إيشباخر: سويسرا مستعدّة لمساعدة العراق
تُبدي سويسرا الكثير من الاهتمام بالعراق، وهي حريصة على الساهمة في إحياء مؤسسات المجتمع المدني والعناية بالبيئة، فضلا عن تقديم كافة الخبرات الممكنة في مجال البناء وإعادة الإعمار
مراسلنا في العراق أجرى لقاءً خاصا مع السيد مارتن إيشباخر، مدير مكتب الارتباط السويسري في بغداد
يقول السيد مارتن ايشباخر، مدير مكتب الارتباط السويسري في بغداد، إن السوق العراقية بالنسبة لسويسرا مهمة. فالعراق شريك مهم لنا من حيث الإمكانات البشرية والمالية المتوفّـرة في البلاد، وبروز الحاجة الملحة إلى إعادة البنية التحتية في كافة المجالات التي لحقت بها أضرار بالغة.
ومع اعترافه بأن الحرب وما نجم عنها أنشأت ظرفا صعبا ومعقدا بعض الشيء في هذا البلد، إلا أن السيد ايشباخر متفائل حيال مكانة الشركات السويسرية في العراق، ويأمل أن تجد الشركات السويسرية مكانة متميزة لها في السوق العراقية، التي قال إنها تعرف إمكانات تلك الشركات جيدا، لأنها تتعامل معها منذ زمن ليس بالقصير.
ويؤكد الدبلوماسي السويسري الذي جاء إلى بغداد في مايو الماضي على أن هناك انسجاما كبيرا بين مفردات الطلب العراقي والعرض السويسري، لكنه يشير إلى أن المشكلة الحالية هي الفوضى وعدم الاستقرار في العراق، إضافة إلى التدهور الأمني الذي يجعل الشركات تُـحجم عن المجيء إلى العراق. كما تقف بين المشكلات القائمة حاليا عدم وجود حكومة أو إدارة يمكن التعاقد معها، حيث لا وجود لوزارات أو مؤسسات حكومية في العراق تعمل حاليا بكل طاقتها.
وفي مجال إعادة بناء مؤسسات المجتمع المدني، فإن السيد ايشباخر يؤكد استعداد سويسرا للإسهام في هذا المجال البالغ الأهمية في العراق الجديد من خلال التنسيق مع الجهات العراقية المهتمة بذلك، ومنظمات الأمم المتحدة ومع قوة الاحتلال أيضا، رغم عدم تبلور الموضوع بكل أبعاده حتى الآن.
ويشير الدبلوماسي السويسري أيضا إلى إمكانية مساهمة برن في تقديم الخبرات الضرورية لصياغة دستور عراقي جديد في حال رغب العراقيون بالمساعدة والخبرة السويسرية، إلا أن كل ذلك مرهون بمجلس الحكم المؤقت الذي أُعلن مؤخرا، وبالمجلس الدستوري الذي يُـتوقّـع أن يتم تشكيله، والذي سيأخذ على عاتقه هذه المهمة.
مستعدون ولكن؟
في مجال البيئة، حيث الترابط الكبير بين تدهور البنى التحتية وتلوث البيئة الذي يُـعد واحدا من أخطر المشاكل القائمة في العراق حاليا، يوضح السيد ايشباخر أن البرنامج السويسري للمساعدات لم يركز على موضوع البيئة حتى الآن، حيث جرى التركيز على بعض الحالات المستعجلة، خاصة تلك المتعلقة بمجالات تنقية المياه الصالحة للشرب والصحة العامة والحالة الغذائية، وكل ذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل برنامج الغذاء العالمي، وهي برامج تتصل من بعض الجوانب بالوضع البيئي عموما.
ويُـلفت السيد ايشباخر النظر إلى أن سويسرا شاركت في تمويل دراسة عن الوضع البيئي في العراق، وهي دراسة قامت بها الأمم المتحدة، مؤكدا أن برن ستحاول في المستقبل النزر في الاحتياجات البيئية للعراق، وستحاول تلبيتها عند توفر الإمكانيات.
وعلى الرغم من تأكيده على أن كارثة إنسانية كبرى لم تحصل في العراق كما كان متوقعا، حيث لم تحدث حالة مجاعة خطيرة ولا حالة هجرة جماعية، إلا أن الدبلوماسي السويسري يؤكد أيضا على أن الوضع الإنساني في العراق صعب للغاية، خاصة في أعقاب الحرب، حيث تدهورت الحالة العامة للعراقيين وتفاقمت البطالة وارتفعت نسب الجرائم، كما أن انهيار أجزاء كبيرة من الدولة العراقية تسبَّـب هو الآخر في خلق مشاكل ضخمة.
وعلى الصعيد السياسي، يؤكد السيد ايشباخر أن قوى التحالف استعدت جيدا لمرحلة الحرب، لكنها لم تتهيأ جيدا لمرحلة ما بعد الحرب، وهذا هو انطباع عامة الناس في العراق بشكل عام، وأنا أشاركهم هذا التقييم، حسب تعبيره، حيث تفاقمت مشاكل الناس بسبب انعدام الأمن وانتشار الفوضى، وأحداث السلب والتدمير المتعمد الذي لحق كثيرا من المؤسسات.
وفيما عبّـر السيد ايشباخر عن أمل عميق باحتمال تحسن الوضع قريبا، إلا أنه أعرب أيضا عن قناعته – بمرارة – في أن التحسن المرتقب سوف لن يكون سريعا، لأن المشاكل اكبر بكثير مما هو متوقع.
ويعلن الدبلوماسي السويسري ترحيبه بقيام مجلس الحكم الانتقالي، ولو أن الصورة لم تتضح بعد بكل تفاصيلها تماما. وبحسب اعتقاده، فإن هذه الخطوة مهمة وضرورية، حيث يجب إعطاء العراقيين صلاحيات واسعة بأسرع وقت ممكن ليَـطمئِـن الشعب ويشعر بأنه يحدد مستقبله بنفسه.
لكن السيد ايشباخر يعيد تكرار القول، بأن تفاؤله بتحسن الأمور يرافقه إحساس بأن التحسن سيكون بطيئا وتدريجيا، كما يُـعرب عن خشيته من احتمال تأزم الأمور في العراق من جديد.
مصطفى كامل – بغداد
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.