اعتقالات الإخوان في مصر.. “شدة أذن” أم بداية مرحلة جديدة؟
تباينت آراء عدد من الخبراء والباحثين المصريين المتخصصين في دراسة الحركات الإسلامية، حول تفسير أسباب ودوافع حملة الإعتقالات التي شنتها السلطة المصرية ضد عدد من قيادات ورموز جماعة الإخوان المسلمين بمصر.
ففيما اعتبرها بعضهم مجرد “شدة أذن” للجماعة حتى لا تنسى أنها مجرد “تنظيم محظور”، واعتبرها البعض الآخر “حلقة” ضمن استراتيجيه ثابتة تتعامل بها السلطة مع الجماعة، يراها آخرون “بداية” مرحلة جديدة قادمة من العقاب الشديد للجماعة عقابا على تجاهلها وتحديها السافر للسلطة والخروج عن الخط الأحمر المسموح به وفق اتفاق قديم لم تحترمه الجماعة.
لفهم ما يحدث استطلع مراسل “سويس إنفو” في القاهرة آراء عدد من المتخصصين المصريين من بينهم الخبير والمحلل السياسي عبد الرحيم علي؛ مدير “المركز العربي لدراسات الإسلام والديمقراطية”، والمتخصّص في شؤون الحركات الإسلامية، الخبير والمحلل السياسي حسام تمام؛ مدير مركز دراسات الظاهرة الإسلامية، والخبير والمحلل السياسي الدكتور عمار علي حسن؛ رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط.
ضربات إجهاضية لاستنزاف الإخوان
وحول أهم أسباب حملة الاعتقالات التي شنتها السلطة مؤخرا ضد 14 من قيادات الإخوان؛ يوضح حسام تمام أن “هناك أسباب تتعلق بالإستراتيجية الثابتة للنظام، وهناك أسباب لها صلة بالتطورات الأخيرة؛ فهناك إستراتيجية قديمة تطبق منذ 15 سنة، تبلورت لدى النظام، وهي إستراتيجية الضربات الجزئية المستمرة، التي تؤثر فيها وتستنزفها ماليا وإداريا، ولكنها لا تريد أن تقضي عليها تمامًا، ودون أن تتطور إلى مواجهة شديدة كلفتها السياسية كبيرة”، مشيرًا إلى أن “هذه الإستراتيجية تعتمد على فكرة أن تكون هناك ضربات جزئية متواصلة طوال الوقت، إضافة إلى الاعتقالات والمحاكمات العسكرية التي لم تنقطع منذ عام 1995”.
أما الدكتور عمار، فيرى في تصريحات خاصة لـ”swissinfo.ch” أن “هناك خطة أمنية مسبقة لإجهاض الإخوان، بشكل متكرر ومستمر، وهناك قرار من القيادة السياسية بعدم فتح نافذة معهم إلا في الضرورة القصوى؛ هذا القرار وتلك الخطة تجعلان السلطة تعتقل قيادات الجماعة في مكتب الإرشاد أو القيادات الميدانية بشكل مستمر، وتزيد هذه الوتيرة مع قرب الاستحقاقات الانتخابية”.
يوضح عبد الرحيم علي إلى أن حملة اعتقالات 8 فبراير 2010 هي مجرد “بداية” لمواجهة حاسمة بين الدولة والإخوان “تضع فكرة القانون والدستور في المقدمة”، مشيرًا إلى أنه “كان هناك اتفاق، أو خطوط عريضة للاتفاق مع الدولة، ولكن بداية من عام 2005 تنكر الإخوان لهذا الاتفاق”؛ وقد كان هناك رسائل من النظام للإخوان؛ تمثلت في: اعتقال المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام، وإحالته للمحاكمة العسكرية، ثم اعتقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لكنهم للأسف الشديد لم يفهموها”، على حد قوله.
العودة إلى المربع رقم (واحد)
وعن الرسالة التي أراد النظام توجيهها للجماعة من اعتقال نائب المرشد العام ومفتي الجماعة والمتحدث الإعلامي للجماعة تحديدًا؛ أوضح عبد الرحيم أن “الهدف من هذه الحملة هو إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 2005، وتوصيل رسالة من النظام إلى الجماعة مؤداها رفض دخول القطبيين إلى التنظيم”؛ معتبرًا أن “زمن شد الأذن انتهى، وما حدث هو بداية مرحلة جديدة، وأن الشهر القادم سيحمل أنباء عن حملات أخرى جديدة ضد الجماعة المحظورة، وسيتكرر الأمر مرارًا، حتى تعود الجماعة إلى ما كانت عليه قبل عام 2005”.
وقال عبد الرحيم: “الإخوان أخذتهم العزة بالإثم، فتجاوزوا النظام، وعقدوا هذا المؤتمر الصحفي العالمي، الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فاتخذت القيادة السياسية قرارًا بالعودة إلى المربع رقم 1؛ وعلى الإخوان أن يعرفوا أنهم تنظيم محظور وأن عليهم أن يعملوا في الحدود المسموح لهم بها فقط”، مشيرًا إلى أن “الدكتور محمود عزت كان صاحب نظرية استعراض العضلات، لذا تم القبض عليه بعد أيام من تعيينه نائبا للمرشد العام”.
ويرى حسام تمام أن “الدكتور محمود عزت رغم ابتعاده عن منصب الأمين العام؛ فمازال هو الشخص المهم في التنظيم والممسك بخيوطه، ولا شك أن اعتقاله سيؤدي إلى ارتباك كبير، أما عصام العريان فهو الشخص الذي كان يعول عليه بتبييض وجه الجماعة مرة أخرى، وإعادة تقديمها للإعلام بصورة تمسح الغبار الذي كسا وجه الجماعة، فهو أكثرهم قدرة على التحدث مع وسائل الإعلام والتواصل مع الآخرين”.
ويواصل تمام في تصريحات خاصة لـ”swissinfo.ch”: “أما د. عبد الرحمن البر، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر،- المفتي الجديد للإخوان- الذي حل بديلا عن الشيخ محمد عبد الله الخطيب- المفتي السابق للإخوان-، فقد بدا أنه يختلف عن الخطيب، ليس فقط في السن، وإنما في الآراء التي أطلقها، والتي بدا منها أنه سيكون له تأثير إيجابي، ومثال ذلك: (فتوى جواز بناء الكنائس في مصر)، والتي مثلت انقلابًا في هذا الملف عند الإخوان، وهو عكس ما كان يتبناه الشيخ الخطيب، وقد أحدث تحولا في هذا الخطاب”، معتبرًا أن “هذه الشخصيات الثلاث مفصلية ومهمة لدى جماعة الإخوان”.
الاعتقالات والاستحقاقات الانتخابية
وردًا على سؤال: هل تعتقد أن هناك ثمة علاقة بين حملة اعتقالات 8 فبراير وبين قرب عدد من الاستحقاقات الانتخابية (الشورى بعد 3 شهور)، (والشعب بعد 8 شهور)، و(الرئاسة بعد 20 شهر؟؛ بيّن عبد الرحيم أن “حملة اعتقالات 8 فبراير ليس لها علاقة بتصريحات المرشد الجديد بنزول الانتخابات، وإنما السبب الرئيس هو إخلال الإخوان بما اتفق عليه مع الدولة؛ من العمل كجماعة وتنظيم محظور، بعد تجاوزهم لحدود الاتفاقية”، معتبرًا أن “مشكلتهم أنهم ظنوا أن النظام مش قادر عليهم وأن الضغوط الخارجية سيكون لها تأثير على النظام المصري”؛ ضاربًا المثال بأن “أيمن نور أخذ فرصة واثنين وثلاثة وبعدين الضربة، وسعد الدين إبراهيم أخذ فرصة واثنين وثلاثة وبعدين الضربة، والآن الإخوان أخذوا فرصة واثنين وثلاثة وعشرة فكان لابد أن يبدأ الضرب”.
مختلفًا مع عبد الرحيم يقول عمار: “أتصور أن تلك الاعتقالات ليست بعيدة عن هذه الإستحقاقات، خاصة بعد تصريح المرشد الجديد الدكتور محمد بديع برغبة الجماعة في خوض الانتخابات، على خلاف ما اعتقده البعض، من اعتكاف الإخوان على الحفاظ على التنظيم، والتركيز على الدعوة والتربية، وتقديم القضايا الاجتماعية على السياسية”؛ مشيًرا إلى أن “لعبة إجهاض الإخوان قبل الانتخابات بدأت هذه المرة مبكرًا، ردا على تصريحات مرشد الإخوان”.
متفقًا مع عمار؛ يقول تمام: “نعم هي مرتبطة بلحظة مهمة، وهي اقتراب انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المقررة في أبريل من العام الجاري، ورغم عدم أهمية هذا المجلس في الحياة السياسية إلا أنها تمثل بروفة لانتخابات مجلس الشعب المقررة في أكتوبر من العام الجاري. خاصة بعد إعلان جماعة الإخوان أنها ستشارك فيها”؛ معتبرًا أن “المؤشرات تشير إلى أن النظام لن يسمح بتكرار تجربة 2005 والتي حصد فيها الإخوان 88 مقعدا. وهو ما يمثل 20% من إجمالي مقاعد البرلمان، ومن ثم فقد تم القبض على الممسكين بالملف الانتخابي”.
وأضاف تمام: “هناك إجراء عقابي استثنائي هذه المرة، على الطريقة التي أدار بها الإخوان ملف الانتخابات الأخيرة لمكتب الإرشاد. فرغم سماح النظام لهم إلا أنهم تحركوا بطريقة استفزازية واستعراضية، خاصة وأنهم في نظر النظام جماعة محظورة. وهو ما بدا منه أن الجماعة (بمؤتمرها الصحفي العالمي) لا تعترف بالخط الأحمر، والسقف الذي تفرضه السلطة”.
الاعتقالات وشعبية الإخوان
وعن تأثير سياسة (اعتقل/ افرج) التي تنتهجها السلطة في مواجهة الإخوان على شعبية وصورة الجماعة لدى الرأي العام؛ يقول حسام تمام: “الاعتقالات أضرت بالجماعة تنظيميًا، واستنزفتها ماديًا وإداريًا، أما عن شعبية وصورة الجماعة؛ فالاعتقالات ولا شك تؤثر، لأنها تخلق أجواء مخاوف وقلق لدى الأعضاء، القواعد والمحبين، فضلا عن باقي أفراد الشعب والرأي العام”.
وتساءل عبد الرحيم في تصريحات خاصة لـ”swissinfo.ch”: “كيف يمكن لجماعة محظورة أن تعقد مؤتمرًا صحفيًا عالميًا، تدعو له كبرى وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي والإلكتروني، للإعلان عن المرشد العام الثامن للجماعة، دون أن تستأذن؟ إنه تحدٍ صريحٍ للنظام؛ كاشفًا عن مفاجأة بقوله “للعلم فإن اسم المرشد الجديد للجماعة؛ الدكتور محمد بديع، كان موجودًا ضمن المعتقلين في هذه القضية، لكن تم استبعاده في آخر لحظة، غير أنه ليس ببعيد عن الاعتقال”.
وهو ما يعارضه عمار نافيا أن تكون الاعتقالات قد أضرت بشعبية الجماعة؛ غير أنه استدرك قائلا: “لكن بعض هذه الإعتقالات يصاحبها محاولات لتشويه صورة بعض القيادات، كأولئك الذين اتهموا في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية غسيل الأموال، لكن الحقيقة خلاف ذلك؛ لأن هذه الانتخابات تظهر الجماعة على أنها المنافس القوي والوحيد للنظام”، معتبرًا أن “التعامل الأمني مع هذا الملف يحقق نتائج سريعة، لكنه في النهاية يصب في صالح الجماعة، لأن هذه الاعتقالات تكسب الجماعة القدرة على التحدي، وإفراز قيادات بديلة”.
الاعتراف مستبعد والحظر مكلف سياسيًا
ولكن يسأل البعض: لماذا تتردد السلطة في مصر في حسم موقفها من جماعة الإخوان؛ إما بالإبادة والإقصاء النهائي، وإما بالاعتراف والتقنين؟ هنا يوضح حسان تمام أن “الإعتراف غير وارد بالمرة، خاصة في فترة الرئيس مبارك، وبالنظر إلى إستراتيجية النظام التي لا تسمح بالحضور الكثيف، كما أن الحظر النهائي صعب، لأنك تتكلم عن جماعة يتعدى مناصروها مئات الآلاف، وسيكون له كلفة سياسية كبيرة، لا يريد النظام أن يتحملها”؛ مفرقًا بين الرئيس مبارك والرئيس الأسبق جمال عبد الناصر الذي “اعتقل في يوم واحد 30 ألف شخص عام 1965، لأنه كان لديه مشروع سياسي، أما النظام الحالي فليس لديه مشروع سياسي”.
في المقابل اعتبر عمار أن “هناك قرار صارم من الرئيس مبارك بعدم التعامل مع الإخوان، لأنه ينظر إلى كل القوى الإسلامية على أنها جميعا أوجه لعملة واحدة؛ فهو يرى أنه على الرغم من أن الرئيس السادات تعامل مع الإسلاميين (الإخوان) إلا أنهم (جماعة الجهاد) في النهاية قتلوه!!”، فقد “أصبحت المسألة أقرب إلى العقدة النفسية لدى القيادة”. الجماعة يمكن أن تطلق السياسة – في ظل اتفاق مع القيادة- مقابل جزء من الشرعية مثل تجربة إخوان المغرب، وإخوان الأردن”؛ معتبرًا أن “تحجر القيادة السياسية وإصرارها على معالجة الأمر أمنيًا؛ هو ما أضر بالحياة السياسية بمصر؛ لأن الكل يدفع الثمن (المجتمع، والنظام، والإخوان)؛ فضلا عن أن استخدام الإخوان كفزاعة باتت مسألة مرفوضة”.
من جانبه، أكد عبد الرحيم أن “هذه المواجهة ستعود وستتكرر مرات ومرات”، وقال: “ربما يكون هناك ضعف وفساد في الحزب الحاكم، وربما يكون الحزب قد أخطأ في تقديم رموز غير مرضي عنها شعبيًا”، مستدركًا بقوله” لكن الإخوان واهمون، وفهموا الرسالة خطأ”، ومضيفا “لابد أن يفهم الإخوان أنهم في دولة، وأن هذه الدولة لها دستور، وأن هذا الدستور يحظر قيام التنظيمات السياسية في غير الأشكال الثلاثة المسموح بها: (حزب/ جمعية/ شركة)، ولا يوجد شكل رابع”.
اعتقالات الإخوان والانتخابات
وردًا على سؤال بخصوص مدى إمكانية أن تدفع هذه الضغوط والاعتقالات جماعة الإخوان إلى الانسحاب تمامًا من المشاركة في المنافسات الانتخابية المقبلة؛ نفى تمام حدوث ذلك قائلا: “لن تمنعهم، لأن النظام لا يريد استبعادهم من المشهد السياسي تمامًا، لأن عدم مشاركتهم ليست في مصلحة النظام، حيث ستظهره في صورة المنفرد بالسلطة الذي يضيق صدره من المعارضة؛ ومن الممكن أن يحدث تفاهم على نسبة تمثيلية”، مشيرًا إلى أن “الانتخابات بالنسبة للإخوان ليست فرصة لحصد مقاعد بقدر ما هي فرصة للتواصل مع الجماهير، وصقل أعضائه وإخراجهم من حالة الجمود، كما أنها محاولة للبحث عن الشرعية”.
في مقابل ذلك، يرى عمار أن “السيناريو الجديد للإخوان هو دخول الشرنقة، وعدم تحدي السلطة، لأنهم يعلمون أن السلطة ستستخدم معهم العصا الغليظة، لكن واضح أن الإخوان لديهم إستراتيجية لأن الانسحاب من الانتخابات قد يضر بهم، ويذهب بما حققوه، كما أن الانتخابات لها مزايا كثيرة منها: إرسال رسائل إيجابية عنهم للخارج، بأنهم يقبلون بالدخول إلى لعبة السياسة وفقا لقواعد الديمقراطية، فضلا عن مغازلة القوى والأحزاب السياسية”، مؤكدًا أن “الإخوان سيخوضون الانتخابات، فقد سألت بعضهم فأكدوا لي أنهم سيخوضون الانتخابات، لكن ربما يجد في الأمر جديد”.
ويوضح عبد الرحيم أن “الإخوان علقوا على الإعتقالات بأنها رسالة فارغة وليس لها معنى، وهذا خطأ كبير وقعت فيه الجماعة، لأن ما حدث هو حلقة في استراتيجية طويلة المدى تتعامل بها الدولة مع الإخوان”، معتبرًا أن ما حدث هو “نتيجة للغباء الإخواني، وظهورهم بشكل لافت لمحاولة إحراج النظام”.
الاعتقالات.. والتوريث.. والمعارضة
وحول ما إذا كانت هناك علاقة بين سياسة الشد والجذب بين النظام والإخوان وما يسمى “ملف التوريث”، ومدى إمكانية انتهاء هذه السياسة بعد تمرير سيناريو التوريث، أم أنها أضحت ثابتًا من ثوابت مشهد العلاقة بين الجماعة والنظام؟ أقر عمار بوجود هذه العلاقة قائلا: “بالطبع؛ وحسب تصريحات للإخوان بأنه قد عُـرض عليهم تبني ملف التوريث لكنهم رفضوه خوفا على شعبيتهم. وقيل إن اعتقال المهندس خيرت الشاطر (النائب الثاني للمرشد العام) كان ردًا على رفضهم تبني ملف التوريث.. إذا كان هناك جناح داخل السلطة يريد توظيف الإخوان والتعامل معهم فبالتأكيد أنه سيكون جناح جمال مبارك”.
على العكس من ذلك، نفى كل من تمام وعبد الرحيم أن تكون هناك أدنى علاقة بين هذه السياسة وملف التوريث؛ وأضاف تمام: “لا أتصور أن الإخوان لهم أي أهمية في ملف التوريث، أو أنهم قادرون على لعب أي دور (فيه) لأنه أصعب وأعقد منهم. ملف انتقال السلطة في مصر لن يكون للإخوان فيه أي دور”.
وعن احتمالات اقتناع الإخوان بتشكيل تحالف عريض مع قوى المعارضة الوطنية الجادة أو ذات المصداقية لخوض المواعيد السياسية المقبلة، قال تمام: “ليس من طبيعة الإخوان إجراء تحالفات، أما عن الأحزاب وقوى المعارضة السياسية بمصر فلن تقبل بهذا التحالف مع الإخوان، فهناك ما يمنع التحالف لدى الآخرين”.
متفقًا مع تمام، يرى عمار أن “الإخوان لا يثقون بالأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، وينظرون إليها على انها مجرد ديكور للنظام أم جزءً من السلطة، ومن يحاول منهم الإقتراب من الإخوان سيتعرض لضغوط شديدة من النظام، كما أنهم ينظرون لتجربة حزب العمل الذي تم تجميده وتدميره من الداخل، عقابًا له على تحالفه مع الإخوان في انتخابات 1987، والتي حصد فيها الإخوان 37 مقعدًا، كما أن بعض هذه الأحزاب لا يثق بالإخوان، وعندما أرادوا أن يشكلوا تحالفًا اشترطوا على الإخوان المشاركة كأفراد لا كجماعة”، مشيرًا إلى أن “تجربة التحالف مع الوفد عام 1984، ومع العمل والأحرار عام 1987، غير قابلة للتكرار في الانتخابات القادمة”، على حد رأيه.
همام سرحان – swissinfo.ch – القاهرة
القاهرة (ا ف ب) – بعد اثنين وسبعين ساعة فقط على عودة محمد البرادعي الى بلاده وتكراره استعداده لخوض انتخابات الرئاسة لو اتيح له ذلك، بات سؤال رئيسي مطروح على الساحة السياسية: هل المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية “هو المنقذ والمخلص” الذي تنتظره مصر؟.
البرادعي الذي انتظره اكثر من 1500 مواطن في مطار القاهرة لدى وصوله الجمعة واستقبلوه استقبال الابطال، اجاب على هذا السؤال في مقابلة تلفزيونية اذيعت مساء الاحد على قناة دريم الفضائية قائلا “انا ضد فكرة المخلص فلا يوجد شيء اسمه المخلص”.
واضاف “يقلقني بالفعل ان اناسا اصبحوا يائسين الى درجة انهم ينظرون الى شخص واحد باعتباره المخلص وانا اريد ان تخلص مصر نفسها بنفسها ولو رغب الناس في تغيير هذا البلد يجب على الجميع المشاركة في اظهار رغبته”.
ورغم ان البرادعي يكرر باستمرار في تصريحاته الاخيرة انه يريد ان يكون مجرد “اداة للتغيير” وانه لن يستطيع ان يفعل شيئا بمفرده ما لم يكن هناك حركة شعبية واسعة، فان التساؤل قائم بقوة.
وحذر القيادي في جماعة الاخوان المسلمين محمد حبيب من المغالاة في الامال المعقودة على البرادعي، وشكك في نجاح دعوته الى تعديل الدستور الحالي الذي يضع قيودا تمنع الرجل من الترشح لرئاسة الجمهورية كمستقل.
وكتب حبيب الثلاثاء في صحيفة المصري اليوم المستقلة “لن يستجيب النظام لهذه الدعوة ولو على رقبته”. ويشترط الدستور المصري لمن يرغب في الترشح لانتخابات الرئاسة ان يكون عضوا في هيئة قيادية لاحد الاحزاب الرسمية قبل عام على الاقل من الانتخابات على ان يكون مضى على تأسيس هذا الحزب خمس سنوات.
اما بالنسبة للمستقلين، فالدستور يقضي بان يحصلوا على تاييد 250 من الاعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى (مجلس البرلمان) وفي مجالس المحافظات التي يهيمن عليها جميعا الحزب الوطني الحاكم.
واعتبر محمد حبيب ان “تكتلا نخبويا (مصريا) كان يبحث عن المنقذ او المخلص الذي ينتشله من حالة اليأس والاحباط التي يعيشها ويعيشها معه الشعب المصري وربما وجد بغيته في شخص البرادعي ولكن عليه ان يدرك ان الطريق امامه شاق وطويل ويحتاج الى حركة دائمة وعمل دؤوب وهمة عالية”.
وكان البرادعي انتقد جماعة الاخوان المسلمين في مقابلته الاحد مع قناة دريم وخصوصا موقفها الرافض لتولي المسيحيين المصريين منصب رئيس الجمهورية. واكد انه “ضد تأسيس احزاب دينية” لان الحياة السياسية يجب ان تقوم على اسس “مدنية”.
اما الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي المح قبل ثلاثة شهور الى انه يفكر في خوض سباق الرئاسة، فايد دعوة البرادعي الى التغيير. وقال موسى في محاضرة القاها في الجامعة الاميركية في القاهرة مساء الاحد “الكل يريد التغيير ونحن قلقون على مستقبل مصر وهذا حقنا”.
ورأى الروائي علاء الاسواني، صاحب رواية “عمارة يعقوبيان” الاكثر مبيعا في مصر والعالم العربي خلال العقد الاخير، ان “الاف المصريين الذين قهروا الخوف (من التحذيرات الامنية التي سبقت وصول البرادعي الى القاهرة) واحتشدوا في المطار لاستقباله ليسوا سياسيين محترفين، انهم مصريون عاديون جاؤوا من محافظات مختلفة ومن طبقات اجتماعية مختلفة، منهم المسلمون والاقباط بينهم نساء سافرات ومحجبات ومنتقبات”.
وكتب الاسواني الذي كان بين مستقبلي المدير العام السابق للوكالة الذرية بمطار القاهرة، في مقال نشرته صحيفة الشروق المستقلة الثلاثاء “لقد اصبح البرادعي بالنسبة لملايين المصريين رمز الامل في التغيير بكل معنى الكلمة.. لقد استيقظت مصر”.
واعتبر الكاتب فهمي هويدي ان “المبالغة في الحفاوة (بالبرادعي) الى الحد الذي يكاد يضع الرجل في مقام المخلص للوطن” يمكن ان يكون لها تفسيرات عدة من بينها ان “البعض انحاز اليه لانه البرادعي ولكن لانه ليس مبارك الاب او الابن (جمال مبارك)”.
وتابع انه من بين التفسيرات ايضا للترحيب بالبرادعي ان “فريقا من الناس استشعروا مهانة حين وجدوا ان فكرة توريث الحكم في بلد بحجم وقيمة مصر اصبحت متداولة بغير حرج”، او ان “البعض وجدوا ان النظام في مصر حرص على التلويح طوال الوقت بانه لا بديل عنه سوى الاخوان المسلمين وحين رأى هؤلاء ان هناك رمزا لا هو الحزب الوطني (الحاكم) ولا هو الاخوان فسارعوا الى الاصطفاف وراء مبايعته”.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 23 فبراير 2010)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.