الأجانبُ في قلب حملة انتخابية مُثيرة للقـلق والانـتـقادات
أعربت اللجنة الفدرالية للأجانب يوم 11 سبتمبر في برن عن قلقها من تضاعف الانزلاقات والمُلصقات والتصريحات ضد الأجانب مع اقتراب الانتخابات البرلمانية التي ستجرى يوم 21 أكتوبر القادم.
كما عبرت عن شكوكها إزاء اتفاقيات الاندماج التي يدعو إليها وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر من حزب الشعب السويسري (يمين متشدد). من جهته، طالب الحزب الراديكالي بسن قانون خاص بإدماج الأجانب.
لم ينتق رئيسُ اللجنة الفدرالية للأجانب، فرانسيس ماتي، عباراته يوم الثلاثاء 11 سبتمبر الجاري في برن، إذ قال أمام الصحافيين: “يجب أن نسهر على ألا يسيء المناخ الحالي المؤذ إلى جاذبية وإشعاع، وحتى كرامة بلادنا”.
واعتبر السيد ماتي المبادرات الشعبية الهادفة إلى طرد المجرمين الأجانب من سويسرا ومنع بناء المآذن أعراضا لعقلية تثير الخوف والعداء تجاه الأجانب.
كما أكد أن اللجنة الفدرالية للأجانب ترفض بالإجماع تلك المبادرات، كما تهاجم بقوة حملة الملصقات الانتخابية لحزب الشعب، وخاصة ذلك الذي ذاعت شهرته حتى خارج حدود الكنفدرالية، وهو الملصق الذي يـُصور ثلاثة أغنام بيضاء يركل أحدها خروفا أسودا خارج أرضية تُمثل العلم السويسري، في تجسيد لدعوة حزب الشعب إلى التخلص من الأجانب المجرمين والأجانب الذين يستغلون نظام المساعدات الاجتماعية السويسرية من دون وجه حق.
ومازال هذا الملصق يثير احتجاجات متتالية من أحدثها تصويت البرلمان المحلي لكانتون فو يوم الثلاثاءأيضا بـ100 صوت مقابل 30 على قرار يعبر عن استياء عميق من حملة حزب الشعب التي وصفها بالـ”المُخجلة والشائنة والمحرضة على الكراهية العرقية”.
اندماج مشكوك فيه
من جهة أخرى، أعربت اللجنة الفدرالية للأجانب عن تحفظاتها إزاء سياسة الاندماج التي تدعو إليها الحكومة الفدرالية، حيث ذكرت أن 42 من الإجراءات الـ45 المُقترحة في أغسطس الماضي تـُطبق بعد بشكل أو بآخر.
وفي هذا السياق، نوه رئيس اللجنة إلى إن الاندماج أصبح ذلك المركب الكبير الذي يريد الجميع الصعود على سطحه، لكن الوسائل المتاحة على متنه والوجهة المنشودة تختلفان بالنسبة للجميع.
وتثير الاتفاقيات الخاصة بالاندماج في القانون الجديد حول الأجانب الذي سيدخل حيز التطبيق ابتداء من عام 2008، بعض الشكوك داخل اللجنة الفدرالية للأجانب إذ أشارت أمينتها العامة، سيمون برودوليي، إلى أن تلك الاتفاقيات موجهة بشكل حصري تقريبا لتعلم اللغات الذي تعتبره “مؤشر اندماج يحظى بتقدير مبالغ فيه”، مذكرة بأن مثل هذه الاتفاقيات تـُمارس أكثر فأكثر في أوروبا، وأن فعالية مثل هذه الإجراءات ذات الطابع الإلزامي مثار جدل.
انتقـادات
ويظل الطابع الإلزامي في نظر اللجنة الفدرالية للأجانب أحادي الجانب لأنه يستهدف المهاجرين فحسب. بينما تقترح اللجنة أن تـُفرض إجراءات إلزامية أيضا على المواطنين السويسريين الذين يتصرفون بشكل معاد للأجانب.
وتنتقد اللجنة جانبا آخر في اتفاقية الاندماج: مضمون هذه الأخيرة يُفرض فقط على الأجانب القادمين من دول خارج الاتحاد الأوروبي، ولا توجد أية سُلطة بإمكانها إجبار أبناء الاتحاد الأوروبي على الخضوع لنص تلك الاتفاقية، التي تخلق بالتالي فئتين من الأجانب دون الاستجابة للمطالب الحقيقية.
وتشير اللجنة الفدرالية للأجانب في هذا الصدد إلى أن مواطنا بلغاريا ومواطنا تركيا يصلان إلى سويسرا في ظروف مشابهة على وجه الاحتمال، وفقا للسيدة برودوليي. كذلك الشأن بالنسبة للمواطن الأمريكي المؤهل تأهيلا عاليا والذي يمكن أن يرضى بالعمل في سويسرا مُكتفيا بالحديث بالانجليزية.
وتقترح اللجنة بدلا من ذلك دمج هذه الاتفاقيات في مفهوم اندماج واسع يراعي أيضا احتياجات المهاجرين، مُطالبة باستخدامها كأداة دعم وليس كإجراء عقابي.
الراديكاليون يطالبون بقانون إطاري
من جانبه، دعا الحزب الراديكالي يوم الثلاثاء أيضا في برن إلى سن قانون خاص بإدماج الأجانب، منوها إلى أن الإجراءات المتخذة لحد الآن لا تكفي لمواجهة التحديات الراهنة، بما فيها عنف الشباب.
وطالب الحزب بسياسة اندماج “إرادية ومنهجية من اللحظة الأولى” بدل التدخلات التي تتسم بـ”رد الفعل والمحدودية”، وذلك من خلال قانون إطار يسمح بوضع حد لـما وصفه بالحلول الجزئية والمتفرقة التي تم اللجوء إليها لحد الآن.
وأوضح رئيس الحزب الراديكالي، فولفيو بيلي، أمام الصحافيين أن إجراءات الاندماج التي قدمها وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر في أغسطس الماضي لا تسمح بتسوية المشاكل الحالية.
وأشار في عرضه للتحديات الراهنة إلى نسبة الأجانب المقيمين في سويسراالتي بلغت 22%، وارتفاع عنف الشباب، وأهمية معدل الأجـانب ضمن المجرمين.
نائب الحزب الراديكالي في كانتون نوشاتيل، ديديي بورخالتر، أدلى بتصريح مفاده “إن كانت الحكومة الفدرالية تـفرمل بقدمين، فإن الحزب الراديكالي يريد أن يخوض سباق التوربو” عبر وضع إستراتيجية شاملة لفائدة الاندماج وضد العنف. ويشترط لهذا الغرض قانونا يقوم على مبدأ الترغيب والترهيب لاستكمال ما وصفه بـ”الفصل القصير” المكرس للإندماج في القانون الجـديد حول الأجـانب.
وتذكر بغض مقترحات الراديكاليين مقترحات وزير العدل، إذ أكد النائب بورخالتر على ضرورة شعور المهاجرين بـ”واجب التأقلم مع الحياة في بلادنا”، ويعتقد نائب نوشاتيل أن ذلك لا يقف عند معرفة اللغة، بل يتجاوزها ليشمل احترام دولة القانون والقيم الديمقراطية.
ووفقا لمشروع القانون الذي يعرضه الراديكاليون، ستُكافئ مجهودات الاندماج المتوجة بالنجاح، بينما ستُعاقبُ سياسة الاندماج الفاشلة. في المقابل، سينبغي على الحكومة تعزيز سبل ادماج المهاجرين فور وصولهم الى سويسرا، وعلى الكانتونات تحمل الاجراءات بالنسبة للاجانب المولودين في سويسرا.
50 مليون فرنك
أما الغلاف المالي المخصص للاندماج، فيجب أن يضاعف باربع مرات، وفقا للمطلب الذي عبر عنه النائب بورخالتر، بحيث يتعين على الكنفدرالية أن تدفع حسب المقترح حوالي 50 مليون فرنك سنويا لتنفيذ هذه المهمة بدل 14 مليون الحالية.
ويمكن توفير هذه الامكانيات من الميزانية المخصصة لمجال اللجوء الذي شهد انخفاضا واضحا على مستوى النفقات حسب النائب الراديكالي.
وكانت فكرة اعتماد قانون إطار حول الاندماج قد حصلت على مصادقة مبدئية من النواب الراديكاليين في أغسطس من عام 2006. كما أن مجلس الشيوخ قد صادق على مذكرة تقدم بها النائب الراديكالي فريتز شيسير طالب فيها بالتشريع لضبط الحد الادنى من الحاجيات على مستوى دروس اللغة والاندماج ومراقبة الاجراءات المتخذة. لكن مجلس النواب اجل مناقشة هذا الملف “لأسباب انتخابية” حسب الحزب الراديكالي.
سويس انفو مع الوكالات
أعلنت مجموعة العمل من أجل ادماج الأجانب في كانتون نوشاتيل يوم الإثنين 10 سبتمبر الجاري في مؤتمر صحفي أن الكانتون سيطور سياسة ادماج الاجانب التي دخلت حيز التطبيق منذ 15 عاما نظرا لنتائجها “الإيجابية جدا”. وسيتم التركيز من الآن فصاعدا على الاندماج المهني.
واشار كلود بيرنويلي، رئيس المجموعة، إلى أن تجربة إعلامية تمت داخل شركة لصناعة الساعات سمحت بتقليص التشنج الذي يثيره ارتداء الحجاب، مؤكدا أن إدماج الأجانب في الشركات يتطلب “عمل إقناع كبير”، وأن عمال أي شركة لا يمكن أن يناهضوا التمييز إن لم يكن رئيسهم أول المُقتنعين بهذه الخطوة.
من جانبه، أعلن المفوض لشؤون الاجانب في كانتون نوشاتيل، توماس فاكينيتي، أنه تتم حاليا بلورة “ميثاق مواطنة” خاص بالأجانب، وهو عبارة على نسخة إرشادات مُبسطة وفي متناول الجميع حول الحقوق والواجبات الدستورية.
وتم الكشف خلال هذا المؤتمر الصحفي على أرقام تؤكد نجاح سياسة إدماج الأجانب في كانتون نوشاتيل:
ما بين 1990 و2000، ارتفعت نسبة الأجانب التي تتحدث إحدى اللغات الوطنية (الفرنسية) كلغة رئيسية في حياتهم اليومية بـ11,5%، مقابل ارتفاع بمعدل 5,6% في سويسرا بشكل عام.
زهاء 72,2% من الأجانب يتقنون إحدى اللغات الوطنية في نوشاتيل مقابل معدل سويسري يستقر في 62,3%.
قرابة 55% من أبناء نوشاتيل صوتوا بـ”نعم” يوم 17 يونيو الماضي لمنح حق الترشح للاجانب على مستوى البلدية، وهي “سابقة سويسرية في تصويت يعالج هذه النقطة بالذات” على حد تعبير بيرنار سوغل، رئيس وزارة الاقتصاد في كانتون نوشاتيل.
ويعد نوشاتيل كانتونا رائدا في مجال ادماج الاجانب، ففي خضم ثورة 1848 التي مهدت لقيام سويسرا الحديثة، منح الكانتون حق التصويت على المستوى البلدي للاجانب المقيمين فيه، ولمدة عشر سنوات، استـُكمل هذا الحق بحق الترشح ايضا.
وفي عام 1990، أصبح نوشاتيل أول كانتون سويسري يحدث منصب مُفوض لشؤون الأجانب، تلاه إنشاء مجموعة عمل من أجل ادماج الأجانب في عام 1991، ثم اعتماد قانون أول حول ادماج أجانب سويسرا في عام 1996. وكان هذا الإطار الدستوري قد استكمل في عام 1995 بجائزة “تحية أيها الأجنبي” (Salut l’étranger) بقيمة 6300، تُمنح كل عام لشخص أو مجموعة أشخاص يشجعون التسامح والحوار بين الإثنيات والديانات.
(المصدر: وكالة الأنباء السويسرية بتاريخ 10 سبتمبر 2007، وصحيفة لوتون الصادرة بجنيف بتاريخ 11 سبتمبر 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.