“الأزمة الإنسانية مازالت تُهدد غزة”
ألقت إسرائيل يوم الخميس 24 يناير على مصر مسؤولية إدارة الوضع في جنوب قطاع غزة الذي مازال يتدفق منه آلاف الفلسطينيين نحو مصر لشراء الأغذية والبضائع، غداة تفجير جزء من الجدار المعدني الذي أقامته إسرائيل عام 2004 بين الجانـبين.
وفي تصريحات لسويس انفو، أعرب السيد ماريو كاريرا، مسؤول “مكتب التعاون السويسري في الأرض الفلسطينية المحتلة”، عن اعتقاده أن إغلاق غزة مازال يـُثقل كاهل السكان الفلسطينيين رغم التخفيف الطفيف للحصار الإسرائيلي على القطاع منذ الثلاثاء الماضي.
“إذا ما استمر التطويق الحالي، فلن يكون هنالك مفرُّ من اندلاع أزمة إنسانية في الأسابيع المُقبلة. وذلك رغم جرعة الأوكسجين التي وفرتها الثغرة في الجدار الفاصل بين قطاع غزة ومصر”.
هذا هو التحذير الذي جاء على لسان ماريو كاريرا، المسؤول عن مكتب الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية في الضفة والقطاع، والذي أضاف “منذ نهاية أكتوبر الماضي، قلـّصت الحكومة الإسرائيلية إمدادات الكهرباء والوقود لقطاع غزة. وفي الأيام الأخيرة، فُرض حصار كامل تم تخفيفه بعض الشيء يوم الثلاثاء الماضي. لكن نقص الوقود مازال قائما”.
وبحثا عن الأغذية والسجائر والأدوية والوقود، تدفق على مصر يوم الأربعاء 23 يناير الجاري عشرات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة عبر الثغرات التي أحدثتها سلسلة تفجيرات نفذها نشطاء فلسطينيون في الجدار المعدني بعلو ستة أمتار الذي أقامته إسرائيل في عام 2004 للفصل بين الجهتين.
يأس واستسلام
ومن انعكاسات الحصار، أشار السيد كاريرا إلى أن ثلاثة مستشفيات رئيسية في قطاع غزة اضطرت إلى تعليق بعض خدماتها في أقسام الطوارئ. كما عُرقِلت بقوة عمليات ضخ المياه ومعالجة المياه العادمة. ويعيق نقص الوقود بشدة كذلك تدفئة المنازل والعمل في المكاتب.
وفي شهادة حول معاينته للوضع مؤخرا، قال السيد كاريرا “خلال زيارتي الأخيرة الأسبوع الماضي، شعرت بيأس واستسلام هائلين في غزة. فالحياة الاقتصادية والاجتماعية قد جُمدت بشكل شبه تام تقريبا، بحيث أن التدابير التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية تؤثر بشدة على السكان الفلسطينيين، خاصة منذ انتصار حماس في انتخابات يناير 2006؛ التي اعتبرها المجتمع الدولي انتخابات حرة وديمقراطية. ثم تفاقم الوضع بعد استيلاء حماس على قطاع غزة في يونيو 2007”.
ومنذ ذلك الحين، تم فصل 100000 فلسطيني. ويضيف كاريرا في هذا السياق: “يجب أن نعلم بأن راتبا واحدا يسمح بتوفير المعيشة لمعدل ثمانية أشخاص. واليوم، يعتمد 80% من سكان غزة على المساعدات الغذائية”.
حدود المعونة الدولية
ونوه السيد ماريو كاريرا إلى أن “المجتمع الدولي يرفع الدعم المالي لغزة كل شهر عن طريق الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى)، وبرنامج الأغذية العالمي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وشبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية. ولكن هذا لا يحل جميع المشاكل الناجمة عن إغلاق قطاع غزة” .
وذكـّر مسؤول مكتب التعاون السويسري في الأرض الفلسطينية المحتلة في هذا الصدد بالصعوبات والعراقيل المُستمرة التي تواجهها قوافل المساعدة الإنسانية.
والنتيجة: يزداد يأس السكان ويستسلم بعضهم للتطرف. وعن هذه الظاهرة، أوضح السيد كاريرا أن “سويسرا تدعم البرامج الطبية في مجال الصحة العقلية” وأن “تلك البرامج أظهرت في الأشهر الأخيرة زيادة في العنف، سواء داخل الأسر أو بين الجماعات المتنافسة، وذلك دون الحديث عن العنف الذي يمارس ضد إسرائيل.”
من جانبها، تعتقد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن التدابير المتخذة في سياق الحصار لها “تكلفة بشرية هائلة”. لذلك فهي ناشدت إسرائيل “الرفع الفوري لكافة الإجراءات الانتقامية”.
وهي إجراءات نددت بها أيضا وزارة الخارجية السويسرية، التي كتبت في بيان أصدرته في برن يوم 22 يناير الجاري: “وقف شحنات الوقود يجعل ظروف تموين المدنيين الفلسطينيين غير قابلة للاحتمال، وتحمل ملامح عقاب جماعي”.
رد إسرائيلي
لكن أوري روتمان، المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في برن، يعترض على هذا الحكم بالقول: “الوضع الحالي في غزة هو نتيجة لسلسلة من الخيارات الخاطئة للفلسطينيين، أي القيام بأعمال عنيفة وإرهابية بدل مفاوضات السلام”.
وأكد في تصريحاته لسويس انفو “لقد اختارت اسرائيل، قبل أكثر من عامين، مغادرة قطاع غزة لتفتح آفاقا جديدة للسلام في المنطقة، ولكن منذ أن سيطرت حماس على قطاع غزة في يونيو 2007، استهدف إسرائيل ما يزيد على 2000 صاروخ وقذائف الهاون، أي بمعدل صاروخ كل 3 ساعات”.
ولا يتفق أوري روتمان أيضا مع التحذيرات من خطر اندلاع أزمة إنسانية في غزة، إذ قال: “نحن لم نُوقف أبدا إمدادات الكهرباء والضروريات الأساسية. أما الفلسطينيون، فقد حاولوا الهجوم على محطة توليد الكهرباء أشكيلون (عسقلان) رغم أنها تزود 70% من الكهرباء في غزة”.
سويس انفو – فريديريك بورنون – جنيف
(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)
أدان مجلس حقوق الانسان بالامم المتحدة يوم الخميس 24 يناير 2008 ما وصفه “بالانتهاكات الخطيرة” التي تمارسها اسرائيل في قطاع غزة وطالب برفع الحصار المستمر منذ أسبوع بالقطاع.
وأقر المجلس الذي يضم 47 عضوا قرارا قدمته دول عربية وإسلامية بتأييد 30 دولة واعتراض دولة واحدة وامتناع 15 عن التصويت. وتغيب وفد واحد عن الجلسة.
وكانت بلدان عربية ومسلمة طالبت في جنيف يوم الأربعاء 23 يناير 2008 برفع الحصار على غزة، خلال اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وطلبت من إسرائيل إعادة عمليات شحن الطاقة والغذاء والأدوية إلى القطاع.
وكان المجلس، الذي انعقد بصفة طارئة بناء على طلب من 21 بلدا من أصل الـ47 الأعضاء، بدأ أعماله بعد ظهر الأربعاء بمناقشة مشروع قرار تقدمت به كل من باكستان وسوريا باسم العالم العربي – الإسلامي.
لكن المجموعة الغربية، ومن بينها الاتحاد الأوروبي وسويسرا، اعترضت على النص لأنه لا يشير إلى هجمات الصواريخ الفلسطينية على المدنيين الإسرائيليين.
في المجال الإنساني، تدعم سويسرا برامج المنظمات الأممية واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتساعد الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون أيضا وزارة الصحة الفلسطينية على شراء الأدوية لقطاع غزة والضفة الغربية.
في مجال التنمية، تدعم هذه الوكالة السويسرية منظمات غير حكومية فلسطينية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والتي ترصد الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل والفصائل الفلسطينية في حق السكان الفلسطينيين.
وتدعم سويسرا أيضا برامج هامة في مجال الصحة العقلية والنفسية الهادفة إلى تقديم العلاج أو الوقاية من العنف داخل الأسر، وإلى تكوين مهنيين في هذا المجال.
في المجال التروبوي، تدعم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون نشاطات خارج المدرسة وبرامج لإصلاح مئات روضات الأطفال.
منذ تطويق قطاع غزة، تدعم سويسرا إعادة تأهيل الأراضي الزراعية وتكوين منظمات فلاحية بهدف تطوير الإنتاج المحلي للخضر والفواكه.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.