اتفاقية حقوق الطفل: هل بلغت فعلا سن الرشد؟
تحتفل المجموعة الدولية يوم 20 نوفمبر بمرور 18 عاما على اعتماد اتفاقية حقوق الطفل عام 1989؛ وهي مناسبة لسرد حصيلة المسيرة بإيجابياتها وسلبياتها.
ومع أن معظم بنود الاتفاقية أضحت مُطبقة في الإجراءات القضائية في أغلب البلدان الموقعة عليها، إلا أنها لا تحظى بعدُ بالعناية الكافية في مجال الترويج لها داخل المدارس، حتى في بلدان متقدمة مثل سويسرا.
تحت عنوان “اتفاقية حقوق الطفل بلغت سن 18: هل نصف الكاس ملآن أم فارغ؟”، نظمت يوم 19 نوفمبر الجاري في نادي الصحافة بجنيف ندوة بمشاركة المفوضية السامية لحقوق الإنسان وممثلين عن جهات رسمية ومدنية في سويسرا.
وتدخلُ هذه الندوة في إطار التظاهرات التي تعرفها سويسرا وباقي دول العالم يوم 20 نوفمبر 2007 لإحياء الذكرى 18 لإبرام اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989.
نصف الكأس الملآن..
سيردد الكثيرون في هذه المناسبة بأن معاهدة حقوق الطفل اجتازت سن المراهقة وهي اليوم تصل الى سن الرشد بمرور 18 عاما على توقيعها.
وعلى غرار الذين ينظرون الى الأشياء من جانبها الإيجابي، شدد بليز غودي، السفير السويسري لدى الأمم المتحدة في الندوة الصحفية على أن هذه “المعاهدة عرفت موجة انضمام لم تعرفها باقي المعاهدات الأخرى، بحيث انضمت إليها لحد الآن 193 دولة، وهو رقم قياسي حسب السفير السويسري.
ومن إيجابيات هذه المعاهدة أيضا، تدعيمها ببروتوكولين إضافيين لتعزيز التطبيق في قطاعات محددة وهما: أولا، بروتوكول محاربة بيع الأطفال وإخضاعهم للمتاجرة بالجنس، واستخدامهم في إنتاج أفلام جنسية. ثانيا: البروتوكول الخاص بالأطفال الذين يتم تجنيدهم في الصراعات المسلحة.
وعلى المستوى السويسري، أشار السفير غودي إلى أنه بالإضافة الى اعتماد القضاء لبنود المعاهدة في قراراته، استطاعت سويسرا، من خلال تصويت شعبي تم عام 2006، توحيد السن الإجباري للالتحاق بصفوف الدراسة في جميع الكانتونات، وهو ما أتاح تطبيقا مُتساويا في الحق في التعليم، وتعديل قانون المنح العائلية بما سمح بتوحيده في كامل التراب السويسري.
.. والنصف الفارغ
هذه الإيجابيات لا تكفي لتبديد تشاؤم الكثيرين، حيث ينظر الجميع إلى النصف الفارغ من الكأس، ليس فقط في دول العالم النامي، بل أيضا في دول متقدمة مثل سويسرا.
فقد ذكّر السويسري جون زرماتن، نائب رئيس لجنة حقوق الطفل الأممية ومدير المعهد الدولي لحقوق الطفل في كانتون فالي بان لجنة حقوق الطفل قالت في معرض تعليقها على التقرير الذي تقدمت به سويسرا في عام 2002 “إنه بإمكانها القيام بأحسن من ذلك”.
وأشار السيد زرماتن إلى أن “كثيرين يعتقدون بأنه عندما يتم الحديث عن حقوق الطفل، فإن الأمر يتعلق بالدول النامية فقط”، مشيرا الى العراقيل التي تعترض تطبيق بعض من بنود الاتفاقية في سويسرا، رغم الإرادة والعزيمة المتوفرتين.
ومن هذه النقائص، أن النظام السويسري يحد من إمكانية تدخل الحكومة الفدرالية لتطبيق بنود الاتفاقية عندما يكون ذلك من صلاحيات الكانتونات، وعندما يتعلق الأمر بصلاحيات الحكومة الفدرالية، فإن الأمر يتوزع على العديد من المكاتب التابعة لها.
وفي رد على سؤال لسويس إنفو حول مدى الاهتمام بالترويج لحقوق الطفل، (علما أن دراسة أعدت في سويسرا أظهرت بأن 36% فقط ممن وجه لهم السؤال من الأطفال استطاعوا تعداد بنود المعاهدة)، أجاب السيد زرماتن ان “بلدا مثل سويسرا لا يعرف أي برنامج رسمي لتعليم حقوق الطفل في المدارس ولا في المعاهد البيداغوجية التي تعنى بتكوين المعلمين والأساتذة، ما عدا بعض الاستثناءات التي تتم بمبادرات شخصية”.
وأضاف السيد زرماتن أنه عند مناقشة هذه القضايا مع مدراء التعليم في الكانتونات، فإنهم “يقابلون ذلك بالرفض، بذريعة أن لا مكان في البرنامج الدراسي لإضافة تعليم مادة حقوق الطفل”، لكنه لم يخف اندهاشه بعدما علم خلال مشاركته في ملتقى نظم مؤخرا حول حقوق الطفل في دول غرب إفريقيا أن هذه الدول “تخصص حيزا في برامجها الدراسية لاتفاقية حقوق الطفل”.
“إفراغ النصف الملآن”
في المقابل، يرى نائب رئيس لجنة حقوق الطفل أن الأوضاع اليوم تسير أكثر نحو إفراغ النصف الملآن من الكأس فيما يتعلق بإشراك الأطفال في اتخاذ القرار، وتغير نظرة الكبار لهم واعتبارهم مواطنين لهم حقوق.
ويستشهد على ذلك بأن الحملة الانتخابية التي شهدتها سويسرا مؤخرا، لم يتطرق فيها أي سياسي لموضوع حقوق الطفل، باستثناء أولئك الذين استغلوا الحملة للمطالبة بطرد الشبان الأجانب الذين يرتكبون جنحا، حتى ولو كانوا أحداثا. ومن هذا المنظور يقول السيد زرماتن “إننا لربما بصدد إفراغ النصف المليء من الكأس”.
وفيما يتعلق بالتحفظات التي أبدتها سويسرا بخصوص معاهدة حقوق الطفل، والتي كانت في بداية الأمر تسعة، يقول السيد جون زرماتن “إن تحفظ سويسرا بخصوص جمع شمل العائلات بالنسبة للأجانب المتضمن في قانون اللجوء السويسري الجديد، مخالف لبنود اتفاقية حقوق الطفل”. ويتوقع أن تتعرض سويسرا لانتقادات عند عرض تقريرها الثاني امام لجنة حقوق الطفل في 2009.
انتهاك صريح وتصرف خاطئ
في الوقت الذي تحتفل فيه المجموعة الدولية بمرور 18 عاما على تبني اتفاقية حقوق الطفل، تعرف الساحة الدولية فضيحة محاولة منظمة غير حكومية فرنسية “آرش دو زوي”، تهريب أكثر من 100 طفل بذريعة عرضهم على التبني من قبل عائلات فرنسية وأوروبية.
وفي رد فعله على هذه القضية، اعتبر نائب رئيس لجنة حقوق الطفل السيد زرماتن، ومن منظور اتفاقية حقوق الطفل، بأن “تصرف المنظمة غير الحكومية، التي أشرفت على عملية التبني، مخالف تماما لبنود المعاهدة”.
ويضيف السيد زرماتن أن قوانين التبني “يجب ان تراعي مصلحة الطفل وان تعالج كل حالة على حدة وأن لا يتم الاحتماء وراء عملية لإنقاذ 103 طفل او ما شابه ذلك”، قبل أن يختتم تصريحاته بالقول: “ان كل ما تم في هذه القضية، تم بصورة خاطئة”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
تنظم المجموعة الدولية في 20 نوفمبر بمناسبة مرور 18 عاما على اعتماد اتفاقية حقوق الطفل عدة تظاهرات. وعلى غرار المجموعة الدولية شهدت عدة مدن سويسرية بالمناسبة مسيرات للتنديد بتشغيل الأطفال والمطالبة بتحسين ظروف معيشتهم. وعرفت مدينة جنيف مسيرة لجلب الأنظار لأطفال الشوارع.
كما نظم صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة يونيسف يوم الاثنين 19 نوفمبر في قصر الأمم المتحدة بجنيف، ورشة نقاش تبادل فيها مئات من طلبة بعض المعاهد الدولية في جنيف وجهات النظر مع خبراء من مفوضية حقوق الإنسان والمنظمات المعنية برعاية الطفولة، مثل يونيسف ومنظمة العمل الدولية، حول تطبيق معاهدة حقوق الطفل.
ودائما في إطار هذا الاحتفال، أصدر المعهد الدولي لحقوق الطفل بسيون، بالاشتراك مع مفوضية حقوق الإنسان وبتمويل من الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية، كتابا تحت عنوان “18 شمعة” يعكس مسيرة حقوق الطفل، كما يستعرض هذه المسيرة من خلال مقالات لعدة شخصيات دولية أغلبها أوروبية.
وبما أن المشكلة الكبرى بالنسبة لحقوق الطفل هي إسماع صوت الطفل وإشراكه في اتخاذ القرارات، تم إدراج مساهمة خمسة أطفال للتعبير عن نظرتهم بخصوص تطبيق بنود المعاهدة، إما عالميا او محليا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.