الأبحاث تهاجر إلى الخارج أيضا
تضاعف عدد الشركات السويسرية التي نقلت جزءا كبيرا من أبحاثها إلى الخارج في الفترة ما بين عامي 2000 و2004، كما تعاني المؤسسات العلمية من تراجع عدد الباحثين المؤهلين بشكل جيد.
وقد ذهبت نصف الميزانية التي تخصصها الشركات السويسرية لفائدة البحث العلمي إلى جهات أجنبية.
تعتمد الشركات السويسرية على البحث العلمي والتطوير، كجزء أساسي في برامجها للوقوف على آخر المستجدات في مجالاتها، وبالتالي تتمكن من منافسة الشركات سواء على الصعيد الأوروبي أو الدولي، في سباق محموم فرضته آليات عصر العولمة على الجميع، ولا مكان فيه إلا للأقوى ماديا وعلميا.
وتؤكد دراسة صادرة عن المكتب الفدرالي للإحصاء في 20 ديسمبر الجاري، أن الشركات السويسرية أنفقت 9.7 مليار فرنك على البحث العلمي في عام 2004، بزيادة 18% عن المبالغ الذي خصصتها لنفس الغرض في عام 2000. وفي الوقت نفسه تشير الدراسة إلى أن الاعتماد على باحثين من خارج المؤسسات الصناعية والإنتاجية السويسرية قد تضاعف عن نفس الفترة، لاسيما في خارج الكنفدرالية.
وتقف شركات صناعة الأدوية والمستحضرات الصيدلانية على رأس قائمة المؤسسات السويسرية المهتمة بمتابعة البحث العلمي الخاص بهذا المجال، حيث أنفقت 37% من إجمالي المبالغ التي رصدتها الشركات الصناعية لهذا الغرض في العام الماضي، يليها قطاع الماكينات بنسبة 16%، في تراجع ملحوظ بالاهتمام بهذا المجال قد يعود إلى نزوح كبريات الشركات المتخصصة إلى شرق أوروبا أو جنوب أسيا، ثم البحث الأكاديمي في المركز الثالث، بنسبة 14%، والمعلوماتية وتقنية الاتصالات بنسبة 9%، بينما تراجع تمويل الأبحاث المتعلقة بميادين الصناعات التعدينية بصفة عامة.
اهتمام بتمويل البحث العلمي ولكن في الخارج
وتقول اديلهايد بورغي شميلتس مديرة المكتب الفدرالي للإحصاء في تقديمها لتلك النتائج، بأن غالبية الشركات السويسرية لا تزال تنظر إلى البحث العلمي في الكنفدرالية على أنه هام للغاية، وأن سويسرا تقف إلى اليوم في مكانة الصدارة في البحث العلمي، وعلى نفس المستوى الذي تقف فيه دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا، بفضل النشاط الدائم في أبحاث الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، كما تحتل سويسرا المرتبة الخامسة عالميا في تمويل البحث العلمي، حيث استقطعت 2.2% من الناتج القومي الخام لتمويله، وذلك عن عام 2004، في مقابل 1.9% في عام 2000.
وتشير بيانات المكتب الفدرالي للإحصاء إلى أن الجزء الأكبر من أبحاث الشركات السويسرية بدأ يتحول إلى الخارج، سواء في فروع الشركات السويسرية المنتشرة في العالم، أو من خلال معاهد أبحاث متخصصة في مجالات محددة، ففي حين كانت المبالغ المخصصة للبحث العلمي في الخارج لا تزيد عن 1.4 مليار فرنك في عام 2000، ارتفعت إلى 4.05 مليار في عام 2004، قرابة نصفها تذهب إلى شركات أجنبية غير سويسرية، لاسيما في مجال صناعة الأدوية، التي استهلكت 3.1 مليار فرنك من تلك الميزانية.
في المقابل، لم تتمكن المعاهد والجامعات السويسرية من توفير العدد الكاف من الكفاءات المؤهلة جيدا للعمل في البحث العلمي، على الرغم من أن نسبة الأكاديميين في أغلب الشركات السويسرية وصلت إلى 46% من إجمالي الموظفين أي 17390 شخص، تبلغ نسبة الأجانب فيهم 42%.
العلاج في تحسين نظام التعليم
بعض الخبراء نظروا إلى تلك النتيجة بنوع من القلق، لأنها توضح زيادة متنامية في الاستعانة بشركات ومؤسسات علمية بحثية أجنبية، مما قد يؤثر سلبيا على مكانة سويسرا العلمية، ويدفع إلى تقليص الاهتمام والدعم المالي الموجهين إلى المعاهد العلمية السويسرية، التي اكتسبت شهرة دولية كبيرة في مجالات مختلفة، فحصة الجامعات والمعاهد السويسرية من تلك المليارات التي أنفقتها الشركات في البحث العلمي لم تتجاوز 259 مليون فرنك في عام 2004.
في الوقت نفسه توجد أمثلة جيدة على التعاون بين الجامعة والإقتصاد مثل المشروع الطموح الذي تشارك فيه جامعة بازل والمعهد العالي الفدرالي للتقنية في زيورخ ETHZ و جامعة زيورخ، مع شركة هوفمان لاروش للأدوية، ويحمل اسم “أنظمة إكس” لدراسة سبل علاج الأمراض التي تصيب اجهزة التحكم في وظائف الأعضاء والتمثيل الغذائي في الجسم، إذ ساهم القرار السياسي في إزالة بعض العراقيل البيروقراطية ومل الإقتصاد البحث العلمي في 3 جهات أكاديمية مختلفة.
ويقول اندرياس شتاينر من رابطة أرباب العمل السويسريين، بأن العدد الكبير من الأجانب المشتغلين في البحث العلمي في البلاد، يعود إلى قلة إقبال السويسريين على العمل في المجالات التقنية ، ويطالب بتطبيق ما يعرف بـ”نظام بولونيا لإصلاح التعليم” الذي يضع بعض الخطوات العملية للقضاء على ظاهرة تمس عددا من البلدان الصناعية الكبرى، من خلال التنسيق الجيد بين مجالات الدراسة واحتياجات سوق العمل بين أكثر من جامعة ومعهد سواء في دولة واحدة أو في أكثر من بلد أوروبي، فإذا كان الاقتصاد هو الذي يمول البحث العلمي بتلك المليارات، فعلى الدولة أن تحافظ على التزامها بتهيئة العقول المناسبة لذلك.
عولمة البحث العلمي نتيجة طبيعية
ويعتقد شتاينر بأن إعادة هيكلة النظام التعليمي السويسري سيساعد بلا شك على إقبال المزيد من الشباب على الدراسة التقنية والبحث العلمي وذلك لصالح الاقتصاد، الذي يحتاج إلى باحثين وعلماء في سن مناسب، وقال شتاينر في حديثه مع سويس انفو”إذا كان الدارسون السويسريون ينتهون من دراستهم الأكاديمية وهم في سن يفوق الثلاثين عاما، فليس من المستغرب أن نستورد باحثين من الولايات المتحدة الأمريكية أعمارهم أقل”.
في حين يرى كلاوس موللر رئيس قسم العلاقات التقنية والعلمية في شركة روش لصناعة الأدوية، بأن السن لا علاقة له بالعمل في مجال البحث العلمي، لأن الشركات تبحث عن المتميزين والمبدعين بغض النظر عن أعمارهم.
عولمة البحث العلمي، هي نتيجة طبيعية أفرزتها الليبرالية الاقتصادية، وإذا كان رأس المال يسعى وراء الربح، وهو الذي يمول البحث العلمي بتلك المليارات، فعلى الدولة “أن تتمسك بمسؤوليتها في تهيئة العقول المناسبة لذلك”، هكذا تطالب رابطة أرباب العمل السويسرية، وإلا فلا داعي للشكوى إن ذهبت الأبحاث إلى شركات ومعاهد غير سويسرية، أو تم “استيراد” العلماء الأجانب للعمل في الكنفدرالية.
سويس انفو
ترتيب الدول الأكثر إنفاقا على البحث العلمي في العالم:
إسرائيل
السويد
فنلندا
اليابان
سويسرا
أنفقت الشركات السويسرية 9.7 مليار فرنك على البحث العلمي في عام 2004 في مقابل 7.9 مليار في عام 2000.
تركزت الأبحاث في المجالات التالية:-
الأدوية والمنتجات الصيدلانية
الماكينات
البحث الأكاديمي
المعلوماتية وتقنية الاتصالات.
انفقت الشركات السويسرية 9.7 مليار فرنك في عام 2004 على البحث العلمي والتقنيات المتطورة بزيادة 18% عن عام 2000، نصفها ذهب إلى معاهد وشركات أجنبية متخصصة، بسبب تراجع عدد المشتغلين بالبحث العلمي في الجامعات والمعاهد السويسرية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.