اتساع الخلافات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
تبدي البلدان الأوروبية انزعاجا متزايدا من السياسات أحادية الجانب التي تقودها الادارة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والمبادرات العدائية تجاه ايران والعراق. وأبرزت نقاشات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في نهاية الأسبوع الماضي في كاثيريس في اسبانيا اختلافا واضحا في تعاطي الطرفين مع أزمة الشرق الأوسط.
فبينما يدعم الرئيس بوش ارييل شارون في نهج مواصلة الضغط على الرئيس الفلسطيني المحاصر في رام الله، تستعجل بلدان الاتحاد الأوروبي ايجاد مخرج سياسي للأزمة بعد أن فشلت طروحات المعالجة الأمنية قبل كل خطوة سياسية.
وكان وزراء خارجية الاتحاد بحثوا مجموعة أفكار عرضتها فرنسا وتهدف إطلاق مبادرة سياسية تشد اهتمام الراي العام الفلسطيني وتعيد أمل السلام والتعايش بين الشعبين. وتشمل المقترحات الفرنسية تنظيم انتخابات عامة في أراضي الحكم الذاتي تمكن من تعزيز شرعية المؤسسات الفلسطينية وإعلان الدولة المستقلة وتبادل الاعتراف مع اسرائيل. وقال وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين بأن الوثيقة الفرنسية تهدف توفير الحلول السياسية للأزمة ووقف تدمير مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
وتمثل الورقة الفرنسية أساسا للمشاورات التي تجريها البلدان الأوروبية وتثير تحفظات خاصة في شأن تنظيم الانتخابات العامة. ويعتقد بعض الخبراء الأوروبيين بأن تنظيم الانتخابات في ظل الظروف الجارية قد يكون لفائدة المنظمات المتشدده والتي تعارض مسيرة السلام.
وتشير بعض المصادر إلى أن ألمانيا تعارض هذا الاقتراح تخوفا من نجاح عناصر راديكاليه في هذه المرحلة بالذات. ففي صورة تنظيم انتخابات عامة فان جميع الأطياف السياسية الفلسطينية ستطرح مرشحيها على الناخبين. وفي هذا الوقت الذي يشعر به الفلسطينيون بالغبن أكثر من أي وقت مضى من السهل توقع نجاح المرشحين الذين يلهبون حماسة الجماهير التي تعاني من تجاهل ونسيان المجتمع الدولي والحكومات العربية في نفس الوقت.
وحسب الرؤية الألمانية للمقترح الفرنسي فإن الانتخابات في مثل هذه الظروف ستحول أكثر المعتدلين إلى الراديكاليه طمعا في كسب الأصوات، وبالتالي فمن السهل أن تتشكل حكومة فلسطينية متشددة ينبغي حينها على الجميع التعامل معها لانها بكل بساطة منتخبة بشكل ديموقراطي.
قلق أوروبي
من جانبه تحدث وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكي عن الحاجة الى فتح آفاق سياسية في الظرف الراهن. لذلك جدد الاتحاد دعمه لما يسمى بوثيقة أبوعلاء ـ بيريز لأنها تتركز حول إعلان الدولة الفلسطينية وتبادل الاعتراف مع اسرائيل واستئناف مفاوضات الوضع النهائي بين دولتين.
ولاحظت المصادر الديبلوماسية الأوروبية بأن الرئيس بوش لم يساير طلبات ارييل شاورن مقاطعة الرئيس ياسر عرفات لكن توجهاته ظلت متقوقعة حول المعضلة الأمنية في حين يجمع كافة الخبراء والمراقبين بان طروحات الأمن أولا قد فشلت.
وتتسع الخلافات الأوروبية ـ الأميركية حول تقدير تطورات الوضع الاستراتيجي الإقليمي خاصة بعد وصف الرئيس بوش كلا من ايران والعراق وكوريا الشمالية بأنها دول “محور الشر”. وتذكر عبارة جورج بوش بأوصاف الحرب الباردة التي كان يستخدمها سلفه الجمهوري في عقد الثمانينات رونالد ريغن حين كان يصف الاتحاد السوفياتي آنذاك بامبراطورية الشر.
وينتقد الديبلوماسيون الأوروبيون اسلوب التبسيط والسطحية التي تطغى على خطابات الادارة الأميركية ودعا عضو المفوضية الأوروبية كريس باتين، وهو بريطاني، الى وقف الاعتقاد بأن السياسة الممكنه هي تلك التي تحظى بموافقة الولايات المتحده خاصة عندما تكون السياسة الأميركية مرتجلة غير ناضجة على حد قوله.
وعقب رئيس المفوضية رومانو برودي على قول زميله كريس باتين بأن الأخير لم يعبر عن رأيه الشخصي فحسب بل إنه عبر عن رأي المفوضية ككل. وهو تطور جديد يدل على انزعاج الأوروبيين من سياسة الولايات المتحده وقلقهم الشديد من المخاطر التي تقود اليها.
نورالدين الفريضي – بروكسيل
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.