استجابة تاريخية ووعود بالشفافية
حصلت الأمم المتحدة في اجتماع جنيف على 717 مليون دولار لتمويل ندائها الطارئ بالنسبة لضحايا كارثة المد البحري "تسونامي" في آسيا.
الأمم المتحدة وعدت بشفافية تامة حول طريقة صرف الأموال، وهو ما قد يُـزعج بعض الدول التي لم توف بوعودها، أو تلك التي ينتظر منها أن تلتحق بالدول المانحة مثل بلدان الخليج الغنية.
يمكن القول أن الاجتماع الذي نظمته الأمم المتحدة لحشد الدعم لضحايا المد البحري في البلدان الآسيوية بعد ظهر يوم الثلاثاء 11 يناير في جنيف، (والذي جمع اكثر من 250 ممثلا عن البلدان المتضررة والبلدان المانحة والمنظمات الأممية والإنسانية)، قد أتى بثماره حيث تمكنت الأمم المتحدة من تحويل الوعود إلى مساهمة مالية مؤكدة بالنسبة لـ 717 مليون دولار مقابل 977 مليون التي تطالب بها الأمم المتحدة .
فوعود المساعدات التي تقدمت بها حوالي 60 دولة، والتي قدرت بما بين ثلاثة وثمانية مليار دولار لم يصل الأمم المتحدة منها قبل بداية الاجتماع سوى 300 مليون دولار، وهو ما دفع يان إيغلاند، نائب الأمين العام المكلف بالشؤون الإنسانية إلى الإلحاح أمام وسائل الإعلام، وفي سياق الاجتماع الرسمي، على هذه المسألة معبرا عن “الأمل في أن تتم الاستجابة لتمويل النداء الذي أصدرته الأمم المتحدة في معظمه ابتداء من نهار اليوم”.
وكان كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة قد اصدر نداءا في اجتماع جاكارتا في السادس من يناير الجاري لجمع حوالي 977 مليون دولار لتمويل عمليات الإغاثة، لفائدة قرابة 5 ملايين متضرر خلال الأشهر الستة القادمة.
شفافية بالنسبة للجميع
استباقا للأحداث، او بالأحرى استباقا للانتقادات، ركز يان إيغلاند، نائب الأمين العام المكلف بالشؤون الإنسانية على ضرورة “الحرص بكل ما في وسعنا من اجل أن تذهب كل هذه المساعدات للمحتاجين لها”.
ولتفادي الشكوك في إمكانية سوء إدارة هذه الأموال الموعودة، او انتقاد الغموض في طريقة صرفها، وعد نائب الأمين العام للمنتظم الأممي باللجوء إلى “عرض آني وتدريجي عبر شبكة الإنترنت لكل الأموال من مرحلة الوعد بها إلى مرحلة صرفها”.
كما تم الإعلان عن تبرع مؤسسة محاسبة أمريكية (وهي شركة “برايس واتر هاوس كوبر”) بمتابعة الحسابات في محاولة للحد من سوء إنفاق أموال المساعدات وللتقليل من الثقل البيروقراطي الأممي.
وسعيا منها لحث الدول على تحويل وعودها إلى مساهمة مالية فعلية، اعتبر المسؤول الأممي أن الشفافية المراد إدخالها على تتبع آثار المساعدات الإنسانية قد تساهم في الضغط على الدول المتقاعسة.
وأكد يان إيغلاند من جهة أخرى “رغبة المجموعة الدولية في أن تتولى الأمم المتحدة الدور الريادي في العمل الإنساني من الآن فصاعدا”، وجاء ذلك في سياق رده على سؤال لسويس إنفو أكد فيه بأن تلك “هي رغبتها في الاحتفاظ بهذا الدور الريادي في تقديم العمل الإنساني في كل الأزمات الإنسانية، وأيا كان نوعها وطبيعتها”.
انتقادات وتأكيدات
وفي حديثه أمام الصحافة، انتقد نائب الأمين العام بعض الدول الغنية “التي بإمكانها أن تسهم بما هو اكثر” على حد قوله، وخص بالذكر بعض الدول الغنية في الخليج. وفيما لم ترد أسماء بلدان خليجية في قائمة البلدان التي أكدت وعودها السابقة في جنيف، أشارت بعض المصادر إلى أن بعض الدول الخليجية قدمت وعودا في اجتماع جنيف في حدود 30مليون دولار بالنسبة للسعودية، وحوالي 25 مليون دولار بالنسبة لقطر، إضافة إلى ما يساهم به الخواص في تلك الدول.
وفي رد على سؤال لسويس إنفو، قال نائب الأمين العام المكلف بالشؤون الإنسانية “على هذه الدول أن تبدي سخاء بالنسبة لأزمات قريبة منها، مثل دارفور والصومال وغيرها”.
ومن بين الدول التي أكدت في اجتماع جنيف الإيفاء بوعودها، اليابان في حدود 250 مليون دولار، وبريطانيا في حدود 74 مليون دولار، وألمانيا في حدود 68 مليون دولار، بل أن الصين – التي لا تعد من الدول المانحة التقليدية – أكدت تقديم 20 مليون دولار.
سويسرا تتحرك على عدة محاور
قالت سويسرا على لسان وزيرة الخارجية السيدة ميشلين كالمي راي في الاجتماع المخصص لكارثة المد البحري في آسيا، إنها “اختارت العمل على محورين في مرحلة الإسعافات الطارئة”.
فقد خصصت موارد مالية تصل إلى 27 مليون فرنك سويسري، كما أرسلت على عين المكان حوالي 100 خبير وضعتهم تحت تصرف المنظمات الإنسانية الدولية. وأشارت الوزيرة إلى أن الجيش السويسري سيرسل قريبا ثلاث طائرات عمودية و50 جنديا إلى مقاطعة آتشي الإندونيسية، حيث يتم وضعهم تحت تصرف المفوضية العليا للاجئين.
وأشارت السيدة كالمي راي في كلمتها أمام الاجتماع، إلى تبرع الشعب السويسري بحوالي 130 مليون فرنك لفائدة ضحايا تسونامي.
كما تطرقت إلى تحركات سويسرا داخل مؤسسات مالية، دولية وإقليمية، مثل البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي، ونادي باريس عند التطرق إلى مسألة تسديد ديون البلدان المتضررة، أو باللجوء إلى تقديم قروض طويلة الأمد وبفوائد منخفضة.
وقد ركز مختلف من ترددوا على منصة الخطابة في هذا الاجتماع على ضرورة مواصلة الاهتمام بالمنطقة في مرحلة إعادة الإعمار، التي حددها الأمين العام للأمم المتحدة بما بين 5 إلى 10 أعوام.
من جهة أخرى، تم التشديد على ضرورة تزويد المنطقة بنظام إنذار مبكر ضد كوارث المد البحري. وإذا كان هذا النظام ليس بمقدوره منع حدوث هذه الكوارث، فبإمكانه على الأقل، حسب أقوال يان إيغلاند، “منع تكرار سقوط هذا العدد من الضحايا”، (حوالي 160 ألف قتيل حسب آخر الإحصائيات).
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.