مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بلينكن واثق من بدء تطبيق هدنة غزة الأحد رغم مواصلة إسرائيل القصف وتأخرها بإقرار الاتفاق

afp_tickers

أكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة سيدخل حيّز التنفيذ الأحد، كما هو مقرّر، رغم القصف العنيف الذي استهدف القطاع الفلسطيني الخميس وتأخر الحكومة الإسرائيلية في المصادقة على الهدنة.

واتّهمت الدولة العبرية حركة حماس بـ”التراجع” عن بنود من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت الدول الوسيطة الأربعاء التوصل إليه بعد أكثر من 15 شهرا من حرب خلّفت عشرات آلاف القتلى ودمارا واسعا وكارثة إنسانية في القطاع الفلسطيني، الأمر الذي نفته حماس.

وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ “مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي لن ينعقد حتى يؤكد الوسطاء أنّ حماس وافقت على كل عناصر الاتفاق”، متّهما الحركة بـ”محاولة الابتزاز للحصول على تنازلات في اللحظات الأخيرة”.

ومساء الخميس، قال مسؤول إسرائيلي لوكالة فرانس برس إنّ الحكومة الإسرائيلية ستصوّت الجمعة على اتفاق الهدنة. 

وحضّت القاهرة التي شاركت إلى جانب الدوحة وواشنطن في التوسّط للتوصل الى الاتفاق، على ضرورة “البدء من دون تأخير” بتطبيق وقف النار.

في المقابل أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير مساء الخميس أنّه سيستقيل من الحكومة إذا أقرّت الاتفاق “غير المسؤول” الذي توصّلت إليه مع حماس لوقف إطلاق النار في غزة بدءا من الأحد، لكن من دون أن يهدّد بالانسحاب من الائتلاف الحاكم.

وقال بن غفير “إذا تمّت الموافقة على هذا الاتفاق غير المسؤول وجرى تنفيذه، فإنّ حزب القوة اليهودية لن يكون بعد الآن جزءا من الحكومة”. لكنّه أوضح أنّ حزبه “لن يطيح نتانياهو ولن يعمل مع اليسار (…) ضد الحكومة”.

في واشنطن، قال بلينكن في مؤتمر صحافي “أنا واثق وأتوقع أنّ التنفيذ سيبدأ، كما قلنا، يوم الأحد”.

وينصّ الاتفاق على ثلاث مراحل، على أن تشمل مرحلته الأولى التي ستمتدّ على ستة أسابيع، على وقف العمليات العسكرية والإفراج عن 33 من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة منذ بدء الحرب إثر هجوم غير مسبوق لحماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وذلك مقابل إطلاق مئات من المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وسيتم التفاوض على إنهاء الحرب بالكامل خلال هذه المرحلة الأولى.

كما تنصّ هذه المرحلة الأولى من الاتفاق على إدخال مساعدات إنسانية مكثفة الى قطاع غزة.

ورحبّت الأمم المتحدة ودول عدّة في كل أنحاء العالم بإعلان الاتفاق.

– “زلزال” –

واحتفل آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر والمدمر جراء الحرب بإعلان الاتفاق، قبل أن ينغّص عليهم فرحتهم قصف إسرائيلي عنيف بدأ ليل الأربعاء واستمر ساعات طويلة.

واستفاق سكان غزة صباح الخميس على أعمدة دخان فوق القطاع، وأشلاء جثث، وركام، بعد غارات إٍسرائيلية تواصلت لساعات وخلّفت 81 قتيلا خلال 24 ساعة، حسب وزارة الصحة في القطاع.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن “سلاح الجو قصف خلال الساعات ال24 الأخيرة نحو 50 هدفا إرهابيا في أنحاء مختلفة من” غزة، مضيفا أن “بين الأهداف عناصر في حركتي حماس والجهاد الإسلامي الإرهابيتين وبنى تحتية إرهابية ومستودعات ذخيرة ومواقع لإطلاق صواريخ ومواقع لصنع أسلحة ومراكز مراقبة”.

وقال سعيد علوش، من سكان غزة، “كنا ننتظر الهدنة وكنا سعداء. كانت أسعد ليلة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر”، مضيفا “فجأة… تلقينا نبأ استشهاد 40 شخصا”، بينهم أحد أقربائه، “فرحة المنطقة بأسرها تحوّلت إلى حزن، كما لو أنّ زلزالا وقع”.

في تل أبيب، قالت يوليا كيديم “نحن خائفون بعض الشيء (…) من انهيار الاتفاق، لكننا نبقى إيجابيين”، واصفة عودة الرهائن لإسرائيل بأنها ستشكّل “فرحة حقيقية”.

وحذّرت حماس إسرائيل من أنّ القصف قد يعرّض حياة الرهائن في غزة للخطر.

– “صفقة خطيرة”-

وكان الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ اعتبر الأربعاء أنّ الاتفاق هو “الخيار الصحيح” لإعادة الرهائن.

في المقابل، ندّد وزير المال الإسرائيلي، اليميني المتطرّف، بتسلئيل سموطريتش الخميس بـ”صفقة خطرة” لأمن إسرائيل، موضحا أن وزراء حزبه سيصوّتون ضدها.

وكانت حماس أكّدت الأربعاء أن الاتفاق “إنجاز” للمقاومة و”ثمرة صمودها الأسطوري”.

ورأى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي الخميس أنّ “صبر سكان غزة وثبات المقاومة الفلسطينية أجبرا الكيان الصهيوني على التراجع”، معتبرا أنّ إسرائيل “هُزمت”.

وتسبّب هجوم حماس على  إسرائيل بمقتل 1210 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.

وقُتل أكثر من 46788 فلسطينيا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة في غزة تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فقد تضرّر، حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر، أو دُمّر ما يقرب من 69% من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170,812 مبنى.

وأعلن ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن الخميس أنّ إعادة بناء النظام الصحي في قطاع غزة تتطلب 10 مليارات دولار على الأقل خلال الأعوام المقبلة.

– إعمار –

وأعلنت مصر استعدادها لاستضافة مؤتمر دولي من أجل إعادة إعمار غزة.

ودعت الخارجية المصرية “المجتمع الدولي لدعم الجهد الإنساني وتقديم المساعدات لقطاع غزة، والبدء في مشروعات التعافي المبكر” تمهيدا لإعادة الإعمار.

وأعلن الاتحاد الاوروبي الخميس مساعدة إنسانية للقطاع بقيمة 120 مليون يورو، هدفها مواجهة “الوضع الكارثي” فيه.

وهدّد زعيم المتمردين الحوثيين في اليمن الخميس بأنّ جماعته المدعومة من إيران ستواصل شنّ هجمات على إسرائيل إذا لم تلتزم الدولة العبرية اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

ورحّب الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيّان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع في أبوظبي الخميس باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدين أن “حل الدولتين هو السبيل لتحقيق الاستقرار والسلام الدائم والشامل في المنطقة”.

وكان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني أوضح الأربعاء أن المحتجزين الإسرائيليين الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى هم من “النساء المدنيات والمجندات والأطفال وكبار السن والمرضى والجرحى المدنيين”.

وأشار إلى أن “فريقا مشتركا” من الولايات المتحدة وقطر ومصر “سيراقب تنفيذ الاتفاق”.

وأعلن بايدن أن المرحلة الأولى “تتضمن وقفا كاملا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من كل المناطق المأهولة في غزة”.

وأوضح أن المرحلة الثانية ستتضمن “تبادل (معتقلين فلسطينيين مقابل) الإفراج عن بقية الرهائن الأحياء، بمن فيهم الجنود الذكور، وسيتمّ سحب كلّ القوات الإسرائيلية المتبقية من غزة، وسيصبح وقف إطلاق النار المؤقت دائما”.

أما في المرحلة الثالثة، فستتمّ “إعادة رفات الرهائن المتبقّين الذين قتلوا إلى عائلاتهم، وستبدأ خطة إعادة الإعمار الكبرى في غزة”.

وأكّدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية الخميس أنّ “الجرائم الشنيعة” التي ارتكبت منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في إسرائيل وقطاع غزة “يجب أن لا تمرّ دون عقاب”.

وقالت المديرة التنفيذية لهيومن رايتس ووتش تيرانا حسن خلال مؤتمر صحافي عقدته بمناسبة نشر التقرير السنوي للمنظمة “رغم توصّل مسؤولين من إسرائيل وحماس لاتفاق أمس (الأربعاء) لوقف لإطلاق النار على مراحل، إلا أن الجرائم الشنيعة التي ارتُكبت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبعد ذلك التاريخ ينبغي أن لا تمر دون عقاب”.

بور/دص-رض/بم-جص

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية