مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“إنها الوظيفة المُستحيلة بامتياز”!

يعتقد السفير السابق يينو شتاهلين أن التاريخ سيتذكر السيد كوفي أنان كأحد كبار الأمناء العامين للأمم المتحدة (تاريخ الصورة 28 مايو 2003 في جامعة زيورخ) Keystone

اختار مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين 9 أكتوبر في نيويورك الكوري الجنوبي بان كي مون أمينا عاما للأمم المتحدة خلفا للسيد كوفي أنان.

السفير السابق يينو شتاهلين، أول ممثل دائم لسويسرا لدى الأمم المتحدة، جرد حصيلة العقد الذي قاد فيه الإفريقي أنان المنظمة الدولية، مسلطا الضوء على نقاط القوة، ومناطق الظل، وتحديات منصب شبهه بـ”المهمة المستحيلة”، وعلاقات أنان بسويسرا.

سويس انفو: ما هو تقييمكـم للسنوات العشر التي قضاها كوفي أنان على رأس الأمم المتحدة؟

يينو شتاهلين: حصيلة الخمس سنوات الأولى جيدة جدا، وتـُوجت بجائزة نوبل التي حصلت عليها منظمة الأمم المتحدة وأمينها العام (في 2001). بينما سيطرت الأزمة العراقية على السنوات المـُوالية. لكن كوفي أنان سيظل بالتأكيد أحد أكبر الأمناء العامين للمنظمة التي ستحمل بصماته.

سويس انفو: ما هي أبرز الضربات التي تلقاها الأمين العام الغاني خلال مدة انتدابه؟

يينو شتاهلين: إنّ دورَ الأمين العام ضعيف مبدئيا. فهو يـُعتبر، وفقا لميثاق المنظمة، أعلى مُوظف في الأمم المتحدة. ليس أكثر. وبالتالي يعتمد كل شيء على الاحترام الذي يحظى به والسلطة التي ينجح في تثبيتها.

خلال انتدابه الأول، وبفضل مبادراته وشخصيته الكاريزمية، فرض كوفي أنان نفسه كشخص يتمتع بنوع من السلطة الأخلاقية.

وفيما بعد، اندلعت الأزمة حول شرعية الإجراءات العسكرية ضد العراق. ودافع كوفي أنان عن الموقف المؤيد لاستحالة شن الحرب دون موافقة مجلس الأمن الدولي.

وبالتأكيد على هذا الموقف، دخل أنان في تعارض مع الإدارة الأمريكية، وهو ما يُفسر متاعبه. إذ يجب أن نستوعب جيدا أنه لا وجود للأمم المتحدة بدون الولايات المتحدة.

في المقابل، لا يجب أن تكون الأمم المتحدة أداة للسياسة الأمريكية. وبالتالي فإنه من الصعب جدا إيجاد مسلك بين الاتهامات بالخضوع للولايات المتحدة من جهة، وضرورة الإبقاء عليها في نفس المركب من جهة أخرى.

سويس انفو: وتعتقـدون أن كوفي أنان نجح في إيجاد ذلك المسلك…

يينو شتاهلين: اليوم، تحسـّنت العلاقات مع الولايات المتحدة. لكن بالنسبة لي، يظل من المُستحيل تقريبا تنفيذ تلك المهمة. إنها الوظيفة المُستحيلة بامتياز. ويتوجب التعجب لأنه مازال هناك أناس على استعداد لوضع أنفسهم رهن إشارة هذه الوظيفة.

سويس انفو: بعد عشرة أعوام مع كوفي أنان، هل تمكنت الأمم المتحدة من تحقيق أي تقدم أم ظلت تراوح مكانها؟

يينو شتاهلين: لقد تقدمت من حيث أنه لا يـُمكن بعد تصور العالم دون منظمة من هذا النوع، إذ نجحت في التحول إلى هيئة ضرورية. والدليل أن العالم يتوجه إليها بانتظام لدى اندلاع أزمة في مكان ما.

أما الوجه الآخر للعملة فيكمن في الصعوبة القصوى لتسوية مشاكل العالم بشكل عام. فالرأي العام يعتبر المنظمة مسؤولة عن إيجاد الحلول فور وضع المشاكل على طاولة الأمم المتحدة، لكن هذه الأخيرة لا تقوى على فعل أي شيء دون الدول الأعضاء فيها، وخاصة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.

سويس انفو: ما هي العلاقات التي ربطت كوفي أنان بسويسرا؟

يينو شتاهلين: لقد حظينا بفرصة هائلة لأن الأمين العام الذي تولى هذا المنصب لمدة عشرة أعوام، وخاصة أثناء الفترة التي عززنا فيها علاقاتنا مع المنظمة، كان يعرف سويسرا جيدا. فهو شخص يـُدرك دور ومكانة جنيف (الدولية) ويحب سويسرا. وكان مُحاورا مُتـفهما جدا تجاهنا.

سويس انفو: تناضل سويسرا من أجل إصلاح الأمم المتحدة. هل تعتقدون أن كوفي أنان قام بما يكفي في هذا المجال؟

يينو شتاهلين: لقد قام كوفي أنان بالكثير. فهو أقدم على مبادرات مختلفة لإعادة تنظيم الأمانة، عبر استحداث منصب نائب الأمين العام على سبيل المثال، وأيضا لتحضير المنظمة لمواجهة تحديات القرن الجديد.

لكن يجب أن ندرك أيضا أنه من الصعب للغاية الحصول على أغلبية الأصوات (في الجمعية العامة للأمم المتحدة) لفائدة الإصلاحات. فغالبا ما يتم الاصطدام بمعارضة كافة الأعضاء الذين يفضلون بقاء الحال على ما هو عليه. وهو موقف يتحول أحيانا إلى مسخرة.

أجرى الحوار بيير-فرانسوا بيسون – سويس انفو

(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)

من مواليد عام 1940 في بازل. تلقى تكوينه القانوني في برن وزيورخ وهارفارد.

شغل منصب ممثل سويسرا الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك من 1997 إلى 2004، ثم غادر الحياة الدبلوماسية. وكان في قلب النظام عندما انضمت سويسرا للأمم المتحدة في 10 سبتمبر 2002.

عُين أيضا سفيرا لدى اليابان ومفوضا عاما لسويسرا في معرض أيشي في اليابان عام 2005.

سيلتحق اعتبارا من 1 نوفمبر القادم باللجنة التي تضم 17 عضوا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف.

هو سابع أمين عام للمنظمة.

بدأ ولايته الأولى على رأس الأمم المتحدة في مستهل عام 1997، وتم تجديد انتدابه عام 2002. وتنتهي ولايته الثانية في موفى شهر ديسمبر القادم.

جاء انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة في منتصف حقبة أنان، في خريف 2002 إُثر تصويت شعبي.

أعرب رئيس الكنفدرالية موريتس لوينبرغر مؤخرا عن اعتقاده أن “الكثير من السويسريين صوتوا آنذاك لصالح الانضمام إلى الأمم المتحدة لأن المنظمة كانت تحمل وجه كوفي أنان”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية