الأمم المتحدة لم تكن تتوقع فداحة الأضرار!
أقر مسؤول أممي بأن "المدنيين في لبنان هم الذين يدفعون الثمن"، واصفا ما تقوم به إسرائيل بـ "انتهاك للقانون الإنساني الدولي".
وجاءت تصريحات يان إيغلاند، نائب الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بتنسيق العمليات الإنسانية، بعد زيارته للضواحي الجنوبية في بيروت وعشية إصدار إعلان عاجل لجمع حوالي 150 مليون دولار لصالح 800 ألف نازح.
لقد تطلب الأمر زيارة يان إيغلاند، نائب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، المسؤول عن تنسيق المساعدة الإنسانية للضواحي الجنوبية لبيروت يوم الأحد 23 يوليو، لكي تدرك الأمم المتحدة حجم الدمار الذي ألحقه القصف الإسرائيلي بالبنى التحتية والذي دفع المدنيون الثمن غاليا فيه.
فقد اعترف السيد يان إيغلاند في ندوة صحفية عقدها في بيروت يوم الأحد 23 يوليو الجاري، عن اندهاشه لحجم الأضرار قائلا “إنه لأمر مرعب، إذ شاهدت العديد من الأطفال المصابين أو المشردين والذين يعانون. إنها حرب يدفع فيها المدنيون ثمنا غير متكافئ، سواء في لبنان أو في شمال إسرائيل”. واختتم السيد إيغلاند استغرابه بالقول “لم أكن أتوقع انها ستمس بناية بعد بناية”.
وقد تجرأ السيد إيغلاند على وصف ما شاهده في الضاحية الجنوبية لبيروت بـ”انتهاك إسرائيل للقانون الإنساني الدولي”.
ممرات انسانية في انتظار موافقة إسرائيل
وقد سبق تفقد السيد إيغلاند لبيروت زيارته لإسرائيل، حيث ينتظر أن يناقش مسألة السماح بإقامة ممرات إنسانية آمنة. وقد صرح المسؤول الأممي في هذا السياق أنه “لم يتم لحد الآن الحصول على رد إسرائيلي”، مضيفا “ما لم تعط إسرائيل الضوء الأخضر لاقامة ممرات إنسانية آمنة، فإن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى سوف لن يكون في وسعها تقديم المساعدة لمئات الآلاف من المحتاجين في أكثر الأوقات تضررا”.
وإذا كانت إسرائيل قد أعلنت عن موافقتها بإقامة ممرات إنسانية بحرية ما بين ميناء بيروت وقبرص لتخفيف الحصار المفروض منذ أكثر من أسبوعين، فإن السيد إيغلاند يرى “أن الحاجة الماسة تكمن في إقامة ممرات آمنة داخل البلاد، وبالأخص في اتجاه الجنوب اللبناني”.
وقال بهذا الشأن “إن أكثر الناس احتياجا للإغاثة لا تصلهم المساعدات في الجنوب، إما لأننا لا نستطيع الوصول إليهم، أو لأن الطرق المؤدية إليهم محطمة”. وعن التصريحات الإسرائيلية حول السماح بإقامة ممرات إنسانية، أوضح نائب الأمين العام بأن الدولة العبرية “قدمت تعهدات شفوية بضمان مرور شاحنات الإغاثة عبر التراب اللبناني، ولكنها لم تقدم أي تعهد مكتوب في هذا الإطار”.
150 مليون دولار لـ 800 ألف نازح
وتستعد منظمات الإغاثة الأممية والدولية لمواجهة نزوح أكثر من 800 ألف لبناني، وذلك بإصدار نداء اليوم الإثنين 24 يوليو لجمع أكثر من 150 مليون دولار أمريكي للإيفاء بحاجيات المتضررين اللبنانيين خلال الثلاثة أشهر القادمة، إذ تقدر إدارة تنسيق المساعدة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة أن عدد النازحين اللبنانيين يفوق 700 ألف نازح، من بينهم 150 ألف لجأوا إلى سوريا.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 100 ألف أجنبي من عشرين بلدا كانوا يعيشون في لبنان، وأن قسما هاما منهم ما زال يحتاج إلى المساعدة لمغادرة البلاد.
وترى الأمم المتحدة أن تحطيم البنية التحتية في لبنان والحصار المفروض، أديا الى ارتفاع أسعار المواد الأولية، مثل السكر بحوالي 600%. ونتيجة لاستهداف إسرائيل لخزانات الوقود ومحطات البنزين، عرف غاز الطبخ ارتفاعا بحوالي 400%. ونظرا لحجم الدمار الذي أصاب البنية التحتية، تتوقع الأمم المتحدة “أن عملية إعادة إعمار لبنان قد تستغرق الكثير من الوقت”.
الإحتياجات العاجلة
قدرت منظمة الأمم المتحدة احتياجات النازحين اللبنانيين داخل لبنان وفي سوريا المجاورة بحوالي 150 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة القادمة.
وقد وزعتها على القطاعات التي تحظى بالأولوية كالتالي: 32 مليون للقطاع الصحي، و14،5 مليون للتغذية، 13،7 مليون للمياه والصرف الصحي، 38،5 مليون للإمداد اللوجيستي، 28 مليون للمأوى، و16 مليون للوقاية من الألغام، و100 ألف للتعليم، و5 مليون للخدمات العامة.
وترى الأمم المتحدة أن سوريا هي البلد الذي تحمّـل أكبر قدر من المتضررين بعد لبنان، بحيث وصل إليه أكثر من 150 ألف لبناني و1000 فلسطيني و20 ألف من جنسيات أخرى.
وإذا كان أغلب النازحين اللبنانيين قد وجدوا مأوى لدى أقارب في سوريا، فإن الحكومة السورية تحملت إيواء حوالي 20 ألف من هؤلاء النازحين. وما دام الموسم الدراسي على الأبواب، فإن من أولويات منظمات الإغاثة ضرورة تأمين مأوى لهؤلاء النازحين.
تركيزعلى الأطفال وعلى الذخيرة غير المنفجرة
وأشار تقرير الأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في لبنان الى أن 45% من الضحايا المدنيين هم من الأطفال. وقد أصدر صندوق الأمم المتحدة نداء ضمن نداء الأمم المتحدة لجمع حوالي 25 مليون دولار للتخفيف من معاناة الأطفال في هذا الصراع.
ويرى مدير صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف” آن فينمان أن “أغلب المتضررين في هذا الصراع أطفال عاينوا فقدان أو جرح أحد أقربائهم، أو يعانون من صدمة حادة”. لذلك، تعمل منظمة اليونيسيف مع منظمات أخرى محلية على تقديم الدعم النفسي لهؤلاء الأطفال، إضافة الى محاولة تأمين الاحتياجات الطارئة من غذاء وماء ومأوى.
وقد خصصت اليونيسيف حوالي 1،2 مليون دولار لتقديم مساعدات طبية عاجلة في انتظار وصول رحلة جوية من كوبنهاغن محملة بحوالي 38 طن من المساعدات، من ضمنها وسائل تصفية وتعقيم مياه الشرب ووسائل ترفيهية للأطفال.
أما مصلحة نزع الألغام، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة فترى أن الذخيرة غير المنفجرة في هذا الصراع قد تشكل تهديدا إضافيا لعمليات الإغاثة في لبنان، إذ عبر مدير هذه المصلحة التابعة لقوات حفظ السلام الأممية ماكس غايلارد، عن القلق من الأخبار التي مفادها أن إسرائيل تستعمل القنابل العنقودية، موجها نداءا لاحترام مبادئ القانون الإنساني الدولي وتجنيب المدنيين ويلات تلك الذخيرة.
ويشار الى أن مصلحة نزع ألألغام بالأمم المتحدة عملت منذ عام 2002 على إبطال مفعول 59 الف لغم و4600 ذخيرة أخرى غير منفجرة في جنوب لبنان، مما سمح لعدة مناطق من استئناف نشاطاتها الزراعية. ويتخوف الساهرون على برنامج نزع الألغام في لبنان من كون العمليات الحالية ستعمل على توسيع رقعة الأماكن الملغمة الى أبعد من الحزام الجنوبي.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
تقدر منظمة الأمم المتحدة أضرار صراع لبنان بحوالي:
350 قتيل لبناني (45% من الأطفال) و1500 جريح
34 قتيل إسرائيلي و200 جريح
طالبت بحوالي 150 مليون دولار لمساعدة حوالي 800 ألف نازح خلال الأشهر الثلاثة القادمة
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.