إقبال كبير للسياح العرب على منطقة جبال الألب في كانتون برن
تشهد منطقة جبال الألب في كانتون برن قدوم موجة جديدة من السياح العرب الراغبين في التعرف على المعالم التقليدية لسويسرا من جبال ومروج وأنهار وبحيرات وثلوج أبدية.
الإقبال الجديد دفع الجهات المعنية بالسياحة في المنطقة التي تُعرف بـ “الأوبرلاند البرناوية” الى التكيف مع متطلبات السياح العرب والعمل على تنويع العروض الموفية برغبات هذه الفئة من السياح، التي هي “في ارتفاع مستمر”، مثلما يؤكد ستيفان أوتس، مدير مكتب السياحة في انترلاكن.
اهتمت عدة صحف سويسرية في الأشهر الأخيرة بظاهرة جديدة تتمثل في ارتفاع عدد السياح الخليجيين المترددين على منطقة انترلاكن وآدلبودن الواقعة في جبال الألب بكانتون برن، بعد ان كانت جنيف ومونترو والمنطقة المحيطة ببحيرة ليمان غرب سويسرا تستحوذ على اهتمام السياح العرب بالدرجة الأولى.
ويجد هذا التطور ترحيبا كبيرا من قِـبل مكاتب السياحة في المنطقة، التي سارعت الى بذل مجهودات إضافية للتكيف مع متطلبات هذه الفئة الجديدة من السياح، مثلما يشرح مدير مكتب السياحة في انترلاكن في حديث خص به سويس إنفو.
سويس إنفو: بوصفكم مدير مكتب السياحة في انترلاكن، كيف تقيمون ظاهرة ارتفاع أعداد السياح العرب المترددين على المنطقة في الآونة الأخيرة؟
ستيفان أوتس: إننا نعتبره تطورا إيجابيا. فقد اعتنينا بالترويج لمنطقتنا في البلدان العربية منذ عام 2003 بتعاون وثيق مع شركائنا في المنطقة، وهذا التطور لم يأت بين عشية وضحاها، بل إنه تطور تدريجي سنة بعد سنة وشهد ارتفاعا متواصلا في عدد الليالي التي يقضيها الزوار من بلدان الخليج بالمنطقة. إنه أمر إيجابي بالنسبة لنا، لأنه يشكل فتح أسواق جديدة تتميز بزبائن يقيمون لفترة أطول نسبيا، وينفقون مبالغ هامة مقارنة مع باقي الزبائن، كما يمثل سوقا هامة بالنسبة لنا في منطقة إنترلاكن.
سويس إنفو: هل لديكم بعض الإحصائيات عن هذا النمو المسجل في توافد السياح العرب؟
ستيفان أوتس: بالطبع، فقد سجلنا ارتفاعا في الفترة ما بين يناير ويونيو من هذا العام يقدر بـ 50% عما كان عليه في العام الماضي. وللحصول على معطيات تتعلق بسنة كاملة، يمكن العودة إلى إحصائيات العام الماضي وما سبقه. إذ سجلنا في عام 2007 زيادة بنسبة 80% عن العام السابق، بحيث لدينا اليوم أكثر من 16000 ليلة حجز من دول الخليج. ولنا توقعات بأن تشهد سنة 2008 زيادة بحوالي 50% كحد أدنى.
سويس إنفو: كيف تم تكييف المنشآت وتصرفات الساهرين على السياحة في المنطقة لكي تتلائم مع متطلبات هذه الفئة من السياح العرب؟
ستيفان أوتس: في الواقع، لم نقم بعد بإدخال تغييرات كبرى على المنشآت، بل فقط بدأنا بتحسيس الموظفين والساهرين على الخدمات السياحية في الفنادق، مثل فنادق الأربعة والخمسة نجوم، حيث تم إدخال وجبات غذائية تحتوي على لحم حلال. وعلى سبيل المثال اعتمد فندق “فيكتوريا غفراو” نظام تخصيص المسبح بعد الساعة العاشرة مساءا للنساء القادمات من منطقة الخليج، حتى تستطعن السباحة بدون إزعاج.
سويس إنفو: من ضمن هذه المحاولات للتأقلم مع متطلبات السياح العرب، هل تعتزمون اتخاذ إجراءات للتكيف مع تزامن فترة الإجازات الصيفية من الآن فصاعدا مع شهر رمضان؟
ستيفان أوتس: إننا نفكر في خطوات في هذا الاتجاه، مثل فتح المحلات التجارية في المساء بعد الإفطار أو تنظيم جولات سياحية ليلية أو رحلات خاصة بالزبائن العرب ليلا على متن البواخر في البحيرات المختلفة.
سويس إنفو: وماذا عن ردود فعل الجمهور بالمنطقة على هذا التوافد الكبير للسياح العرب؟ وهل يُبذل مجهود للتوعية في هذا الإطار لتفادي حدوث مشاكل؟
ستيفان أوتس: ليست هناك في الوقت الحالي مشاكل تُـذكر على الإطلاق، ولو أن الأمر ملفت للأنظار عندما يتوافد عدد من السياح العرب على المنطقة، وبالأخص السيدات المرتديات للحجاب والعباءة. فهذه المنطقة السياحية تعودت على توافد موجات مختلفة من السياح. فقد عرفت موجة السياح اليابانيين قبل 15 أو 20 سنة، وكان ذلك بالأمر الجديد على انترلاكن، ثم تلاهم الهنود ثم الصينيون، واليوم يقدم السياح من بلدان الخليج.
ولكن يجب أن أقول إن الفنادق عرفت بعض التحديات، ولا أقول بعض المشاكل، لذلك، علينا أخذ الموضوع بجدية وإننا ننظر مع الفنادق في إمكانية تنظيم دروس في فصل الشتاء للساهرين على الخدمات السياحية لتوعيتهم وتحسيسهم ببعض متطلبات الزبائن العرب، لكن عموما يمكن القول أن الأمور تسير لحد الآن بدون مشاكل تُذكر.
سويس إنفو: يُقال إن منطقة أنترلاكن تقدم أحسن نموذج عن الكليشيهات التي تميز سويسرا من جبال ومياه وخضرة وثلج وبيوت ريفية. ما الذي يستهوي هؤلاء السياح العرب بالدرجة الأولى في منطقتكم؟
ستيفان أوتس: أكيد ان لدى هؤلاء السياح بعض الصور وبعض الكليشيهات عن سويسرا، مثل البحيرات والجبال المغطاة بالثلوج والمراعي الخضراء الممتدة وقطعان البقر والجبن والحليب والموسيقى المنبعثة في بوق الألب والهواء النقي، وهذه المعالم يمكن أن يعيشها الزائر ويقف عليها بنفسه أثناء زيارته لمنطقتنا.
سويس إنفو: ذكرت أن هذا المجهود تم التحضير له بحملات ترويج في البلدان العربية. كيف كانت حملات الترويج التي قمتم بها ومن استهدفت بالتحديد؟
ستيفان أوتس: لقد قمنا بحملات تستهدف الساهرين على القطاع السياحي ووكالات الأسفار، ولم نقم بحملات موجهة للجمهور العريض، لأن إمكانياتنا لا تسمح لنا بذلك. وبما أن أغلب الزوار من منطقة الخليج يقومون بحجوزاتهم عن طريق مكاتب السفر، فقد كانت هي محط اهتمامنا.
لقد تعودنا على زيارة دبي مرتين في السنة، والمشاركة في العديد من المدن، إما في حملات تتم بالاشتراك مع المكتب السويسري للسياحة أو مع شركاء آخرين، مثل معرض السياحة العربي. وعادة ما تكون مشاركتنا رفقة شركاء سياحيين من المنطقة، مثل فنادق الخمسة نجوم وشركات خطوط النقل الجبلية “شيلتهورن” أو “يونغفارو يوخ”.
وحتى بالنسبة للفنادق، نلاحظ أن الإقبال لم يعد يقتصر على فنادق الخمسة نجوم، بل أيضا على فنادق الأربعة أو الثلاثة نجوم. ولدي اعتقاد بأن فئة السياح العرب شهدت تغيرا نحو جيل جديد، بدل الجيل الذي كان متعودا على التردد على بحيرة ليمان في جنيف أو في مونترو أو يملك بيوتا فيها.
فجيل السياح العرب الحالي، يرغب في التعرف على شيء جديد، ويرغب – بعد اطلاعه على جنيف ولوزان ومونترو – في إشباع فضوله بالتعرف على مناطق أخرى. ولحسن حظنا، أن وقع اختيار السياح من بلدان الخليج على منطقتنا بكل ما تملكه من مناظر طبيعية ومنشآت سياحية. وقد بدؤوا يروجون لذلك، كما تناقلت وسائل الإعلام خبر هذا التوافد الكبير للسياح العرب على المنطقة. وأعتقد بأن مردّ ذلك تغير في جيل السياح العرب، لأن جيل الشباب يبدو أكثر قابلية للحركة وحب الإطلاع.
سويس إنفو: هل حددتم سقفا لعدد السياح العرب الذين يمكن للمنطقة أن تستهويهم والذي يمكن بعد بلوغه القول أن الهدف المنشود قد تم تحقيقه؟
ستيفان أوتس: إننا نشعر في الوقت الحالي بأن الأمور تسير على أحسن ما يُرام، وهذا ما تؤكده الأرقام المسجلة منذ سنوات، ولكننا نعتقد بأن إمكانيات المنطقة لاستيعاب المزيد من السياح العرب ما زالت متوفرة. وإذا كنا قد سجلنا اليوم حوالي 16000 ليلة حجز سنويا، فإنني أعتقد أن مضاعفة عدد السياح العرب بالمنطقة أمر ممكن وهذا ليس فقط أثناء عطلة الصيف، بل أيضا اثناء فصل الشتاء، لأن منطقة إنترلاكن منطقة يسهل الوصول إليها حتى في فصل الشتاء، لأنها ليست في مكان مرتفع جدا، وبالتالي، يمكن الإقامة فيها مع تنظيم رحلات الى المناطق الثلجية في “مورن” و “غريندلفالد” و”فينغن”، وهذا يعتبر خاصية تتميز بها إنترلاكن.
سويس إنفو: في سياق الجهود المبذولة لتسهيل إقامة السائح العربي في منطقة انترلاكن، يبدو أنكم تحاولون إصدار نشرات باللغة العربية أيضا؟
ستيفان أوتس: بالطبع، لأننا نعتقد أنه من الفائدة بمكان تشجيع السائح على القدوم من خلال مخاطبته بلغته، لذلك، أقدمنا على نشر كتيب باللغة العربية وعدد من النشرات الجانبية التي تشرح ما يمكن أن تقوم به العائلات أثناء إقامتها في انترلاكن، وما هي المعالم التقليدية السويسرية، وهذا ما لقي إقبالا كبيرا، سواء لدى الحرفيين الساهرين على الحملات الترويجية في البلدان العربية أو من قبل السياح أثناء تواجدهم في الفنادق في انترلاكن.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
في موسم 2006/2007:
من دول الخليج: 20883 سائحا
من مصر: 4682
من بلدان شمال إفريقيا: 9418
في موسم 2007/2008 يُتوقع أن ترتفع هذه الأرقام أو تنخفض كالتالي:
من دول الخليج إلى: 29943
من مصر الى: 5265
من بلدان شمال إفريقيا الى: 9347
خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام، عادة ما يمثل السياح الوافدون من منطقة الخليج حوالي 80% من حجم مبيعات الفنادق الفخمة خلال الموسم السياحي.
وتدر هذه الفئة من السياح دخلا يقدر بحوالي 50 مليون فرنك (حجوزات فنادق) وحوالي 50 مليون فرنك إضافية (نفقات مطاعم ومشتريات وهدايا..).
سجلت منطفة إنترلاكن ما بين عامي 2003 و2008 نسبة ارتفاع في عدد السياح الخليجيين تتراوح ما بين 7% و 80%، وقد بلغ عدد ليالي الحجز في انترلاكن في الموسم 2007/2008 حوالي 16000 ليلة حجز، ويشير مدير مكتب السياحة بالمدينة إلى أن المؤسسات السياحية والفندقية بالمنطقة قادرة على استيعاب ضعف هذا العدد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.