“اتفاق سويسرا” لتسوية نزاع الشرق الأوسط
أكدت الخارجية السويسرية قيامها بدور المساعد وليس الوسيط في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق بخصوص مشكلة الشرق الأوسط.
وكانت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية قد كشفت يوم الخميس عن وجود محادثات فلسطينية مع اليسار الإسرائيلي لتسوية النزاع بين الطرفين
أكّـدت الصحيفة الإسرائيلية أن سويسرا ودولا أخرى، مثل كندا، رعت وموّلت منذ أكثر من سنة ونصف مفاوضات سرية تهدف إلى صياغة حل نهائي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، بمشاركة شخصيات يسارية إسرائيلية مثل يوسي بيلين، الوزير السابق وشخصيات فلسطينية على رأسها ياسر عبد ربه.
وفي رد على سؤال لسويس إنفو،أكد الناطق باسم الخارجية السويسرية أليساندرو ديلبريتي”قيام سويسرا بدور المساعد وليس الوسيط في هذه العملية كجانب من تقاليدها الرامية إلى دعم السلام، وتمكين الأطراف المتصارعة من مواصلة الحوار، بما في ذلك أطراف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”. وأكد الناطق باسم الخارجية السويسرية ” مشاركة ممثل عن الخارجية السويسرية في الاجتماع المزمع عقده في نهاية الأسبوع بالأردن بين الأطراف المتفاوضة”.
وهو الإجتماع الذي قالت عنه شخصيات فلسطينية مفاوضة فضلت عدم ذكر اسمها ” أنه من المحتمل أن يكون المرحلة الأخيرة للتوقيع على الاتفاق الذي سيحمل اسم ” اتفاق سويسرا”.
وأكد ماهر الكرد، وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة والمستشار الاقتصادي للرئيس عرفات في اتصال هاتفي أن “الاتفاق كان من المفروض التوقيع عليه قبل ستة أشهر في اجتماع بسويسرا بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. لكن ضغوطا أمريكية حالت دون ذلك بدعوى أن الجهة الإسرائيلية الممثلة في المفاوضات لا ثقل لها سياسيا”.
وكان موقع Arabynet التابع لجريدة Yedioth Ahronoth الإسرائيلية نشر يوم الخميس 9 أكتوبر، تفاصيل عن الاجتماعات التي مهدت للاتفاق والتي تم عقدها في عدة بلدان منها سويسرا وبريطانيا واليابان وإسرائيل.
وأورد الموقع أن “الإتفاق تمت صياغته خلال السنة الماضية وبتمويل سويسري ومشاركة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي واليابان. كما أن الصياغة تمّـت، حسب الصحيفة، بمعرفة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومسؤولين آخرين في السلطة الوطنية من بينهم محمود عباس، رئيس الوزراء المستقيل، ورئيس الوزراء الجديد أحمد قريع”.
حل نهائي لجميع القضايا
ويقول الدكتور أحمد الخالدي، خبير الشئون الإستراتيجية العربية والاقليمية بلندن الذي كان أحد مؤسسي قاعدة هذا التقارب، “إن الاتفاق القائم على أساس مفاوضات طابا ومحاولات الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتن، ذهب إلى ابعد التفاصيل حول قضايا مثل وضع القدس والحدود”.
وكان موقع Arabynet قد أشار إلى أن إتفاق السلام الذي أطلق عليه إسم “اتفاق سويسرا”، والذي اتخذ وثيقة “بيلين/ أبو مازن” الموقعة في شهر أكتوبر عام 1995 أساسا للتفاوض، بلغت بلورته مرحلة متقدمة.
ومن النقاط الهامة التي وردت في هذا الاتفاق حسب الصحيفة الإسرائيلية، التوصل إلى “حلول إبداعية” بخصوص قضية اللاجئين، أبدى خلالها الجانب الفلسطيني مرونة كبرى.
أما فيما يتعلق بالمستوطنات، فقد تم الاعتماد على وثيقة كلنتون لعام 2000 والتي جاء فيها أن إسرائيل تتنازل عن غالبية مستوطناتها، وعلى رأسها أريئيل، لكنها تحتفظ بعدة مناطق استيطانية في “غوش عتسيون”، وحول مدينة القدس ، بما فيها “معليه أدوميم”، وفي المقابل، يوافق الفلسطينيون على تعويضات في مناطق مختلفة، منها منطقة جبل الخليل.
وبخصوص مدينة القدس، ينص الاتفاق على تقسيم المدينة إلى جزءين وفق ما جاء في وثيفة الرئيس الأمريكي الأسبق كلتن، حيث أن “كلما هو يهودي لليهود، وكلما هو عربي للعرب”. وإذا ما قبل الطرفان بهذا الاتفاق، يُـعتبر نهائيا ولن تكون هنالك مطالب إضافية لأي منهما عند الآخر.
الدور السويسري
الاتفاق الذي يحمل اسم “اتفاق سويسرا” جاء بمثابة اعتراف للدور الذي قامت به الكنفدرالية، سواء في تمويل الاجتماعات أو احتضان بعضها. وقالت مصادر فلسطينية عن هذه التسمية “إنها إعتراف لهذا البلد المحايد بالجهود التي قدمها لدعم الأطراف المشاركة في الحوار، ولتفادي أن يحمل الاتفاق اسم شخص بالتحديد.
وقد أوضح الدكتور أحمد الخالدي، خبير الشؤون الإستراتيجية العربية والإقليمية بلندن أن الاتفاق أودع لدى الحكومة السويسرية بهدف العودة إليه في وقت ملائم، بعد أن تعذر إعلانه في وقت سابق.
“تمرين مثقفين” أم ” دليل وجود شريك للسلام؟”
وفي الوقت الذي يرغب فيه المشاركون في المفاوضات التركيز في حملة إعلامية واسعة في اتجاه المجتمع الإسرائيلي، على أن الاتفاق “برهان على إمكانية قيام حل بديل يثبت وجود شريك للسلام لدى الفلسطينيين”، شككت شخصيات فلسطينية في ثقل الجانب الإسرائيلي المشارك في المفاوضات.
فقد اعتبر ماهر الكرد، وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة الفلسطيني أنه “مجرد تضييع للوقت، لأن المشاركين فيه لا ثقل سياسي لهم بحيث أن ياسر عبد ربه أصبح بدون وزارة ولا تنظيم ورائه. كما أن يوسي بيلين يزداد تهميشه في صفوف اليسار الإسرائيلي أكثر فأكثر”.
ولئن كان الرئيس ياسر عرفات، حسب أقوال ماهر الكرد، يرحب بأية مبادرات تقوم بها أية شخصية بغرض تقريب وجهات النظر، فإن رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي جاء على شكل مهاجمة من وصفهم بـ “الشخصيات التي لا تتورع عن استخدام كل الأساليب، ومنها من ينسق مع الفلسطينيين من وراء ظهر الحكومة”.
ومهما يكن فإن هذه الشخصيات التي شاركت في صياغة هذا الاتفاق، ورغم ضعف ثقلها السياسي، قد أظهرت اليوم بأن الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين ممكن حتى في أحلك الأوقات، وأن إيجاد الحلول لأكثر القضايا تعقيدا مثل القدس واللاجئين ممكن إذا توفرت الإرادة لدى الطرفيين.
لكن نجاح هذه المساعي مرهون بمدى خروج المجموعة الدولية من دور المتفرج السلبي، ومحاولة الإسهام بأدنى قدر من الجهود لإحلال السلام بمنطقة لم تعرف منذ مدة سوى التصعيد في العنف. وهذا ما حاولت سويسرا القيام به إلى جانب دول اخرى.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
بعض الشخصيات المشاركة في صياغة “اتفاق سويسرا”:
الفلسطينيون: ياسر عبد ربه، سميح العبد، ليث العمري، داوود بركات
الاسرائيليون: يوسي بيلين، أمنون شحاك، بايير هورشفيلد، الجنرال باروج شبيدر
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.