اجتماع تونس يرسم الشكل في انتظار المضمون
تنبئ نتائج المؤتمر التحضيري للمرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات، بمفاوضات معقدة حول ملف الإشراف على الإنترنت، بينما قد تعرف مشكلة التمويل حلولا مناسبة.
وقد يشكل اختلاف وجهات النظر بين بعض مؤسسات المجتمع إضعافا لدورهم الهش أصلا في المفاوضات
اختتمت يوم السبت 26 يونيو الدورة التحضيرية الأولى لمرحلة تونس من قمة مجتمع المعلومات، بعد ثلاثة أيام من المفاوضات في منتجع الحمامات، بالاتفاق على تحديد النقاط العالقة التي يجب الإعداد للتفاوض بشأنها، وبالأخص في الملفين الرئيسيين: الإشراف على الإنترنت والتمويل، والاتفاق على جدول زمني لمراحل التحضير القادمة في فبراير في جنيف، ثم في شهر سبتمبر من العام 2005، قبل انعقاد القمة في شهر نوفمبر من السنة نفسها.
اتفاق حول الشكل لا المضمون
لكن الاتفاق على جدول زمني لا يحجب الخلافات والنقائص التي لا زالت قائمة، ليس فقط بين مختلف الاطراف التي تخوض هذه التجربة الرائدة في مجال المفاوضات الدولية، أي ممثلي الحكومات والقطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني، بل أيضا بين أعضاء الفئة الواحدة، حسب الموضوع المطروح للنقاش أو الانتماءات الجغرافية.
فعلى سبيل المثال، دار الجدل حول الإشراف على الانترنت، هل هو ملف تقني يجب أن يعهد بإعداد التقرير الخاص به للجنة خبراء محدودة العدد؟، أم أنه موضوع يتعدى الجوانب التقنية والتكنولوجية لكي يكون محط نقاش عام؟ وفي هذه الحالة هل أمام الاجتماع التحضيري القادم؟.
الدولة المتحكمة في الانترنت عبر مؤسسة ICAN، أي الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا، ترغب في إبقاء الموضوع بين أيدي الخبراء، بينما تطالب البلدان النامية بالمشاركة في اتخاذ القرار، في حين ينقسم الأوربيون حول الموضوع.
يضاف الى ذلك، أن الإشراف على شبكة الإنترنت يعاني من عدم توفر الدراسات الكافية القادرة على تبسيط موضوع معقد أمام العديد من المشاركين، حتى يسهام في الإسراع بتقديم التقرير المتوقع في شهر يونيو من العام القادم، وهو الملف الذي يتولى الدبلوماسي السويسري ماركوس كومر مهمة التنسيق فيه.
وقد طالبت دول مثل البرازيل بفتح النقاش خلال الاجتماع التحضيري القادم حتى في غياب تقرير الأمين العام حول الإشراف على الإنترنت، مما قد يحول النقاش إلى سوق يدلي فيها كل بدلوه في تشعب لا حصر له. وهذا قد يعمل على تعقيد إمكانية التوصل الى نصوص متفق عليها مع حلول موعد القمة في شهر نوفمبر 2005.
وقد طرحت دول أغلبها آسيوية، موضوع تحديد عناوين الوثائق النهائية التي يجب أن يصادق عليها مؤتمر مجتمع المعلومات في مرحلة تونس، على غرار تحديد أسماء الوثائق في مرحلة جنيف أي “الإعلان النهائي” و “مخطط العمل”.
ويبدو أن الأمر قد حسم بشكل أو بآخر حيث تم الاتفاق في ساعة متأخرة من ليل السبت / الأحد على أن يصدر عن قمة تونس في نوفمبر 2005 خطة عمل وبيان سياسي.
احتمال التوصل إلى إجماع
أما التقرير الخاص بالتمويل الذي من المقرر أن يتوصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى عرضه مع نهاية العام الحالي، فيبدو أنه أكثر حظا في الالتزام بالموعد، حيث من المقرر أن تقوم المرحلة الأولى منه بإحصاء وسائل التمويل المتوفرة حاليا والتي ستضاف لها الاقتراحات الجديدة في هذا الميدان، مثل اللجوء الى القروض الصغيرة وغيرها.
ومن المتوقع أن تعكف لجنة الخبراء المكونة من حوالي 18 شخصا، يرغب البعض في ألا يكونوا من كبار المسئولين السياسيين، بل من الخبراء العارفين بميدان تكنولوجيا الاتصال من البلدان النامية والمتقدمة، على إعداد هذا التقرير ليعرض على الأمين العام للأمم المتحدة في منتصف شهر ديسمبر من هذا العام.
خلافات داخل ممثلي المجتمع المدني
دور المجتمع المدني في مرحلة تونس ظل العنصر غير المتحكم فيه حتى آخر لحظة، رغم الانفراج الملموس في بداية المؤتمر، حتى أن بعض الدبلوماسيين قضوا الليلة الأخيرة في أجواء متوترة تحسبا لما قد يثيره منع نائبة رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان السيدة سهير بلحسن من الإدلاء بكلمتها باسم ممثلي المجتمع المدني في الجلسة العامة.
لكن كلمة السيدة بلحسن أتت معتدلة، حسب تقدير العديد من المراقبين، وبعد نقاش مطول بين ممثلي المجتمع المدني، بحيث لم تطالب فقط البلد المضيف باحترام حرية التعبير والإعلام والاتصال، بل جعلت النداء موجها للبلدين المنظمين أي سويسرا وتونس.
ولكن مع ذلك، فقد أعربت منظمات المجتمع المدني الإفريقية عن عدم موافقتها على هذه الصيغة، بحيث أعادت قراءتها كما هي مع توجيه النداء الى كامل بلدان العالم. أما تفسير ممثلي المجتمع المدني الافريقي لهذا الموقف، حسب عدة مصادر، فهو لعدم ترك المبادرة بين أيدي منظمات غير حكومية من الشمال، همشت الأفارقة في مرحلة جنيف، وترغب في التحكم في أولويات المجتمع المدني بالتركيز على قضايا بعينها، في الوقت الذي تعقد فيه القمة في بلد إفريقي.
محمد شريف – سويس إنفو – الحمامات ، تونس
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.