“اتفاق تاريخي” قبل مؤتمر كانكون
توصلت منظمة التجارة العالمية إلى اتفاق "وصف بالتاريخي" فيما يتعلق بالسماح للدول النامية بإنتاج او استيراد أدوية بديلة لمواجهة أمراض واسعة الانتشار، بدون مراعاة لحقوق الملكية الفكرية.
يأتي ذلك قبل أيام على انعقاد المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في كانكون.
أخيرا توصلت الدول الأعضاء الـ 146 في منظمة التجارة العالمية إلى اتفاق يسمح للدول الفقيرة بعدم احترام قوانين الملكية الفكرية في مجال الأدوية عند محاربتها لآفة خطيرة مثل الملاريا او الإيدز او السل، وذلك إما بتصنيع أدوية بديلة او باستيراد هذه الأدوية البديلة من بلدان أخرى.
وكانت مسألة السماح لدول نامية بتصنيع أدوية بديلة لمواجهة آفة خطيرة فوق ترابها بدون احترام لحقوق الملكية الفكرية قد حُـسمت في المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة في عام 2001.
لكن الصياغة التي احتوتها الفقرة السادسة من إعلان الدوحة خصت بالذكر إمكانية تصنيع البلد النامي لأدوية بديلة لمعالجة انتشار المرض فوق التراب الوطني، وتركت المجال مفتوحا للتوصل إلى حل نهائي قبل نهاية عام 2002.
طي ملف على الأقل
وقد ساد جدل كبير بعد مؤتمر الدوحة حول هذا الملف الذي ظل عالقا وتسبب في توتر مستمر داخل منظمة التجارة. وكان لزاما على الدول الأعضاء الإسراع بإيجاد حل لمشكل إنساني قبل مراعاة الجوانب التجارية، وهذا لإعطاء مصداقية لمنظمة تواجه الكثير من الانتقادات، ولتجنيب المؤتمر الوزاري المزمع عقده في كانكون بالمكسيك ما بين 10 و14سبتمبر فشلا شبيها بفشل مؤتمر سياتل في عام 1999.
لكن المجهود الذي بذل حتى نهاية عام 2002 لم يسفر عن التقدم المرجو، نظرا لمعارضة الولايات المتحدة لفكرة السماح للدول النامية غير القادرة على تصنيع أدوية بديلة باستيرادها من بلدان أخرى.
وقد بررت الولايات المتحدة رفضها بالتخوف من التحايل على هذا الإجراء وإغراق الأسواق العالمية بأدوية بديلة غير محترمة لحقوق الملكية الفكرية، او توسيع نطاق الاتفاق إلى مجالات تدر أرباحا طائلة على صناعة الأدوية الأمريكية مثل أمراض البدانة او الضعف الجنسي.
وقد سمحت المفاوضات المكثفة التي جرت في مقر منظمة التجارة العالمية خلال الأسبوع الماضي بالتغلب على هذا التردد بإرفاق الاتفاق “بشهادة حسن نية” تتعهد فيها الدول المستعملة لحق انتاج او استيراد الأدوية البديلة باستعمال تلك الأدوية لمعالجة انتشار المرض فوق ترابها فقط.
كما ارفق الاتفاق بإجراءات تحاول منع التحايل على إعادة تصدير هذه الأدوية البديلة إلى أسواق الدول الصناعية ومنافسة الأدوية التي تباع فيها بأسعار مرتفعة نظرا لكونها خاضعة إلى حقوق الملكية الفكرية.
بين الارتياح والريبة
وقد وصف المدير العام لمنظمة التجارة العالمية سوباتشاي بانيشباكدي الاتفاق بأنه تاريخي، في حين اعتبرت سفيرة كينيا لدى منظمة التجارة العالمية أمينة محمد “بأنه خبر سار بالنسبة للأفارقة”.
أما مفوض الاتحاد الأوربي باسكال لامي فاعتبر “أن الاتفاق رغم طول فترة إنجازه، يعد برهانا على أن لدى منظمة التجارة العالمية القدرة على الرد بمرونة على اهتمامات الدول النامية والمساهمة في محاربة الأمراض المعدية”.
ويرى الاتحاد العالمي لشركات صناعية الأدوية انه “اتفاق متوازن سيسمح بمعالجة المشاكل الحقيقية للدول النامية”.
لكن المنظمات غير الحكومية المتابعة لملف الأدوية تنتقد صعوبة تطبيق بنود الاتفاق. فمنظمة أوكسفام تعتبر أن “تعقيد صياغة الاتفاق سيثني المستثمرين وسينتهي الأمر بالدول النامية إلى اللجوء إلى شراء الأدوية بأسعار مرتفعة إن هي أرادت إنقاذ مرضاها”.
وقد رحّـبت منظمة الصحة العالمية في بيان صدر يوم الإثنين بهذا الاتفاق حول الأدوية، ودعت إلى “تطبيق سريع لبنوده”. واعتبرت المنظمة أن “الاتفاق يشمل كل الأدوية وسيسمح بمحاربة العديد من الأمراض بنجاعة، خصوصا أمراض نقس المناعة المكتسب أيدز والسل والملاريا”.
وتعهدت منظمة الصحة العالمية بمساعدة الدول على الاستفادة من هذا الاتفاق خدمة لمصلحة القطاع الصحي.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
الاتفاق يسمح للدول النامية بصنع أو استيراد أدوية بديلة لمعالجة انتشار أمراض خطيرة فوق ترابها.
40 مليون شخص مصابون بمرض الإيدز في العالم
30 مليون في إفريقيا وحدها
250 ألف شخص فقط يعالجون بأدوية مضادة للفيروس
نفقات العلاج تتراوح ما بين 300 و 500 دولار سنويا
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.