إضراب تحول إلى مشاجرة
في حدث فريد على الحركة العمالية في سويسرا تحول إضراب سلمي لعمال الحفر والبناء في نفق لوتشبرغ إلى مشاجرة وعراك بالأيدي مما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص على الأقل، لتلقي هذه الحادثة بظلالها على المفاوضات التي تجريها نقابات عمال البناء مع أرباب العمل.
العمال في نفق لوتشبرغ بدءوا إضرابا منذ صباح الخميس الثامن عشر من أبريل ولمدة أربع وعشرين ساعة احتجاجا على ظروف العمل التي يعتبرونها قاسية، إلا أن هذا الإضراب المشروع شهد مشادة بين نقابة العمال والشركة المنفذة وهو أمر نادر الحدوث في سويسرا وتحول إلى مشادة بالأيدي بسبب الاتهامات المتبادلة بين الطرفين ومحاولة إدانة كل طرف للأخر، مما يدل على حساسية الموقف ورغبة كلا الطرفين، العمال وارباب العمل، في فرض رأيه على الآخر.
نقابة عمال الصناعة والبناء في سويسرا أيدت العمال في إضرابهم ورأت أنهم يعملون تحت ظروف غير مقبولة، في النفق الذي يقع في منطقة فيردين في كانتون فاليه جنوب غرب سويسرا، ويشارك فيه مائتان وخمسون عاملا من سويسريون وألمان وإيطاليين في خليط بين حديثي العهد بالمهنة ومن يعملون فيها منذ ما يزيد عن عقدين، ويؤكد جيني مورار من النقابة بأن ظروف العمل في نفق لوتشبرغ من القسوة بحيث لا يمكن مقارنتها مع أي مكان عمل آخر.
فالحرارة تصل أحيانا إلى أربعين درجة مؤوية والهواء يكون مشبعا بالغبار وبنسبة كبيرة بغاز النشادر دون إمكانية للتهوية مع وجود عوادم آلات الحفر، وطبقا لمصادر النقابة فإن العمال يعانون من الإعياء وضيق التنفس مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة التردد على الأطباء ومن ثم ارتفاع معدل الإجازات المرضية.
شكاوى متكررة … واتهامات متبادلة
الشكاوى من تلك الظروف الصعبة ليست حديثة العهد، بل بدأت منذ عام تقريبا وتم إخطار شركة لوسينغر المسؤولة عن المشروع وهي إحدى شركات مجموعة بيوغو المتخصصة في أعمال تشييد الطرق، إلا أن كلا من الطرفين لم يتخذ حتى الآن أية إجراءات لتحسين ظروف العمل المضنية للعمال، وذلك حسب مصادر النقابة.
إلا أن شركة Alptransit التي من المفترض أنها تراقب أعمال الحفر والبناء في نفق لوتشبرغ نفت مزاعم نقابة الصناعة والبناء، واعتبر نيكول بايار المتحدث باسم الشركة أن هذه المزاعم ما هي سوى مبررات لتراجع أعمال الحفر في النفق وتأخر موعد الانتهاء منه بشكل لا يتناسب مع المتفق عليه مع الشركة المنفذة.
وقد أعتبر المتحدث باسم Alptransit في بيان صحفي أن الإضراب غير قانوني ويتناقض مع الاتفاقيات المبرمة مع الشركة سابقا، مؤكدا على أن نسبة كبيرة من العمال ترغب في مواصلة العمل وأن الأقلية منعتهم من ذلك، وأن عددا قليلا من العمال قام بمنع عمال فترة الظهيرة من البدء في العمل وهو ما اعتبره إخلالا بنظام العمل.
محاولة لاحتواء الازمة
نقابة عمال البناء والصناعة مدعومة من اتحاد النقابات السويسرية أكدت على حق العمال المشروع في الإضراب والاحتجاج على ظروف العمل الغير مناسبة وحملت الشركة المنفذة مسؤولية ما وقع، في الوقت نفسه طالبت بعدم تصعيد الأمر تفاديا لأن يأخذ حجما أكبر من حجمه الطبيعي.
تحويل الإضراب إلى مشاجرة ووقوع ضحايا بإصابات صغيرة والاتهامات المتبادلة بين نقابات العمال والشركات سيلقى بظلاله على المفاوضات بين عمال البناء وأرباب العمل حول تقليل سن التقاعد إلى الستين بدلا من الخامسة والستين، وإذا لم يتدخل العقلاء في الوقت المناسب لتهدئة الأوضاع فقد يتطور الأمر إلى إضرابات أخرى لتزيد من الصعوبات التي يعاني منها أصلا قطاع البناء في سويسرا.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.