت بانتظار انتخابات و / أو حكومة إسرائيلية جديدة، ستأخذ إجراءات تنفيذها شهورا طويلة”، على حد تعبير نفس الدبلوماسي.
قاسم الخطيب – إسرائيل
القدس (رويترز) – لاقت دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت لعقد مؤتمر إقليمي مع زعماء عرب، ردود فعل متشككة يوم الاثنين 2 أبريل من جانب مسؤولين فلسطينيين وسعوديين ودبلوماسيين، قالوا إنها خطوة تهدف إلى تشتيت الانتباه.
وقال دبلوماسيون مشاركون في المساعي المبذولة إن أولمرت اقترح عقد المؤتمر كبديل محتمل عن الخطط التي تدعمها الولايات المتحدة، لإجراء محادثات من خلال مجموعة عمل تابعة للجامعة العربية يمكن أن تحاول التفاوض بشأن تفاصيل اتفاق يقضي بمبادلة الأرض مقابل السلام.
لكن مسؤولين سعوديين يقولون، إن السعودية لن تنظر في إجراء محادثات، إلا إذا قبلت إسرائيل بوضوح مبادرة السلام العربية بلا أي شروط، وعبّـر بيان صدر عقِـب جلسة مجلس الوزراء السعودي يوم الاثنين عن موقف المملكة، الذي جاء فيه “على إسرائيل أن تفهم أن السلام يتطلب منها أن تنهي انتهاكاتها وتنكيلها وتجاوزاتها غير الإنسانية المستمرة تجاه الشعب الفلسطيني قبل أي أمر آخر، وأن تقبل قرارات الشرعية الدولية التي أقرتها المحافل الدولية خلال السنوات الماضية”.
وقال الدبلوماسيون البارزون، الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، إن الولايات المتحدة ومصر وآخرين يضغطون على أولمرت للموافقة على إجراء محادثات في أقرب وقت ممكن مع مجموعة العمل، التابعة للجامعة العربية، لكنه يمانع في ذلك.
وقال دبلوماسي مطّـلع على المداولات الإسرائيلية إانه يطرح اقتراحا بديلا (عقد مؤتمر إقليمي،) لأنه يعلم أن ذلك لن يحدث. إنه يتهرب من الموضوع”.
ووصف نمر حماد، المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس اقتراح أولمرت عقد مؤتمر إقليمي بأنه “مراوغة” وأضاف أنه يريد “التطبيع” دون دفع الثمن.
وفي القمة العربية في الرياض، أعاد الزعماء العرب طرح مبادرة السلام التي أقرت في قمة بيروت عام 2002، والتي تعرض على إسرائيل إقامة علاقات طبيعية مع الدول العربية، مقابل انسحابها الكامل من الأراضي، التي احتلتها عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية وإيجاد “حل عادل” لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
وقال هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية المصري يوم الاثنين، إن لجنة تابعة للجامعة العربية ستشكّـل مجموعة عمل للاتصال مع إسرائيل بخصوص مبادرة الأرض مقابل السلام.
وقال أولمرت، إنه يرى نقاطا إيجابية في المبادرة. لكن اسرائيل تعارض منح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة إلى ديارهم في إسرائيل حاليا، مبررة ذلك ببواعث قلق تتعلق بالتركيبة السكانية والأمن، وتريد أيضا الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الرئيسية في الضفة الغربية المحتلة.
وقال تساحي هنجبي، وهو رئيس إحدى اللجان الرئيسية بالكنيست الإسرائيلي وعضو بارز بحزب كاديما، الذي يتزعمه أولمرت، لإذاعة إسرائيل “المبادرة العربية… تطلب منا ثمنا باهظا.. ثمنا لا يمكن احتماله”، لكنه أضاف، إنه سيكون من الخطأ “إغلاق الباب قبل بدء المحادثات”.
وقال دبلوماسيون مطلعون على المشاورات الإسرائيلية، إن موقف أولمرت ناتج عن عدم رغبته في الموافقة على إجراء مفاوضات تتطرّق لكل التفاصيل في الوقت الراهن يمكن أن تقودها لجنة عمل صغيرة مؤلفة من دول عربية منتقاة.
وقال دبلوماسي “إنه يريد التطبيع قبل بدء المفاوضات، وهم يريدون التطبيع بعد التوصل إلى اتفاق”.
ولم تحدد الجامعة العربية ماذا ستفعل اللجنة المقترحة، وما هو الدور الذي ستلعبه إسرائيل، إذا كان ثمة دور.
وسيتم اختيار أعضاء مجموعة العمل من لجنة تابعة للجامعة العربية تتألف من 11 دولة تم تشكيلها خلال القمة العربية الأسبوع الماضي، وستتضمن اللجنة، مصر والأردن، وهما البلدان العربيان اللذان وقّـعا معاهدتي سلام مع إسرائيل.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 2 أبريل 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.