إشكالات تواجه إدماج الاجانب في المجتمع السويسري
تعتبر قضية ادماج الاجانب في المجتمع السويسري من القضايا الهامة التي تحتل مكانة بارزة في اهتمامات المجتمع، نظرا لعدد الأجانب الكبير المقيمين في سويسرا مقارنة مع بقية الدول الاوروبية، و لارتباطهم بجميع نواحي الحياة السويسرية تقريبا. فقد بلغت نسبة الاجانب المقيمين في سويسرا حتى موفى عام 2000 19.3% حسب بيانات الرسمية.
تهتم الأحزاب السياسية في سويسرا بمشكلة اندماج الأجانب في محاولة للوصول إلى نتيجة تحافظ على تجانس المجتمع السويسري، و منها مثلا مؤتمر نظمته لجنة المرأة التابعة لحزب الشعب الديموقراطي المسيحي عنوان “جارتي اجنبية” و اهتم بقضية اندماج الأجانب في المجتمع السويسري، و طالب بضرورة بذل المزيد من الجهد للعمل على إزالة العقبات التي تقف في طريق ادماج الاجانب في المجتمع السويسري.
و أكد المؤتمر على حل هذه المشكلة لا يقع فقط على عاتق الأجانب بل يتحمل الجانب السويسري ايضا جزءاً في مسئولية الاندماج مع الاجانب المقيمين في سويسرا.
وزيرة العدل و الشرطة روث متسلر و هى عضوة في حزب الشعب الديموقراطي المسيحي صرحت بأن تغيير قانون الحصول على الجنسية السويسرية يحتاج إلى وقت و دراسة، نظرا لتشعبه بين القوانين الداخلية للدويلات و القانون الفيدرالي، و طالبت بضرورة الفصل بين طالبي حق اللجوء إلى سويسرا و بين الاجانب المقيمين فيها بصفة قانونية منذ وقت طويل و يبلغ عددهم مليون و اربعمائةِ الف اجنبي من مختلف الجنسيات و القوميات.
ولكن دراسات و تقارير اللجنة الفيدرالية للأجانب تدل على أن الحكومة السويسرية ليس لديها الرغبة في تغيير سياسة تجنس الأجانب نظرا لان سويسرا ليست كالولايات المتحدة أو استراليا أو كندا ، تلك الدول التي لديها القدرة على استضافة اعداد جديدة من الأجانب و تجنيسهم بصفة منتظمة، مما يجعل عمل اللجنة الفيدرالية للاجانب صعبا.
فمن ناحية تسعى هذه اللجنة إلى التقارب بين الاجانب المقيمين في سويسرا و المجتمع السويسري، و من ناحية اخرى يأتي تخوف السويسريين من تزايد عدد الأجانب، و تمثل هذا في رفضهم لتغيير قانون منح الجنسية في استفتاء عام اربعة و تسعين، مما جعل موضوع قانون الجنسية و ادماج الاجانب اشبه بحقل الغام للاحزاب السياسية و لا يبقى أمام هذه اللجنة إلا بناء جسور من الثقة بين الجانبين.
فالاجانب المقيمين منذ عشرات السنوات في سويسرا و الاجيال الثانية التي ولدت و تعلمت في المدارس السويسرية يشكلون جزءا لا يتجزأ من واقع المجتمع السويسري اليومي، يعرفه السويسريون جيدا، و لكن تبقى الاحكام المسبقة على قومية بعينها هى المقياس الذي يتعامل به السويسريون مع الاجانب، مثل ما حدث في قرية “امن” التي رفضت إدارتها منح الجنسية لتسعة عشر مواطن من اصل يوغوسلافي على الرغم من استيفائهم لكافة الشروط التي تخول لهم الحصول على الجنسية السويسرية، و لكن الصورة السلبية المترسخة عن ابناء البلقان حالت دون حصولهم عليها.
و تحذر اللجنة الفيدرالية للاجانب من أن الفجوة بين الأجانب و السويسريين في تزايد مستمر، و ذكَّرَ أن سويسرا التي قبلت بالاجانب في فترة ما يجب أن تسعى إلى ادماجهم في المجتمع و القبول بالواقع المتمثل في استمرار تواجدهم من خلال الأجيال الثانية.
مدينة شليرن هى احدى مدن دويلة زيوريخ و تبلغ نسبة الاجانب فيها ثمانية و ثلاثين في المائة، قامت بمحاولة للتقرب بين الأجانب و السويسريين، فقامت بطبع كتيبات باللغات الاصلية للاجانب توضح لهم واجباتهم و حقوقهم، كما فتحت باب الحوار بينهم و بين المسئولين في كافة المشاكل المتعلقة بهم، و تدرس إدارة هذه المدينة بعض المقترحات الاخرى التي تعمل على توعية الجانبين السويسري و الاجنبي بما له و ما عليه، و مثل هذه الخطوات تعتبر إيجابية لأزالة الحاجز الذي يقف امام ادماج الاجانب في سويسرا.
تامر أبو العينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.