مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الآنسة” تفتح الآفاق للسينما السويسرية

يقول النقاد إن مهرجان لوكارنو لهذا العام سيشكل نقلة هامة في صناعة السينما السويسرية pardo.ch

حصل الشريط السويسري "الآنسة" للمخرجة أندريا شتاكا على جائزة الفهد الذهبي لمهرجان لوكارنو الدولي للسينما، الذي اختتم دورته الـ59 يوم السبت 12 أغسطس.

ويعتقد النقاد بأن هذا الفوز ليس مصادفة، بقدر ما هو نتيجة عمل لسنوات طويلة، للنهوض بالقيمة الفنية للسينما السويسرية، أكده حضور متزايد في دور العرض، لكن هناك تحديات تواجهه.

تدور أحداث الشريط الفائز حول قصة ثلاث سيدات مهاجرات من العاصمة الصربية بلغراد، يبحثن عن فرصتهن في حياة جديدة في سويسرا، ورغم قواسم مشتركة تجمعهن، إلا أن كل واحدة منهن بقيت دائما في عزلة تامة.

وتقول المخرجة أندريا شتاكا في حديث مع سويس انفو، بأن الشريط يجمع بين عناصر التضامن مع الحفاظ على خصوصية المشاعر والأحاسيس، وكيف تتفاعل تلك الأحداث في أجواء التغيير الثقافي والإجتماعي الذي تقابله كل واحدة منهن، مع اختلاف الطموحات والأهداف بالطبع.

مهرجان لوكارنو الدولي للسينما هذا العام شهد حضورا متميزا للسينما السويسرية؛ برز بوضوح في تخصيص يوم لعرض إنتاجها، وندوات وحلقات نقاشات متعددة، حول أفاقها وأفكارها المستقبلية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المهرجان، بحضور المعنيين بهذه الصناعة والمسئولين عن الثقافة من الحكومة السويسرية.

وقد اختار العاملون في صناعة الفيلم السويسري شعارا خاصا بهم، هو رأس فهد أبيض على خلفية حمراء، وهي نفس ألوان العلم الوطني، وقد اهتم يوم السينما السويسرية في المهرجان بتقديم المتميزين في الحقل السينمائي من مخرجين شبان، وموسيقيين ومصورين أيضا.

قد لا يثير فوز شريط سويسري بالفهد الذهبي دهشة كبيرة؛ فبعض النقاد اعتبروا أن تكثيف الحديث عن السينما السويسرية في فعاليات هذا العام، وتخصيص العديد من الأنشطة التي تتناولها بالعرض والتحليل والنقاش، كان له أثرا على إعطاء حضور قوي للأشرطة السويسرية داخل المسابقة الرسمية وخارجها، وذلك في إطار برنامج بعيد المدى للنهوض بصناعة السينما في سويسرا، ومنحها دفعة تطفو بها على الصعيد الأوروبي وربما العالمي أيضا.

سينما سويسرية متعددة المزايا

وفي حديثه مع سويس انفو، يؤكد ميتشا شيفوف مدير جمعية الأفلام السويسرية “سويس فيلمز”، بأن الإنتاج المحلي يشهد إقبالا جيدا في قاعات السينما في كبريات المدن السويسرية، وتمثل في الحصول على نسبة 16% من ساعات العرض في الربع الأول من هذا العام، بزيادة تصل إلى 6% مقارنة عما كانت عليه في العام الماضي.

وتعتبر هذه النتائج على الرغم من تحسنها، بطيئة مقارنة مع ما تعيشه صناعة السينما الأوروبية، وإن كان المنصفون لا يرغبون في مقارنة الإنتاج السويسري مع نظيره الفرنسي أو الإيطالي، لكنهم في الوقت نفسه يعتقدون بأن هناك العديد من المميزات التي تسمح بمكانة جيدة للسينما السويسرية على الصعيد الأوروبي على الأقل، مثل التعددية اللغوية التي تتميز بها البلاد عن بقية الدول الأوروبية.

في المقابل، يعتقد بعض المحللين أن تلك التعددية اللغوية السويسرية هي أحد أهم العوائق، بل ومن بين الأسباب التي تقف وراء التقدم البطيء لتسويق إنتاج السينما السويسرية بنجاح؛ فربما يكون هناك عملا سينمائيا جيدا في عيون جمهور شرق سويسرا المتحدث بالألمانية، لا يروق لعشاق الفن السابع في غربها الروماندي الناطق بالفرنسية، وكذلك هو الحال مع الجنوب بلغته الإيطالية.

في حين يرى البعض أن هذه المشكلة قد تكون داخلية، لأن هذه التعددية اللغوية هي إثراء ثقافي جيد، من النادر أن يتواجد في بلد واحد، ويمكن الاستفادة منها في فتح أسواق خارجية، لاسيما في دول الجوار من خلال الإنتاج المشترك والموضوعات ذات الاهتمامات العامة، بعيدا علن الخصوصية المحلية، أما اللغة فيقول شيفوف بأنها ليست من السلبيات أو يمكن تصنيفها كمشكلة، لأن سويسرا هي من الدول السباقة في التعامل مع الأشرطة التي تقدم أكثر من ترجمة على الشريط، حسب قوله.

ويؤكد شيفوف على أنه إذا كان ليس من المتوقع أن توافق دور العرض الفرنسية على تقديم شريط يحمل ترجمة باللغة الإنكليزية، مثلما هو الحال أيضا في ألمانيا، التي لا ترحب بالأفلام المصحوبة بترجمة إلى الفرنسية، فإنه من السهل أن تجمع في سويسرا بين احدى اللغتين مع الإيطالية.

التسويق قبل التمويل

وحتى عدم انضمام سويسرا إلى الإتحاد الأوروبي لا ينظر إليه البعض على أنه عقبة أو حائل، بل على العكس، فمنذ الأول من إبريل 2006 يمكن للمشتغلين في الحقل السينمائي السويسري المشاركة في البرامج الإعلامي داخل الإتحاد الأوروبي، والعكس أيضا، مما قد يمثل للعاملين في صناعة السينما ملاذا من بيروقراطية وروتين ممل، سواء في داخل الكنفدرالية أو خارجها.

ففي مؤتمر صحفي عقده المخرج الفنلندي أكي كاريسماكي يوم الجمعة 11 أغسطس، سأله أحد الحاضرين عن شعوره وهو في سويسرا خارج الإتحاد الأوروبي، فكانت إجابته مفاجئة؛ إذ قال “إنني سعيد أن أكون خارج هذه الحانة الصغيرة”، ويرى البعض أن هذه الإجابة تحمل في طياتها معان ربما لم يلتفت إليها الكثيرون، مفادها أن الخروج من أوروبا “الرسمية” ربما يكون فيه خلاص من القيود البيروقراطية.

أما الجانب الأهم في كل تلك الحسابات فهو العائد المادي، وهل يمكن المخاطرة بتمويل شريط سويسري، أم أنها مغامرة غير محسوبة العواقب، ويقول شيفوف حول هذه النقطة بالتحديد، بأنه كي يربح أي فيلم أوروبي فعليه أن يتم عرضه في 15 بلدا في آن واحد، وهو ما لم يحدث في تاريخ السينما السويسرية حتى اليوم، فإذا تمكن فيلم “فيتوس” السويسري من شد إنتباه أكثر من 168000 مشاهد في 15 بلدا، فإن نصفهم فقط في كان أوروبا، ولم يتم عرض الفيلم فيها في آن واحد.

توماس ستيفنس – لوكارنو – سويس انفو

(ترجمه وعالجه تامر أبوالعينين)

تواصل المهرجان من 2 إلى 12 أغسطس الجاري.
تنافس على جائزة الفهد الذهبي لهذا العام 21 شريطا من 25 بلدا.
بلغ عدد الأشرطة المعروضة في المهرجان 172.
وشاهدها 90000 متفرج، و4000 متخصص في الفن السابع.
في عام 2005، انتجت سويسرا 16 شريطا روائيا طويلا، و34 فيلما تسجيليا، و209 شريطا قصيرا، من بينها 40 للرسوم المتحركة.

حصل شريط الأنسة للمخرجة أندريا شتاكا على جائزة الفهد الذهبي لمهرجان لوكارنو الدولي للسينما في دورته التاسعة والخمسين.

تدور أحداث الفيلم حول رحلة 3 مهاجرات من بلغراد للبحث عن حياة أفضل في سويسرا، ويكشف على اختلاف الثقافات وكيفية التعامل مع مشكلاتها.

خصص المهرجان هذا العام يوما للسينما السويسرية، ووذلك للمرة الأولى في تاريخه.

اهتم اليوم السويسري، بتقديم العاملين في الحقل السينمائي السويسري، والإحتفاء بهم، وخلق حلقة وصل مع نظرائهم من أوروبا والعالم.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية