إيران – واشنطن .. على نفس الخط؟
استضافت طهران عشية انعقاد مؤتمر أحزاب وفصائل المعارضة العراقية محادثات جمعت عددا من المسؤولين والتيارات المناوئة للرئيس صدام حسين.
واعتبر المحللون هذه المحادثات على الأرض الإيرانية بمثابة قبول إيراني بالأمر الواقع الأمريكي القاضي بإزاحة الرئيس العراقي والإعداد لمرحلة ما بعد سقوط النظام.
علمت سويس انفو من مصادر لبنانية وثيقة الصلة بإيران، أن ثمة “انقساما خطيرا” داخل النخبة الدينية الحاكمة في طهران حول دعم إيران لواشنطن في حربها المتوقعة ضد العراق.
وأوضحت المصادر أن هذه المسألة أثارت أيضا توترات حادة داخل “حزب الله” اللبناني، الحليف الإقليمي الأبرز لإيران بعد سوريا في الشرق الأوسط، إذ اعتبرت الأطراف الأكثر راديكالية في حزب الله أن تواجد إيران مع أمريكا “في خندق واحد” ضد دولة إسلامية، “قد يكون أسوأ من فضيحة “إيران-غيت” التي أفقدت الثورة الإسلامية الإيرانية الكثير من بريقها”.
بيد أن تلك المصادر أشارت إلى أن هذا الانقسام (الذي لا يزال مستمرا)، لن يحسم دون تغلب منطق الدولة على منطق الثورة في طهران، وذلك للاعتبارات الآتية:
القرار الأمريكي الدولي بإسقاط نظام صدام حسين اتخذ وانقضى الأمر. ومن مصلحة إيران أن تكون على لائحة الضيوف في هذه “المأدبة الجديدة”، بدل أن تكون على لائحة الطعام لاحقا.
ستحاول طهران الإفادة إلى أقصى درجة من تجربة الحرب الأمريكية في أفغانستان، حيث أدى عدم التنسيق المشروط الإيراني مع الولايات المتحدة إلى إضعاف الحركة الشيعية الأفغانية بعد سقوط طالبان، وإلى بروز نظام سياسي موال بالكامل لأمريكا في كابول.
لن تستطيع إيران، حتى إذا أرادت (…) منع “المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق”، الذي يتزعمه أية الله محمد باقر الحكيم (وهو الحركة الشيعية العراقية الأبرز)، من المشاركة في حرب إسقاط صدام، ومن زج عشرات الألوف من مقاتليه داخل العراق وعلى الحدود مع إيران في المعركة.
اتفاق سري
هذه التبريرات “اللاإديولوجية” الإيرانية، تسوَّق بكثافة هذه الأيام لتمهيد الطريق، على ما يبدو، أمام المشاركة الإيرانية الكاملة في الحرب على العراق.
وأهم بنود هذه المشاركة هي: تحويل الحدود الإيرانية إلى منصة انطلاق لقوى المعارضة العراقية للزحف على جنوب بلاد الرافدين، وهذا أمر أكدته دوائر لبنانية وعراقية معارضة في بيروت. وقد أشارت إلى أن إعلان الحكومة الإيرانية، بأنها “لن تسمح باستخدام أراضيها للهجوم على العراق”، “ليس سوى لغو لا طائل من ورائه، وتنفيه على أي حال حشود قوات المجلس الأعلى الكثيفة التي الحدود العراقية- الإيرانية”.
وأكدت الدوائرالمطلعة أن وزير الخارجية الإيراني السابق علي اكبر ولايتي، أنجز بالفعل مسودة اتفاق إيراني – أمريكي سري لتنسيق الجهود ضد العراق. والثمرة الأولى لهذا الاتفاق كان “لقاء القمة” الذي عقدته منظمات المعارضة العراقية الست في طهران، عشية المؤتمر العام لقوى المعارضة في لندن.
وأوضحت المصادر أن إيران هي التي طلبت عقد هذه “القمة” في عاصمتها، ” للإيحاء بأنها ليست مجرد “بيدق” في ألعاب الحرب الأمريكية ضد العراق”.
والملفت هنا، أن مراقبا أمريكيا شارك في اجتماعات الفصائل العراقية المعارضة في طهران. وحين سُـئل الناطق باسم الخارجية الإيرانية، حامد رضا عن هذا الأمر، اكتفى بالقول، “هذا أمر جديد، لا اعتقد أنه حدث من قبل”.
والملفت أيضا، أن “قمة طهران”، ترافقت مع توقيع الرئيس الأمريكي بوش لتوجيه رئاسي يقضي بإنفاق 92 مليار دولار لتدريب وتسليح المعارضة العراقية بما في ذلك المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
النظام الجديد
على ضوء هذه التطورات، يعقد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن، الذي تضغط واشنطن بكل قوة لحمله على الخروج بـ “نظام جديد بديل لنظام صدام حسين”. ويعتقد المراقبون أنها ستنجح في ذلك، بعد أن بدا واضحا من قمة طهران أن المنظمات الست الممثلة لكل التركيبة العرقية والطائفية العراقية، ستكون هي عماد هذا النظام “الفدرالي” العراقي الجديد، سواء كانت هذه الفدرالية على النمط اللبناني (أي تقاسم السلطة لا الجغرافيا)، أو الألماني والأمريكي (ولايات وأقاليم متحدة).
وبرغم أن اللجنة التحضيرية لمؤتمر المعارضة العراقية دعت إلى عدم التسّرع في تشكيل حكومة عراقية مؤقتة في المنفى، إلا أن مصادر المعارضة العراقية في بيروت أشارت إلى أن المؤتمرين سيخرجون بمثل هذه الحكومة بإعلان أو بدون إعلان، بسبب إلحاح الولايات المتحدة.
وسيتم هذا، برأي المصادر، من خلال انتخاب “اللجنة الاستشارية” التي ستكون عمليا هي الحكومة المؤقتة التي تتمثل فيها كل قوى المعارضة، والتي ستتحدث باسم الشعب العراقي مع الولايات المتحدة والدول الأخرى.
وبغض النظر عن الشكل النهائي الذي ستولد فيه السلطة العراقية الجديدة من رحم مؤتمري طهران ولندن، يبدو واضحا أن إيران الدولة التي لا يقل دورها حول مستقبل العراق حسما عن الدور التركي، باتت في الجيب الأمريكي.
أما إيران الثورة، والتي ينتمي إليها العديد من عناصر حزب الله اللبناني، فهي تنظر إلى كل ما يجري بين طهران وواشنطن على أنه خطيئة إستراتيجية من الدرجة الأولى، وستكون مضاعفاتها فادحة على إيران نفسها أكثر من أي طرف آخر.
سعد محيو- بيروت
الفصائل العراقية المعارضة التي شاركت في اجتماع طهران:
المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، ويرأسه أية الله محمد باقر الحكيم
المؤتمر الوطني العراقي الذي يرأسه احمد شلبي
الحزب الديموقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني
الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني
الحركة الملكية الدستورية ويرأسها الشريف علي بن الحسين
حركة الوفاق الوطني العراقي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.