إن بالإمكان أحسنُ مـمّـا كان!
أكدت السيدة ميشلين كالمي-راي أنها تعتزم تعزيز الشراكة القائمة بين وزارة الخارجية والمجتمع المدني السويسري في الملفات المرتبطة بالأمم المتحدة.
من جهتها، حثت ثلاثون منظمة غير حكومية الكونفدرالية على مزيد الإنخراط في أنشطة الأمم المتحدة.
يمكن القول أن المؤتمر الثاني للمنظمات غير الحكومية حول سويسرا والأمم المتحدة الذي نظمته جمعية “سويسرا – الأمم المتحدة” يوم الثلاثاء في برن قد جاء في وقت ملائم.
فبعد التحاق سويسرا بالمنظمة الأممية في شهر سبتمبر الماضي، جاءت الحرب الأمريكية البريطانية على العراق لتثير الكثير من التساؤلات واللغط حول مستقبل هذه المنظمة والدور الموكول إليها في ظل عالم أضحت تهيمن عليه قوة عظمى واحدة غير مسبوقة القوة.
لكن هذا الجدل الدولي لا يشغل ميشلين كالمي-راي أكثر من اللزوم. فقد أعلنت أمام خمسين ممثلا لحوالي ثلاثين منظمة غير حكومية سويسرية أنها تعتزم تعزيز الشراكة بين وزارتها وبين منظمات المجتمع المدني لأن هذا التمشي يتلاءم مع أولوية سبق للأمم المتحدة أن حددتها لنفسها من أجل أن تتمكن من رفع التحديات التي أصبحت تواجهها.
وفي هذا السياق، سوف تنظم سويسرا في شهر يونيو المقبل مؤتمرا دوليا في برن يضم ممثلين عن الدول التي تدعم ما يُعرف بـ”المعاهدة الدولية” (Global Compact)، وهي مبادرة أطلقتها الأمم المتحدة عام 1999 وترمي إلى تحسيس المؤسسات الإقصادية بالقضايا الإجتماعية والتنموية.
خطوات إلى الأمام
من جانب آخر، لم يُخف نشطاء المجتمع المدني السويسري الذين حضروا الندوة ابتهاجهم بالخطوات التي قطعتها الكونفدرالية إلى حد الآن. لذلك لخّـص كريستيان هابيرلي، نائب رئيس جمعية “سويسرا – الأمم المتحدة” النقاشات التي دارت طيلة اليوم لسويس إنفو قائلا: “لقد قامت سويسرا بخطوة في الإتجاه الصحيح. لكن بإمكانها الإنخراط بشكل أكبر”.
ويؤكد السيد هابيرلي أن وزيرة الخارجية أبدت تجاوبا مع المطالب التي تقدمت بها منظمات غير حكومية متباينة المشارب والإهتمامات مثل منظمة “السلام الأخضر” ومنظمة العفو الدولية ومجموعة العمل لمنظمات المساعدة الإنسانية واتحاد النقابات السويسرية ورابطة رجال الأعمال (EconomieSuisse) وفيدرالية المؤسسات السويسرية.
وفي معرض تعليقه على دعوة ميشلين كالمي-راي إلى “إقامة شراكة من نوع جديد مع القطاع الخاص والمجتمع المدني”، قال نائب رئيس الجمعية، التي تناضل من أجل حضور أفضل للمجتمع المدني في مجال السياسة الخارجية، “أعتقد أنه بإمكاننا تصديق الوزيرة”.
وفي اعتراف نادر، يقول نائب رئيس جمعية “سويسرا-الأمم المتحدة” في تصريحات لسويس إنفو:”إن المنظمات غير الحكومية تحيّي العمل الذي قامت به سويسرا منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2002″.
أما دانيال بولوماي المسؤول ضمن الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية فيعترف بأن “السياسة العامة المنتهجة من جانب سويسرا فيما يتعلق بحقوق الإنسان مثيرة للإهتمام” ويضيف بأن هذه السياسة كانت قائمة قبل التحاق الكونفدرالية بالأمم المتحدة، لكن سويسرا اتخذت منذ ذلك الحين مواقف أكثر شجاعة”.
وفي هذا السياق يشير بولوماي في تصريحات خاصة بسويس إنفو إلى الدور الهام الذي لعبته الكونفدرالية في بعث المحكمة الجنائية الدولية أو في تعزيز آليات معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب. وعلى الرغم من تثمينه للجهود السويسرية في مجال مكافحة التهريب والإتجار بالألماس في مناطق الحروب إلا أنه يرى أن “إجراءات الرقابة غير كافية”.
تطبيق المعاهدات
وبغض النظر عن بعض الملفات المحددة، عبرت أبرز المنظمات غير الحكومية المشاركة في اليوم الدراسي في برن عن رغبتها في أن تُشدد سويسرا داخل الأمم المتحدة على ضرورة التطبيق الفعلي للمعاهدات الدولية.
وفي هذا الإطار لم يكن من المتاح التغافل عن الأزمة العراقية. ففي حين ذكّـر دانيال بولوماي بأن الحرب ضد العراق شُـنـت في ظل انتهاك واضح للقانون الدولي، اعتبرت وزيرة الخارجية أن مرحلة ما بعد الحرب في العراق تمثل أحد أبرز التحديات التي تُواجه الأمم المتحدة.
وترى الوزيرة أن على الأمم المتحدة أن تلعب دورا مركزيا فيما يتعلق بتنسيق المساعدات الإنسانية وبضمان وحدة وسلامة الأراضي العراقية وفي مجال السيطرة على الموارد الطبيعية وفي إقامة حكومة ديمقراطية ومتعددة الأعراق في البلاد.
وعلى الرغم من أن العُـلوية التي يتمتع بها القانون الدولي قد أضحت موضع تساؤل في أعقاب التدخل الأمريكي- البريطاني في العراق إلا أنه “ليس بالإمكان التخلي عن الأمم المتحدة أو عن التشاور أو عن حماية البيئة أو عن التشريع الدولي” حسب قول السيدة ميشلين كالمي-راي.
لذلك فان سويسرا سوف تستمر في الدفاع عن النظام الدولي القائم حول الأمم المتحدة والقانون الدولي ضد العنف واللجوء إلى القوة. وعلى الرغم من معارضة العديد من الدول الكبرى للمحكمة الجنائية الدولية فان “الأمم المتحدة تظل المكان الذي يُمكن لسويسرا أن تُـروّج فيه لحقوق الإنسان” حسبما ورد في مُداخلة الوزيرة.
مطالب .. ووعود!
من ناحيتهم، لم يكتف ممثلو منظمات المجتمع المدني بامتداح المواقف السويسرية داخل الأمم المتحدة بل تقدموا بمقترحات عملية.
فعلى سبيل المثال، دعا دانيال بولوماي المسؤول في منظمة العفو الدولية سويسرا إلى دعم تيار دولي يُطالب بدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للإنعقاد من أجل بحث ما تعرض له القانون الدولي من انتهاكات في الحرب على العراق.
وفيما شهد الإجتماع تداول المشاركين فيه للتوصيات المقترحة من جانب المجتمع المدني على الحكومة السويسرية في سياق الإستعداد للدورة الثامنة والخمسين للأمم المتحدة المقبلة، حثت المنظمات غير الحكومية السلطات الفدرالية على إضفاء المزيد من التناسق والإنسجام على مُجمل سياستها الخارجية.
ويرى دانيال بولوماي أنه “لا يمكن لسويسرا أن تلعب دور مُحامية حقوق الإنسان في الوقت الذي تُبلور فيه سياسة مثيرة للجدل تُجاه الأجانب”.
في المقابل، يشير مُحاورنا إلى ما تعهدت به وزيرة الخارجية مؤخرا حيث أكدت ميشلين كالمي-راي لممثلي منظمات المجتمع المدني أن “تقرير الحكومة لعام 2004 حول الحقوق الإنسانية سيتمحور حول هذه القضايا المتعلقة بالتناسق”.
سويس إنفو
ناضلت جمعية سويسرا-الأمم المتحدة في مرحلة أولى من أجل انضمام الكونفدرالية إلى الأمم المتحدة.
لكن اهتمام المنظمة يتركز الآن على السعي لإدماج المجتمع المدني في التحركات سويسرا.
تترأس الجمعية النائبة البرلمانية آريكا فورستر-فانيني من كانتون سان غالن.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.