اتجاه في سويسرا لتوحيد سياسات الاندماج
تختلف الممارسات المتعلقة باندماج الأجانب في الكنفدرالية من كانتون إلى آخر، حيث أقِـرت مؤخرا في بازل الأسس القانونية لأول عِـقد اندماج في سويسرا.
على المستوى الفدرالي، يرغب مجلس الشيوخ في إقرار تشريع بهذا الخصوص، وهو ما ترفضه الحكومة الفدرالية، التي تعتقد أن القانون الجديد حول الأجانب كافٍ لتلبية هذه الحاجة.
لا يتوفر الأجنبي المقيم في بازل أو في سولوتورن أو غيرها من الكانتونات السويسرية، والذي يرغب في الاندماج في المجتمع على نفس الوسائل والآليات.
ففي الوقت الذي أصبحت توجد فيه هياكل مكلّـفة بعملية الاندماج في شتى المناطق، لا زالت القوانين والمشاريع مختلفة من كانتون إلى آخر، بل من مدينة إلى أخرى.
فعلى سبيل المثال، طوّرت جنيف – التي تواجه إشكالية الاندماج منذ زمن طويل – ما يُـعرف بالوساطة الثقافية، إضافة إلى ذلك، تُـنفّـذ عمليات محدودة في مجالات مختلفة ترتبط بالاندماج، مثل عالم الشغل. ففي الخريف الماضي، تم إطلاق عملية “السيرة الذاتية المجهولة الهوية” بهدف مكافحة التمييز الذي يتعرض له الأجانب عند البحث عن عمل.
على المستوى التشريعي، تُـعتبر بازل رائدة في سويسرا، فقد راجع الكانتون في بداية شهر مارس 2007 قوانينه مع الأخذ بعين الاعتبار أحدث التوجهات في مجال الاندماج، وهو ما دفع للتركيز على مفهوم الجُـهد المتبادل. ففي هذا السياق، قد يجد بعض الأجانب، المقيمين في كانتون بازل، أنفسهم مرغمين على متابعة دروس في اللغة الألمانية وفي التعرف على الأعراف المحلية.
ويقول طوماس كيسلر، مفوض الاندماج في بازل “يجب تطبيق مبدأ (المساعدة والمطالبة) منذ اليوم الأول. إن سياسة الخطوات الصغيرة، ليست كافية، لذلك يجب إتِّـباع إستراتيجية لمرافقة الناس والترويج لمساواة حقيقية في الفُـرص”.
ويرى كيسلر أنه من المهم جدا أن يُـصبح لسويسرا قانون إطاري حول الاندماج “من أجل التعامل مع هذه الإشكالية بطريقة أكثر منهجية وأقل تجريبية”.
“الجميع يُـعيد اكتشاف العجلة”
في هذا السياق، اعتمد مجلس الشيوخ يوم 21 مارس 2007 لائحة أعدّها الحزب الراديكالي (يمين)، وهي تطالب بالخصوص بضبط الاحتياجات الدنيا فيما يتعلّـق بدروس اللغة وبالاندماج.
أما في كانتون نوشاتيل، الذي اعتُـبر رائدا عندما أقر في عام 1996 قانونا للاندماج، فإن حماية الأقليات قد تم التنصيص عليها في الدستور حين مراجعته في عام 2000، كما يتميز الكانتون باتساع حجم الحقوق السياسية التي يمنحها للأجانب المقيمين فيه.
من جهتها، ترى الحكومة الفدرالية أن القانون الجديد حول الأجانب، الذي أقره الشعب السويسري في شهر سبتمبر 2006، والذي يبدأ العمل به يوم 1 يناير 2008، كافٍ، خصوصا وأن الأوامر التطبيقية لهذا القانون، التي ستنطلق الاستشارة بشأنها يوم 28 مارس 2007، ستعمل على إضفاء المزيد من الانسجام على الإجراءات القائمة حاليا.
دومينيك بوايا، المتحدث باسم المكتب الفدرالي للهجرة، الذي سيُـكلّـف بتنسيق أنشطة الكانتونات في مجال الاندماج ابتداءً من عام 2008، يُـشدد من جانبه على أنه سيتم تشجيع التنسيق بين الجهود والتمويلات المشتركة للمشاريع.
أما من جهة اللجنة الفدرالية للأجانب، فتذهب سيمون برودويي إلى أن نقاشا وطنيا حول هذا الموضوع، يمكن أن يكون “مثيرا للاهتمام”، رغم كل شيء. في المقابل، تحاجج كريستيان لانغربرغر، عضوة مجلس الشيوخ عن الحزب الراديكالي بالقول “إن الناس يعيدون اكتشاف العجلة في كل مكان تقريبا، لذلك، فإن قانونا إطاريا سيتيح إمكانية الاعتراف بما يتم القيام به مع تحديد بعض العناصر المحورية (غير مُـلزمة بالضرورة)، التي تكون صالحة لمجمل البلد، يجب على الكنفدرالية أن تتّـخذ موقفا بخصوص هذه الإشكالية”.
رفض للبُـعد المُـلزم
لاشك أن مسألة اندماج الأجانب تحظى بأهمية فائقة في سنة تشهد فيها سويسرا تنظيم انتخابات برلمانية شاملة، لذلك، لم تتخلّـف الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي عن إعلان مواقفها بخصوص هذا الملف. وفيما رحّـب الجميع بالمبدإ الذي يُـقر “عِـقد الاندماج” في نص القانون الجديد، إلا أنهم يختلفون في المقابل، حول كيفية وضع هذه النوعية من العقود موضع التطبيق.
على يمين الطيف السياسي، يؤيد الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الشعب السويسري الربط بين الحصول على ترخيص الإقامة ومتابعة دروس في إحدة اللغات الوطنية، إضافة إلى ذلك، يرغب حزب الشعب في أن يتكفل الوافد الجديد بدفع تكلفة دروس الاندماج وفي أن يتم تقييم معارفه.
على يسار الخارطة السياسية، أثارت فكرة الربط بين الاندماج وبين إجراءات مُـلزمة، بعض الجدل. ففي شهر ديسمبر الماضي، وافق الحزب الاشتراكي على مبدإ “عِـقد الاندماج”، لكنه اقترح أن تقوم الكانتونات ببعث هياكل متابعة شخصية للأجانب.
مخاطر التمييز
من جهتها، أعربت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين عن مخاوفها بخصوص الطابع المُـلزم لعقود الاندماج، وتشير كريستين مولّـر، المسؤولة عن قضايا الاندماج في المنظمة، إلى أن “خطر حدوث تمييز كبير” وتساءلت من الذي يُـقرر أن العِـقد يجب أن يُـفرض على هذا الأجنبي أو ذاك؟ فبعض الكانتونات أكثر قمعا من البعض الآخر، لذلك، وتجنُـبا للممارسات الاعتباطية، سيكون من الجيّـد أن تجري المناقشة بخصوص هذا الموضوع على المستوى الوطني.
السيدة مولّـر لا تُـخفي تأييدها لمبدإ المعاملة بالمثل، لذلك، فهي مؤيّـدة لإقرار قانون إطاري على المستوى الفدرالي، وتقول “يُـمكن أن تتحول إلى فرصة جيدة، إذا ما رأت بعض الكانتونات أن الإمكانيات الموضوعة على ذمّـتها قد ارتفعت، وإذا ما أمكن الترويج لبعض المسائل، مثل المساواة بين السويسريين والأجانب. فما هي الفائدة من 26 حلا مختلفا”؟
سويس انفو – كارول فيلتي
(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)
خصصت الكنفدرالية تمويلات موجّـهة لتعزيز اندماج الأجانب للمرة الأولى في عام 2001.
في العام الأول، كان المبلغ المخصص يقدّر بـ 10 ملايين من الفرنكات، أما في الفترة من 2004 إلى 2007، فقد تم الترفيع في قيمة هذه المساعدات إلى 14 مليون فرنك في السنة.
تُـقدّر المعونات الفدرالية بحوالي 45% من النفقات الناجمة عن هذه المشاريع، أما بقية المبلغ فيتأتى من مِـنح تقدمها الكانتونات والبلديات.
يقوم المكتب الفدرالي للهجرة بالمشاركة في تمويل مشاريع تعزيز الاندماج، بناء على توصيات اللجنة الفدرالية للأجانب.
أكثر من 200 ألف أجنبي (من بين السكان الأجانب الذين يبلغ تعدادهم مليون ونصف شخص)، هم من الفقراء أو من المهددين بشدة بالفقر في سويسرا.
تصل نسبة الأشخاص الذين يعانون من الفقر في صفوف السكان الأجانب إلى 21،4%، وهي نسبة تزيد مرتين عما هو موجود لدى السويسريين.
تبلغ نسبة البطالة في صفوف الأجانب (8،9%) ثلاثة أضعاف نسبة البطالة لدى السويسريين (3،3%).
هناك حوالي 25 ألف شخص بدون عمل في صفوف الشبان المقيمين في سويسرا من أصول أجنبية.
تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 40% من المستفيدين من المساعدات الاجتماعية، حاملون لجنسيات أجنبية.
تتعلق نصف الأحكام المسجلة في السجل القضائي بأشخاص حاملين لجوازات سفر أجنبية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.