اقتراح معاهدة جديدة لمنع سباق التسلح في الفضاء الخارجي
روسيا والصين تقترحان رسميا مشروع معاهدة لمنع سباق التسلح في الفضاء الخارجي ، في إطار مؤتمر نزع السلاح في جنيف.
وقد حذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أثناء تقديم المبادرة، من مغبة العودة الى تجربة الحرب الباردة بسبب الاستمرار في نشر الأسلحة في الفضاء الخارجي من قبل دولة مما قد يعمل على إثارة ردود فعل متتالية من الدول الأخرى.
أثناء حديثه أمام الدورة الحالية لمؤتمر نزع السلاح في قصر الأمم في جنيف، تقدم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف صباح الثلاثاء 12 فبراير 2008 باقتراح مشترك روسي صيني لمشروع معاهدة دولية لمنع نشر أسلحة في الفضاء الخارجي، أو التهديد باستخدام القوة ضد أهداف في الفضاء الخارجي.
اقتراح وزير الخارجية الروسي (الذي دعمه زميله الصيني في خطاب تلاه نيابة عنه السفير الصيني أمام المؤتمر) يجعل من مؤتمر نزع السلاح المحفل الأممي الملائم لخوض مثل هذه المفاوضات، ويعتبر في نظر البعض فرصة للخروج من مأزق الجمود الذي يشهده أهم محفل دولي يهتم بنزع السلاح منذ أكثر من عشر سنوات.
تفاصيل مشروع المعاهدة
وتتلخص تفاصيل مشروع المعاهدة التي يقول السيد لافروف “إنها منبثقة من نقاش مؤتمر نزع السلاح ومن الاقتراحات التي تقدمت بها كل من الصين وروسيا في هذا الإطار ولقيت ترحيبا من عدد من الدول”، فيما يلي:
– حظر نشر أسلحة من أي نوع كانت في الفضاء الخارجي، أو إستخدام أو التهديد باستخدام القوة ضد أهداف في الفضاء.
-إلغاء الغموض القائم حاليا في القانون الدولي بخصوص الفضاء الخارجي. وفي هذا الإطار أوضح السيد لافروف ” بأن القانون الدولي المعاصر لا يمنع نشر أسلحة لا تدخل في إطار فئة أسلحة الدمار الشامل”. وأضاف وزير الخارجية موضحا “إن استخدام مثل هذه الأسلحة في الفضاء الخارجي يعطيها إمكانية بلوغ مدى أوسع على النطاق العالمي، وقد يسمح باستخدام الفضاء الخارجي لأغراض خفية”. والخطر في هذه الأسلحة على النقيض من أسلحة الدمار الشامل، “أنها قد تستعمل فعلا مما يعمل على خلق جو عدم ثقة وتوتر بين الدول”.
– كما أن هذه المعاهدة في نظر وزير الخارجية الروسي تمثل “تعزيزا لظروف القيام بأبحاث إضافية عن الفضاء الخارجي وتعزيز الحفاظ على استخدامه وعلى أمنه، وتعزيز مراقبة سباق التسلح”.
تحذير من مغبة الاستمرار في سباق التسلح
خطاب لافروف أمام مؤتمر نزع السلاح، بدأ بالتذكير بالتجارب التي مرت بها المجموعة الدولية أثناء الحرب الباردة وما كلفته من جهد وأموال على حساب جهود التنمية، وقال “لنتذكر أن سباق التسلح النووي بدأ بفكرة احتكار التفوق في هذا المجال لفترة أربعة أعوام فقط، ولكن ذلك أدى الى حرب باردة استمرت لأكثر من أربعين عاما مكلفة الكثير من الجهد والأموال على حساب متطلبات التنمية”.
واختتم السيد لافرورف تحذيره بالتأكيد على أنه “لا مفر من البحث عن ضمان الأمن الدولي في مجهود جماعي مشترك ومتعدد الأطراف”.
وفي تلميح لجهود الولايات المتحدة الأمريكية الرامية إلى مواصلة نشر نظام الدرع الواقي من الصواريخ في بلدان أوروبا الشرقية، أشار وزير الخارجية الروسي إلى أن “طبيعة تطور منطق العلاقات الدولية اليوم يثبت عدم جدوى التصورات الأحادية أو المرتكزة على الأحلاف القائمة على أساس استخدام القوة، لأن من يتزعم هذه الأحلاف غير قادر حتى على ضمان أمنه الشخصي”، على حد تعبيره.
وفي رد عن سؤال طرح عليه في الندوة الصحفية التي عقدها فيما بعد، حول تبرير واشنطن ذلك بأغراض دفاعية ولمواجهة تهديدات معينة (مثل التهديدات الإيرانية)، رد السيد لافروف بأن “هذه التهديدات وهمية، وأن الفارق بين الأنظمة الدفاعية والأنظمة الهجومية ليس بالكبير”.
معاهدات تحتاج الى تجديد
يُذكر أنه من أكبر الانجازات التي تحققت في مجال نزع السلاح بين القوتين العظميين في فترة الحرب الباردة، التوصل إلى إبرام معاهدتي ستارت 1 وستارت 2 حول الصواريخ المضادة للصواريخ. أما في الوقت الحاضر، فإن السيد لافروف يرى أن هذه الإنجازات أصبحت محل “إعادة نظر”، حيث أن معاهدة ستارت 1 تتطلب التجديد بعد عام 2009، لكن المفاوضات الجارية بهذا الخصوص مع الولايات المتحدة “لم تصل بعد لحل مقبول”، حسب رأيه.
وفي مجال منع الانتشار النووي عبر السيد لافروف عن الأمل في أن يتمكن مؤتمر نزع السلاح من الإعداد الجيد لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي في عام 2010، لأنه يعتبر أن “معاهدة منع الانتشار النووي تشكل العنصر المحوري لنظام الأمن الجماعي العالمي اليوم”.
وفي الختام، ناشد وزير الخارجية الروسي المفاوضين الأمريكيين الإستماع إلى أصوات شخصيات من بلادهم من أمثال جورج شولتس، وهنري كيسنجر، وسام نون، وويليام بيري، وقال إنها شخصيات
“تؤيد مواصلة معالجة قضايا نزع السلاح النووي، وتعزيز نظام منع الانتشار ومواصلة الحفاظ على الاستقرار الإستراتيجي في إطار متعدد الأطراف”.
يشار إلى أنه في صورة حصول الاقتراح الروسي الصيني المشترك بخصوص مشروع المعاهدة الخاصة بالحد من سباق التسلح في الفضاء الخارجي، على موافقة الدول الأعضاء لطرحها كموضوع نقاش في إطار مؤتمر نزع السلاح سيشكل انطلاقة جديدة لمحفل دولي تجمدت نشاطاته منذ أكثر من عشر سنوات.
وفي حال الموافقة على مناقشة هذا المشروع، يمكن للدول إدخال التعديلات الضرورية عليه في إطار جولات تفاوضية قد تستغرق عدة سنوات قبل أن يصل إلى مرحلة النضج ويعرض على التصويت لاعتماده في مرحلة لاحقة.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
في إطار الندوة الصحفية التي عقدها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في جنيف صباح الثلاثاء 12 فبراير 2008 بعد تدخله أمام مؤتمر نزع السلاح، تطرق المسؤول الروسي في رده على سؤال طُرح عليه إلى موقف موسكو من احتمال إعلان استقلال إقليم كوسوفو عن صربيا من جانب واحد، وقال إنه سيكون سيكون بمثابة “هدم” لأسس القانون الدولي، و”تهديد” لأمن القارة الأوربية.
وأشار السيد لافرورف إلى أن الإعلان المحتمل عن استقلال كوسوفو من جانب واحد “سيعمل على تهديد أسس وقواعد القانون الدولي في أوروبا”، مضيفا أن ذلك “سيعمل على إثارة سلسلة من ردود الفعل في العديد من مناطق العالم بما في ذلك في أوروبا”.
واختتم السيد لافورف تعليقه بالقول “إن ما نراه في هذه القضية هو ترجيح مبدأ الكيل بمكيالين لأنه لا يمكن تجاهل القانون الدولي”.
وجدير بالذكر أن سلطات إقليم كوسوفو تعتزم الإعلان عن استقلال الإقليم عن جمهورية صربيا خلال الأيام القادمة بتزكية من الولايات المتحدة وشبه قبول من العديد من الدول الأوروبية.
وقد كان ملف منطقة البلقان من بين المواضيع التي تطرق لها وزير الخارجية الروسي في جنيف مع وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ري. وجاء في بيان صدر إثر اللقاء عن وزارة الخارجية في برن أن “الطرفين استمعا إلى مواقف بعضهما البعض بهذا الخصوص”.
وجدير بالذكر أن برن كانت ضمن أول الدول التي أعلنت دعمها لاستقلال الإقليم منذ بداية المشوار، لكن رئيس الكنفدرالية للعام الجاري باسكال كوشبان أوضح مؤخرا بأن “سويسرا لن تتخذ خطوة في هذا الإطار بشكل انفرادي بل في إطار جهود المجموعة الدولية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.